الشكل واللون يختلفان ولكن المضمون واحد
إعداد الصيدلي انطوان مقبل
إذا عدنا قليلاً إلى الوراء، تحديدًا إلى العام 2014 وحكومة الرئيس تمام سلام، نجد أنّ أوّل من طرح موضوع دواء الجنريك، وبقوّة، هو وزير الصحّة، آنذاك، وائل أبو فاعور. يومها، ونتيجة لاصراره على إيلاء هذا الدواء الشأن الذي يستحقّ، ذهب البعض، ومنهم نقيب سابق للأطبّاء، إلى اتّهامه بأنّه شريك (أو داعم) شخصيّة نافذة أنشأت مصنعًا لإنتاج هذه الأدوية.
وسواء كان “الاتّهام” صحيحًا أو تفخيخًا من قبل البعض لإجهاض فكرة الترويج للجنريك على حساب دواء الـ Brand، فإنّ ما يمكن قوله بهذا الصدد، هو أنّ هذا الطرح من قبل الوزير أبو فاعور، بدا استباقًا لحالة قد نصل إليها، وها نحن وصلنا فعلاً إليها، يصبح معها شراء دواء الـ Brand شبه مستحيل، وبالتالي لا بدّ من اللجوء إلى الجنريك الذي يبقى الملاذ الأخير، علمًا أنّ الأميركيّين، وعلى رغم قدراتهم الشرائيّة، سجّلوا أكبر نسبة عالميّة في استهلاك دواء الجنريك.
الصيدلي انطوان مقبل، وفي خضم الحديث عن ضرورة استبدال الـ Brand بالـ Generic للتخفيف من الأعباء على جيوب الناس وعلى “جيب” المركزي الداعم للدواء، خصّ “تأمين ومصارف” بتحقيق جامع ومشغول عن دواء الجنريك الذي بات بالنسبة لكثيرين… خشبة خلاص!
فإلى الأسطر التالية…
مع تفاقم الأزمة الإقتصادية والنقدية وتزايد الحديث عن إمكانية رفع الدعم عن الأدوية وتأثير هذا الإجراء السلبي على صحة الناس، طُرحت أفكار عدة لإيجاد حلول لهذه المعضلة التي تصيب شريحة كبيرة من اللبنانيين. ومن بين هذه الطروحات استبدال الأدوية ذات الإسم التجاري (brand-name) بأخرى جينسي (generic) وهو ما نسمعه يوميا” في أحاديث الإختصاصيين في المجال الصحي وفي جميع أجهزة الإعلام.
فما هو دواء الجينسي، وكيف يمكنه أن يشكِّل حلاً لهذه المشكلة؟ في ما يلي كل التفاصيل عن أدوية “الجنريك” التي سأتطرق إليها من النواحي العلمية والإقتصادية والقانونية.
بكل بساطة، وبالطريقة التي يعرفها الناس العاديو، فإن كلمة “جنريك” تشير إلى مستحضر طبي يباع في الأسواق باسمه الكيميائي (أي بتركيبته الكيميائية) وليس بإسمه التجاري (أي العلامة التجارية). والمثل الأبرز على ذلك هو الدواء المسكِّن للألم “Panadol”، الأكثر تداولا” بين الناس. فكلمة “Panadol” هي الإسم التجاري، في حين أن اسمه الكيميائي (أي تركيبته الكيميائية) هو “Paracetamol”، فإذا جرى بيعه تحت إسم “Paracetamol” يطلق عليه إسم “جنريك”. هذا هو التعريف البسيط الذي يفهمه عامة الناس. إلا أن لكلمة “جنريك” تعريفها الخاص بالنسبة لكل من المؤسسات والمنظمات الصحية العالمية وأبرزها ثلاثة:
- إدارة الأغذية والأدوية (FDA) في الولايات المتحدة.
- الوكالة الأوروبية للدواء(EMA ) في الإتحاد الأوروبي.
- وأخيرا” منظمة الصحة العالمية.(WHO)
فالبنسبة للــ “FDA” فدواء “الجنريك” هو دواء مطابق من حيث التكافؤ البيولوجي مع دواء آخر يحمل علامة تجارية ( (brand-nameمن حيث مقياس الجرعة، السلامة، القوة، طريقة تناوله، النوعية، مميّزات الأداء والهدف المقصود من استعماله. أما بالنسبة لل”EMA “في أوروبا فهو مستحضر يحتوي على المادة الفاعلة نفسها التي يحتويها الدواء ذو العلامة التجارية من حيث الكمية والنوعية، كما يكون بالشكل الصيدلاني نفسه: حبوب أو تحاميل او حقن وسوى ذلك ، فضلا” عن أنه يكون متكافئا” بيولوجيا” معه، تكافؤ مثبّت بدراسات علمية عن التوافر البيولوجي، أي باللغة المبسطة الكمية التي يستطيع امتصاصها الجسم لتصبح فعالة.
