د. محمد عمران.. جولة شاملة عن قطاع التأمين المصري في ظلّ الجائحة
شرم الشيخ – “تأمين ومصارف”
ملتقى شرم الشيخ السنوي للتأمين وإعادة التأمين، وبالتعاون مع المؤتمر السابع والعشرين للاتّحاد الأفروآسيوي، انطلق في دورته الثالثة لمعالجة الاتّجاهات الجديدة لقطاع التأمين ما بعد كوفيد، وذلك بمشاركة وزراء ومسؤولي صناعة التأمين في السوق المصري وحضور أكثر من 800 ممثّل عن شركات التأمين والإعادة والوسطاء والخبراء من أكثر من 40 دولة.
الدكتور محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية، وفي كلمة جامعة وشاملة له عن أزمة كوفيد وكيف واجهها قطاع التأمين المصري، شرح أن صناعة التأمين العالمية واجهت تحدياً وجودياً جراء الحالة الوبائية لفيروس كورونا المنتشرة على مستوى العالم، بعدما اصطدمت تلك الصناعة بعقبة صعوبة تغطية الأوبئة في المستقبل، كما كان معتادا، واتجاه شركات إعادة التأمين العالمية، إما إلى استثناء الأوبئة صراحة أو رفع أسعار تغطيتها. لكنّ الرقيب على صناعة التأمين في مصر، قال عمران، أسرع بوضع خارطة طريق تُمكّنه من الصمود أمام الجائحة، بإلزامه شركات التأمين سداد التعويضات والمطالبات المستحقة حال تحقّق الخطر المغطّى تأمينياً بوثائق التأمين وفي أسرع وقت ممكن عن طريق وسائل الدفع المتعددة لدى كل شركة، وبما يسهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين العملاء وشركات التأمين. أضاف: لقد طالبت الرقابة المالية في تدابيرها المعلنة لمواجهة انتشار الفيروس بين العاملين في قطاع التأمين وتخفيف حدة الجائحة، الاستفادة من الخطوات التنظيميّة السابق إصدارها بالسماح لشركات التأمين بإخراج وثائقها النمطية إلكترونيًا، من خلال نظم معلومات شركة التأمين وذلك لتشجيع التحوّل الرقمي والوصول إلى العملاء عبر أدوات تسويق الكترونيّة مستحدثة، وتمكين شركة التأمين من الاكتتاب عن بٌعد لتحقيق الاستمرارية فى التعامل مع زبائنها بيُسر، والتزام سياسات التباعد الاجتماعي كأسلوب وقائي أقرّته الدولة لمواجهة الجائحة. وكشف عن إصدار الهيئة 42 موافقة ترخيص إصدار إلكتروني لوثائق مثل الحوادث الشخصية والتأمين متناهي الصغر، ووثائق تأمين السفر للشركات، قبل بدء عمل مجمعة تأمين السفر نهاية أيار (مايو) 2021.
كما حثّت الرقابة المالية على تبنّي طرق مستحدثة للوصول للعملاء رقميا. ومن ذلك، تمّت الموافقة لثماني شركات تأمين كي تستخدم تطبيقات على الهاتف المحمول تُمكّنها من التسويق والتوزيع والإصدار الإلكتروني لوثائق تأمين الشركة النمطية، إضافة إلى موافقتها على ما يقرب من 500 عقد، منها 352 في العام 2020 فقط، لتنظيم العلاقة بين شركات التامين والوسطاء وشركات التحصيل الإلكتروني وذلك لاستكمال منظومة الإصدار الرقمي وإتاحة التحصيل إلكترونيًا للأقساط.
وإلى ذلك، أشار د. عمران أن جائحة فيروس كورونا المستجد قد أحدثت أزمة عالمية ليس لها مثيل: أزمة صحية عالمية، علاوةً على خسائر بشرية هائلة أفضتْ إلى أشد ركودٍ شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وانخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل، ما دفع ملايين من الناس، وعلى نحو سريع، إلى الفقر المدقع. كما كان لتطبيق سياسات التباعد الاجتماعي والإغلاقات العامة الناجمة عن الجائحة تأثير شديد على منشآت الأعمال والوظائف، ولا سيما المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في بلدان العالم النامية، ما أدّى إلى هبوط حجم مبيعاتها، واضطرارها إلى تقليص ساعات العمل والأجور.
