مرتاحون لوضع الاقتصاد المصري ووضع سوق التأمين
أجرت الحوار: كريستين حدّاد
أجندة الاتحاد المصري لشركات التأمين زاخرة بالأحداث في عام 2021، وعلى نحو ما كانت عليه في 2020، على رغم كلّ المعوقات والمشاكل التي تميّز بها العام المنصرم الذي اتّسم بجائحتَيْن، إذا جاز التعبير، جائحة Covid-19 و”الجائحة” الاقتصاديّة التي لم تترك بلدًا إلاّ عصفت بعائداته الماليّة والحياتيّة وصولاً إلى إفقارها الدول النامية والتي هي في طور النمو.
مع ذلك، فمصر، كما أبلغنا رئيس الاتحاد السيد علاء الزهيري، استطاعت أن تتفلّت من هذيْن الاخطبوطَيْن: الجائحة والأزمة الاقتصاديّة، بفضل حكمة المسؤولين ووعي المصريّين، وانعكست هذه الحكمة وهذا الوعي إيجابًا على سوق التأمين المصريّة وعلى الاقتصاد بشكل عام. ومن ذلك أنّ نموّ الاقتصاد سجّل ثاني أكبر معدّل على مستوى العالم بنسبة بلغت 3.6 بالمئة، كما أنّ سوق التأمين نجح في تحقيق حجم أقساط لا بأس به وخاصة في فروع تأمينيّة مثل التأمين الهندسي، وذلك بسبب المشروعات التي تقوم الدولة بتنفيذها حاليًا.
هذا على صعيد 2020. ولكن ماذا عن العام الذي ولجناه بكثير من الخوف والارتياب؟
علاء الزهيري، في هذه المقابلة، يعرض الخطط الموضوعة للتنفيذ، وما أكثرها. فإلى الحديث في الأسطر التالية…
س: يشهد الاتحاد المصري لشركات التأمين الذي تترأسونه حركة نشطة ملفتة من خلال الندوات الافتراضيّة أحيانًا (webinar) وعبر الحضور الشخصي. إلى أيّ مدى ساعدت المنتديات الافتراضيّة في دعم تعميم ثقافة التأمين، وهل شعرتم أنّها البديل الممكن عن الحضور الشخصي؟
ج: إن الحضور الفعلي للأفراد أمرٌ لا يمكن الاستغناء عنه لأنه يضمن تفرُّغَك لوقت محدّد لحضور ندوة او ورشة عمل أو غيره. لكن بالتأكيد فحضورك الافتراضي من مكان عملك او أيًّا يكن المكان الذي ستحضر منه سيؤثِّر بشكل أكبر على تركيزك وانتباهك اثناء انعقاد الندوة الافتراضية.
على الجانب الاخر، فقد كان للحضور الافتراضي دور مهمّ جدا وكبير اثناء جائحة كورونا ولا يزال يلعب هذا الدور حتى الآن. فقد ساهم في تخفيض مصروفات التنقّل والسفر من مكان الى آخر وجعل العالم كلّه ملك يديك وموجود على جهاز “الموبايل” او الـ Laptop الخاص بك.
واستنادًا إلى تجربة الاتحاد المصري للتأمين، فقد نجحنا في استثمار الآليتَيْن من خلال الحضور الافتراضي وعبر الحضور الشخصي، وهو ما كان جلياً وواضحاً في الملتقى الإقليمي السادس للتأمين الطبي والرعاية الصحية الذي شارك فيه العديد من المتحدثين من الأسواق العالمية افتراضيًا على شاشة الملتقى مع آخرين من السوق المصري، وكان جميعهم، وفي نفس الوقت يتناقشون ويتحدثون أمام الحضور ويصيغون التوصيات.
في النهاية أعتقد انه ما عاد ممكنًا الاستغناء عن الاثنَيْن.
س: سوق التأمين المصري، كما العربي، شهد عامًا متراجعًا في عائدات محافظ الشركات، فهل يجوز التعميم؟ وماذا عن 2021، هل تتوقّعونه سيئًا أم سيشهد بداية انفراج؟
ج: لا شك أنّه كان لجائحة فيروس كورونا المستجد تأثير كبير على شركات التأمين وفروعها كافة حول العالم: على كبرى الشركات بين مباشر وإعادة بحيث تخطّت الخسائر، ودائمًا بسبب Covid-19، الـ 22.4 مليار دولار نهاية تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، كما عصفت الازمة بأرباح وايرادات كبرى شركات اعادة التأمين لتهبط إلى النصف تقريبا عند العض منها. ومن ذلك إنّ “لويدز” تصدّرت القائمة بحجم خسائر واحتياطيات بلغ 3.9 مليار دولار حتى شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لتلحق بها شركة “ميونيخ ري” بمبلغ 1.8 مليار دولار، فشركة “أكسا العالميّة” بمبلغ 1.5 مليار دولار.
