توقّفت الهجرة والعودة إلى أرض الوطن
مع أنّ هجرة الأدمغة من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا لم تتوقّف يومًا، إلاّ أنّها ازدادت في المدّة الأخيرة بشكل لافت، وكان المهاجرون من ضمن صفوف العلماء والمخترعين والمهندسين والمصمّمين والمبتكرين العرب، وذلك بحثًا عن فرص أفضل في الغرب، وقد غادروا بلدانهم بسبب نقص الدعم والموارد فيها.
ولأنّ دولة قطر أصبحت ملتقىً للعلوم والابتكار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منذ عقد من الزّمن، وهي الآن موطن البرنامج التعليمي الترفيهي “نجوم العلوم” الذي تستضيفه واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، قثد أُدْرَجَ هذا البرنامج تحت مظلّة البرامج العالميّة المستوى التي ترعاها الدوحة في إطار مهمّتها لدعم الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال، وبما يعزّز القدرة على تطوير منظومة البحث والتطوير والابتكار في المؤسسة المعنيّة بهذا البرنامج. من هنا، باتت هذه الدولة الخليجيّة معروفة على نطاق واسع كمركز للابتكار التكنولوجي والهندسي والعلمي.

وتدعم هذه المؤسّسة الابتكارات “المحليّة” لنخبة من ألمع العقول العربية الشابة في المنطقة بهدف وقف موجة هجرة المبتكرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ممن يسعون خلف الموارد والدعم والإرشاد في الخارج. كما تتيح المؤسّسة منصة مفيدة للمخترعين، عبر توفير بيئة داعمة يمكنهم من خلالها تحسين اختراعاتهم وتطويرها والحصول على التوجيه والإرشاد اللازم، كما يؤدّي إلى الاحتفاظ بالمواهب الواعدة في المنطقة العربية، علمًا أنّ المنطقة ككلّ تستفيد من هذه الخطوة، إذ ينشط العديد من خريجي البرنامج المتميزين على المسرح الدولي لاستعراض الابتكار العربي أمام العالم.
السيدة وضحى الأدغم، مديرة برامج التعليم في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا: قالت في هذا الصّدد: “يساهم نجوم العلوم في رعاية ثقافة ابتكار جديدة في العالم العربي، من خلال تمكين الشباب في جميع أنحاء المنطقة أن يكونوا “طلاب التغيير” وهم أفراد مُفعمون بالحماسة، يفكّرون بطريقة مستقبلية خارجة عن المألوف وذات آفاق واسعة ورحبة، يسألون ويستكشفون، متمسكّين بأهدافهم، مكرّسين أنفسهم للمساهمة في تغيير العالم نحو الأفضل”.

وفي حين يساعد برنامج “نجوم العلوم” في صياغة مستقبل المنطقة، من خلال الكشف عن إمكانات المبتكرين الشباب في جميع أنحاء المنطقة العربية، تعمل “واحة قطر” للعلوم والتكنولوجيا على دعم أحد الأهداف الرئيسية لمؤسسة قطر، ألا وهو تمكين المخترعين من أصحاب الأفكار المبتكرة.
ويتمّ تسجيل المشاركين في البرنامج بشكل تلقائي في برنامج تسريع تطوير المشاريع التكنولوجيّة (XLR8)، حيث يمكنهم مواصلة العمل على مشاريعهم وأفكارهم بدعم من مؤسسة قطر. ويساعد هذا البرنامج الفريد من نوعه رواد الأعمال المبتكرين على إطلاق شركات ناشئة ناجحة، ما يوفر لهم الدعم في طرح اختراعاتهم في السوق ضمن المنطقة، وعلى المستوى الدولي أيضًا.
ومن هؤلاء المخترعين اللامعين، الدكتورة نور مجبور، باحثة سابقة في معهد قطر لبحوث الطب الحيوي التابع لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، التي دفعها اهتمامها بالدماغ البشري إلى ابتكار عدة مخبرية مصممة لتشخيص مرض باركنسون في مراحله المبكرة من خلال الأجسام المضادة. وقامت بعد تخرّجها من برنامج نجوم العلوم بمواصلة تطوير مشروعها الذي أطلقت عليه اسم QABY، ضمن المنظومة التكنولوجية الداعمة التي توفرها دولة قطر، وسجلته رسميًا كعلامة تجارية مع مؤسسة قطر.
ومن خريجي البرنامج المميّزين الآخرين، الطبيب البيطري الجزائري الدكتور محمد دومير، الذي ابتكر جهازًا لتشخيص حالات العرج لدى حيوانات سباق الهجّن. واستطاعت المنظومة التعاونية التي تعزّز التغيير الإيجابي وتشجع على الابتكار والتقدم التكنولوجي من استقطاب الدكتور محمد ليبقى في قطر. واستطاع بدعم وتمويل من واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا من خلال صندوقهم لتطوير المنتجات، من تطوير مشروعه وتأسيس شركته الخاصة “فيتوسيس”، وهو يشغل الآن أيضًا منصب مدير الأبحاث والابتكارات البيطرية في واحة قطر العلوم والتكنولوجيا. وتمكّن محمد من خلال دعم وتمويل هذه الحاضنة المبتكرة، من إضافة تطبيقات جديدة لجهازه لتدريب الهجن وتعزيز لياقتها البدنية.
