ياسين جابر مع وفد من صندوق النقد الدولي
في منتصف الشهر الحالي، تنطلق اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، ومن أبرز المشاركين فيها، فريق لبناني رسمي يضمّ وزيري المال ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط وحاكم البنك المركزي كريم سعيد، سعياً إلى بلورة اتفاق جديد مع الصندوق واثبات التزام الحكومة اللبنانية بالموجبات المطلوبة، ومنها مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر مجموعة من الإصلاحات الإجرائية والقانونية، على امل الإستحصال على تقييم إيجابي للخطوات المحقّقة، واعطاء المزيد من المهل لناحية إدخال تعديلات جديدة على قوانين ناجزة، منها قانون إعادة تنظيم المصارف، إضافة إلى تفهّم التعقيدات التي تؤخر إنجاز مشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)، الذي يشكّل النواة الصلبة والمحطة التشريعية الأخيرة ضمن الحزمة المطلوبة. لكن المؤسف أن وزير المال ياسين جابر، رئيس الوفد، لا يزال متشائماً من الوصول الى حلول،و ذلك للحاجة الى بعض الوقت للوصول إلى تفاهمات. فقانون “الفجوة المالية” لم ينته العمل به بعد، كما لا تزال هناك بعض الملاحظات على قانون إعادة تنظيم قطاع المصارف.
والى ذلك، تبرز قضية دين الدولة البالغ 16.5 مليار دولار لصالح البنك المركزي، وثمة مخاوف غير خفيّة في أوساط القطاع المالي، في هذا المجال، تكمن في إقدام الحكومة على طلب شطب المبلغ كلياً أو جزئياً، ما سيُفضي تلقائياً إلى تضخيم الفجوة في ميزانية المركزي. في حين ينص قانون النقد والتسليف، ولا سيما المادة «113» منه، بما يخص الميزانية بأنه «إذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزاً، فتُغطى الخسارة من الاحتياط العام، وعند عدم وجود هذا الاحتياط أو عدم كفايته تُغطى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة”.

ْالى ذلك، يتوجب على الفريق الرسمي الممثّل بحاكمية البنك المركزي وهيئة التحقيق الخاصة، رفع تقرير شامل إلى مجموعتَي العمل المالي الدولية والإقليمية في اجتماعاتهم في خلال أسابيع في باريس والمنامة لمعرفة التقدّم المحقّق في التزام الإجراءات القانونية والتنفيذية الآيلة إلى معالجة أوجه القصور المحددة في مكافحة الجرائم المالية، ومن ضمنها التدبير الصارم الذي اتخذه حاكم البنك المركزي منتصف تموز الماضي والذي حظر عبره المصارف والمؤسسات المالية مع مؤسسات مالية غير مرخصة لديه، وفي مقدمها مؤسسة «القرض الحسن»، وشروع السلطة القضائية بفتح ملفات مالية مشبوهة وفساد وهدر مزمنة، وإرفاقها بتوقيفات وملاحقات.
ومن الجديد الذي طرأ على المشهد وأثار بلبلة ولا يزال، اصدار وزير العدل عادل نصار تعميماً موجهاً إلى كتّاب العدل، يتضمن “منع كل من صدرت في حقه عقوبات دولية من أن يتعامل بأي عملية بيع أو شراء أو استئجار، مع ضرورة أن تتضمن كل معاملة يوقعها كاتب العدل تعهداً بأن هذا الطرف أو ذاك غير معني بأي عقوبة، ليؤكد لاحقاً أن «التعميم لا يقتصر نطاقه على الأسماء الواردة في لوائح العقوبات الأميركية، بل يشمل كل العقوبات الدولية التي تتضمنها اللوائح التي يصدرها مصرف لبنان”. ويأتي قرار وزير العدل مواكباً لإلتزام الحكومة، خصوصاً بعد إدراج لبنان في القائمة «الرمادية» للبلدان التي تعاني قصوراً في مكافحة تبييض الأموال، بتنفيذ خطة العمل الخاصة به من خلال مجموعة من الإجراءات التي تشمل إجراء تقييمات للمخاطر المحددة المتعلقة بتمويل الإرهاب وغسل الأموال وفق المحددات الدولية، وضمان وجود سياسات وإجراءات لمعالجة هذه المخاطر. كما التزمت بتعزيز الآليات لضمان تنفيذ فعال وسريع لطلبات المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المطلوبين واسترداد الأصول، ورفع مستوى فهم المخاطر لدى الجهات غير المالية المحددة وتطبيق عقوبات فعّالة ومتناسبة ورادعة عند خرق الالتزامات، وضمان أن تكون معلومات المستفيدين الحقيقيين محدثة، وتطبيق عقوبات وإجراءات مناسبة للحد من المخاطر على الأشخاص الاعتباريين، مع الإشارة هنا الى أن على الجانب اللبناني العمل على زيادة التحقيقات والملاحقات القضائية والأحكام المتعلقة بجرائم غسل الأموال، بما يتناسب ومستوى المخاطر المحددة، وتحسين نهج استرداد الأصول، والكشف عن ضبط التحركات غير المشروعة عبر الحدود للأموال والمعادن والأحجار الثمينة، ومواصلة التحقيقات في قضايا تمويل الإرهاب وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين.