ولا شك أنّ منحى الأسعار وشروط التجديدات لن تتأثرا بالجائحة فقط وإنّما أيضًا بالخسائر المؤمّنة الناتجة عن الكوارث الطبيعية التي قدّرتها مؤسسة Swiss Re Institute بقيمة 83 مليار دولار أميركي في عام 2020، ما يجعل هذه الخسائر خامس أعلى مستوى في عام من حيث التكلفة بالنسبة لصناعة التأمين منذ العام 1970.
لكلّ ذلك، بالتأكيد، تأثيره على أسواق التأمين العربية كلِّها بلا استثناء. والى هذه العوامل، جاءت مأساة انفجار مرفأ بيروت لتضيف زخمًا إلى زيادة الأسعار في أسواق أصبحت بالفعل متشدِّدة وحريصة جداً.
ولا يمكننا ان ننسى انخفاض معدلات الاكتتاب بشكل كبير، نظرًا الى الاغلاق الذي حدث في العالم كلِّه والذي كان له تأثيره على توقُّف الكثير من الاعمال، ما انعكس سلبًا على صناعة التأمين. لهذا أتوقع ان تسلك صناعة إعادة التأمين في العالم طريق تحقيق أرباح في الاكتتاب من خلال رَفْع الأسعار والتشدّد بشروط التجديدات لعام 2021، وذلك لمواجهة الخسائر الكبيرة غير المسبوقة التي واجهتها خلال عام 2020.
في ما يخص السوق المصري تحديدًا، فقد استطاعت أجهزة الدولة المختلفة بجمهورية مصر العربية وقطاعاتها الاقتصادية وهيئاتها، أن تحقِّق إنجازات كبيرة خلال 2020، ما جعل وطننا الحبيب، وفقا لشهادة كبرى المنظمات والهيئات العالمية، يحّقق أداء اقتصاديًا يفوق التوقعات، وذلك بفضل سلسلة من الإجراءات الاحتوائية السريعة التي ساهمت، ليس في الحدّ من تأثيرات الأزمة على معظم القطاعات فقط، بل جعلت الاقتصاد المصري صاحب ثاني أكبر معدل نمو اقتصادي على مستوى العالم في 2020 بنسبة نمو بلغت 3.6 %. هذا بالإضافة إلى أنّ وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر اعلنت إن الحكومة المصرية رفعت توقعاتها لنمو الاقتصاد إلى 3.8 بالمئة، خلال العام الجاري 2020.
وبوجه عام يتمتع السوق المصري بوضع خاص ومنفرد سيجعله أقلّ تأثرًا بزيادات الأسعار العالمية مثل:
- تأثّر السوق المصري بجائحة Covid -19 بنسبة أقلّ مقارنةً بالأسواق الأخرى مثل أميركا وأوروبا وبعض الدول الآسيوية.
- الاقتصاد المصري سجّل ثاني أكبر معدل نمو اقتصادي على مستوى العالم في 2020 بنسبة نمو بلغت 3.6 %. كما أن السوق المصري نجح في تحقيق حجم أقساط لا بأس به وخاصة في فروع تأمينية مثل التأمين الهندسي، وذلك بسبب المشروعات التي تقوم الدولة بتنفيذها حالياً.
- تشير التقارير الاقتصادية إلى أن هناك استقرارًا في الوضع الاقتصادي في مصر، وأن معدل التضخُّم قد انخفض إلى حد ما، كما أن هناك استقرارًا في العملة.
- تعدّ مصر من الدول المعرّضة للكوارث الطبيعية بنسبة أقلّ من دول أخرى، وهذه إحدى مميزات السوق المصري التي من الممكن أن تكون جاذبة لمعيد التأمين.
إنّ جميع هذه العوامل الآنفة الذكر، تساهم في أن يكون السوق المصري في وضع أفضل عند قيامه بمناقشة التجديدات مع معيدي التأمين.
س: أطلق الاتحاد المصري فكرة إنشاء منصة خاصة لنشر الأفكار الثمينة SPI (Spreading Precious Ideas Hub). ماذا عنها وكيف يمكن أن تُساهم في نشر التوعية التأمينية في المجتمعات العربيّة؟
ج: سيعلن الاتحاد المصري للتأمين مع بداية عام 2021 عن أكبر منصة للتدريب ونشر الأفكار الثمينة المتعلقة بصناعة التأمين وإعادة التأمين في مصر والوطن العربي هي (SPI HUB) Spreading Precious Ideas . ومن المتوقع ان تضمّ هذه المنصة أكبر قاعدة من الخبراء والمتحدثين في صناعة وساطة التأمين وإعادة التأمين، بالإضافة الى الخبراء في المجالات الأخرى المتعلّقة بشكل مباشر او غير مباشر بصناعة التأمين وإعادة التأمين.