وسأتناول بالتفصيل هاتين العباراتين: التكافؤ البيولوجي (bio-equivalence) والتوافر البيولوجي (bio-availability) نظرًا لكونهما غريبتَيْن عن قاموس الناس العاديين. فعبارة “التكافؤ البيولوجي” بالنسبة لدواءَيْن هي عندما يؤديان المفعول نفسه في جسم الإنسان، في حين أن عبارة “التوافر البيولوجي” تعني نسبة امتصاص الدواء من قبل الدورة الدموية خلال وقت معين والذي يجب أن يكون في الوقت نفسه الذي يستغرقه الدواء الأصلي ذو العلامة التجارية ، علما” ان “التوافر البيولوجي” لا يطبّق على الدواء عندما يكون بشكل حقنة بالوريد، لأنه في هذه الحالة تصل كمية الدواء إلى الدورة الدموية بشكل كامل ولا حاجة لعملية الإمتصاص. وقد ارتأيت شرح هذين المصطلحين لأنني قد اضطر إلى ذكرهما، في ما بعد، في التفاصيل المتعلّقة بأدوية”الجنريك”.
وهنا قد يطرح البعض سؤالا”: ما هي علاقة “الجنريك” بأزمة أسعار الأدوية في لبنان؟ والجواب إنه دواء أرخص وبنسبة كبيرة، في بعض الأحيان من الدواء ذي العلامة التجارية. وهذا أيضًا يستدعي سؤال متمّم: لماذا؟
والجواب أن هذا الدواء يحتوي على مادة (كيميائية أو نباتية) تؤدي دورًا في العلاج والشفاء من مرض أو من عدة أمراض. وهذه المادة لم تأتِ من عدم، وإنما هي في الأساس من إنتاج شركة أدوية عملت على اكتشافها وقامت بالأبحاث والتجارب عليها لدى الكائنات الحية لمعرفة فعاليتها وأضرارها، أيضًا، إذا كانت لها أضرار على صحة الإنسان. وتتطلب هذه التجارب والأبحاث جهودًا بشرية وتكاليف مادية تكون أحيانا” كبيرة جدا”. لذا فعندما تبدأ الشركة بتسويق هذه المادة بإسم تجاري تختاره لها، فهي تحصل على امتياز من منظمة التجارة العالمية تحت مسمّى “براعة إختراع” التي هي نوع من الإمتياز الذي يمنح الشركة المذكورة حصرية نتاج المادة وتسويقها لمدة معينة تصل إلى العشرين عاما” معظم الأحيان، يُمنع خلالها أيّ يكن من تصنيع هذه المادة وتسويقها. وتهدف هذه الحصرية إلى منح الشركة الحقّ في استثمار ما دفعته من أموال لإستردادها أولا”، ولتحقيق الأرباح التي تصبو إليها، ثانيا، وذلك لتحفيز الشركات على الإستمرار في الأبحاث عن أدوية جديدة تفيد صحة الإنسان. وبعد مضي عشرين عامًا، يصبح من حقّ أيّ يكن تصنيع هذه المادة وبيعها في الأسواق شرط التقيّد بالشروط الصحية المذكورة أعلاه، وفي طليعتها “التكافؤ البيولوجي” و”التوافر البيولوجي”. لذا فعندما تشرف هذه المدة على الإنتهاء، تتقدم المؤسسات الراغبة في التصنيع بطلب إلى المؤسسات الصحية العالمية، وفي طليعتها FDA ، للسماح لها بذلك. ولأنها ليست مضطرة إلى إجراء تجارب وأبحاث على هذه المادة، فإن بإمكانها بيع الدواء بسعر أرخص من الدواء الذي يحمل إسم العلامة التجارية.
