سيارة تسير ذاتيًا تسبّبت بحادث كبير
بعد سنوات من الجهد والاستثمار في صناعة السيارات ذاتية القيادة، بدأ اهتمام بهذه الصناعة الحديثة يتراجع بخطىً سريعة. من ذلك أنّه في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، أعلنتFord وVolkswagen خروجهما من Argo Al، الشركة المتخصّصة في تكنولوجيا القيادة الآلية للمركبات، لسببَيْن رئيسَيْن: الأول عدم قدرة الشركة الناشئة على جذب مستثمرين جُدد، والثاني صعوبة تسليم سيارة ذاتية القيادة في الوقت المحدّد.
يُشار في هذا الصدد، أن شركة APPLE العملاقة أجّلت موعد الانتهاء من مشروعها لإنتاج سيارة من دون مِقوَد المنوي تسويقها بسعر 100 ألف دولار أميركي، من العام 2021 إلى 2026، ولأسباب مختلفة منها التأخيرات المتراكمة من قبل هذه الشركة، ومنها مستويات المتطلبات العالية التصنيع، فضلاً عن تأثير جائحة كورونا وتداعياتها، وأخيراً وليس آخراً، التغيّرات في سوق السيارات المستقلة.
ولم تكن APPLE الوحيدة التي تراجعت على هذا الصعيد، بل أن السيارات ذاتية القيادة واجهة ولاتزال عقبات كبيرة على الطرق الأميركية، منها شركة Cruise التابعة لشركة General Motors والتي تستخدم هذه المركبات كسيارة أجرة آلية في سان فرانسيسكو (كاليفورنيا). وفي كانون الأوّل (ديسمبر) 2022، فتحت وكالة سلامة المرور على الطرق السريعة الأميركية NHTSA تحقيقًا أوليًا في وسائل النقل هذه، مؤكّدة أنّ حوادث متعدّدة تنجم عن الكبح الفجائي والقوي. وتعمل Cruise بالتعاون مع NHTSA لتضمن أن مركباتها قد قطعت بالفعل أكثر من مليون ميل في بيئات معقدة دون التسبّب في إصابة شخصية.
بالنسبة للسيارات من دون سائق، وبعد سنوات من تطويرها، لا تزال أنظمة القيادة الذاتية ترتكب حوادث طرق خطيرة. ففي 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، تسبّبت سيارة Tesla Model S في حادث في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة. كانت هذه السيارة تسير بسرعة 88 كم/ ساعة، فقرّر السائق فجأة تغيير مسارها، فضغط على المكابح وبقوّة، مّا أدّى إلى تصادم بين ثماني مركبات، وإلى إصابة تسعة أشخاص بجروح، من بينهم طفل يبلغ من العمر عامَيْن. ووفقا للسلطات، كان ردّ فعل السائق سيئًا على فرملة سيارته، التي كانت في وضع القيادة الذاتية.

وللتذكير، تسبّبت سيارة ذاتية القيادة لا تزال قيد الاختبار من نوع BMW iX، بحادث مميت في ألمانيا في 15 آب (أغسطس) 2022، اذ أسفر عن مقتل شخص وإصابة تسعة. وفي 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، تسبّبت سيارة Tesla Model Y أيضا في حادث مميت في الصين بسبب مشكلة في دواسة الفرامل.
من المعروف، إنّ حوادث الطرق كانت ولا تزال واحدة من الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم. ووفقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية (WHO) ، يفقد حوالي 1.3 مليون شخص حياتهم كل عام في حوادث المرور. وتحدث أكثر من 90٪ من هذه الوفيات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، على رغم أن هذه البلدان لا تمثل سوى 48٪ من أسطول السيارات في العالم. ويتراوح عدد المصابين بين 20 الى 50 مليون شخص سنويًا.
الجدير ذكره أنّ حوادث الطرق مكلفة على جميع الأصعدة، وتُقدّر الخسائر العالمية بــ 18 مليار دولار أميركي أي ما يعادل من 1 إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كذلك تُقدّر منظمة الصحة العالمية أنّ عدد الوفيات جرّاء حوادث الطرق سيصل إلى نحو 2.4 مليون سنويا بحلول عام 2030، وستصبح هذه الوفيات السبب الرئيسي الخامس للوفاة في جميع أنحاء العالم.
