هل الخضروات والفاكهة اللبنانية على أبواب الكساد؟
الأزمة اللبنانيّة – الخليجيّة تبدو في وتيرة متصاعدة، بدليل التطوّرات التي تطرأ كلّ يوم تقريبًا، وآخرها، وقد يكون أصعبها، القرار المُتّخذ حتّى الآن من ثلاث دول: السعوديّة، الإمارات والبحرين بضرورة أن يغادر مواطنوها لبنان على وجه السرعة، وكأنّ ثمّة ما يدعو إلى مخاوف هذه الدول على هؤلاء فيما هي أكّدت، كما غيرها من الدول الخليجيّة، أنّ اللبنانيّين المقيمين أو العاملين فيها، هم في مأمن وكأنّهم مواطنون من أبناء البلد نفسه.
وإذا كان وقف الواردات اللبنانية إلى بعض الدول الخليجيّة وأبرزها السعودية، كان أوّل الغيث، وهو ما شكّل خسائر ماليّة هائلة، فإنّ المخاوف الكبيرة تكمن في اتّخاذ الدول الثلاث، أي السعودية والإمارات والبحرين، قرارًا بوقف التحويلات الماليّة إلى لبنان والتي تشكّل ستّة إلى سبعة مليارات دولار سنويًا كان يحوّلها اللبنانيّون المقيمون في الخليج إلى ذويهم حتى السنوات الأخيرة، ما يحرم معظم عائلاتهم، من هذه المساعدات التي باتت خشبة خلاص في هذا الظرف الصعب الذي يمرّ بلبنان وخصوصًا أنّ المبالغ المحوّلة هي بالعملة الصعبة، ما يوفّر لهم عيشًا كريمًا إلى حدّ كبير. وقد ازدادت هذه المخاوف مع إعلان شركة DHL للتوزيع البريدي، وقْف عمليّاتها من لبنان إلى السعودية بطلب من الأخيرة، وكان يكفي أن تتلقى هذه التعليمات حتّى تعيد البريد الذي تسلَمته لإرساله إلى المملكة، إلى زبائنها مجدّدًا.
وإذا كان البريد يدخل في خانة الواردات وليس في خانة التحويلات، إلاّ أنّ ثمة “شيكات” غالبًا ما تُحرّر في الدولة حيث يقيم اللبنانيّون ويتمّ إرسالها عبر هذه المكاتب البريديّة إلى أصحابها.
ضمن هذا الإطار، طمأنت شركة Bob Finance التي تتولّى مهمّات عدّة من بينها تلقّي التحويلات الماليّة وتسليمها إلى المعنيّين،إلى أنّ هذه التحويلات ولا سيما الآتية من الدول العربيّة، لم تتأثّر حتى الساعة بالخلاف القائم بين لبنان ودول الخليج، بل لا تزال مستمرّة بوتيرتها المعتادة، وبالتالي لم تتبلّغ أيّ قرار من أيّ جهة كانت بهذا الخصوص. ومن المعروف أنّ للشركة 700 فرع في لبنان تؤمّن هذه التحويلات للزبائن.
تبقى إشارة إلى أنّ حجم التبادل التجاري بين لبنان والمملكة، وفق ما تُشير إليه ارقام السفارة اللبنانيّة، بلغ خلال السنوات الستّ الماضية 600 مليون دولار سنويًا. وبهذا الصّدد، نشير إلى أنّ المملكة تُعتبر الوجهة الثانية للتصدير من لبنان بعد الإمارات بمعدّل 250 مليون دولار سنويًا، مع الإشارة هنا إلى أنّ عدد اللبنانيّن القاطنين فيها يصل إلى نحو 350 ألفًا، وهو العدد الأكبر في دولة عربيّة. إلى ذلك، فإنّ هناك 600 مؤسّسة لبنانيّة تبلغ قيمتها 125 مليار دولار، تعمل في المملكة وتصل استثماراتها إلى عشرات المليارات من الدولارات. أمّا تحويلات اللبنانيّين من المملكة إلى لبنان، فتقدّر حاليًابمليارَيْن ونصف مليار دولار، في حين كانت تصل في السنوات السابقة إلى ضعف هذا المبلغ. ويعود سبب هذا التراجع إلى قرار اتّخذه البعض من المغتربين بتغيير وجهة تحويل الأموال إلى دولٍ أكثر أمانًا بعد تعرّض القطاع المصرفي إلى اهتزازات لا تزال مستمرّة. إلى ذلك، وبحسب الأرقام الرسميّة، فإنّ السعودية تستورد مع دول الجوار التي تعبر فيها الشاحنات اللبنانية، ما نسبته 55،4 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية من الخضروات والفاكهة، ما يعني أنّ القطاع الزراعي اللبناني، إذا لم تتوصّل الحكومة إلى حلول توقف هذا الانهيار، سيدخل في كسادٍ خطير.
وإذا عدنا إلى أرقام جمعية المزارعين في لبنان، واستناداً إلى بيانات مديرية الجمارك العامة، فقد بلغت الصادرات من الخضرواتوالفاكهة في عام 2020 ما يقارب 312,6 ألف طن بقيمة إجمالية تصل إلى 145 مليون دولار، حصة المملكة العربية السعودية منها 50 ألف طن وقيمتها 24 مليون دولار أي 16 في المئة من إجمالي الصادرات. أمّا حصة الكويت فبلغت 59 ألف طن وقيمتها 21 مليون دولار أي 19 في المئة، في حين بلغت حصة الإمارات 31 ألف طن وقيمتها 14 مليون دولار، أي 10 في المئة من إجمالي الصادرات. أمّا حصّة سلطنة عمان فوصلت إلى 15 ألف طن وقيمتها 16 مليونًا وتشكّل نحو 4,8 في المئة، علمًا أنّ حصة البحرين 2,3 ألف طن (وقيمتها 7 ملايين دولار أي ما نسبته 2,2 في المئة)، فيما بلغت حصة قطر 16 ألف طن قيمتها 10 ملايين دولار أي 5,1 في المئة تقريباً.