شادي أبو خليل… يجب الحفاظ على الحقوق وعدم هدرها والتنازل عنها
هل يحقّ لمؤسسات تربوية عدم تسليم طلابها إفادات مدرسية لأسباب مالية؟ كذلك، هل يجوز لإدارة مستشفى أو لطبيب الامتناع عن توقيع وثيقة ولادة وتسليمها لأهل طفل بحجة ان للمستشفى ديناً على ذويه؟ طرحنا السؤال على المحامي شادي خليل أبو عيسى، رئيس المركز الدولي للملكية الفكرية والدراسات الحقوقية (فكر) ورئيس مؤسسة المطران ميخائيل الجميل للحوار والثقافة، بحثاً عن جواب قانوني، فجاء ردّه كالآتي:
-هذه الإجراءات تعسفيّة وتُشكّل تعدّياً على حقّ الطفل في أن يجري قيده وفقاً لأحكام قانون الالزامية الذي له طابع نظام عام اجتماعي آمر، لإرتباطه بحقّ الدولة في تنظيم قيود ووثائق الأحوال الشخصية وضبطها وفقاً للأصول.
أضاف:
-إن اتفاقية حقوق الطفل تكفل حقوق جميع الأطفال لجهة الحصول على الإسم والجنسيّة والحماية والرعاية اللازمة لهم، علماً أن هذه الاتفاقية التي انضم إليها لبنان بموجب القانون الرقم 20 عام 1990 تشكّل مصدراً من مصادر القاعدة القانونية التي تتقدّم في التطبيق، على أحكام القانون الداخلي، فضلاً عن أن لبنان ملتزم أيضاً الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وعليه فلا ينبغي لأي نزاع بين الولّي والمستشفى أن يؤثر في حقوق الطفل نفسه. وفي الإطار عينه، وعلى سبيل الاستئناس، لا يجوز لإدارة مدرسة أن ترفض تسليم طالب افادة مدرسية، بحجة وجود دين بذمة الأهل لصالح المدرسة، ولا يمكن أي نزاع بين هذه الأخيرة وولاة أمر طالب أن يؤثر في حقوقه التعليمية، إذ من شأن المنع، أن يعيق حقّ الطالب في الانتساب إلى مؤسسة تربوية أخرى، ويُلحق به ضرراً (قاضي الأمور المستعجلة في النبطية، رقم 119 تاريخ 31/8/2020، وأيضاً قاضي الأمور المستعجلة في جويا، تاريخ 12/10/2012 وبالمعنى نفسه محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي، تاريخ 3/7/2008). ويمكن المدرسة أن تسلك الطرق القانونية من أجل المطالبة بحقوقها وبالأقساط المدرسية المتوجبة بذمة أهل الطالب من دون أن يؤثر ذلك في حقوق هذا الأخير. وبالتالي، إن قرار المحكمة لا يهدر حق المدرسة بتحصيل حقوقها المادية، بل يحيلها إلى أساليب قانونية أخرى مثل مداعاة ولي الأمر أو التنفيذ على أملاكه، لكن المحكمة ترفض استغلال الإفادة وحجزها وحرمان طلاب من التعليم، ما يناقض الهدف الذي يفترض أن يكون قد ارتكز عليه أصحاب المدرسة لتأسيسها.
سألنا المحامي أبو عيسى: ماذا عن إخلال بعض المستشفيات والمؤسسات التربوية بواجباتها الاجتماعية والتنظيمية؟ أجاب:
-إن تنظيم وثيقة الولادة التي يطلبها الأهل ويوقّع عليها الطبيب ويصادق المختار هو الآخر عليها، يخضع للمادة 11 من قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية. ويمكن بموجب أمر على عريضة، إلزام إدارة مستشفى بتسليم وثيقة ولادة إلى المستدعي تحت طائلة دفع غرامة إكراهية عن كل يوم تأخير في التنفيذ من تاريخ التبليغ (قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، رقم 74 تاريخ 8/7/2006). كما يمكن فرض غرامة إكراهية رفعاً للتعدي الواضح على الحقوق (محكمة التمييز المدنية، رقم 11 تاريخ 29/1/2002). لذلك، لا يجوز لإدارة المستشفى الامتناع عن تسليم وثيقة ولادة طفل تحت أي ظرف وإلاّ كان موقفها مخالفاً للنظام العام (قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، تاريخ 25/11/2006). وينسحب الوضع ذاته، على إدارة المؤسسات التربوية. وفي كافة الأحوال، يعود لقاضي الأمور المستعجلة صلاحية اتخاذ التدابير اللازمة لإزالة التعدي الواضح على الحقوق والأوضاع المشروعة. ويكفي ثبوت حقوق أو أوضاع مشروعة وتعدّ واضح لتبرير هذا التدخّل ويستثبت ذلك من ظاهر المستندات والمعطيات الواردة في الملف (محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، رقم 236 تاريخ 7/2/2019. وأيضاً: محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي، تاريخ 25/10/2018).
ختاماً يقول المحامي أبو عيسى “يقتضي الحفاظ على الحقوق الأساسية وعدم هدرها والتنازل عنها وضرورة التمسك بها”.