أما العوامل الرئيسية لوفيات الطرق فتشمل ما يلي: السرعة، القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، عدم وجود أجهزة أمان (خوذة، حزام أمان، مقعد سيارة للأطفال)، القيادة المشتّتة، البنية التحتية للطرق الوعرة أو الملتوية، المركبات الخطرة، الرعاية من قبل المستشفى غير كافية وأخيراً الامتثال لقواعد الطريق.

من جهة أخرى، وفي الإطار نفسه، فإن الإتحاد المصري لشركات التأمين تناول في نشرته ذات الرقم 271 تحقيقاً عن مستقبل ذاتية القيادة ودور قطاع التأمين في انتشارها، في متابعة للتطوّر المستثمر في وسائل النقل الذي يُسهم في تغيير أنماط الحياة. وقد عرّف الإتحاد السيارة ذاتية القيادة Self Driving Car بأنها السيارة القادرة على استشعار البيئة المحيطة بها بشكل شبه كامل، وذلك عبر مجموعة من الكاميرات وأجهزة الاستشعار و تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تحدّد سرعة السيارة ومدى انحرافها والوقت المناسب لاستخدام المكابح المستقلة في حالات الطوارئ autonomous emergency braking (AEB) ، والقدرة على التنقل دون أى تدخل من السائق، ما يجعلها قادرة على قيادة نفسها بشكل كامل. كما عرّفها أيضاً باسم السيارة الآلية autonomous cars or robotic cars و كلها مسميات تشير إلى السيارة القادرة على قيادة نفسها دون مساعدة بشرية.
وتعود تجارب صناعة السيارة ذاتية القيادة، إلى أكثر من 50 عاماً، عندما ابتكرت الأولى من هذا النوع في العام 1984 وكانت من صناعة مختبر “نافلاب” التابع لجامعة كارنيغي ميلون، واستمر البحث والتطوير في هذه السيارات على مدى الأعوام المتعاقبة لتدخل 35 شركة عالمية في مجال تصنيع هذه السيارات، مثل شركات جنرال موتورز، وتويوتا، وإنتل، وأودي، وبي إم دبليو، Tesla، وكذلك عمالقة التكنولوجيا غير المصنعة للسيارات مثل Google و Apple التي حاولت السعى لإحداث ثورة في مواصفات السيارة ذاتية القيادة وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة منها. وعلى رغم أنها أثارت اهتمامًا كبيرًا بين المهتمين بالسيارات، إلا أنها أثارت أيضًا فكرة بين المهتمين حول تأثير هذه المركبات على تكاليف أقساط التأمين على السيارات.
بدأت السيارات ذاتية القيادة تقترب أكثر فأكثر من الواقع ، حتى أن بعض الشركات مثل Tesla و Volkswagen تختبرها على الطرق في الولايات المتحدة. ففي فينيكس بولاية أريزونا ، دخلت شركة سيارات مستقلة في شراكة مع خدمة مشاركة الرحلات مثل Huber مزوّدة بسيارات قادرة على التقاط العملاء وإنزالهم إلى حيث يحتاجون إلى الذهاب دون سائق بشري.
وتعمل السيارة ذاتية القيادة بمزيج بين 3 أنظمة بشكل متناغم يجعلها قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة أثناء القيادة وهي:
1-المستشعرات الخاصة التي تتألف من عدة أجزاء، مثل الرادار، والكاميرا، والحساسات، والموجات فوق الصوتية. وتعمل جميعها معاً، كما تقوم برصد محيط السيارة تحذر السائق من الاصطدام عند اقتراب أي جسم من هيكل السيارة.
2-شبكة الإنترنت التي يجب أن تكون متوافرة في جميع سيارات القيادة الذاتية لأنها تعتمد على تقنية الحوسبة السحابية (cloud computing)التي تعمل على تزويد حاسوب السيارة ببيانات المرور والحالة الجوية وغيرها من التفاصيل التي تساعد السيارة على تحليل البيانات واتخاذ القرار المناسب.