هنا ينبغي التمييز بين نوعين من أدوية “الجنريك”: فهناك”الجنريك” مائة بالمئة الذي يباع بإسمه الكيميائي ويسمى “Pure generic”. وهناك الجنريك الذي يباع بإسم تجاري ولكن مختلف عن الإسم الأصلي الذي أطلقته عليه الشركة المنتجة في الأساس ويسمى “Brand generic”. فدواء “Panadol”، مثلاً، يكون “Pure Generic” عندما يباع تحت إسم “Paracetamol”، كما هو “Brand-generic” عندما يباع تحت إسم “Doliprane” أو “Tylenol” أو غيرها من الأسماء التي تحتوي على المادة الكيميائية نفسها، ولكن بأسماء تجارية مختلفة. والقانون الذي يسري على أدوية “Pure Generic”، يسري أيضا على أدوية “Brand generic”، أي لا يحقّ تصنيعه إلا بعد مضي عشرين عاماً على إنتاج الدواء الأصلي.
وكما قلت سابقا”، فإن الشركات المصنّعة للجنريك، عليها أن تحصل على موافقة من “FDA ” أو غيرها من المرجعيات الصحية قبل بيع المستحضر الذي تقوم بدراسته قبل السماح بتسويقه. ولفهم بعض التفاصيل عن هذه الدراسة، لا بدّ من التوضيح أن كل دواء يحتوي على مادة (“Paracetamol”) مثلا”، يحتوي أيضا” على مواد أخرى غير فعّالة علاجيًا وتسمى (Excipients) تقوم بأدوار عدة، منها أن تكون مادة حافظة أو ملوّنة أو منكّهة (أي لتحسين طعم الدواء)، كما قد يضاف إليها مواد تحسن امتصاص المادة الفاعلة من قبل الدورة الدموية بغية المحافظة على فعاليتها. وهذه المواد غير الأساسية علاجيًا، تختلف بين المستحضر الأصلي وبين “الجنريك”، كما يختلف بين مستحضر جنريك وآخر، حتى لو كانت المادة الفاعلة هي نفسها. من هنا الفوارق البسيطة بعض الأحيان بين الدواء الأصلي والدواء الجنريك، أو بين دواء جنريك وآخر من حيث الفعالية ومن حيث بعض الأعراض الجانبية. وهذه الناحية يتمّ دراستها من قبل “FDA” قبل السماح لأي شركة ببيع أيّ مستحضر جنريك. وهناك نسبة صغيرة معينة من الفوارق التي تسمح بها “FDA”، ولكنها ترفض إعطاء الرخصة إذا ما تجاوزت تلك الفروق هذه النسبة. وهذه النسب التي تسمح بها “FDA”، أو غيرها، هي ذاتها في الفرق بين مجموعتين من الدواء الأصلي نفسه.
وتشمل النِسَب، بالدرجة الأولى، كمية امتصاص المادة الفاعلة التي تصل إلى الدورة الدموية، وكذلك كمية الأعراض الجانبية وأنواعها. فمن المعروف أن بعض هذه المواد غير الفاعلة من شأنها أحيانا” التسبّب بالحساسية لبعض المرضى، والمنظمات الصحية تعرفها جيدا” ولا تسمح باستعمالها. وهناك أيضا” حالات تحصل بسبب الحساسية في الدواء الأصلي ولا تحصل في الدواء الجنريك وأقولها بعد تجربة شخصية.
فالحساسية الناتجة عن مواد غير فاعلة هي ردة فعل إفرادية لأشخاص تجاه هذه المواد، في حين لا يشعر بها أشخاص آخرون، ولا تفسير لذلك. وقد ذكرت دراسة كندية أجريت في العام 2017 أن عددا” من الأشخاص تناولوا ثلاثة أدوية جنريك لمعالجة ضغط الدم، الواحد مختلف عن الآخر من حيث المادة الكيميائية الفاعلة، فلوحظ وجود أعراض جانبية أكثر من الأعراض الجانبية للأدوية الثلاثة المشابهة لها ذات العلامات التجارية، ما دفع القيّمين على هذه الدراسة إلى الإستنتاج بوجود أداء مختلف بين الأدوية ذات العلامة التجارية وبين أدوية الجينريك. إلا أن هناك آراء علمية تدحض هذا الإعتقاد، ومنها رأي الدكتور Choudhry الذي يعتبر أنها قد تكون ناتجة عن أمور أخرى، وفي جميع الأحوال هو يعتبر أنها حالات قليلة ومعزولة ولا يمكن البناء عليها.
