يتنافسون في مباراة كرة القدم
“الأولمبياد الخاصّة”، وهي المنظّمة العالميّة التي تأسّست في العام 1968 لإنهاء التميّز ضدّ الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنيّة، تلقّت، قبل أيّام، أكبر هديّة فرديّة خُصّصت لها على مدة 53 عامًا. فقد تبرّع لها مؤسّس Paychex وفاعل الخير والأب لابن من المصابين بإعاقة ذهنية توم جوليسانو، 30 مليون دولار، هي ثالث هدية كبيرة له يمنحها لهذا الأولمبياد الخاص، سعيًا إلى توسيع برامج المجتمعات الصحية، التي تقدّم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية على مستوى العالم.

وكان هذا البرنامج، خلال السنوات الخمس الماضية، قد أجرى 700 ألف فحص صحّي للرياضيّين، وهو ضعف العدد الذي تمّ إجراؤه في السنوات الخمس السابقة، وقدّم رعاية متابعة في المجتمعات، ما قلّل إلى النّصف احتياجات الإحالة العاجلة، بدليل تحسّن النتائج الصحيّة وأضافة سنوات إلى معدلات الأعمار. وإلى ذلك، تمّ تدريب أكثر من 150 ألف شخص من مقدّمي الرعاية الصحية في 60 دولة، وأُدخلت مناهج صحيّة شاملة لتدريب الطلاب على التعامل مع الإعاقات الذهنية في 130 مدرسة مهنية صحية.
الدكتورة أليسيا باتسانو، مديرة الصحة في الأولمبياد الخاص، علّقت على الهبة قائلة: “لقد أتاح لنا السيد جوليسانو التوسّع في مئات المناطق المحلية والعالمية الجديدة بفضل هباته الماليّة لمجتمعاتنا الصحيّة”. أضافت: “تأتي هذه الهدية الجديدة في وقت حَرِج بالنسبة لمجتمعنا العالمي، إذ شهدنا خلال فترة وباء كورونا، مدى ضآلة إعطاء الأولويّة لهذا الفئة من السكان”.

معلوم أنّ الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية يتعرّضون للوفاة في أعمار مُبكرة عن عامة الناس بفترة تتراوح بين 16 و20 سنة، علمًا أنّه في كثير من الأحيان، يمكن الوقاية من حالات الوفيات هذه، والتي عادة ما تكون ناتجة عن أمراض يمكن علاجها، مثل الإمساك ونوبات التشنجات وأمراض القلب. خلال فترة الوباء، لم يُتَح للعديد من الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية إمكانية الوصول إلى رعاية أو موارد تصلح لعلاج حالات كوفيد-19 الحرجة مثل أجهزة التنفس الاصطناعي واللقاحات. وقد أفادت دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام في NEJM Catalyst – New England Journal of Medicine أن الأشخاص المصابين بالإعاقات الذهنية أكثر عرضة للوفاة نتيجة لوباء كوفيد بست مرات تقريبًا مقارنة بعامة السكان.

ولكن ماذا حقّق برنامج المجتمعات الصحيّة للاولمبياد خلال السنوات الخمس الماضية؟
على الأقلّ خمسة أهداف، في ما يلي أبرزها:
- الوصول إلى ثلاثة ملايين فحص صحي شخصي وافتراضي في أكثر من مئة دولة، إلى جانب ضمان تلقّي رعاية المتابعة.
- تحسين الصحة العامة واللياقة البدنية لنحو 600 ألف رياضي.
- الوصول إلى 650 ألف طفل من ذوي الإعاقات الذهنية وأُسَرِهم لتزويدهم بخدمات التدخل السريع لتمكينهم من المشي والركض والقفز واللعب في وقت مبكر.
- إنشاء جامعة جوليسانو الافتراضية لتوفير التدريب لـ 100 ألف من المتخصّصين في الرعاية الصحية لتمكينهم من علاج الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية.
- إنشاء أول تقرير عالمي على الإطلاق عن صحة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، وسيقيّم هذا التقرير التباينات بين الأنظمة الصحية لتطوير سياسات وممارسات شاملة في البلدان المستهدفة.

جدير بالذكر أنّ مؤسّسة الأولمبياد الخاص تقود هذه المسيرة بهدف الوصول إلى الرعاية الصحية المتغيّرة لحياة الأشخاص المصابين بالإعاقات الذهنية، كونها المدافع الرائد عن صحة هذه الفئة من السكان. منذ العام 2012، أعطى توم جوليسانو ومؤسّسته الأولويّة للاحتياجات الصحية للأشخاص الذين يعانون الإعاقات الذهنية، إذ تبرّعت المؤسسة بهدايا سابقة بلغ مجموعها 37 مليون دولار للمساعدة في تحقيق المساواة الصحية للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية في جميع أنحاء العالم، بدءًا من إطلاق مجتمعات الألعاب الصحية للأولمبياد الخاص. وفي هذا الصّدد قال: “يسعدني مواصلة الدعم المالي للعمل الصحي الاستثنائي للأولمبياد الخاص الذي يمنح الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية وصولاً إلى الخدمات الصحية الفضلى، وإلى الاستفادة من فرصة توفّر حياة أكثر سعادة وإنتاجية”. أضاف: “إن تأثير الأولمبياد الخاص على صحة الأشخاص ذوي الإعاقة مثير للإعجاب حقًا. فالتركيز على القياس المعياري، وتوحيد الممارسات، والتشخيص المبكر، وتوفير القوى العاملة المدرّبة، والأنظمة الصحية التي تظهر سياسات شاملة، ستضع جميعها الأولمبياد الخاص بشكل فعّال على طريقه لتحقيق مسعاه في تعزيز هدفنا المشترك المتمثل في العدالة الصحية “.
الدكتور تيموثي شرايفر، رئيس الأولمبياد الخاص، علّق على الهبة قائلًا: “على مدى العقد الماضي، ساعدتنا تبرعات توم البالغة 67 مليون دولار على توسيع برامجنا الصحية من الخدمات الصحية المحلية والإقليمية، للوصول إلى أكثر من 120 مجتمعًا صحيًا”. “ولطالما كان توم وكذلك آن كوستيلو المديرة التنفيذية للمؤسسة، من أصحاب الرؤى في الحدّ من التفاوتات الصحية وتحسين نوعية الحياة للأشخاص ذوي القدرات المختلفة. وقد بدا التزامهما متسقًا وصريحًا تجاه الاهتمام بالصحة الجسدية والاجتماعية والعاطفية لذوي الإعاقات الذهنية. وإننا نشكرهما على قيادتهما وشراكتهما وشغفهما لجعل الرعاية الصحية أكثر إنصافًا لمجتمعاتنا”.