وسيشارك في منصة الـــــ SPI HUB أكثر من 10 الاف مشارك من صناعة التأمين وإعادة التأمين المحلية والإقليمية والعالمية، بالإضافة الى شركاء النجاح للاتحاد المصري للتأمين على المستويات المحليّة والإقليميّة والعالميّة. وستعمل من خلال مجموعة من الندوات الافتراضية وندوات الحضور الفعلي (وفقا للإجراءات الاحترازية التي تضعها الحكومة المصرية) على مدار عام 2021.
وتعتبر منصة SPI HUB جزءًا من الأنشطة الفرعية الدورية على مدار العام لملتقى شرم الشيخ السنوي Sharm Rendezvous. وسيتمّ، إلى ذلك، تكريم أفضل المتحدثين بهذه المنصة كل عام خلال الملتقى المذكور.
س: ما هي الاسباب التي جعلت شركة gig – مصر تتصدّر السوق التأميني المصري، وما هي إستراتجيتكم لتخطّي التحديات التي قد تواجه هذا السوق التأميني؟
ج: تصدّرت شركة gig للتامين – مصر سوق تامين الممتلكات والمسؤوليات بالنسبة للقطاع الخاص وذلك لعدة أسباب، وان كان من أهمها على سبيل المثال لا الحصر:
– مصداقية الشركة مع عملائها وقيامها بسداد التعويضات بسهولة ويُسْر.
– هي إحدى شركات مجموعة الخليج للتامين التي تُعتبر أكبر مجموعات التأمين في الشرق الاوسط، فضلاً عن أنّ لديها برنامج اعادة تأمين قوي يستفيد منه معظم الشركات المملوكة للمجموعة.
– قدرة الشركة على الابتكار وتقديم حلول تأمينية غير تقليدية ساعدت على جذب شرائح جديدة من العملاء، وخاصة في مجالات التأمينات الشخصية والتأمين متناهي الصغر.
– الملاءة المالية القوية للشركة وتمتُّعها برأس مال مدفوع يعد من أكبر رؤوس الاموال المدفوعة لشركات تأمين الممتلكات والمسؤوليات بين شركات القطاع الخاص بسوق التامين المصري.
– تفرّد الشركة بوجود ادارة متخصّصة لدراسة مخاطر العملاء ومساعدتهم في وضع برنامج متكامل لتقليل حدوث المخاطر والحدّ منها.
– استثمار الشركة في العنصر البشري والعمل على توفير برامج تدريبية متخصِّصة لموظفي الشركة داخل مصر وخارجها، فضلا عن التدريب العملي الذي يتمّ بمكاتب كبرى شركات اعادة التأمين العالمية، ما أدّى ويؤدّي إلى ثقل مهارات موظفي الشركة وانخفاض معدلات دوران العمالة بالشركة الى اقل من ١%.
– وجود أعضاء مجلس ادارة بالشركة لهم خبرات كبيرة في مجال التأمين في الاسواق العربية والاسواق العالمية، ما ساهم في وضع استراتيجيات وخطط قابلة للتنفيذ وتتسم بالمرونة للتعامل مع كلّ ماهو جديد في مجال التأمين.
– تفرّد الشركة بكونها الوحيدة في سوق التأمين المصرية الحاصلة على تصنفَيْن دوليَّيْن من شركة AM Best وشركة Moody’s.
– حصول الشركة على العديد من الجوائز العالمية والتي أكّدت للعملاء مدى تقييم المؤسسات العالمية للشركة.
– اعتماد ادارة الشركة منذ بدء العمل في سوق التأمين المصرية، استراتيجية تقوم على تكوين محفظة تأمينية متوازنة لا يطغى فيها أيّ نوع تأمين مع التاكيد على تحقيق أرباح فنيّة . وقد ادّى ذلك الى تحقيق الشركة ارباحًا فنية في سوق تأمين الممتلكات والمسؤوليات على مدار سبع سنوات متتالية، علمًا أنّ الشركة استطاعت ان تواكب الاحداث التي واجهت اسواق التأمين كافة، بل حقّقت زيادة في الاقساط المكتتبة نهاية العام المالي في حزيران (يونيو) ٢٠٢٠ تجاوز ١٥%، مقارنة بالعام المالي المنتهي في الفترة نفسها في 2019.
