شهزاد جمال
الصحة النفسية، وفق منظمة الصحة العالمية، هي حالة من العافية التي تُمكّن الناس من تحمّل ضغوط الحياة وتحقيق طموحاتهم والتعلّم الجيّد والعمل بطريقة فعّالة والمساهمة في المجتمع. وان لم تكن كذلك، فان افتقاد هذه الصحة، يتجسّد في علامات تظهر على الشخص الفاقد هذه الصحة، تتمثّل بآلام غير مبرّرة في الجسم، فضلاً عن عزلة إجتماعية والافتقاد إلى الطاقة والإفراط في النوم والقلق، وهذه الأعراض تُعتبر خفيفة إلى معتدلة، بينما تشمل الأعراض المعتدلة إلى الحادة، تقلّبات مزاجية شديدة، والعجز عن أداء الأنشطة اليومية، ويمكن أن تزداد حدّتها والتسبّب بالميل إلى إيذاء النفس وتعاطي المخدرات”.
ولمواجهة هذا الواقع، اتخذت كل من حكومة الإمارات والسعودية، تدابير ترمي الى دعم الذين تأثرت صحتهم النفسية بسبب كوفيد وشملت هذه التدابير مثلًا اللقاحات وخيارات الرعاية الصحية عن بُعد وحملات التوعية وتسهيلات في الدفع لمرافق الصحة النفسية.
الى ذلك، فإن هذه الجائحة أثرّت في الصحة النفسية من خلال زيادة الإجهاد والعزلة الاجتماعية نتيجة إغلاق الطوارئ وانعدام الأمن الوظيفي وغير ذلك. فجائحة كوفيد-19 والعزلة الذاتية المفروضة التي رافقتها، أثّرا في الصحة النفسية لكثيرٍ من الناس. وقد بدأت الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومقدمو خدمات الرعاية الصحية في تثقيف الجمهور بخصوص الصحة النفسية، ما أدى إلى زيادة الوعي وساعد جزئيًا في التخلّي عن وصمة العار المرتبطة بهذه الحالة، لكن لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله لإصلاح هذا الوضع.
يقول الدكتور جيريش كومار، شريك مساعد – قسم الخدمات الاستشارية للرعاية الصحية: “واجهت الجالية الأجنبية في الشرق الأوسط مستويات عالية من الإجهاد أثناء الجائحة نتيجة العديد من العوامل مثل فقدان الوظائف الذي أجبر الناس على الانتقال. وشهدت مدن مثل دبي فقدان قوتها العاملة بنسبة 10%، بينما وصلت هذه النسبة إلى 7% في أبو ظبي. حتى في المملكة المتحدة التي تحظى بنظام قوي للرعاية الاجتماعية، عانى 69% من البالغين من بعض أشكال القلق بسبب تأثير الوباء على حياتهم، حسب ما ذكرته الكلية الملكية للأطباء النفسانيين والتي تعتقد أيضًا أن انجلترا تعيش في خضم أزمة للصحة النفسية. وتشمل عوامل تأثير الجائحة زيادة أعباء العمل، وانعدام التقدير، والخوف من التعرّض للفيروس، وفقدان الدخل أو العمل، وغير ذلك”.
شهزاد جمال، شريك ورئيس قسم الرعاية الصحية والتعليم في الشرق الأوسط قالت في هذا الصدد: “تعتبر الصحة النفسية حالة طبية خطيرة، لكن المجتمع بشكل عام لم يتعامل معها بجدية. فالمجتمع يفضّل عموماً عدم الخوض في موضوع الصحة النفسية، وسيتعبرها مرحلة عابرة أو قد يلوم الشخص الذي يعاني بأنه بعيد عن العائلة أو العقيدة أو القيم الثقافية، ومن هنا تبلورت هذه الحالة. وفي الواقع، يحتاج مجال الرعاية الصحية الى أن يؤخذ جدياً بعين الإعتبار لأنه يؤثر على رفاهية الفرد والمجتمع ككلّ. تابعت: “لقد تأمّلت فرقنا للرعاية الصحية في الشرق الأوسط والمملكة المتحدة مليا الوضع في مناطق جغرافية من المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وغطت موضوعات رئيسية من بينها حالة عمل مرافق الصحة النفسية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكيف تطور القطاع في هذين البلدين، ومقارنته مع المملكة المتحدة، ومستقبل قطاع الصحة النفسية في المنطقة لكن للأسف فإن الصحة النفسية لم تأخذ حقها من الإهتمام، بل تبدو المصاب بها وكأنه محروم من الرعاية الصحية والعلاج”.