إنّ الأولمبياد الصحي الخاص، الذي أتاحته مؤسسة جوليسانو في الولايات المتحدة بالتعاون مع المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يساهم في خلق عالم يتمتع فيه الأشخاص ذوو الإعاقات الذهنية بكل الفرص للتمتع بصحة جيدة، ويمكّنهم الاستفادة الكاملة من البرامج والخدمات الصحية المتاحة للأشخاص الذين لا يعانون إعاقات ذهنية. لقد قدّم الأولمبياد الخاص 2.5 مليون فحص صحي مجاني في 146 دولة، ودرّب ما يقرب من 350 ألف متخصّص في مجال الرعاية الصحية. فهو يقدّم أكثر من 30 رياضة أولمبية مختلفة وأكثر من 100 ألف لعبة ومسابقة كل عام، وذلك بمشاركة أكثر من ستة ملايين رياضي وشريك للأولمبياد الخاص في أكثر من 190 دولة وإقليم وأكثر من مليون مدرب ومتطوعّ.
تبقى إشارة إلى أنّ توم جوليسانو هو رائد أعمال وفاعل خير، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة Paychex التي تخدم أكثر من نصف مليون شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في الأعمال التجارية والرعاية الصحية والتعليم والسياسة والإصلاح الضريبي. وقد استلهم المساعدة في جعل العالم مكانًا أفضل للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والتنموية. تأسّست مؤسّسة جوليسانو في العام 1985، وهي الآن واحدة من أكبر المؤسسات الخاصة في الولايات المتحدة التي تكرّس جهودها حصريًا لدعم برامج الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية والتنموية. يبلغ إجمالي أصول المؤسسة 45 مليون دولار، وهي تقدم أكثر من مليونَي دولار كمنح. وهي تدافع عن العائلات، وتكافح من أجل كرامتهم، وتقدم للأشخاص المصابين باضطرابات الإعاقة الذهنية والتنموية فرصة للنمو في مجتمعاتهم.
بالنّسبة للألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، فإنّها تهدف إلى إظهار مهارات وإنجازات الرياضيين ذوي الإعاقة العقلية على المستوى العالمي. تمتدّ الألعاب لأكثر من أسبوع واحد ويتنافس فيها آلاف الرياضيّين. وتقام هذه المباراة مرّة كلّ عاَمْين عن طريق الألعاب الصيفية والشتوية بالتبادل، كما هو الأمر في دورتَيْ الألعاب الأولمبية والبارالمبية. وهي تجذب ما يقرب من 35 ألف متطوّع ومدرّب، بالإضافة لآلاف الرياضيّين. وتعتبر الحدث الرياضي الأكبر في عام إقامتها إذ يستطيع رياضيّو الأولمبياد الخاص التنافس في 32 رياضة أولمبية صيفية أو شتوية. الرياضيّون يكونون بالغين وأطفالاً ذوي إعاقة عقلية تتنوع ما بين موهوبين ورياضيين بمستوى عالمي ورياضيين ذوي قدرات جسدية محدودة. ومن قواعد منافسات الأولمبياد الخاص أن يصنف الرياضيون حسب قدراتهم العقلية وعمرهم، ويهدف هذا التصنيف إلى جعل المنافسات عادلة وتنافسية ومثيرة للرياضيين والمتابعين.
أول ألعاب عالمية صيفية للأولمبياد الخاص أقيمت في شيكاغو عام 1968، وأوّل ألعاب عالمية شتوية أقيمت عام 1977 في كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية . في عام 1991، تغيّر اسم المنافسات رسميًا من الألعاب الدولية الصيفية أو الشتوية للأولمبياد الخاص إلى الألعاب العالمية الصيفية أو الشتوية للأولمبياد الخاص.
أمّا أحدث ألعاب عالمية صيفية للأولمبياد الخاص أقيمت في الفترة بين 25 حزيران (يونيو) و4 تموز (يوليو) 2011 في أثينا (اليونان) وضمت 6 آلاف رياضي من ذوي الإعاقة العقلية من 170 دولة، في حين أقيمت أحدث ألعاب عالمية شتوية في الفترة بين 29 كانون الثاني (يناير) و5 شباط (فبراير) 2013 في بيونغتشانغ، كوريا الجنوبية.