مطار بيروت بلا حركة ولا ضوضاء
إنقاذ مطار رفيق الحريري الدولي من الإعتداءات الإسرائيلية لم تكفِه الإتصالات الدولية مع دول القرار وأهمها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بل نُصحت الحكومة مع اشتداد المعارك في ضاحية بيروت الجنوبية المحاذية للمطار بتسليم هذا المرفق للجيش اللبناني لسحب كل الذرائع التي يُمكن أن تتحجّج بها تل أبيب لتعطيل الحركة وتشديد الحصار على لبنان، وهكذا كان.

الخبير في شؤون الطيران ورئيس جمعية الطيارين الخاصين في لبنان مازن السماك، أوضح في حديث مع “بي بي سي” أن “عمل الطيران المدني في أوقات الحروب، يعتمد بشكل أساسي على تقييم يومي للمخاطر تجريه شركات الطيران، وسلطات الطيران في الدولة لاتخاذ القرارات بإقلاع أو هبوط أي طائرة”. أضاف: “في حالة الحروب، تتبع شركات الطيران كلها خطط استجابة طارئة معدة مسبقا، كما أن لديها فرقاً لتقييم المخاطر تعمل على مدار الساعة، لتقييم الأجواء التي ستعبر خلالها الطائرة، والظروف التي ستمر بها”.
وحول الوضع في مطار بيروت، قال السماك: “هناك خلية أزمة في مطار رفيق الحريري، وهذه الخلية على اتصال مع وزارتي الداخلية والدفاع ورئاسة الوزراء، كما أن هناك تنسيقاً غير مباشر مع إسرائيل لضمان سلامة الطيران المدني، لكن هذا التنسيق لا يتم عن طريق الدولة اللبنانية كون لبنان يعتبر إسرائيل دولة عدوة وليس لديه معها أي علاقات”، موضحاً أن مرحلة الخطر التي يجب أن يتوقف فيها المطار عن العمل تبدأ حين يتمّ استهداف مباني المطار أو مدارجه أو محيطه القريب، ما دامت هذه المناطق لم تتعرض للخطر ستتمكن الطائرات من الإقلاع والهبوط بشكل آمن وسيتمكن المطار من العمل”.
يُشار هنا الى أنه مع بداية التصعيد بين إسرائيل وحزب الله أوقفت شركات طيران دولية رحلاتها التجارية من وإلى المطار، واقتصر العمل على شركة “طيران الشرق الأوسط” (الميدل ايست)، إلى جانب رحلات الإجلاء التي تنظمها الدول المختلف لإجلاء رعاياها، وطائرات المساعدات الإنسانية التي ترسل من عدد من الدول.
أستاذة الطيران المدني في جامعة Surrey البريطانية في غلافورد نادين عيتاني قالت معقّبة إن “أغلب الرحلات المُشغلة من مطار رفيق الحريري حاليا هي رحلات غير طبيعية لإجلاء أو إيصال المساعدات، وأن عادة ما يكون لهذه الرحلات ضمانات من “المنظمات الدولية والمؤسسات التي تقوم بتقييم المخاطر”، موضحة “أن هناك العديد من المنظمات الدولية المسؤولة عن سلامة الطيران، مثل المنظمة الدولية للطيران، والوكالة الأوروبية لسلامة الطيران”.

وبحسب دليل تقييم المخاطر الصادر لعمليات الطائرات المدنية فوق مناطق النزاع، الصادر عن منظمة الطيران الدولي (ICAO)، فإن الدول تتمتع بسيادة مطلقة على مجالها الجوي، وأنه في حالة نشوب نزاع مسلح أو احتمالية نشوبه، يجب على الدول التي تشارك قواتها في النزاع أن تنسق مع خدمات الحركة الجوية. ويضيف الدليل أنه في حالة عدم توافر المعلومات اللازمة أو عدم وجود خطط للطوارئ، ينبغي على الدول التي لديها عمليات طيران أن تتأكد من طبيعة المخاطر من مصادر أخرى، مثل مشغّلي الطائرات، ورابطات قطاع الطيران المدني والطيارين وغيرهم. كذلك أشار الدليل إنه يجب عدم السماح باستمرار عمليات الطيران المدنية إلا إذا كانت المخاطر في المستوى “المقبول”.
في السياق ذاته، قال مستشار رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد عزيز في تصريحات إعلامية إن “فريق تقييم المخاطر بالشركة الوحيدة العاملة بمطار رفيق الحريري حاليا يعمل بشكل يومي، وإن الجيش اللبناني هو من يدير المطار بشكل كامل”. أضاف: “نقول لكل من يتخوف من تهريب الأسلحة لحزب الله عبر مطار بيروت، أن الجيش اللبناني هو من يدير المطار إداريا ولوجستيا”.
يُذكر أن إسرائيل لطالما اتهمت حزب الله بإدخال الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر مطار بيروت، وهي الاتهامات التي تنفيها الحكومة اللبنانية وحزب الله. وقبل أسبوعين اخترق الجيش الإسرائيلي موجة برج المراقبة بالمطار وحذر طائرة إيرانية من الهبوط، وهدد باستخدام القوة في حال لم تغير الطائرة مسارها. ويقال في الإطار نفسه أن وزير خارجية ايران عباس عرقجي الذي زار بيروت قبل أيام، حصل عن إذن من اسرائيل عبر قنوات دولية، كي يستطيع طائرات أن تحطّ على أرض المطار…