ناجي حداد… لا يمكن إلقاء اللوم كلّه على المطاعم
Deliverect، الشركة المتخصّصة في توصيل الطعام لأكثر من 25 ألف جهة في 40 سوقًا حول العالم بفضل منصّة الكترونيّة هي الدعامة الأساس لنجاح الفكرة وتطوّرها، كان لمديرها العام ناجي حداد موقف مهمّ في موضوع معالجة هَدْر الطعام، المشكلة التي تواجهها دول عديدة لاسيما الميسورة منها، وقت تعاني دول عدّة الفقر المدقع وتبحث شعوبها عن فتات الطعام في حاويات الزبالة! وإذا استمعنا إلى آراء الاقتصاديّين والمحلّلين، هذه الأيّام، فإنّ الأشهر المقبلة قد تشهد مجاعة تذكّر بمجاعة الحربَيْن العالميّتَيْن الأولى والثانية نتيجة استمرار الحرب الروسيّة الاوكرانيّة بوتيرة يخاف منها الجميع، إذ أنّ هذه الحرب أوقفت عمليّات تصدير الغاز والنفط، كذلك القمح وسائر الحبوب الغذائيّة.
هذا الواقع الذي بدأنا نشعر به جميعًا والذي بات يقضّ مضاجع الأوروبيّين وحتى الأميركيّين مع موجة التضخّم التي تسود بلادهم، دفع ناجي حداد إلى كتابة مقال زاخر بالمعلومات بهدف توعية الناس وحثّهم على وقف هَدْر الطعام بسلسلة من الإجراءات. فإلى هذا المقال الذي يعرض أفكارًا عدّة تتماشى والواقع الجديد…
كتب ناجي حداد
المدير العام شركة “دليفركت” في الشرق الأوسط…
لعلّنا نتفق جميعاً على أن التقليل من هَدْر الطعام هو هدف نبيل. وتأكيداً على ما أقول، فقد بدأت دول الخليج بالفعل تطبّق المبادرات التي تحقّق تلك الرؤية. على سبيل المثال، أطلقت دولة الإمارات العام الماضي مبادرة “نعمة” الوطنية للحدّ من نفايات الطعام وإهداره، بينما أطلقت السعودية مؤخراً خططاً لتقليل هَدْر الطعام بما قيمته 10.66 مليار دولار أميركي عبر برنامج وطني من إعداد وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان.
بالطبع لا يمكن إلقاء اللوم بأكمله على المطاعم، إلا أن قطاع توصيل الأطعمة يساهم مساهمة هائلة في تلك القضية. فخلال العامين الماضيين، شهد القطاع نمواً ضخماً وصل إلى 270 مليار دولار، مستفيداً بذلك من تدابير الإغلاق الواسعة وإجبار الشركات والمشاريع الخاصة على الإغلاق. والسؤال: ما الذي يمكن المطاعم فعله لتقليل هَدْر الطعام؟ والجواب: تتمثل الخطوة الأولى في دراسة أسباب الهَدْر في مجال توصيل الطعام، ومن ثم يمكننا النظر ملياً في عملية إنتاج الطعام والطلب عبر الإنترنت للقضاء على الهَدْر.
إنّ مشكلة هَدْر الطعام صعبةً بعض الشيء، ولكن يمكننا التقليل منها عندما تصبح لدينا رؤية أوضح عن حجم الطلبات وبيانات تفضيلات العملاء. فالمطاعم ليست الجانب الوحيد المسؤول عن الهَدْر الذي يشكّل عُشر الطعام الذي تطلبه الأُسَر والذي يُلقى في النفايات على شكل بقايا طعام. ولهذا فإن الطلب الزائد عن الحاجة هو تحدٍ آخر تستطيع المطاعم مواجهته من جانبها حتى وإن لم تستطع التأثير على سلوك العملاء بعد أن يغادر الطلب المطعم.
مع ذلك هناك مقاييس لتوصيل الطعام ينبغي للمطاعم تتبعها، منها:
- دقة الطلب، فتقليل الأخطاء مهمّ لتخفيض هَدْر الطعام.
- نسبة التوصيل في الوقت المحدّد، لأن وصول الطعام متأخراً يجعله بارداً أو فاقداً المذاق، ما يؤدي إلى شكاوى العملاء، وانتهاء الطعام في النفايات بدلًا من تناوله.
- متوسط زمن التوصيل لكل مرّة، وهو عامل مهمّ كذلك لضمان وصول الطعام بالحالة المناسبة.
- التقييم عبر الإنترنت عن طريق متابعة مستوى رضا العملاء لتجنب رمي الوجبات غير المرغوب بها.
السؤال الثاني الأخر: كيف تستطيع المطاعم استخدام البيانات المتعلقة بتوصيل الطعام للتقليل من الهَدْر؟
هناك جانبان يمكن المطاعم من خلالهما العمل على تقليل هَدْر الطعام: الأول استخدام بيانات طلبات التوصيل لقياس الطلب والتحكّم بمستويات المخزون وبالتالي عدم إنتاج وجبات أكثر من المطلوب، الثاني هو استخدام تلك البيانات لتحسين قوائم الطعام وأنظمة الطلب لتشجيع العملاء على طلب الكميات المناسبة من الطعام.
