الحديث مع بيار فرعون، العضو المنتدب في مجلس إدارة “ليبانو-سويس” لتولّي مهمّات هذه الشركة، لا يشبه أيّ حديث آخر لزملاء له ممّن يديرون شركات تأمين في لبنان. ذلك أنّ لـ“ليبانو-سويس” فروعًا في سبع دول عربيّة،ما يجعل موضوع كورونا وتداعياته الاقتصاديّة على قطاعات التأمين في لبنان، كما في الدول التي تتواجد فيها تلك الفروع، أكثر شموليّة وإحاطة وسهولة في إجراء مقارنة تفي بالغرض في البحث المقارن وتعطي صورة واضحة عمّا أحدثه هذا الوباء في عدد من الدول العربيّة
.فماذا في جعبة بيار فرعون عن تلك التداعيات، وما هي النتائج التي استخلصها خلال الأشهر القليلة الماضية بعد اطلاعه على الوقائع والمعلومات والأرقام؟ قال لنا:
– لا يمكن إحصاء نتائج تداعيات كورونا الاقتصاديّة على القطاعات التأمينيّة حيث لنا تواجد، بسبب عوامل عدّة أدّت إلى تراجع أعمال تلك القطاعات، كما إلى تحسّنها أحيانًا وذلك لأن النتائج تتوقف على عائدات كل فرع من الفروع التأمينيّة وحجم المحفظة العائدة لهذا الفرع، فضلا” عن إستثمارات الفائض. ولا بدّ لهذا الواقع الإقتصادي من أن يؤدي الى انخفاض في العائدات الماليّة لشركات التأمين والى تراجع في إجمالي الأقساط GWP، وفي التحصيل. ولكن في المقابل، ساهمت تداعيات كورونا في تخفيف نِسَب المخاطر الأكثر تأمينا” لدينا، والاكثر تأمينًا في المنطقة، إن كان في فرع المركبات أو في فرع الحريق أو في فرع التأمينات العامّة، وهو ما سينعكس إيجابًا على شركات التأمين في المستقبل القريب.
أما بالنسبة لفرع الإستشفاء، الأكثر طلبًا من الزبائن، فقد تدنّت بالفعل تكاليفه، إذ أن عددًا كبيرًا من العمليات الجراحيّة أُجّلت ولكنهالم تُلغَ، لذلك لا يمكن الجزم، منذ الآن، بأنّ التكاليف قد خفّت، وخصوصًا أن ثمة علامات استفهام عديدة ترتسم حول صحّة الناس بسبب القلق وقلّة الحركة اللذيْن عاشوهما وعايشوهما ولا يزالون خلال الحجْر الصحّي. إنّ ثمة عوامل عدّة تحجب حاليًا الرؤية ولا تسمح لنا بتوقّع النتائج المرتقبة للقطاعات الإنتاجيّة ككلّ في العالم أجمع، كما في الدول العربية ولبنان. ولكن يبقى الأهم وهو أن يكون قطاع التأمين مستنفرًا دائمًا بشركاته التي عليها أن تعمل بإيجابيّة بانتظار أن يتحسّن الوضع وتعود الحياة إلى طبيعتها، علمًا أنّ الوضع الراهن يجعلنا باستمرار إلى جانب زبائننا المضمونين، وهذا واجب علينا.
سألناه: ولكن لبنان يظلّ متميّزًا، إلى حدّ كبير، عن سائر الدول في موضوع التداعيات وذلك بسبب هبوط سعر صرف الليرة وإلزام شركات التأمين تغطية وباء كورونا، مع أنّ هذه التغطية من مسؤوليّة الدولة… فكيف تعاملت “ليبانو-سويس” مع هاتَيْن المسألتَيْن؟ أجاب:- بات معلومًا أنّ معالجة المصابين بالوباء هو من مسؤولية الدولة، ومن ذلك أنّ السعودية أعلنت مع إصابات كورونا أنّ المملكة مسؤولة عن المصابين، وأنّ علاجهم هو على نفقة وزارة الصحّة. في المقابل، نجد أن غالبيّة شركات التأمين في لبنان استثنت علاج الكورونا لأنّه وباء. ولكن في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بالدولة اللبنانية، فقد طلبت هذه الأخيرة عن طريق وزارة الاقتصاد القيّمة على قطاع التأمين ولجنة الرقابة على شركات الضمان (ICC)، وهذا ما أعلنه وزير الإقتصاد راوول نعمة في مؤتمره الأخير، تحمّل تكاليف علاج المضمونين المصابين بالكورونا أو بأي وباء آخر ضمن شروط معينة، علما” أن مشاورات ولقاءات، طرحتها ACAL قبل صدور قرار الوزير الأخير بينها مقترحان اثنان، الأوّل مساعدة مالية قدرها ٣ ملايين دولار، والثاني تحمّل كلفة المرضى المضمونين لدى كلّ شركة بسعر الضمان الاجتماعي، ولكن المستشفيات رفضت هذا العرض. مع الإشارة إلى أننا سعينا كشركات عبر مباحثات مع ACAL للتوصّل إلى تسعيرة موحّدة تُرضي جميع الأفرقاء لإدخالها بندًا في بوالصنا. في ما خصّ “ليبانو-سويس”، وبالرغم من أن الوباء مستثنى في بوليصتنا، فقد قمنا بتغطية علاج وباء كورونا على أساس الــــ Ex-gracia وذلك لزبائننا الذين اصيبوا حتى الآن . وبالمناسبة، نناشد المستشفيات أن تتوصّل إلى وضع تسعيرة منطقيّة لهذا العلاج الاستثنائي لكي تتمكّن الشركات من التعاون معها بغية تأمين التغطية المناسبة لـCovid-19 وبخاصة أن معيدي التأمين لا يغطون الأوبئة.س: وهل ستشمل هذه التغطية أوبئة أخرى شبيهة بكورونا قد تظهر، لا سمح الله، في الأسابيع أو الأشهر أو السنين المقبلة
…ج: لقد أعدّت اللجنة الطبيّة في ACAL مسودّة عمل ستطرحها، بدورها، على هيئة الرقابة على شركات الضمان ICC لنيل الموافقة عليها ولكي تتمكّن الشركات من إدخال بند العلاج في بوالصها، عندها ستكون، مبدئيًا، جميع الأوبئة أو أية مفاجآت جديدة صحيّة، مغطاة. إنّ لدى شركات التأمين نيّة صادقة للتعاون مع زبائنها وتغطيتهم في جميع المشاكل الصحيّة، وهذا على الأقلّ توجّه “ليبانو-سويس”.
