من الحفل التكريمي الذي أقامته آراب ري للأمين العام ابو زيد ويبدو الشيخ خلدون بركات يقدّم له هدية بالمناسبة
أجرت الحوار: كريستين حداد
ما الجديد الذي لم يقله الأمين العام للــ GAIF السيد شكيب أبو زيد، في الندوة التي دعا إليها عبر الـ online وخصّصها للحديث عن انفجار مرفأ بيروت وتداعيات هذا الانفجار على الصعيدَيْن الاقتصادي والتأميني؟ زميلتنا كريستين حداد الخبيرة في التأمين المصرفي والمديرة التنفيذيّة لموقع “تأمين ومصارف”، اتّصلت بالسيد أبو زيد وأجرت معه حوارًا عبر الأثير تناول فيه جملة قضايا من ضمنها طبعًا انفجار المرفأ. وفي سياق المقابلة أكّد الأمين العام للـ GAIF مجدّدًا عدم خوفه على قطاع التأمين في لبنان.
فإلى نصّ المقابلة…
س: مبادرة الاتحاد العربي العام للتأمين عبر شخصكم الكريم، تجاه لبنان وقطاع التأمين فيه تحديدًا، كانت لافتة ومشكورة لأنّها أضاءت على الكثير من الأمور التي لا يعرفها كثيرون.
شكيب أبو زيد: حينما حصل الإنفجار نحن كنّا سباقين إلى تقديم تعازينا إلى أهالي الضحايا والشعب اللبناني. وبالنسبة للندوة عن بُعد، webinar، التي عُقدت لمساعدة لبنان، فقد كانت في غاية الأهمية، لأنّ المشاركين ناقشوا العديد من المواضيع التي يطرحها الناس اليوم حول مصير قطاع التأمين، كما مصير تغطيات البوالص، وقد قام المحاضرون بتفسير الوضع الحالي. لقد كانت ندوةً ناجحة بكل المقاييس من ناحية المحتوى ومن ناحية عدد الحضور.
س: هل ستغطي شركات التأمين أضرار هذا الانفجار أم لا. فماذا تلمست من المشاركين اللبنانيّين في هذه الندوة؟
ج: بداية أوّدُ أن أتحدّث عن العرف الذي تسير عليه شركات التأمين. فعند وقوع حادث ما، يجب كخطوة أولى معرفة ما هو السبب المباشر للحادث والبناء عليه. بالنسبة لإنفجار مرفأ بيروت، يفتقد لبنان، إلى الآن، لتقرير رسمي عن سبب الحادث، وفي هذه الحالة إمّا شركات التأمين تمتنع عن التعويض، أو تحاول إيجاد حلّ وسط، بحيث لا تتوقف مصالح المواطنين. الحل الثاني هو الذي إتخذته شركات التأمين بمعاونة شركات الإعادة، علمًا أنّ هناك تجاوبًا كبيرًا جدًا لدى الاثنتَيْن للتعويض بطريقة تدريجيّة أو إلى حدّ معيّن. فهناك أضرار تتجاوز المائة مليون دولار مثل أضرار المرفأ والمخازن، وهذه تتطلب وقتًا لمعاينتها قد يصل إلى شهور كثيرة ليتمّ درسها والتعويض عليها. ولكن إجمالاً الإتجاه العام الذي تلمّسناه من كلمة رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان إيلي طربية ومعيد التأمين أدهم المؤذّن، أن هناك إتجاهًا إيجابيًا يدفع إلى التفاؤل. فلن يكون هناك رفض للمطالبات إلا لتلك غير الموثقة أو غير المُرفقة بالتقارير. ولكن إجمالاً الاتجاه هو نحو التعويضات، ولكن هذا يتمّ بطريقة تدريجيّة. هناك تعويضات بكل تأكيد ولكن تحتاج الأمور إلى وقت.
س: نستطيع، إذًا، أن نطمئن الناس التي تضررت بيوتها وسياراتها ومقتنياتها، أن شركات التأمين ستباشر، إن لم تكن باشرت بالفعل، بالتعويض عن الخسائر فيما الأضرار الكبيرة تبقى بإنتظار التقرير النهائي.
ج: لكي أكون أكثر وضوحًا… فأنا أتحدث من موقعي كأمين عام للاتحاد العربي للتأمين ولست مخوّلاً عن شركات التأمين في لبنان. أنقل ما سمعته خلال الندوة، وما سمعته يدفع إلى الإيجابية لناحية ميل الشركات إلى تسديد التعويضات، وفق ما ذكرت آنفًا. وأنا متفائل بما سمعت.