3-البرمجيات المبنية على القواعد الرياضية ALGORITHMS. فمن المعروف أن جميع البيانات التي ترصد الظروف المحيطة بالسيارة يتمّ تحليلها عبر البرمجيات المبنية على القواعد الرياضية، والتي يتمّ على أساسها اتخاذ القرار، إما بالانعطاف نحو اليمين أو اليسار أو تخفيف السرعة، حسب قرب الأجسام من السيارة. وتُعدّ هذه العملية الأهم والأخطر في جميع أنظمة القيادة الذاتية، لأن إي قرار خاطئ يتم اتخاذه ستكون له عواقبه وخيمة. ولم يأت الاعتماد على هذه الأنظمة من قبل شركات تصنيع السيارات من فراغ، بل انطلاقاً من الفوائد العديدة لهذه السيارات ذاتية القيادة اذ ترسم مستقبل جديد لقيادة السيارات في العالم، نذكر منها:
1- الحد من الأخطاء البشرية: اذ ان حوالي 80% من حوادث الطرق ناتجة عن أخطاء بشرية بحتة. فعلى سبيل المثال، فاستخدام الهاتف أثناء القيادة، أو القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، قد تؤديان إلى نتائج كارثية، بالإضافة إلى خسارة كبيرة في الممتلكات والأرواح، لكن أنظمة القيادة الذاتية بإمكانها تفادي جميع هذه الأخطاء، وبالتالي تقليل عدد الأرواح البشرية التي نفقدها كل يوم بسبب حوادث الطرق.
2-الراحة والرفاهية العالية. ان عدم انشغال راكب السيارة بأي خطوة من خطوات القيادة سيحقّق له قدراً عالياً من الرفاهية والراحة، فبإمكانه ممارسة أي نشاط أو قراءة كتاب دون قلق. ويُعدّ هذا بحد ذاته مستوى غير مسبوق من الرفاهية.
3-الحد من الازدحامات المرورية، ذلك أن السيارات ذاتية القيادة تشمل على ميزة مذهلة هي القدرة على التواصل مع بعضها عن طريق أجهزة الاستشعار، حيث تتمّ برمجتها على عدم مخالفة القوانين المرورية، ومن المستحيل أن تقوم هذه السيارات بالأخطاء البشرية التي تؤدي إلى أزمات مرورية، مثل الوقوف المزدوج أو غيرها من المخالفات التي تسبّب الإزدحامات المرورية.
4-تقليل الانبعاثات الكربونية. ان السيارات ذاتية القيادة تستخدم الكهرباء كمصدر للطاقة، وبالتالي فهي صديقة للبيئة بشكل كامل، على عكس المركبات التي تعمل بالبنزين أو الديزل وسينخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري والتي يصدر عنها انبعاثات غازية ضارة ،ولا شك أن السيارات ذاتية القيادة ستحدث تغييرات كبيرة على مدى العقود القليلة القادمة في الطرق وكذلك في طريقة السفر.

ووفقًــا لمسـتوى ذاتيـة القيـادة الـذي تبنتـه “جمعيـة مهندســي الســيارات (SAE)، توجد خمســــة مســــتويات مــــن هــــذه السيارات، تأخذ أرقـام مـن صـفر إلـى ٥ ، وذلـك على النحو الآتي:
– المســــــتوى صــــــفر، ويضــــــمّ الســــــيارات “منعدمـــة الذاتيـــة” التـــي تخضـــع لـــتحكمّ بشـــــري خـــــالص، ســـــواء فـــــي مســـــتوى السرعة أو التوجيه.
– المســـــــتوى 1، وهي تعـــــــرف بــــــــ”مســـــــاعدة الســـائق”، وتكـــون إمـــا ذاتيـــة القيـــادة أو ذاتيـــة التوجيـــه، اذ تتّســـم باســـتمرار تحكم العنصر البشري فيها.
– المســتوى ٢، ســيارات ذاتيــة القيــــادة والتوجيــــه، لكــــن يتوجــــب علــــى السائق أن يتدخّل لمراقبة الطريق.
– المســــــتوى ٣، وهو يضــــــمّ الســــــيارات “ذاتية القيادة المشروطة”. فالإنسان لا يتدخل إلا عنــــدما يتعطــــل أي جــــزء مــــن أجــــزاء النظام.
– المســــــــــتوى ٤، وهذه تعــــــــــرف بالســــــــــيارات “عالية الذاتيــة”، اذ تتطلـــب التـــدخل البشـــري فيهـــا، لكنهـــا تعتمد على وجود مستويات محـددة مـن البيئــــــــة والطاقــــــــة والبنيــــــــة التحتيــــــــة، كالســـــــــيارة التـــــــــي تعمـــــــــل بالطاقـــــــــة الشمسية حيث تتعثر حركتها في المساء.