لكن أداء صناعة التأمين المصرية كان مختلفاً، إذ ارتفعت قيمة صافي أصول 41 شركة تأمين مصرية في العام 2021 لتصل إلى 152.8 مليار جنيه مقارنة مع 128.6 مليارات خلال العام 2020، وبنسبة زيادة قدرها 18.8%. كما استمرّ فائض النشاط التأميني في تحقيق أداء إيجابي ليصل إلى نحو 6.1 مليار جنيه في 30/6/2021 مقارنة بالعام السابق الذي بلغ فائض النشاط 5.9 مليارات.
وإلى ما تقدّم، أشار عمران إلى أن الأفراد في البلدان النامية كان عليهم قبل جائحة فيروس كورونا تحمّل أكثر من نصف تريليون دولار من مالهم الخاص ثمناً للرعاية الصحية، وبقدوم الجائحة ازدادت الحاجة للوصول إلى خدمات فعّالة ميسورة التكلفة، ما فاقم العبء المالي لمواجهة أزمة الرعاية الصحية.
للمرّة الأولى أجرينا اختبار لمعرفة السناريوهات المتوقّعة عن الأضرار والتأثيرات
وإزاء هذا الوضع، أدركت مصر حجم الجائحة مبكراً وتوقّعت ما يترتب عليها من الآثار الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة على المجتمع المصري، وللحال بدأت هيئة الرقابة المالية المصرية مبكراً أيضًا في اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الاحترازية للعمل على احتواء تلك الآثار وتعزيز الثقة في صناعة التأمين، إذ ألزمت شركات التأمين بمنح عملائها مهلة إضافية بخلاف ما ورد بوثائق التامين، لسداد الأقساط، وفقاً لنوع وطبيعة كلّ وثيقة. وقد استفاد من مهلة تأجيل الأقساط المستحقّة أكثر من خمسة ملايين من حاملي وثائق التأمين، وبما يُمكّن العملاء من الاستمرار في الاستفادة من مزايا الحماية التأمينية التي تمنحهم إياها وثائقهم التأمينية وتعويضهم حال حدوث المخاطر المؤمن ضدها.
لقد كان لتلك المبادرات والتدابير أثرها على نشاط التأمين والذي شهد نشاطاً جيدا خلال العام المالي 2020، عام بداية الجائحة والإغلاق الشامل، إذ ارتفعت إجمالي الأقساط لتصل إلى 40.1 مليار جنيه في نهاية العام المالي 2020، دائمًا حسب عمران الذي تابع يقول: لقد حقّقت شركات التأمين في 30/6/2021 إجمالي أقساط بلغ 45.9 مليار جنيه بمعدل نمو قدره 14.5% ، كما بلغ إجمالي التعويضات المسدّدة من قبل شركات التأمين مبلغ 22.4 مليار جنيه في 30/6/2021 مقابل 18.9 مليارات في عام 2020، وشهدت صافي استثمارات شركات التأمين البالغ عددها 41 شركة نمواً بمعدل 18.7% لتصل إلى 127.8 مليار جنيه في 30/6/2021 مقابل 107.7 مليارات في العام السابق.
كذلك، قامت الرقابة المالية، ولأول مرة في تاريخها الرقابي، بإعداد وإجراء اختبار لقياس مدى تحمّل، أو ما يعرف بالــ Stress Testing، وحدات التامين العاملة في السوق المصرية، بهدف استجلاء رؤية شاملة للسيناريوهات المتوقّعة عن الأضرار والتأثيرات المحتملة لتلك الأزمة على القوائم المالية لشركات التأمين، وكيفية تعامل إدارات تلك الشركات مع الأزمة وإدارتها للأخطار المالية المرتبطة بتلك التأثيرات .وقد أظهرت نتائج تنفيذ الاختبار على شركات التأمين قوة ومتانة المركز المالي للشركات، حيث كانت مخاطر ضعف الملاءة المالية ومخاطر ضعف معدلات السيولة منخفضة، بينما كانت مخاطر انخفاض الكفاءة التشغيلية معتدلة، كما أظهرت اختبارات التحمل أن مخاطر تراجع جودة المحفظة مقبولة.