أحمد محمد صبّاغ
بعد خمسين عامًا من العمل المثمر والمضني في قطاعَيْ الضمان التقليدي والتكافلي التي أسّس خلالها شركات عدّة، انصرف السيد أحمد محمد صبّاغ بعد تقاعده من شركة التأمين الإسلاميّة (الأردن) التي أنشأها وأدارها وأوصلها إلى ما وصلت إليه، إلى متابعة نشاطه كعضو في مجلس إدارة “السعوديّة التعاونيّة” (سعودي ري)، وكذلك إلى إنشاء موقع الكتروني باسمه يضمّ كتبه ومقالاته ومحاضراته في مجال التأمين التكافلي الاسلامي. فماذا في التفاصيل وماذا عن “سعودي ري” وما رأيه بطرح أُطلق عبر منصّة الـ GAIF حول إنشاء شركة إعادة عربيّة ضخمة برأسمال 3 مليارات دولار؟ وأخيرًا: ما هو تقييمه لقطاع التأمين العربي؟
في هذه المقابلة التي أجريناها عن بُعد، تحدّث السيد أحمد محمد صّباغ إلينا وصرّح بما يلي، ردًّا على أسئلتنا…
س: دخلت مرحلة التقاعد، ومع ذلك أنت في أوج العطاء في مجال الفكر التأميني، التكافلي تحديدًا. ولتعميم هذه الثقافة، أنشأت موقعًا الكترونيًا بإسمك ووضعته في خدمة من يشاء ولا سيما الطَلَبَة منهم. وإلى ذلك، لا تزال عضوًا في مجلس إدارة “سعودي ري” وتمارس مهمّاتك. فماذا عندك بهذا الشأن؟
ج: لقد منّ الله عليّ أن أتقاعد وأنا في صحّة جيّدة وبكامل نشاطي التأميني والفكري بعد خدمة زادت عن 50 عامًا في مجالَيْ التأمين التقليدي والتأمين التكافلي، وبعدما أنجزت وأنشأت العديد من شركات التأمين في المملكة العربيّة السعوديّة ثمّ شركة التأمين الإسلاميّة في عمان التي هي أوّل شركة تأمين إسلامي في الأردن. كذلك ساهمت بإنشاء شركة إعادة التأمين السعوديّة التعاونيّة برأس مال قدره مليار ريــال سعودي منذ العام 2008 وأشغل فيها حاليًا منصب عضو مجلس إدارة، بالإضافة إلى عضويّتي في كلّ من اللجنة الفنيّة ولجنة الترشيحات.
س: ماذا عن الموقع الذي أنشأته وكيف يمكن أن يخدم قطاع التأمين العربي؟
ج: وجدت أنّه لزامًا عليّ أن أنشئ موقعًا في الشبكة العنكبوتيّة يحتوي على جميع كتبي ومقالاتي ومحاضراتي في مجال التأمين التكافلي الاسلامي بعدما حقّق نجاحًا باهرًا وأصّل مكانة مرموقة في حلقات الاقتصاد الإسلامي. كما أنّه يصلني الكثير من الاستفسارات وطلب نِسَخ من كتبي من قبل طَلَبَة العلم حيث تُدرّس كتبي في جامعتَيْن لدرجتَيْ الماجيستير والدكتوراه، وسبق أن تخرّج العديد من الطَلَبَة وحصلوا على شهادات عالية في تخصّص التأمين الإسلامي ممّا أوجب عليّ أن أوجد للدّارسين والعاملين في هذا المجال منصّة يلجأون إليها لاكتساب العلم والمعرفة.
س: هناك حديث يتمّ التداول به دائمًا عن موضوع شركات الإعادة العربيّة، بما فيها طبعًا التكافليّة التعاونيّة. فماذا عنها، ما هي مشاكلها، ماذا عن خروج البعض منها من الساحة كــ “أريج” مثلاً، وما رأيك بالندوة الأخيرة التي أقامتها الـ GAIF عن بُعد حول شركات الإعادة واقتراح البعض إنشاء شركة كبيرة رأسمالها 3 مليارات دولار تلبّي حاجات السّوق؟ أليس من الأفضل تقوية الشركات الموجودة، على سبيل المثال؟
ج: أنا من المتابعين للندوات التي تقيمها الـ GAIF عن بُعد حول مجمل صناعة التأمين في العالم العربي وكان لي شرف مشاهدة الحلقة الأخيرة حول شركات الإعادة، وأعتقد أنّ مشروع إنشاء شركة كبيرة برأس مال 3 مليارات دولار لتلبية حاجات السوق، هو غير ذي جدوى في الوقت الحالي حيث وجدنا تراجعًا للعديد من شركات إعادة التأمين العربيّة لعدّة أسباب أهمّها الخدمات والخبرة المتوافرة في شركات إعادة التأمين العالميّة ذات العمق الضارب في القدم في صناعة التأمين ممّا أتاح تكوين صناديق استثماريّة وملاءة ماليّة تكون دعمًا وضمانًا للعديد من شركات التأمين ذات رؤوس الأموال الصّغيرة أو صاحبة الخبرة الحديثة.
كما أنّ عدم توافر تعليمات وقوانين ذات علاقة بإعادة التأمين لدى العديد من الدول، بالإضافة إلى قلّة توفّر الخبرة العالية في فنيّات وأعمال إعادة التأمين في عالمنا العربي من حيث الخبرة الماليّة والإداريّة والفنيّة أدّيا إلى تراجع وانكفاء بعض شركات الإعادة التعاونيّة، وكذلك التقليديّة، عن الاستمرار في تقديم هذه الخدمات لأسواق صناعة التأمين.
س: استطرادًا، ماذا عن “سعودي ري” وأين موقعها اليوم على قائمة شركات الإعادة التكافليّة؟
ج: لقد ثبّتت شركة “سعودي ري” موقعها اليوم على قائمة شركات الإعادة التعاونيّة بعدما أخذت مجالها في تطوير آليّات عملها وتغطياتها بتتابع مدروس وفق حاجة أسواق التأمين، وهي الآن، بحمد الله، تقود العديد من اتّفاقيات التأمين لدى الشركات المُسندة في عالمنا العربي ودول شرق آسيا بنجاح ومكّنت إداراتها من الخبرات الفنيّة والاكتواريّة، كما أنّها نجحت في دخول سوق “اللويدز” بجدارة واقتدار.
س: هل لكَ بإيجاز لو سمحت، أن تقيّم لنا قطاع التأمين العربي، وقد كنت أحد روّاده الكِبار؟
ج: إنّ قطاع التأمين العربي قد أثبت مكانته الرياديّة ومتاناته الفنيّة والماليّة، وأصبح على مستوى رفيع يضاهي الشركات العالميّة الأوائل وقد اكتسب خبرة ومعرفة عميقتَيْن في حاجات ومتطلّبات الأسواق العربيّة والعالميّة وأوجد له مكانة مرموقة في تلك الأسواق.
كما نجح هذا القطاع في إيجاد الكوادر الفنيّة ذات الخبرة العربيّة والعالميّة واكتسب إلمامًا كاملاً في كلّ مجالات صناعة التأمين الحديثة بكلّ فروعها ومتطلّباتها، وأدعو الله العليّ القدير أن يستمرّ في عطائه وتقدّمه حتّى يحتلّ مركز الصدارة والريادة في صناعة التأمين التجاري والتأمين التكافلي.