س: ماذا عن بروتوكول التعاون مع اتحاد الصناعات لنشر الوعي؟
ج: ان استراتيجية الاتحاد المصري للتأمين الخاصة بالوصول الى الفئات التي لا تدركها الخدمات التأمينية، يتضمّن جزء منها، ابرام بروتوكولات ومذكّرات تفاهم بغرض توفير البيانات والمعلومات المطلوبة عن الفئات التي لا تصلها خدماتنا، وذلك في ضوء اهتمام اتحاد الصناعات المصرية بالمشاريع متناهية الصغر والصغيرة، بالإضافة الى وجود قاعدة عريضة من الأعضاء الذين لديهم كافة الأنشطة والمجالات الصناعية التي يمكن أيضا ان توفِّر لنا ولأعضائنا العديد من البيانات والاحصائيات التي تساعد في الاكتتاب في الأخطار المختلفة … لهذا كان لا بدّ من أن يتمّ ابرام مثل هذا البروتوكول المهمّ والذي تمّ فيه وضع الخطوط العريضة لاستراتيجيات التعاون المشتركة الخاصة به على النحو التالي:
- التنسيق والتعاون من خلال وضع الخطط والبرامج التنفيذية التي من شأنها تقديم الدعم الفني والتدريبي معًا لمواجهة أي تحديات تعرقل مسيرة العمل بالقطاعين الصناعي والتأميني والوقوف على الفرص المتاحة وتنميتها برؤية تكاملية تعبّر عن الاتحادَيْن كقوتين كبيرتين داعمتين للاقتصاد القومي.
- وضع خطة عمل وبرامج تنفيذية وإطار زمني للتنفيذ لكل بند من البنود الموضحة بالبروتوكول للخروج بنتائج قابلة للقياس والتقييم.
- يتمّ توجيه خطة العمل المشتركة بين مسؤولي اتحادَيْ الصناعات والتأمين نحو التنمية المستدامة المحلية والإقليمية وكيفية تحقيق اهدافها بما يتوافق مع “رؤية مصر المستقبلية 2030”.
- التعاون المشترك في تعزيز ورفع الوعي بمبادئ المسؤولية المجتمعية للشركات ودعم مبادرات الشركات المتعلقة بتطوير المجتمع المصري في كافة مستويات التنمية المستدامة، لا سيّما على المستويات الصحيّة والبيئيّة والمجتمعيّة.
- دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة وتنشيط علاقة الاتحادَيْن في هذا المجال بما يخدم تحقيق التنمية المستدامة والوصول الى القطاعات غير المغطاة من خلال الشراكات بين الاتحادَيْن والجهات الأخرى المختلفة ذات الصلة.
- وضع خطة عمل مشتركة تتضمن الدورات التدريبيّة وورش العمل الفنية لجميع المنشآت التابعة لاتحاد الصناعات والتي تكون متضمنه ليس مهارات فنية فقط بل أيضا التوعية التأمينية للعاملين والعمال على اختلاف وظائفهم ومناصبهم.
- تصميم الدورات التدريبية وورش العمل التي من شأنها دعم شركات التأمين المصرية في فهم طبيعة عمل المنشآت الصناعية المختلفة والوقوف على أهمّ المخاطر التي قد تواجهها الجهات للوصول الى المنتج التأميني الأمثل الذي يغطي المخاطر الحقيقية التي تواجهها هذه المنشآت.
- تنظيم المؤتمرات والندوات والاحداث المشتركة بوجه عام على مدار العام والتعاون المشترك في دعم الحدثَيْن السنويين اللذيْن يقوم بتنظيمهما الاتحادان، هما: “المؤتمر السنوي لاتحاد الصناعات المصرية” و”ملتقي شرم الشيخ السنوي للتأمين وإعادة التأمين”.
- يقوم اتحاد الصناعات المصرية بنشر وإرسال التوصيات الفنية والتغطيات التأمينية الجديدة التي تقدّمها اللجان الفنية المختلفة بالاتحاد المصري للتأمين، بما يخدم الحفاظ على الأرواح والمنشآت والتقليل او الحدّ من المخاطر التي قد تواجهها هذه المنشآت.
- تبادل النشرات والتقارير والاصدارات والاخبار الخاصة بالاتحادَيْن بين الأعضاء بهدف زيادة الوعي لدى جميع الأعضاء بالاتحادين بالموضوعات المتعلقة بالتأمين والصناعة والمسؤولية الاجتماعية والاستدامة.
- إعداد تقارير ودراسات وأبحاث مشتركة عن مختلف الموضوعات ذات الصلة بأهداف واهتمامات كل طرف.
ويُضاف إلى ما تقدّم، اللجان المشتركة والتي سيتمّ تشكيلها، وعلى رأسها ” لجنة لفض المنازعات بشكل ودّي بين الشركات الصناعية وشركات التأمين”.
وبالفعل، بدأت اجتماعات لممثلي الاتحادَيْن بغرض تفعيل استراتيجيات البروتوكول، ومع بداية عام 2021 سيتم البدء في التنفيذ.