لقطة جامعة
ندوة “إعادة تقييم مبالغ التأمين” التي عُقدت في طرابلس الغرب في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، حقٌّقت نتائج مهمّة أظهرتها التوصيات التي صَدَرَتْ والتي تحتاج، بطبيعة الحال، الى تنفيذ ليُقال أن هذه الندوة حقّقت مرتجاها. صحيح أنها اُقيمت ليوم واحد فقط، ولكنّ هذا اليوم كان دسماً بالكلمات التي قيلت، بالنقاش الذي جرى، بالإقتراحات التي كان يتبادلها المشاركون فيها ولم يكن عددهم بالقليل.
لماذا هذه الندوة؟
أولاً، لأن ليبيا بدأت تستعيد حيويتها واقتصادها والعودة الى الحياة، وهذا ما يحتاجه قطاع التأمين ليسترجع مكانته وقدرته وخدماته، بطبيعة الحال.
ثانياً، لأن استعادة العافية تحتاج الى مراجعة وتقييم والوقوف على الأخطاء لتصحيحها قبل إعادة الإنطلاقة بالزخم المطلوب.

ثالثاً، لأن الجهة الداعية الى هذه الندوة وهي شركة “النماء الليبي” للتأمين، وبمساندة على مستوى الرعاية كل من شركة “القافلة” و”المظلة لإعادة التأمين” و”بيت الخبرة للمعاينة وتقدير الأضرار” ASLA ، هي شركات ذات شأن وخبرة ومعرفة في السوق، وعندها تطلعات للمستقبل. ولأنها تعرف أنه لا بد من الإستعانة بمن يملك تاريخاً في قطاع التأمين وله صولات وجولات فيه، فقد تمّت الإستعانة بالسيد تيسير التريكي ليُساهم في التنظيم ويشارك في هذا الحدث ويُحاضر فيه واضعاً إطاراً واضحاً ومحدداً للنقاش. وبالفعل فقد ساهم بشكل فعّال في وضع جدول أعمال الندوة وفي تأمين مساهمة عدد من الخبراء المرموقين كمحاضرين فيها للإستماع الى آرائهم والوقوف على تطلعاتهم وتوجّهاتهم والإستماع الى أفكارهم في مرحلة الإنطلاقة المطلوبة.

على أن الأهم من كلّ هذه العوامل، فإن الهدف الأساس من هذه الندوة هو تسليط الضوء على ظاهرة تعيق إعادة إحياء قطاع التأمين الليبي، هي نقص مبالغ التأمين لتغطية الأصول المؤمنة والتي يُعتقد بوجودها في سوق التأمين الليبي ووضع اليد على أسبابها والخطوات المطلوبة لعلاجها وهو ما عكسته التوصيات التي صدرت بانتهاء هذا اليوم الطويل.
ماذا يعني النقص في مبالغ التأمين وماذا يترتّب على هذه الحالة؟ عن هذا السؤال أجاب السيد تيسير التريكي بالقول: ان لهذا النقص عواقب مالية أهمها يتمثّل بنقص التعويض في حالة تحقّق الخطر المؤمّن ضدّه ربطاً بتطبيق “شرط النسبية أو المعدّل” الذي تنصّ عليه وثائق التأمين، وخصوصاً أن العوامل التي تُساهم في حصول العجز قد تؤثّر سلباً في السوق، كما في نموّ الشركات وتطوّرها، سيما اذا تعرّضت أسعار النقد الى تذبذبات وبالتالي انخفاض قيمة هذا النقد بنسبة مؤثرة. ومن هنا لا بدّ من معالجة مدى انكشاف القطاعات المختلفة إزاء عامل التضخم وأسعار العملة. ولكن كما يُقال، فإن مربط الفرس في المسألة هو في متابعة تنفيذ التوصيات بجدية ومثابرة.
س:وهل شارك خبراء من العالم العربي بهذه الندوة؟
ج: نعم، دعونا عدداً من الخبراء المرموقين منهم السادة: د. نائل بني، الخبير الدولي المعروف في مجال عقود الإنشاءات والتأمين والتحكيم، وليد جشي، الخبير المرموق في مجال تسوية الخسائر وتقييم الأصول، ومنعم الخفاجي، الخبير التأميني المتخصّص بتأمين الممتلكات. ولا بد من الإشارة هنا الى أن كلمتَيْن ألقيتا في هذه الندوة: واحدة للدكتور مراد يونس مدير عام “النماء الليبية” التي يعود الفضل لها في تنظيم الندوة، وكلمة ثانية للسيد اسماعيل المبروك، مساعد المدير العام لشركة ” القافلة”.