الجدير ذكره أيضا” أن المواد غير الفاعلة ليست كلّها غير فاعلة، كالكحول مثلا” التي يتم إدخالها أحيانا” في بعض الأدوية، وتؤثر على الفاعلية العلاجية لهذه الأدوية. وهذا الأمر تأخذه “FDA ” بعين الإعتبار.
يذكر أيضا” أن هناك فروقا” سطحية وشكلية بين دواء “Brand” وبين” generic ” كالشكل واللون الخارجي والطعم والتعبئة والتغليف، سببها أن قوانين التجارة والتسويق في بعض الدول لا تسمح لدواء الجنريك أن يظهر خارجيا” بنفس المظهر الخاص بــ “Brand”. فقط المادة الفاعلة يجب أن تكون هي نفسها والفعالية العلاجية.
وبالعودة إلى “FDA”، فإن دورها لا يقتصر على ما قبل تصنيع دواء الجنريك وطرْحه في الأسواق، بل تقوم بمتابعته بعد التسويق، ولديها الوسائل الكافية لمراقبة أدائه بعد الإستعمال من قبل المرضى. فإذا حصلت أية أعراض جانبية أو أية مشاكل أخرى مفاجئة لدى البعض فهي تفرض على الشركة المنتجة تقويم الأمور وإعادتها إلى المسار الصحيح. وهنا لا بد من التطرّق إلى حالة يصعب معها استبدال دواء أصلي بآخر جنريك دون موافقة الطبيب على ذلك، لأنه في هذه الحالة قد تكون المخاطر كبيرة. إنها حال الأدوية التي تتصف بهامش ضيق من المجال العلاجي، وهو ما يعرف باللغة الطبية بــ narrow therapeutic index .
وفي التفاصيل أن لكل مادة طبية هامشا” معينا” في المجال العلاجي، أي الفرق بين الجرعة التي تؤدي إلى النتيجة المرجوّة من استعمالها في العلاج، وبين الجرعة التي تصبح معها خطرة. مثالا” على ذلك: فإنه لكي تصبح مادة معينة فاعلة، عليها أن تتخطى (4 mg) ، ولكن إذا ما تخطت (10 mg) تصبح خطرة. هذا هو الهامش بين (4 mg) و(10 mg)، وهو ليس بهامش ضيّق. أما إذا كانت الجرعة الفعّالة ( mg6) والجرعة الخطرة ( mg8)، يصبح الهامش ضيقا” جدا” أي بين ( mg6) و(8mg)، وهنا تكمن الخطورة، لأنه كما ذكرت سابقا”، هناك فروق معينة صغيرة بالنسبة لدواءَيْن يحتويان مادة امتصاص للمادة الفاعلة. فإذا تخطّت هذه الفروق في المجال العلاجي، فقد تكون قد تخطّت النسبة المسموح بها من قبل “FDA” ويصبح استعمال الدواء خطرا” لأن المادة الفاعلة، ما إن تبلغ الجرعة الفعالة، حتى تتخطاها لتصل إلى الجرعة الخطيرة بسرعة، بسبب ضيق الهامش بينهما. وهذه المخاطر تشمل عدة أدوية منها الأدوية التي تعالج داء الصرع المعروف “بداء النقطة” باللغة العامية (Epilepsy ) ، بعض الأدوية المضادة لتخثر الدم مثل مادة “warfarin” المعروفة بـ”coumadin”، الأدوية التي تعالج الغدة الدرقية (thyroid gland)، دواء “lithium” المخصّص لمعالجة بعض الأمراض العصبية والنفسية ، وبعض الأدوية التي تنظّم دقات القلب. فالبنسبة لهذا النوع من الأدوية ، على المرضى أن لا يقوموا من تلقاء أنفسهم باستبدال الدواء الموصوف من قبل الطبيب بآخر جنريك (ولو كان يحمل المادة الفاعلة نفسها) دون إعلام الطبيب بذلك.