– المستوى ٥، وهي الســــــــيارات “الذاتيــــــــة الكاملـة”، التي تتكيّــف مـع كافــة الظــــروف البيئيــــة، ولا تتطلــــب التــــدخل البشــري فــي أي توقيــت، وتتســّم بدرجــة مرتفعــة مــن الأمــان، مــا يقلّــل حــوادث الطرق، ويوفر الوقت والجهد.
والآن ماذا عن تأمين السيارات ذاتية القيادة، وفق نشرة الإتحاد المصري لشركات التأمين؟ تقول: رغم أن السيارات ذاتية القيادة لا تتعرض لاحتمال وقوع خطأ بشري، إلا أنها قد تتطلب تأمينًا على السيارة. فبالإشارة إلى أن معظم السيارات التي تعمل آلياً بشكل جزئي تتطلب تدخل السائق، فإن ذلك يترك مجالاً لاحتمال وقوع الحوادث.وحتى في السيارات ذاتية القيادة بالكامل ، يمكن أن تحدث أخطاء في البرامج المستخدمة لتشغيلها software أو أخطاء في التصنيع، وبالتالي، قد يكون التأمين على السيارات ذاتية القيادة مطلوبًا في الحالتين كلتيْهما. ونظرًا لأن السيارات ذاتية القيادة لا تتطلب سائقًا، فيمكن النظر في ميزات التكنولوجيا والسلامة المستخدمة في السيارة لتحديد قسط وثيقة التأمين الخاصة بها، علماً أن ثمة عوامل أخرى يمكن أخذها في الاعتبار لتحديد القسط، منها: سنة الصنع والموديل وطراز السيارة، نوع وثيقة التأمين، التغطيات الإضافية المحددة، المنطقة الجغرافية، القيمة المعلنة المؤمن عليها (IDV)Insured Declared Value.

من ذلك أن متوسط القسط السنوي لتأمين سيارة تسلا في الولايات المتحدة، يبلغ 4،352 دولارًا، علماً أن القسط يمكن أن يختلف، اعتمادًا على الطراز ومستوى السيارة، والمكان الذي يعيش فيه المؤمن له، ومقدار التغطية التأمينية التي يختارها العميل, ومستقبلاً ، قد يحصل السائقون الذين يختارون الابقاء على استخدام السيارات التي يتحكم فيها الإنسان على أقساط أعلى من أولئك الذين يختارون السيارات ذاتية القيادة.
ولكن ما هي الأسباب التي تكون وراء التأمين على السيارات ذاتية القيادة؟
قد يفترض أن السيارة ذاتية القيادة لا تتطلب تأمينًا عليها بسبب الأمان الذي توفره. مع ذلك، فهناك بعض الأسباب التي قد تجعل التأمين على السيارات ذاتية القيادة مطلوبًا.
- تفاوت مستويات التشغيل الآلي. ووفقاً لتصنيف السيارات إلى مستويات مختلفة من 0إلى 5، بناءً على مستوى التشغيل الآلي: من تشغيل آلي جزئي وعالي إلى تشغيل آلي كامل، نجد أن السيارات غير ذاتية القيادة بالكامل (المستويات من 0 إلى 4)، قد تتعرض لوقوع حوادث نتيجة التدخل البشري.
- الأخطاء البشرية والأعطال الفنية. قد تكون السيارات ذاتية القيادة بشكل كامل قادرة على تجنّب الأخطاء التي تسببّها القيادة البشرية السيئة. ومع ذلك ، قد تكون عرضة لأعطال الآلات أو الأعطال الفنية. وبالتالي تحتاج للتأمين عليها.
- تغطية الضرر/ ضد التلفيات (الأضرار والتلفيات). إنّ السيارات ذاتية القيادة تتعرّض بشكل كامل كغيرها من السيارات العادية لخطر السرقة أو الفقد أو التلف أو الأضرار الناجمة عن الحوادث أو الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل، والأعاصير، بالإضافة إلى أعمال الشغب، وبالتالي قد تكون هناك حاجة إلى وثيقة تأمين شامل للسيارة.