س: وماذا عن التوصيات؟
ج: لقد قدّمت في هذه الندوة مجموعة من الأوراق البحثية التي ساهم فيها عدد من خبراء التأمين وإعادة التأمين الليبيين والدوليين ومنهم، الى الأسماء التي ذكرنا، السادة: أسامة حمحوم، مدير إدارة التأمينات العامة، ناجي بن طالب الخبير الإستشاري في التأمين وإعادة التأمين وأسامة الجيلاني نائب مدير البحوث والإحصاء في مصرف ليبيا المركزي، علماً أن لفيفاً من رؤساء مجلس الإدارة للعديد من الشركات الليبية العاملة في السوق الليبي وكذلك المدراء العامين للعديد من الشركات الكبرى، فضلاً عن عدد من المسؤولين عن إدارة الخطر الخدمية والتجارية الكبرى في ليبيا.
أما بالنسبة للتوصيات فهي ثمانٍ:
أولها، مناشدة المؤسسات الكبيرة في ليبيا بضرورة ادامة إعادة تقييم أصولها عند التأمين عليها حرصاً على عدم الوقوع في مطب النقص في مبالغ التأمين.
ثانياً ، ضرورة وضع فعالية التأمين في مكانها الصحيح ضمن إدارة المخاطر بحيث تكون جزءاً من تلك الإدارة ومرتبطة بالإدارة العليا.
ثالثاً، التشديد على ان تحديد مبلغ التأمين والبت في كفايته هو من مسؤوليات الإدارة العليا لاي شركة او مؤسسة.
رابعاً، ضرورة التعاون بين المؤمن لهم وشركات التأمين في السوق الليبي فيما يتعلق بتحديد مبالغ التأمين الكافية والدقيقة على الأصول.
خامساً، دعوة جميع المؤسسات والشركات بمختلف القطاعات في ليبيا الي اعتبار شركات التأمين مستشارها التأميني ومناقشة جميع الامور المتعلقة بالتامين مع تلك الشركات بإيجابية وشفافية وانفتاح.
سادساً، مناشدة الشركات والمؤسسات الليبية الاستعانة بالخبرات الليبية المتاحة في عملية إعادة تقييم أصولها وذلك تمكينا لتلك الخبرات من تطوير نفسها واكتساب المزيد من الخبرة.

سابعاً، التمنيّ على هيئة الإشراف على التأمين، التنبيه على شركات التأمين بضرورة العمل بالتعاون مع المؤمّن لهم على تحديد القيمة الفعلية للأصول المراد التأمين عليها او تجديد تأمينها، آخذين بالاعتبار التطوّرات الاقتصادية والمالية التي تؤثر في قيمة هذه الأصول. هذا الى جانب ضرورة قيام شركات التأمين بتوضيح الشروط المتعلقة بالنقص في التأمين للمؤمن لهم.

ثامناً، الاستمرار في عقد الندوات وورش العمل في مجال إعادة التقييم.
وفي ختام هذه المقابلة أبلغنا السيد تيسير التريكي أن هذه التوصيات قد تمّ تعميمها على جميع الشركات والمؤسسات التى حضرت الندوة وسوف يتمّ لاحقا تعميم وأرسال هذه التوصيات الى الجهات الرسمية ذات العلاقة، من حيث الاختصاص، سعيا منا لوضعها في حيّز التنفيذ بدعم ومباركة الجهات الرسمية المذكورة.
تبقى إشارة أخيرة الى أن هذه الندوة لن تكون يتيمة بطبيعة الحال، بل ستليها حلقات نقاش وورشات عمل لمتابعة هذه القضية بالتفصيل مع التركيز على الناحية الفنية والمالية والقانونية.