س: بالنسبة للتحديات التي تواجه القطاع التأميني مثل جائحة كورونا، برأيك، هل شركات التأمين ستتخطّى هذه الصعاب؟
ج: شركات التأمين جزءٌ من النسيج الإقتصادي، وبالتالي عند تدهور الإقتصاد وتتراجع نسبة النمو، يؤثر ذلك سلبًا، بطبيعة الحال، على شركات التأمين، وخاصة أن الناس خلال فترة الحَجْر الصحي، لم تعد تشتري سيارات أو تستثمر. ولكن حتى في ظلّ تدهور الوضع الإقتصادي في لبنان وحتى مع تأثير إنفجار بيروت وجائحة كورون، فإن شركات التأمين اللبنانية لم تقمّ بتسريح أيّ موظّف واحد وهي لم تتوقفّ عن الوفاء بإلتزاماتها وهذا مؤشر جيدّ.
إنّ الوضع الاقتصادي المالي لا يقتصر على لبنان. فالعالم كلّه متاثر بهذه الجائحة إذ بلغت الخسائر، في البداية، مئة وثلاثين مليار دولار، لكن عندما نقارن هذا الرقم بخمسة تريليون دولار، حجم الأقساط على الصعيد العالمي، نجد أنّ النسبة ضئيلة جدا. في لبنان، مثلاً، لقد كان الصليب الاحمر ينقل المصابين الى المستشفيات الحكومية، وبالتالي شركات التأمين لم تتحمل الكثير من الأعباء في البداية، الى حين تدخّلتهيئة الرقابة على الشركات وطلبت من شركات التأمين التغطية فوراً، وطبعاً لم تتأخر الشركات عن التنفيذ ضمن حدود معيّنة.
إنّ جائحة كورونا مشكلة إنسانيّة بالأساس مع وصول عدد الوفيات إلى المليون حالة، وأيضاً هي مشكلة اقتصادية. فالذين أصيبوا بها وإستعادوا صحتهم، يمكن أن تكون اليوم مشاكلهم الاقتصاديّة أكبر من مشاكلهم الصحية، لذلك فالمشكلة الاقتصادية هي المشكلة الأساسيّة التي يعانيها العالم كلّه.
أريد أن أضيف إضافة بسيطة هي أن الوضع الإقتصادي في لبنان، ولنقل الأزمة المالية التي تتعرّض لها الليرة وتدهورها أمام الدولار الذي يعتمد عليه الاقتصاد اللبناني بالدرجة الأولى، إنّ هذه الأزمة تعود إلى ثلاثة عوامل طرأت على لبنان في وقت واحد: مشكلة التدهور الاقتصادي والذي يعود إلى تدهور الوضع السياسيّ وتاليًا الاقتصادي، جائحة كورونا، تفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب الإقفال العام، وأخيرًا، إنفجار مرفأ بيروت.
لكنّي كأمين عام للإتحاد، متفائل بأن اللبنانيين سيجدون قريبًا حلولاً لكل هذه المشاكل.
س: شركات إعادة التأمين العربية تعرّضت هي أيضًا إلى خسائر سبّبتها جائحة كورونا،. برأيك، هل هناك تأثير فعلي عليها، أم إنّ لديها سيولة كافية وملاءة تجعلها مكتفية ذاتيًا؟
ج: إنّ عملية التأمين أو عملية إعادة التأمين تتطلب دائمًا اللجوء إلى طرف ثانٍ وربما ثالث ورابع. فإذا أخذنا إنفجار مرفأ بيروت كمثل، فالمتضررون مؤمّنون لدى شركات تأمين لبنانيّة، وهذه الأخيرة بدورها تُعيد تأمين المؤمّن عليه لدى شركات أخرى لبنانيّة أو خارج لبنان. إنّ الشركات اللبنانيّة ليست بعيدة بمشاكلها عن المشاكل التي تحدث على الصعيد العالمي، والتي تنقسم إلى نوعين:
- الخسائر التي تسبّبتْ بها جائحة كورونا.
- المشاكل التي تسبّب وتتسبّب بها العوامل الطبيعيّة مثل الأعاصير وما شابه. إلى جانب تداعيات إنفجار مرفأ بيروت الذي قد يكلّف شركات التأمين مليارًا وخمسمائة مليون دولار. بالإضافة الى مشكلة إحتساب الفائدة، إذ أن شركات التأمين تعيش على هذا الأمر. تعيش على الأقساط التأمينيّة وأيضًا على الإستثمار، ولكن ما حدث في الفترة الأخيرة أنّ الفائدة على الدولار او اليورو في لبنان أصبحت قريبة من الصفر، وبذلك أصبح المورد الأساسي الذي تعتمد عليه شركات التأمين في لبنان إنخفض بشكل كبير، ومن هنا يمكن تفسير الأزمة التي تعانيها بعدما كانت تتمتع من قبل، بفوائد على الدولار عالية جدًا وفجأةً أنخفضت الفائدة بنسبة كبيرة. وعلى صعيد الشركات العربية فإنّها تتعرّض، هي الأخرى، إلى أزمات ومشاكل، ولهذا بدأنا نرى شركات تختفي عن الساحة، وهذا الأمر نجده في جميع المجالات. فشركة “نوكيا” التي كانت رائدة في التسعينات إلى منتصف الـ 2010، أصبحت على الهامش مع انطلاق شركة “أبلّ” أو شركة “سامسونغ”. وهذا ما يحصل في قطاع التأمين المحلي العربي والدولي.