- المتطلبات القانونية. ونظرًا لأن السيارات ذاتية القيادة قد لا تكون قادرة على ضمان السلامة بنسبة تقارب 100٪، فقد يكون شراء تأمين على السيارة مطلوبًا من الناحية القانونية، وسيكون لزاماً على كل مالك سيارة شراء وثيقة لتأمين المسؤولية المدنية تجاه الغير، ما سيوفّر على الأقل الحماية المالية ضد المسؤولية تجاه الغير،و قد أعلنت بعض الحكومات مؤخرًا عن خطط لنموذج تأمين إلزامي للسيارات ذاتية القيادة – يغطي كلاً من السائق والسيارة – إذا كانت في وضعية القيادة الذاتية.

وفي ما يلي بعض الموضوعات ذات الصلة بتأمين السيارات ذاتية القيادة.
- تكاليف الإصلاح. من المتوقّع أن ينخفض عدد حوادث السيارات نتيجة للتشغيل الآلي الكامل للسيارة وميزات تجنّب الاصطدام. ومع ذلك، فإن مستويات التكنولوجيا المطلوبة للتشغيل الآلي الكامل باهظة الثمن، ما قد يزيد من تكلفة الإصلاحات. و ليس من الواضح، حتى الآن، ما إذا كان الحدّ من الحوادث سيؤدي إلى انخفاض تكاليف الإصلاح الإجمالية.
- ملكية السيارات. وفقًا لتقرير صادر عن جمعية مصنعي السيارات الهندية Society of Indian Automobile Manufacturers (SIAM) في شباط (فبراير) 2022، يبدو أن ملكية السيارات آخذة في الانخفاض ، و أصبح المزيد من الناس في المناطق الحضرية يفضلون استخدام وسائل النقل العام و السيارات المشتركة. الأمر الذى يعود بالفائدة على الكثيرين حيث يقلّل من مصاريف الانتقالات .
- المسؤولية القانونية. تجعل السيارات ذاتية القيادة من الصعب إلقاء المسؤولية على طرف معين عند وقوع حادث . فالقانون الحالي يعاقب البشر فقط ، لذلك ففي حالة وجود آلة، قد يكون من الصعب الحكم. ربما يمكن محاسبة الشركات مصنّعي السيارة في سيناريوهات هذه الحوادث. إن التأمين ضد المسؤولية هو مفهوم صعب لأن المركبات ذاتية القيادة ليس لديها إنسان يتحمّل المسؤولية عن الأضرار. سيتعيّن على الحكومة وشركات التأمين العمل على تغيير اللوائح و الوثائق لتناسب التكنولوجيا الجديدة.
- تقليل المخاطر. إنّ أحد الأسباب الرئيسة لإنتاج السيارة ذاتية القيادة هو جعل الطرق أكثر أمانًا. و على الرغم من أن السيارات ذاتية القيادة لا تزال في مرحلة مبكرة من تحقيق الكمال، إلا أنها مهّدت الطريق للحدّ من فرص وقوع الأخطاء الفادحة.
- الاكتتاب. من المرجح أن يتغيّر الاكتتاب مع ظهور السيارات ذاتية القيادة. ستظلّ الكثير من معايير الاكتتاب الحالية، مثل الحوادث في سجل مقدم الطلب، وعدد الأميال التي يقطعها، والمكان الذي يعيش فيه، سارية ولكنها ستحتل دوراً ثانوياً بعد طراز السيارة ونوعها. سيتعيّن على شركات التأمين تحديث مقاييس التسعير الخاصة بها وسنرى عوامل التصنيف وكيف يتمّ تغيير وزنها النسبى وسيكتسب مكان قيادة السيارة أيضًا أهمية جديدة إذا كان المؤمّن عليه، على سبيل المثال، يعيش في منطقة توجد بها ممرات مخصصة للقيادة الذاتية. خلال فترة الانتقال إلى هيمنة استخدام السيارات ذاتية القيادة، قد تضطرّ شركات التأمين إلى الاعتماد أكثر على التطبيقات والأجهزة التي تراقب نشاط السائق. في الوقت الحالي، لا يمثّل التأمين المستند إلى الاستخدام، والذي يستخدم بيانات حول سلوك السائق المقدّمة بواسطة جهاز إلكتروني مثبت في سيارة السائق، سوى نسبة صغيرة من الأفراد الذين يقودون السيارات، على الأرجح لأنهم لا ريدون أن تراقبهم شركات التأمين.
