ألين قزي
في البيان الشهري لـ “بلوم انفست”، فإن مؤشر مدراء المشتريات لشهر كانون الأول انخفض إلى 48،4نقطة، أي الى أدنى مستوى له منذ بداية العام 2023 المنصرم، وبوتيرة سريعة، سواء على صعيد الإنتاج والطلبيات الجديدة، أو على صعيد التوظيف الذي تراجع مؤشره للمرة الأولى منذ أيار 2023. ورغم ذلك، تحسّنت توقعات النشاط التجاري للعام الحالي، رغم أن الشركات اللبنانية ظلّت متشائمة في توقعاتها للنشاط التجاري في 2024. وفي غضون ذلك، أشارت بيانات المسح الأخير إلى تراجع الضغوط التضخمية على الأسعار، فيما ارتفعت أسعار الإنتاج بوتيرة متدنية في ثلاثة أشهر.
وتعليقًا على نتائج مؤشر PMI خلال شهر كانون الأول 2023، قالت السيدة ألين قزي محلّلة البحوث في بنك لبنان والمهجر للأعمال: “أن قراءة مؤشر PMI لبنان لشهر كانون الأول 2023 تشير إلى تراجع كبير ومتسارع في النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني، وتمثّل ذلك في انخفاض مؤشر PMI لبنان إلى 48.4 نقطة في شهر كانون الأول 2023 وهي أدنى من المستوى المحايد البالغ 50.0 نقطة وأدنى قراءة منذ شهر كانون الثاني 2023. ويُعزى ذلك الانكماش الاقتصادي إلى زيادة عدم اليقين في صفوف الطبقة السياسية، لا سيما التمديد المحتمل لفترة خدمة قيادة الجيش. وعلى رغم احتواء التأثيرات الإقليمية للحرب في قطاع غزة، لا يزال لبنان يواجه تحدّيات البيئة الاقتصادية المتقلّبة. ومن الجدير بالملاحظة أنَّ الحرب بين إسرائيل وحركة حماس فاقمت من التحديات الاقتصادية في البلاد، الأمر الذي أدّى إلى إهدار بعض مكاسب قطاع السياحة خلال موسم الأعياد. وتميَّز تراجع النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني بانخفاض سريع في مؤشري الإنتاج والطلبيات الجديدة متأثراً بمجموعة من العوامل، مثل: ضعف القوة الشرائية للعملاء المحليين والانخفاض الضئيل في مؤشر طلبيات التصدير الجديدة. ورغم ذلك، تراجعت الضغوط على الأسعار. ورغم تحسُّنه بدرجة طفيفة، لا يزال مؤشر الإنتاج المستقبلي يشير إلى أنَّ الشركات اللبنانية ظلَّت متشائمة في توقعاتها للنشاط التجاري بسبب الأوضاع الصعبة في لبنان”.
وفي تفاصيل أبرز النتائج الرئيسية خلال شهر كانون الأول توقّف مؤشر “بلوم انفست” عند التالي: أولاً، إن انخفاض مؤشري الإنتاج والطلبيات الجديدة بوتيرة سريعة هو العامل الرئيسي وراء تراجع المؤشر في شهر كانون الأول 2023. فالشركات المشاركة في المسح أكدّت أنَّ تآكل القوة الشرائية للعملاء المحليين أدّى إلى تراجع الأعمال الجديدة الواردة، وذكر بعض تلك الشركات أنَّ انخفاض الطلبيات الجديدة يُعزى إلى انعدام اليقين الاقتصادي والسياسي في البلاد. وعزتْ مجموعة من أعضاء اللجنة ذلك أيضاً إلى التأثير السلبي للحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
كذلك تأثر أداء المبيعات بعوامل خارجية، منها انخفاض طلبيات التصدير الجديدة في شهر كانون الأول 2023 بعد تعافيها في شهر تشرين الثاني 2023. ورغم ذلك، كان معدّل الانخفاض في طلبيات التصدير الجديدة طفيفاً. وبإزاء هذا الواقع، اتّخذت شركات القطاع الخاص اللبناني موقفاً حذراً بخصوص الإنفاق في ضوء انخفاض الأعمال الجديدة الواردة إليها. ونتيجة لذلك، تراجعت الأنشطة الشرائية للشهر الثالث على التوالي في كانون الأول 2023. وأشارت بيانات المسح الأخير إلى تدهور مؤشر مواعيد تسليم الموردين، ولكن بوتيرة أبطأ رغم انخفاض مشتريات مستلزمات الإنتاج.
أظهرت نتائج المسح لشهر كانون الأول 2023 انخفاض أعداد الموظفين في شركات القطاع الخاص اللبناني. ورغم أنَّ معدّل فقدان الوظائف كان طفيفاً، غير أنَّ أعداد الموظفين في شركات القطاع الخاص اللبناني انخفضت للمرة الأولى منذ سبعة أشهر. وتزامن الانخفاض في أعداد الموظفين مع انخفاض الأعمال غير المنجزة للشهر الثالث على التوالي. وفي الوقت ذاته، تراجعت الضغوط على الأسعار في شهر كانون الأول 2023. وارتفع إجمالي أسعار مستلزمات الإنتاج بدرجة معتدلة وبوتيرة هي الأدنى منذ شهر حزيران 2023. وفي المقابل، رفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار سلعها وخدماتها بوتيرة متدنية. وكان معدل تضخم أسعار الإنتاج الأدنى في ثلاثة أشهر.
أخيراً، ارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي في شهر كانون الأول 2023، مسجلاً أعلى قراءة منذ شهر آذار 2020. ورغم ذلك، لا تزال قراءة المؤشر تشير إلى أنَّ الشركات اللبنانية قدمت توقعات سلبية للنشاط التجاري للعام المقبل بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي من المتوقع أن تعيق تعافي الشركات.