جدة باتت على الخارطة العالمية، اقتصاديًا وسياحيًا وعمرانيًا
وِفق التحليل الذي أنجزته شركة الاستشارات العقارية العالمية Knight Frank، فمن المتوقع أن تشهد المدينة الساحلية جدة المطّلة على البحر الأحمر، إنجاز مشاريع عقارية وبنى تحتية بحلول العام 2030، تصل كلفتها الى 90 مليار دولار.
فيصل دوراني الشريك ورئيس أبحاث الشرق الأوسط في الشركة العقارية المذكورة، قال في هذا الصدد: “تُعدّ جدة البوابة التي تقود إلى المدينتَيْن المقدستَيْن مكة والمدينة، وقد عرفت موجة قوية من الانتعاش على صعيد الاستثمار. ومع بناء 89 ألف منزل جديد، وتخصيص مساحة 250 ألف متر مربع للمكاتب، وما يقرب من 1،4 مليون متر مربع لقطاع البيع بالتجزئة، ستشهد هذه المدينة عملية إحياءٍ كبيرةٍ في نهاية العقد الحالي”. ومن أجل ذلك خُصّص مبلغ 14 مليار دولار من الإنفاق الإجمالي لمشاريع البنى التحتية الجديدة، بما في ذلك مشروع “الجسر البري” الجديد الذي سيشمل بناء 1,500 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية التي تربط البلدات والمدن بين المناطق الشرقية والغربية من المملكة العربية السعودية. وخُصّص كذلك مبلغ 7 مليارات دولار لتوسيع ميناء جدة الإسلامي، بحيث ترتفع قدرته على استيعاب 20 مليون حاوية، ما يجعله من بين الموانئ العشرة الأكثر ازدحامًا في العالم.
وكما هو الحال في أي مكان آخر في المملكة، تشير شركة نايت فرانك إلى وجود تركيزٍ كبيرٍ على المشاريع المرتبطة بالرفاهية، في ظلّ عمل الحكومة على تحسين وتعزيز القابلية للسكن والعيش في المدن السعودية.
ويقول يزيد حجازي الشريك المساعد من قسم الاستراتيجيات والاستشارات العقارية في المملكة العربية السعودية تعليقاً على هذه الإجراءات: “مع تخصيص ما يقارب من 3.3 مليار دولار لمشاريع الرفاهية، فمن المتوقع أن يستفيد سكان جدة من التحسينات التي ستشهدها المرافق الترفيهية والثقافية والتعليمية والصحية في المدينة. صحيح أن تحسين المرافق الصحية والتعليمية يعتبر ربما أمرا ثانويا مقارنة بالمشاريع الضخمة في أماكن أخرى في البلاد، الا أنها تساعد على وجه الخصوص في رفع المستوى الإجتماعي وزيادة الجاذبية المعيشية للمدن. وسيساهم ذلك في ترسيخ مكانة جدة كمحورٍ تجاري رئيسي، كما سيجعلها مدينة أكثر جاذبية للعيش والعمل فيها، وهذا ما يعزّز برنامج جودة الحياة الذي يشكّل جزءًا من رؤية 2030″.

وفي مجال آخر ولكن في الإطار نفسه، فإن قطاع الضيافة في جدة يتمتع بإمكانات هائلة بفضل النمو الاستثنائي في الطلب نتيجة مبادرات التنويع الاقتصادي، بالإضافة إلى الطفرة الأخيرة في عدد السائحين سواء لغرض ترفيهي أو ديني ولتلبية الطلب المتزايد وكجزء من خطط التحوّل الاقتصادي، يتمّ التخطيط لبناء عدد من الفنادق الجديدة لاستيعاب الزيادة التي تتوقعّها الحكومة في أعداد الزوار. لذا من المتوقع إنهاء أشغال 9,300 غرفة قيد الإنشاء أو في مراحل التخطيط في جدة بين الوقت الحالي وعام 2030، ما سيصل بإجمالي العرض في المدينة إلى 21 ألف غرفة، حسب بيانات نايت فرانك. مع ذلك، تمّ الإعلان حاليا فقط عن بناء 2,700 غرفة ضمن المشاريع الضخمة في المدينة، والتي تمثل 29% من إجمالي خط الإمداد الفندقي فيها.

تبقى إشارة إلى أن شعبية “موسم جدة” وجائزة السعودية الكبرى لسباق “فورمولا” وان فيها، اضافة الى خطوط السكك الحديدية العصرية وفائقة السرعة التي تربط بمكة والمدينة، تعني أن إمكاناتها كوجهة سياحية عالمية بدأت في النمو الآن. ومع وجود خطط لجذب مئة مليون سائح إلى المملكة السعودية بحلول العام 2030، لا تزال هذه المدينة الثانية في المملكة قادرة على تطوير سوق سياحية مزدهرة، بالموازاة خصوصا مع مجموعة واسعة من عوامل الجذب الموجودة من قبل، علماً أنها تتميّز بمناخٍ أكثر اعتدالا مقارنة بباقي المناطق في الخليج.