- المطالبات. مع تكامل التكنولوجيا المتطوّرة للغاية ، سيكون لدى شركات التأمين الآن وسائل جديدة وأكثر موثوقية لمراقبة أنشطة المركبات وتسجيلها. هذا يمكن أن يساعد في القضاء على المطالبات الاحتيالية. لن يتمكن المطالبون بالحوادث بعد الآن من تضخيم مطالباتهم أو الكذب بشأن سبب الحادث، ما يقلّل المبلغ الذي يتعين على شركات التأمين دفعه على المطالبات الاحتيالية والقضاء على عمليات الاحتيال حتى في المواقف الخالية من الاحتيال، أحيانًا يكون من غير الواضح من هو المخطئ في وقوع حادث. يمكن أن تساعد تكنولوجيا المراقبة في كلا السيارتين في إجراء تقييمات دون تحيز وستجعل التكنولوجيا مطالبات التأمين أكثر دقة.

والسؤال الأوّل: هل من تأثير للسيارات ذاتية القيادة على صناعة التأمين على السيارات؟
وفقًا لتقرير نشرته شركة الاستشارات الأميركيةMcKinsey & Company ، فمن المتوقّع أن حوادث السيارات ستنخفض بمعدل هائل بحلول منتصف هذا القرن إذ سيكون لها تأثير سلبي على صناعة التأمين وستخفّض السيارات ذاتية القيادة سعر الأقساط حيث سيتم تقديم عدد قليل جدًا من المطالبات. ومع ذلك، ستظلّ الحاجة إلى تأمين المسؤولية قائمة لأن السيارات ذاتية القيادة لديها خيار القيادة يدويًا أيضًا. وبغضّ النظر عن ذلك، قد تواجه شركات التأمين أيضًا انخفاضًا كبيرًا في الأعمال حيث ستقلّ الحاجة إلى تغطية الحماية من السرقة. مع ميزات الحماية من السرقة مثل “Kill-Switch”، والتي لا تسمح لأي شخص آخر غير مالك السيارة بتشغيلها الإشعال، ونظام تتبع GPS متطوّر، والذي يسمح بتتبع السيارة بسهولة، قد لا يطالب أصحاب هذه السيارات حتى بالحماية من السرقة لسياراتهم. وبالتالي، سيتمّ أيضًا خفض تكلفة الأقساط.
سيحدّد مستوى التشغيل الآلي والتدخّل البشري للسيارة في النهاية ملف الأخطار وقسط التأمين، وستلعب السيارات المؤتمتة بالكامل دورًا كبيرًا في تعزيز السلامة على الطرق نظراً لأنها لا تتطلّب تدخلًا بشريًا، فإنها ستقلّل من احتمال حدوث أخطاء بشرية أثناء القيادة. وحيث يعدّ تناول المشروبات وتبادل الرسائل النصية أثناء القيادة، وعدم اتّباع حدود السرعة، وإهمال إشارات المرور، وتغيير الحارة بشكل متفشي، وما إلى ذلك، من الأخطاء البشرية الشائعة التي تسبّب حوادث الطرق، فإن السيارات ذاتية القيادة سوف تلغي مثل هذه الأخطاء.
مع ذلك ستستمرّ الحوادث بسبب الأخطاء الفنية أو مواطن الخلل في البرامج. كذلك، قد يستمرّ حدوث الضرر/الخسارة الناتجة عن السرقة والأخطار الطبيعية. وبالتالي، قد لا تكون السيارات الذاتية آمنة بنسبة مئة بالمئة ولكنها ستعمل على تقليل عدد وتواتر حوادث الطرق، ما سينتج عنه عدد أقلّ من المطالبات المتعلّقة بالحوادث، وبالتالي ستنخفض أيضاً الأقساط التي تطلبها شركات التأمين.
