الحديث مع الرئيس الأسبق لجمعية شركات الضمان ACAL السيد أسعد ميرزا ممتع ومشوّق لأنّه يجمع بين ميزات ثلاث: الأوّلى، سرعة في التجاوب مع الصحافي والردّ في اللحظة نفسها على أسئلة مهما يكن نوعها. الثانية، سلاسة ووضوح وعمق في آن في إعطاء الأجوبة. الثالثة والأهمّ: جرأة في قولما يريد قوله فيأتي كلامه كحدّ السيف.
ولأنّ أسعد ميرزا يتمتّع بكلّ هذه الصفات، هو دائمًا مَقْصَد الإعلاميّين، ومَقْصَد هذه المجلة على وجه الخصوص، التي لا يمرّ عدد منها إلاّ تكون للرئيس التنفيذي في شركة The Capital، رأيٌ جريء فيها.
ولأنّ تسجيل الملاحظات على وزير الاقتصاد والتجارة د. راوول نعمه، في ما يتعلّق بالتعميم الأخير (راجع نصّه في مكان آخر) قد لا يتولاّها سريعًا سوى السيد أسعد ميرزا من مواقعه الثلاثة: كرئيس أسبق لـ ACAL، وكعضو حالي في المجلس الوطني للضمان، وأخيرًا كرئيس تنفيذي لشركة تأمين معروفة هي The Capital، فقد نقلنا إليه اسئلتنا، عن بُعد، كما تقتضي الاعراف الجديدة التي رسمها لنا كورونا، فأجاب عنها على النحو التالي…س: لمعالجة المصابين المضمونين من جائحة كورونا، طرحت ACAL على وزير الاقتصاد والتجارة اقتراحَيْن هما: إمّا أن تُقدّم شركات التأمين مبلغ 3 ملايين دولار كمساعدة في العلاج أو تقوم بتسديد فاتورة علاج المريض وفق تسعيرة الضمان الاجتماعي، على أن لا يتخطّى المبلغ الـ35 مليون ليرة لبنانية. ولكنّ الوزير، وفي مؤتمر صحفي له لوحظ فيه غياب قطاع التأمين، أذاع تعميمًا يُلزم الشركات بإدخال بند جديد في بوالص تأمين الاستشفاء وهو علاج الأوبئة ابتداء من تاريخ تعميمه. هل لنا أن نعرف لماذا غابت ACAL عن هذا المؤتمر؟ وبصفتك رئيسًا أسبق للجمعية وممثّلاً لهيئات الضمان في المجلس الوطني، ما تعليقك على هذا القرار؟
ج: كما ذكرت، أنا عضو في المجلس الوطني للضمان ممثّلاً الهيئات، وقد دُعيت على اجتماع غير قانوني مع وزير الاقتصاد والتجارة د. راوول نعمه منذ شهر ونصف تقريبًا. لماذا هو غير قانوني؟ لأنّ الوزير لم يُعلمنا بموعد الاجتماع قبل 15 يومًا على الأقلّ، كما تقتضي القوانين، بل قبل ليلة واحدة. إضافة إلى أنّه لم يرسل إلينا جدولاً بالمواضيع التي سنناقشها. مع ذلك، حضرنا الاجتماع ولم نكن على علم مسبق بما يريد التطرّق إليه. أراد إلزامنا بإدخال بند تغطية الأوبئة في البوالص القديمة التي تجدّدت وكذلك التي اكتتبت حديثًا، طبعًا اعترضنا على هذا الموضوع، فكان جوابه أنّه يريد دراسة المسألة مع مجلس شورى الدولة. من ثمّ، غيّر في قراره وبدأ مشاوراته مع رئيس جمعيّة ACAL ايلي طربيه ومع بعض الأعضاء للوصول إلى حلّ. لم أكن شخصيًا حاضرًا في تلك المشاورات لأعرف ما جرى، لكنّ المؤتمر الصحفي الأخير للوزير كان واضحًا لجهة إدخاله تغطية الأوبئة على كلّ بوليصة تأمين جديدة.ملاحظتي الأولى على تعميم الوزير هي أن كلّ خطر موجود تُدخله إلى بوالص الضمان يكون من الصعب جدًّا تحصيله من معيد التأمين، لأنّ الخطر، وبكلّ بساطة، موجود أصلاً وليس هو خطرًا متوقّعًا. هو قال أنّه تكلّم مع معيدي تأمين لم يسمِّ أحدًا منهم لمعالجة هذه النقطة وأعلمنا أنّهم قبلوا بأن يتولّوا هذه الإعادة، وباعتقادي لم يكلّم أحدًا من المعيدين الكبار! وهكذا ألزمنا بتغطية ستؤدّي مع غيرها من المشاكل إلى إفلاس قطاع التأمين لأنّه لم يراعِ مشاكل الشركات، بالأخصّ أنّه عندما أردنا الوصول إلى حلّ مع المستشفيات بما يخصّ أسعار العلاج لكي تكون مشابهة لتسعيرة الضمان، كان الوزير قد أبلغ أحد أصحاب المستشفيات أنّ بإمكانه وزملائه طلب ما يريدون من شركات التأمين، إذ أنّ حوادث السيارات قد خفّت كثيرًا. قال له ذلك، متناسيًا، على الأرجح، أنّ يُعلِم مالك هذا المستشفى، أنّ العديد من حَمَلَة الوثائق لم يدفعوا ثمن بوالصهم بعد، وأن الذين لم يدخلوا المستشفى لإجراء عمليات جراحيّة بسبب الخوف من العدوى من كورونا أو لسبب آخر، سيعاودون الكرّة ما أن تخفّ وطأة هذا الوباء. ونسي معاليه أيضًا أن أسعار قطع السيارت ارتفعت أضعافًا وأضعافًا… والأهم من كلّ ذلك، لم يعلمهم أنّه رفض السماح لنا بقبض ثمن البوالص على سعر 3200 ل.ل. للدولار الواحد، كما حصل مع شركات تحويل الأموال، في وقت نحن ندفع لتصليح السيارات المتضرّرة من الحوادث المروريّة على أساس 4 آلاف ليرة سعرًا لهذا الدولار!
س: كيف ستتصرّف شركات التأمين بعد هذا التعميم، خاصة إذا تجدّد الوباء ولم يتمّ إيجاد لقاح له؟
ج: أطلب من رئيس وأعضاء جمعية شركات الضمان وجميع القيّمين على القطاع أن يعقدوا، مجتمعين، مؤتمرًا صحفيًا ليخبروا اللبنانيّين عن الواقع الذي تكلّمت عنه لكي يظهر للعلن ما تعانيه شركات التأمين في هذه الظروف. نحن اليوم نتقاضى ثمن البوالص، والتي أُدخل إليها بند تغطية الأوبئة على أنواعها، على سعر 1500 ل.ل. للدولار الواحد، في حين أنّ وباء كورونا لا يزال موجودًا، وقد يتجدّد ظهوره بطرقٍ أقسى!
س: أنت المسؤول التنفيذي في شركة The Capital… كيف ستتعامل مع مؤمّن في شركتك أصيب بالوباء؟
ج: مُجبر على تطبيق التعميم والعمل بموجبه، أي معالجة المريض المضمون. إنّ هذا التعميم سيظلّ ساري المفعول طالما لم تتضامن جميع الشركات وترفضه. عادة بعد كلّ قرار يتعلّق بالقطاع، يقوم رئيس ACAL بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد وبحث القرار والموافقة عليه أو رفضه، ولكن، مع الأسف، لم يحصل شيء من هذا القبيل.
س: ما تأثيرات تطبيق هذا التعميم على شركات التأمين على المدى الطويل؟
ج: نحن في طريق الإفلاس ليس فقط بسبب كورونا. هناك برنامجان مكلفان جدًّا: المركبات والاستشفاء، إذ علينا دفع تكاليفهما على أساس دولار بقيمة 4 آلاف ليرة لبنانية أو أن نسدّد بدولار ورقي (cash)! حتى أن المرائب التي نتعامل معها لتصليح حوادث السيارات باتت لا تتقاضى شيكات بالدولار، إذ لا يمكنهم صرفها. هذا هو وضعنا! لذلك، يجب على رئيس ACAL أن يوجّه اعتراضًا إلى الوزير يتضمّن البنود التالية: لا يمكنك تركنا نقبض ثمن البوالص بقيمة متدنية، أي 1500 ل.ل. للدولار، السماح لشركات التأمين بإجراء التحويلات لمعيدي التأمين، عدم التعامل مع شركات التأمين بطريقة ديكتاتورية وبالتالي تركهم يتعاملون مع الوباء على طريقتهم، وأخيرًا وليس آخرًا: لماذا لا تنطبق هذه الأمور على صناديق التعاضد التي لا سلطة له عليها وهيلا تخضع لأيّ رقابة؟
س: كيف عملتم خلال التعبئة العامة؟
ج: كما فعلت معظم الشركات: مجموعة من الموظفين أنجزت المهمات من منازلها ومجموعة كانت تتناوب على الحضور لسحب البوالص للزبائن وتسليمها لهم. والمضحك – المبكي أنّ المضمونين تهاتفوا مع الوسطاء لدفع ثمن بوالصهم المتأخّرة على السعر المتدني للدولار، خوفًا من ارتفاع سعر الصرف، كما أشيع حينها!