دانية وأبو سليم أمام شاطئ الرملة البيضاء
صلاح تيزاني الذي دخل المستشفى اثر تعرّضه لوعكة صحية، خرج معافى سليماً، قبل أيام، ونُشرت له صُور من قبل أصدقاء وأحبّة في مقهى في منطقة الرملة البيضاء بينهم السيدة دانية بخاري التي تعرفت اليه بالصدفة واصبحت من أعز أصدقائه وصديقاته المحبين. في ما يلي، تروي لنا تفاصيل عن تلك الجلسة التي تكلّم فيها أبو سليم وتصف لنا، ولو باختصار، وضعَيْه الصحي والنفسي. قالت دانية لنا:
-منذ سنه ونصف السنة تعرّفت الى الكاتب والممثل القدير صلاح تيزاني المعروف بكنيَته أكثر من اسمه “أبو سليم”، بعناية صديق مشترك هو الكابتن نزيه الريس حينها الذي أخبرني أن ابا سليم يتردد على “الرملة البيضاء” الساعه العاشره كل يوم أربعاء، حيث التقيه مع شلّة من الأصدقاء. وبدافع الفضول ومحبتي أيضاً لهذا الشخص الذي نشأتُ وأنا أتابع حلقاته التلفزيونية، ذهبتُ ذات أربعاء باندفاع وشغف وحماسة، لأقابل هذه الشخصية التي أضحكت الملايين لسنوات.
تابعت دانية بخاري تقول:
– كنت أظنّه، بما انه بالتسعين من عمره، أنني سألتقي رجلاً طاعناً في السن، لكنني ومن اللحظة الأولى، أصابني الذهول عندما رأيته يقود سيارته بنفسه. وذهلت أكثر عندما وجدته عندما جلسنا حوله في دائرة من المحبة والتقدير، أنه لا يتحدث فقط وانما يدير الحوار، وبدلاً من أن يستمع الينا، “سرق” منا ما نملك من قدرات على الحوار والمناقشة، وبادر هو في تناول شتى الأحاديث بوعي وثقافة، تشعر أنك بحاجة الى الإستزادة من المعلومات التي كان يُزوّدنا بها، رابطاً بين الماضي والحاضر.
ومن يومها، بدأتُ التواصل معه الى أن علمت قبل حوالي الشهر أنه تعرّض لوعكة صحيه فظننتها شبيهة “بوعكات الشتاء” التي تأتي بصيغة الرشح والحمى وارتفاع الحرارة، لكن الوعكة هذه المرة كانت تختلف عن السابق بدليل أضطرار عائلته لإدخاله الى المستشفى لتدهور صحته.
شّكّل دخوله المستشفى صدمة كبيرة لنا، نحن الأصدقاء والأحبّة، وأكاد أقول رفقاء الدرب، فبدأنا بالدعاء له وسعينا الى تلبية ما قد يحتاج اليه. والمفارقة انه عندما استعاد وعيه في المستشفى، سأل الكابتن نزيه عن اسم اليوم الذي أفاق فيه، فأجابه الإثنين، فرد أبو سليم قائلاً: الأربعاء القادم، نلتقي في الرملة البيضاء، على جاري عادتنا”. وبالفعل وفى صلاح تيزاني بوعده، والتقينا الأربعاء بفرحة لا توصف وبترحيب أخوي لم يستطع البعض من “حبس” دموع المحبة. لكن ما أحزنني أنني رأيت أبا سليم، بعد السلام عليه، منهكاً بسبب شدة الوعكة التي ألمّت به، شارداً الى البعيد وهو ينظر الى البحر، وبدا مشوّش التفكير قليلاً، وهذا جراء العمر والمرض، ومع ذلك، بقي على شموخه كشجرة لا تنحني وصخرة لا تلين ولا تنكسر، وبذاكرة (دقوا على الخشب) بقيت على توهّجها وكأنه ابن أربعين…
ختمت دانية تقول:
-في هذا اللقاء، الذي جمعنا بأبي سليم، دردشنا وتناولنا الطعام وشربنا القهوة ودعونا له بطول العمر، وبان يدوم هذا اللقاء، ما زال عندنا رئة تتنفّس ونبضٌ ينبض وعينان تنظران الى السماء وتطلبان من العلي القدير أن يرأف بشعبه ويُظلّل كبارنا، بالعمر والقيمة، بالعناية التي يستحقونها…