ومن المشاركين في الموسم الحادي عشر لبرنامج نجوم العلوم، تميّز القطري عبد الرحمن صالح خميس، الذي عمل على تطوير سجادة صلاة تعليمية ذكية. وتستهدف هذه السجادة صغار السن والذين اعتنقوا الإسلام حديثًا لتعليمهم الطريقة الصحيحة للصلاة. وبعد برنامج نجوم العلوم، أسس عبد الرحمن شركته الخاصة، “ذكاء تكنولوجيز”، المحتضنة حالياً في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا بعد حصوله على دعم وتمويل من صندوق تمويل لتطوير المنتجات لإنتاج سجادته الذكية، التي أطلق عليها اسم “سجدة”. كما أكمل حملة تمويل جماعي على منصة “Launchgood” التي أطلقها عمر حامد وهو ايضاً خريج برنامج نجوم العلوم.
وتعدّ هذه المشاريع بمثابة أمثلة على التعاون مع المنظومة التكنولوجية في قطر، كما أنها خير دليل على النجاح الذي يستطيع المخترعون العرب تحقيقه إذا ما توافرت لهم الإمكانات اللازمة. وتسلط هذه المشاريع الناجحة الضوء على البيئة الفريدة التي توفرها قطر لدعم الابتكار بما يعود بالنفع على المنطقة العربية بأكملها ويتجاوزها، من خلال تحويل الأفكار العربية المميزة إلى اختراعات ذات تأثير إيجابي، ليس فقط على المجتمعات المحلية، بل حتى على الصعيد الدولي.
وهكذا فقد أصبحت الظروف مؤاتية لا بل مثالية للمبدعين العرب المقيمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتحقيق أحلامهم دون الاضطرار إلى مغادرة بلادهم.
ومع عودة برنامج “نجوم العلوم” إلى شاشات التلفزيون في جميع أنحاء المنطقة بموسمه الثالث عشر في 10 أيلول (سبتمبر) الحالي ، ستتاح للجماهير الفرصة لمتابعة رحلات الابتكار وريادة الأعمال لمجموعة جديدة من المواهب العربية الشابة. وسيتمكن هؤلاء المخترعون الشباب بمساعدة منظومة الابتكار في مؤسسة قطر، من ضخ أفكارهم والانضمام إلى مجتمع خريجي البرنامج المتميزين من جميع أنحاء المنطقة. سيتم بثّ برنامج نجوم العلوم كلّ يوم جمعة وسبت اعتباراً من 10 أيلول (سبتمبر) 2021 ولغاية 22 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2021 عبر موقع البرنامج وسبع قنوات فضائية في المنطقة.
نشير إلى أنّ “نجوم العلوم” هو البرنامج الرائد في العالم العربي في مجال الابتكار، وإحدى مبادرات مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، في إطار تلفزيون الواقع التعليمي والترفيهي. يهدف إلى تمكين المبتكرين العرب من تطوير حلول تكنولوجية لمجتمعاتهم تعود بالنفع على صحة الناس، وأساليب حياتهم، وتساعدهم أيضًا في الحفاظ على البيئة.
ويقوم المتسابقون على مدار إثني عشر أسبوعاً، بعرض الحلول التي توصلوا إليها، ومدى فعالياتها بدعم من فريق مؤلف من الخبراء يضمّ المهندسين ومطوّري المنتجات، في سباق مع الوقت.
وتقوم لجنة من الخبراء بتقييم وإقصاء المشاريع في كل أسبوع ضمن عدة جولات من إثبات الفكرة ونمذجة المنتج وإختباره ليبقى في نهاية المطاف أربعة مرشحين يتأهلون لمرحلة التصفيات النهائية من أجل التنافس على حصة من جائزة مالية تبلغ قيمتها 600 ألف دولار أميركي لتمويل مشروعاتهم. ويتمّ تحديد الفائزين بناءً على قرار لجنة التحكيم وتصويت الجمهور عبر الإنترنت.
أمّا مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع فهي منظمة غير ربحية تدعم دولة قطر في مسيرتها نحو بناء اقتصاد متنوعّ ومستدام. وتسعى المؤسسة لتلبية احتياجات الشعب القطري والعالم، من خلال توفير برامج متخصّصة، ترتكز على بيئة ابتكارية تجمع ما بين التعليم، والبحوث والعلوم، والتنمية المجتمعية.
تأسّست مؤسسة قطر في العام 1995، بناء على رؤية تشاركها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والسيدة الشيخة موزا بنت ناصر، تقوم على توفير تعليم نوعي لأبناء قطر. واليوم، يوفر نظام مؤسسة قطر التعليمي الراقي فرص التعلّم مدى الحياة لأفراد المجتمع، بدءًا من سن الستة أشهر وحتى الدكتوراه، لتمكينهم من المنافسة في بيئة عالمية، والمساهمة في تنمية وطنهم. كذلك أنشأت مؤسسة قطر صرحًا متعدد التخصّصات للابتكار في قطر، يعمل فيه الباحثون المحليون على مجابهة التحديات الوطنية والعالمية الملحة. وعبر نشر ثقافة التعلّم مدى الحياة، وتحفيز المشاركة المجتمعية في برامج تدعم الثقافة القطرية، تُمكّن مؤسسة قطر المجتمع المحلي، وتساهم في بناء عالم أفضل.