وإلى ذلك، يجب إدارة المخزون بإحكام، وضبط عمليات الطلب وإدارة الوصفات والتكلفة. فالبّنسة للنقطة الأولى، فإنّ إدارة المخزون في المطاعم تُعتبر من الأمور البالغة الصعوبة والدقة، إذ أنّ هناك مكوّنات طازجة وجافة ومجمدة وتختلف احتياجات تخزينها وفترات صلاحيتها. ومن الممكن أن ترتفع كميات الغذاء المهدور في حال عدم إدارة المخزون بالشكل الصحيح قبل تلقي الطلبات.
إن أساس طلب الكميات المناسبة من المخزون لتقديم خدمة ما هو التنبؤ الدقيق بالطلب ليوم معين، وتلك ليست مهمة سهلة ولكن بوسع مالكي المطاعم دراسة الأداء السابق في فترات مماثلة لتقدير كميات المخزون اللازمة والطعام الذي ينبغي إنتاجه.
والأمر المبشر هنا هو أن المطاعم تحصل على رؤية مفصّلة ودقيقة للبيانات عندما تستخدم المنصّات الرقمية وأدوات الطلب عبر الإنترنت لطلبات التوصيل، وفي حال وجود أنظمة تقنية مناسبة تتواصل فيها أنظمة الطلب وشركاء التوصيل والتقنيات الأخرى معاً، فسيكون بوسعها إعداد التقارير والتوقعات التي تدعمها في التنبؤ بأكبر قدر ممكن من الدقة.
وبالنّسبة للنقطة الثانية وهي ضبط الطّلبات، مثلاً، فتخيّل ليلة جمعة حافلة في أحد المطاعم الذي تأتي الطلبات بكثافة وبشكل مستمر من رواد المطعم ومن عدّة منصّات للطلب عبر الإنترنت. إنّ الموظفون يسارعون في المطعم لأخذ الطلبات بينما يديرون عدداً من الأجهزة اللوحية التي تنقل لهم طلبات العملاء، وبالتالي من السهل أن يفوّت أحدهم طلباً أو يدخله بشكل خاطئ بسبب ضغط العمل.
أما فريق المطبخ فيعمل على إعداد الطلب الذي قد يتجه إلى أحد الضيوف داخل المطعم أو للتوصيل الخارجي. وهنا قد تحدث الأخطاء أيضاً إما في تحضير الطلب أو إرساله، ما يعني الحاجة لإعداد الطلب من جديد وتعويض العميل، لينتهي الأمر بالطلب الخاطئ في النفايات، إلى جانب المال والوقت المهدرين بسبب ذلك الخطأ.
ومن أبسط الطّرق لتجنّب هَدْر الطعام في المطاعم، هو الحرص على عدم ارتكاب الأخطاء التي يمكن تجنّبها، إذ سيكون على المطابخ استخدام بيانات الطلبات لتحديد العدد الذي سيتمّ إعداده من جديد، ومن ثم تحسين النظام بشكل يحدّ من تلك الأخطاء، بالإضافة إلى أن تبسيط عمليات الطلب يمكن أن يقلل الأخطاء إلى الحدّ الأدنى. وعندما تكون المطاعم على اطلاع مستمر على بيان الطلبات الخاصة بها فسيكون بوسعها معرفة أوقات الذروة والفترات الأقل طلباً، ويمكنها استخدام تلك المعلومات لإطلاق حملات ترويجية تشجّع الناس على الطلب خارج أوقات الذروة، الأمر الذي يساعد في تجنّب ارتكاب الأخطاء وتقليل هدر الطعام في فترات الذروة. كما بوسع المطاعم أيضاً استخدام أدوات إدارة قوائم الطعام بشكل مستمر كي تطلق حملاتها الترويجية بشكل سريع يشجع بيع المواد التي لا بد من بيعها في يوم معين.
والثّاني ماذا عن هَدْر الطعام في المنزل؟
فعلى رغم أن التقليل من هَدْر الطعام في المطعم يعود على الأعمال بمنافع جمّة، إلا أن هناك مشكلة حقيقية تتجسّد في هدر الطعام بالمنازل. ويوجد بعض التدابير التي يمكن المطاعم اتّخاذها من أجل تقليل احتمالية وصول الطعام إلى النفايات، وإن كان ذلك لا يحسّن أعمالها بشكل مباشر ولكن هناك من يقول بأن العملاء الذين يطلبون الكمية المناسبة من الطعام ويتلقون طلبهم بشكل صحيح ودقيق لا يرمون الطعام، وبالتالي فهم أقرب إلى عمل تقييمات إيجابية للمطعم ويصبحون من زبائنه الدائمين، حيث لا يوجد أحد يرمي الطعام الجيد.
وإلى ما تقدّم، فثمّة طرق تساعد المطاعم لتقليل هدر الطعام في المنزل: ضبط حجم حصص الطعام، الوصف الواضح في قائمة الطعام، مواكبة المقاييس الرئيسية لتحقيق النجاح في المستقبل. وهذه النقاط الثلاث ألقيَ الضوء عليها في سياق هذه المقالة.