س: استشهدتَ في سياق هذه المقابلة بالسعودية كدولة أخذت على عاتقها تغطية علاج مرضى الكورونا، هل ينطبق الأمر أيضًا على مصر والأردن وقطر وغيرها، حيث لشركتكم تواجد فيها، أم حصل تفاوت بين هذه الدولة وتلك؟
ج: المستشفيات الحكومية في الدول التي أشرت إليها هي التي أخذت على عاتقها علاج مرضى الكورونا وأذكر منها: مصر، الكويت وقطر، إلى جانب السعودية طبعًا.
س: كيف تخطيتم عقبات هذه المرحلة في ظلّ جائحة كورونا؟
ج: نحن في “ليبانو-سويس” نعمل كمجموعة لكي نحافظ على قدراتنا في أمكنة تواجدنا، فضلاً عن أنّ لنا علاقات مميّزة مع معيدي التأمين ونحظى بتغطية يوفّرونها لنا.
س: في ظلّ الرفض الذي أبدته المستشفيات تجاه عرض الـACAL، كيف ستتصرّفون؟
ج: ما يقلقني في لبنان هو أن لا نصل إلى اتفاق مع إدارة المستشفيات في ما خصّ الأسعار والحؤول دون رفعها بشكل عشوائي وسريع، لأنّه عندها ستكون المستشفيات هي الخاسر الأكبر لأنّها ستفقد فئة كبيرة من المواطنين المضمونين في شركات تأمين مع إدراكنا أن وضع المستشفيات مأزوم ماديًّا، ولكن من الواجب أن نتعاون جميعنا، مستشفيات وشركات تأمين، للوصول إلى حلّ متوازن ومنطقي في ما خصّ معالجة أزمة كورونا لكي يتمكّن المواطن اللبناني من الاستمرار في العلاج عندما تستدعي الحاجة، وإلاّ ستقع الكارثة.
Online لبيع الوثائق وغير ذلك من الوسائل التكنولوجيّة. كيف تعاملتم مع الزبائن، وهل كانت الشركة مستعدّة لهذه الأمورس: خلال الأشهر الثلاثة الماضية، انتقل العمل من المكاتب إلى المنازل وازدهر الـ
ج: لدينا في جميع المناطق خطط بديلة، وقد طبّقناها بسرعة وبفعالية. اتّكلنا على التكنولوجيا كالــ
Zoom للتواصل وإجراء المحاضرات والتواصل بين الإدارة والموظفين. هذه التجربة كانت ناجحة جدًّا ولم يتوقّف العمل أبدًا في “ليبانو-سويس”، فضلاً عن أنّنا لم نلقَ أية صعوبة في إنجاز المهمات عن بُعد.وما أودّ قوله في هذه المناسبة، هو أن إعتماد الـ Online في التعامل مع الزبائن والوسطاء، خطوة مهمّة وأساسّية، ومع ذلك ستعتمد خطتنا المستقبلية على خيار الـOnline الذي سيشكّل نواة رؤيتنا للتطور التكنولوجي. وعلى هذا الأساس، طوّرنا في المدة الأخيرة خدمة الـOnline لاسيما في الشقّ المتعلق بدفع أقساط البوالص إلكترونيا” من خلال خدمة الـــOnline Payment التي تتوافر عبر موقعنا الإلكتروني في كلّ من لبنان، قطر ومصر. ولدينا العديد من المشاريع في طور الإعداد في هذا المجال والتي سنعلنها لاحقا”. لكنّ ذلك لا يعني التخلّي في المطلق عن الإتصال بالزبائن والتعامل معهم بشكل مباشر، علما” أنّه سيكون للوسطاء والوكلاء دور أساسي في رؤيتنا في ضوء المواكبة للتطور التكنولوجي. وهذا يعني أنّ دور الوسطاء والوكلاء سيبقى قائما” لما للدول العربية ولبنان من خصوصية في المجال الخدمتي المبنيّ على التعارف والتلاقي.
س: هل تنوون الاستمرار في هذه الخطة التي لقيت نجاحًا، كما أشرت إلى ذلك؟ ثمّ، هل تعرّضتم إلى قرصنة كان يمكن أن تعيق الخطّة المرسومة؟
ج: لم تحصل أية أعمال قرصنة بل على العكس تمامًا، لقد أديرت الأعمال بشكل طبيعي جدًّا في جميع البلدان التي لنا فيها فروع، ومن النتائج التي استخلصناها أنّ العمل عن بُعد منظّم وفعّال وهو ما يشجّعنا على اعتماده أكثر في المستقبل، حتّى بعد أن تعود الحياة طبيعيّة، فالأدوات التي كانت متوافرة مثل الـ Zoom وSkype وغيرهما قد نستمرّ في اللجوء إليها، تسهيلاً للعمل والتنظيم.