س: هل يتحضّر الاتحاد إلى ندوات جديدة؟
ج: كان من المفترض أن يكون هناك مؤتمر في شهر تشرين الأول الماضي يقيمه الاتحاد ولكن للأسف الشديد لم نستطيع عقده فلجأنا إلى العديد من الندوات الافتراضية. وبالطريقة نفسها نتواصل مع شركات التأمين والأشخاص الذين يعملون فيها. بالنسبة إليّ، أعتبر، ونظرًا إلى الظروف، إنّ الإعلان مسبقًا عن ندوات غير مستحبّ. مع ذلك، سوف تُقام حتمًا ندوات عن بُعد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بعدما فرضت حالها على الساحة، وإن كنّا سنحاول أن نقيم ندوات مع وجود حضور.
س: برأيك هل لقيت الندوات عن بُعد نتائج إيجابية؟
ج: نحن نظمّنا ندوتَيْن، الأولى عن أسواق التأمين في شمال أفريقيا وكانت ناجحة جدًا. والثانية عن تداعيات إنفجار بيروت وأقول عنها أنّها كانت ناجحة بكل المقاييس، وكانت ناجحة أولاً بالحضور الكثيف، وثانيًا بنوعية المتحدثين والطريقة التي تمّ تداول النقاط المطروحة. إلى جانب أنّ المتحدثين كانوا على دراية تامة بالمواضيع المطروحة. وكانت تجربة ناجحة جدًا، وحين تكون التجربة ناجحة نتحمس لتكرارها مرة أخرى. إلى ذلك، شاركنا بندوة عن التأمين الصحي الشامل أو الإجباري في مصر بدعوة من الاتحاد المصري لشركات التأمين.
س: ماذا تقول لشركات التأمين في لبنان وللمضمونين؟
ج: لا أخاف على شركات التأمين اللبنانيّة لأنّ للغالبية منها تغطيات كافية، فضلاً عن أنّها لا تعمل بمفردها بل من خلال التغطيات التي تقوم بشرائها من شركات الإعادة. لذلك، أنا لا أخاف عليها. ولكن لا أنفي أنّ هناك العديد من الصعوبات في الفترة الحالية في لبنان. وهذا واقع لا يمكن إخفاؤه، والشركات اللبنانية دائماً تدفع مستحقاتها، ولا أظنّ أنها سوف تتردد أو تمتنع عن تعويض الناس. لذلك، أنا أريد أن أُطمئن المواطن اللبنانيّ بأنّ حقوقه لن تضيع، إذا كان مستحقًا لها، وسيتمّ التعويض عنها بحسب شروط العقد المبرم بينه وبين شركة التأمين. فعلى سبيل المثال، شخص غير مؤمّن ضد السرقات، وحينما تُسرق سيارته يأتي إلى شركات التأمين ويقول أنّ لديهِ تأمينًا. هذا كلام غير سليم لأنّ ليس لديهِ تأمين ضد السرقات. وهذه مشكلة تنتج من عدم التفاهم ما بين موظفي البيع في شركات التأمين والوسطاء وما بين الناس الذين يشترون بوالص. كما أنّ هناك الكثير من الناس الذين لا علم كافيًا لهم بشروط السداد أو عدم قراءتهم العقد المبرم جيدًا. فالتأمين ضد السرقة لا يؤمِّن الحريق ولا الحوادث. لذلك، نحتاج إلى وعي المواطن حينما يتقدّم لشراء التأمين. نحن نتمنى أن يكون الناس بحاجة إلى شركات تأمين من الأساس، ولكن الواقع يقول أن الحوادث موجودة كل يوم.
س: هل أنت مع توسّع مروحة البرامج التأمينيّة الإلزاميّة؟
ج: بالنسبة إليّ، أول برنامج تأمين إلزامي يجب أن يُبدأ به، هو تأمين المسؤولية المدنيّة لكل المهن بمن فيهم الأطبّاء والمهندسون وكلّ الذين يزاولون مهنًا حرّة ممكن أن تتسبب لهم بأضرار. ثاني البرامج، التأمين ضد الحوادث والحريق وتاليًا تأمين الممتلكات، علمًا أنّ العديد من أصحاب الممتلكات لا يهتمون بعقد تأمين بهذا الخصوص. وإلى ذلك، يجب أن تكون جميع المعامل والمصانع مؤمنّة.
وفي ما يخصّ التأمين الصحّي وغير ذلك من البرامج، ينبغي الحديث ليس على التوعيّة فقط ولكن على الشمول التأميني. لهذا، أتمنى أن يكون هناك تأمين طبّي بإدماج جميع الفئات المهمشة والفقيرة في منظومة التأمين الصحي بالتعاون بين شركات التأمين وما بين وزارة الصحة والمستشفيات الحكومية.