والسؤال الثّاني: كيف تتكيّف شركات التأمين مع التغييرات القادمة؟ تقول النشرة:
من المتوّقع أن التغيير سيكون تدريجيًا، وبالتالي سيكون لدى شركات التأمين الوقت للتكيّف والاستعداد لتلك التغييرات. وهناك ثلاثة مجالات رئيسة يمكن لشركات التأمين العمل فيها في المستقبل. وهي على النحو التالي:
- الأمن السيبراني. نظرًا لأن السيارات ستصبح أكثر آلية، لذا سيزداد الاتجاه نحو دمج الأجهزة والبرامج في هذا النوع من السيارات، وبالتالي قد ترتفع أيضًا المخاطر المتعلقة بالجرائم الإلكترونية مثل السرقة الإلكترونية، وبرامج الفدية، والقرصنة، وإساءة استخدام المعلومات المتعلقة بالسيارات، لذا يجب على شركات التأمين أن تبدأ في دراسة هذه المجالات لتوفير التغطية المناسبة في المستقبل القريب.
- مسؤولية المنتج. قد تنشأ مسؤولية كبيرة بسبب فشل أجهزة الاستشعار والرقائق ذات الصلة تلقائيًا من خلال أخطاء البرامج وتجاوز الذاكرة والعيوب الخوارزمية ويمكن تغطية هذا النوع من الالتزامات من قبل شركات التأمين.
- تأمين البنية التحتية. ستوفّر عوامل مثل أنظمة الخادم السحابي والإشارات والضمانات الأخرى التي سيتمّ وضعها لحماية الركاب والسائقين إمكانية تحقيق إيرادات سنوية ضخمة من الأقساط. فمن المحتمل أن تكون الحاجة إلى تأمين البنية التحتية العامة، لكن الحكومة قد “تؤمّن ذاتيًا” هذه المخاطر، وبالتالي من المرجح أن تكون فرصة التأمين التجاري أقلّ.
ويمكننا القول أن هناك تغييرًا هائلاً قادمًا في صناعة السيارات والتأمين على السيارات، لكن التغيير يمكن أن يكون إيجابيًا.
يُشار إلى أنّ البنك المركزي السعودي أعلن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 عن اعتماد أول منتج تأميني لتغطية المركبات ذاتية القيادة والمخاطر المرتبطة بها في سوق التأمين السعودي، موضحًا أن هذا المنتج يغطي المركبات ذاتية القيادة التي يمكنها قيادة نفسها من نقطة البداية إلى وجهة محددة مسبقًا، باستخدام تقنيات وأجهزة استشعار مختلفة، بما في ذلك نظام تثبيت السرعة التكيّفي، ونظام التوجيه الفعّال، وأنظمة الكبح المانعة للانغلاق، وتقنية نظام تحديد المواقع (GPS)، وتقنية أشعة الليزر، وذلك في الأماكن المؤهلة والمرخّصة من الجهات الرسمية لاستخدام مثل هذه المركبات ذاتية القيادة.
يبقى رأي الاتّحاد في موضوع التغطية التأمينيّة للمركبات ذاتية القيادة. وعن هذا الأمر نشير إلى أنّ الاتحاد المصرى للتأمين يعمل من خلال لجانه الفنيّة المتخصّصة، على مواكبة التطوّر والمستجدات بالأسواق العالمية. وعليه فقد قامت اللجنة العامة لتأمينات السيارات بالانتهاء من صياغة الشروط الخاصة بتأمين السيارات الكهربائية كما شرعت في اعداد التصوّر الخاص بوثيقة تأمين السيارة ذاتية القيادة. لذا، على شركات التأمين سرعة التكيّف والاستجابة من خلال توفير التغطيات والمنتجات التأمينية المناسبة. وسيتعيّن عليها تطوير مجموعة جديدة كاملة من المهارات والخبرات داخل الشركة لفهم التفاصيل المعقّدة لكلّ مركبة.

لذا، يجب إعادة التفكير فى الحلول التأمينية مع انتقال المسؤولية من قائد السيارة إلى الشركات المصنّعة وسيحتاج النهج التقليدي لتأمين مسؤولية السيارات، إلى إفساح المجال لمزيد من تغطية المسؤولية المتعلقة بالمنتج Product liability أو التغطية المختلطة. السؤال الذي لا يزال يتحدى تغطية السيارات التقليدية للسيارات ذاتية القيادة هو: من المخطئ في حالة حدوث تصادم. إذا كانت السيارة تحت سيطرة السائق، فسيتمّ تطبيق التغطية الشخصية للسيارة. ولكن في حالة استخدام التكنولوجيا المستقلّة، تنتقل المسؤولية إلى تغطية مسؤولية المنتج التي تحتفظ بها الشركات المصنّعة للمعدّات الأصلية (OEMs) original equipment manufacturers.