بالإنتقال إلى الناحية الإقتصادية، فإن استبدال الأدوية ذات العلامة التجارية بأدوية جنريك يؤدي إلى وِفْر كبير على المريض أولا” لأن الشركات المنتجة هذه الأدوية ليست مضطرة لإجراء تجارب ودراسات عليها، وهي مكلفة ، وثانيا”، لأنه بعد مضي العشرين عاما” التي ذكرتها يُفتح باب المنافسة بين عدة شركات لإنتاج هذه الأدوية. وتؤدي هذه المنافسة إلى تخفيض ملحوظ في الأسعار يتراوح بين أربعين إلى ستين بالمائة ليصل في بعض البلدان إلى نسبة ثمانين بالمائة. وتشير إحدى الدراسات أن نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة حقّق بفضل الجنريك وفرًا يقدر بـ 1.67 تريليون دولار من العام 2007 حنى العام 2016، أي خلال تسع سنين ، وهو مبلغ كبير. وما دمنا نتحدث عن الولايات المتحدة، فإن نسبة تسع من أصل عشر وصفات طبية هي لأدوية جنريك. وبحسب إحصاء أجرته الجمعية الصيدلانية لأدوية الجنريك (generic pharmaceutical association)، فإن عام 2014 سجل في الولايات المتحدة وحدها، بلوغ وصفات لأدوية الجنريك عتبة 88 % من مجموع الوصفات الطبية البالغة 4.3 بليون وصفة. وكانت هذه النسبة بحدود 84 % عام 2012، أي أن هذه النسبة هي بازدياد كل عام، فإذا كانت هذه هي مبيعات الجنريك في دولة غنية مثل الولايات المتحدة، فماذا يجب أن تكون عليه في بلد على شفير الإفلاس، كما الحال في لبنان. إن أكثرية الأدوية ذات العلامة التجارية في أميركا أصبح لها أدوية جنريك مشابهة لها بإستثناء قلة منها لا تزال من دون منافسة.
أما بالنسبة للدول الأكثر إنتاجا” لأدوية الجنريك فتأتي الهند في الطليعة ، إذ تصدِّر أكثر من مئتي دولة في العالم، بينها الولايات المتحدة وعدد من دول الإتحاد الأوروبي، وقد بلغت قيمة الصادرات الهندية عام 2017 من هذه الأدوية ما يقارب 17,3 بليون دولار. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى الفرق في تسمية أدوية الجنريك بين الهند والدول الغربية.
ففي الولايات المتحدة تُسمّى هذه الأدوية المصنَّعة فيها، بأكثرها، بأسمائها الكيميائية أي (Pur (Generic، في حين أنها تسمى في الهند بأسماء تجارية مختلفة عن الإسم التجاري الأصلي (brand (generic، وقد ذكرت الفرق في الأسطر السابقة.
إلى ذلك، هناك عالميا” عدة شركات عالعملاقة بدأت مؤخرا” تدخل المنافسة لتصنيع أدوية جنريك، ما قد يساهم أكثر فأكثر في تخفيض أسعار هذه الأدوية.
تلك كانت أبرز المعلومات عن أدوية الجينريك وما يجري بصددها في دول العالم، وهناك، كما لاحظنا، شبه إجماع من قبل المؤسسات الصحية والأطباء والصيادلة في العالم بأن دواء الجنريك يعطي، إلى حد كبير، النتيجة المرجوة من استعماله. وإذا كانت هناك بعض الإستثناءات، سواء بالفاعلية أو بالأعراض الجانبية، فهي إستثناءات محدودة وحالات منعزلة ولا يمكن أن تكون عقبة في وجه استعماله، نظرا” للوفر الكبير الذي يؤمنه للمريض. ومن المعروف أن هناك أمراضًا مزمنة يضطر المريض بسببها إلى استعمال أدوية مدى الحياة وقد تصبح أسعارها كارثية في بلد يغرق بأزمات اقتصادية ومالية ونقدية خانقة، كما الحال في لبنان الذي أصبح أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، وقد يصبح المواطن عاجزا” عن شراء الدواء الذي يؤمِّن له الإستمرار في الحياة. وإذا كان الشعب الأميركي الذي لا يعاني كما نعاني نحن، يستعمل هذه الأدوية بهذه النسبة الكبيرة، فما الذي يمنع اللبناني من الإستفادة من هذه الأدوية والتخلّي عن الخوف والحذر تجاهها؟ وإذا كانت عدة مصانع تقوم بإنتاج دواء جنريك يحمل نفس الإسم الكيميائي (مما يثير الشك والحيرة في نفس المريض عن أي منها يختار)، فما عليه إلا استشارة الطبيب أو الصيدلي لإرشاده إلى الخيار الأصلح. ورغم كل شيء ، فإن مستحضر الجنريك يبقى أفضل الحلول الممكنة في الوقت الحاضر ، وفي هذا الظرف العصيب الذي يعيشه لبنان وربما لفترة قد لا تكون قصيرة!