فادي الشرقاوي… العقل الطموح والعضلات القويّة
قبل ستّ سنوات، تسلّم فادي الشرقاوي الإدارة التنفيذيّة لشركة “بلاتينوم” التي كان مضى على تأسيسها قبل تسلمّه زمام أمورها، ثلاث سنوات. ومنذ ذلك الحين، انكبّ على تطوير هذه الشركة ومواكبة التطوّرات التكنولوجيّة العالميّة، مستفيدًا من خبرته التأمينيّة التي تعود إلى ما يفوق العشرين عامًا، رغم أنّه لا يزال في عزّ الشباب. ولأنّه شخصية غير بيروقراطيّة وكثير الحركة، ولكنّها حركة فيها بركة خلافًا للقول المأثور “حركة بلا بركة”، فقد وظّف فادي الشرقاوي علاقاته العامة التي نَسَجَها على مدى السنوات الماضية في خدمة هذه الشركة. ومن الطرائف التي ذكرها لنا في سياق هذه المقابلة، عندما سألناه عن وصوله إلى المكتب، كما هي العادة، على دراجة نارية، أنّ “عمله المضني يجعله مضطرًّا إلى استخدام هذه الوسيلة في تنقلاته، خدمةً للشركة التي يُدير وصولاً إلى تطوير أعمالها وأرباحها، وكذلك إلى تعزيز علاقاته العامة باللقاءات الشخصيّة”. تابع: “أنا بحاجة دائمًا إلى اعتماد الدراجة النارية وسيلة للتنقّل، من دون أيّ اعتبار لزحمة السّيْر الخانقة التي تشهدها بيروت يوميًا، وعلى رغم وصول صفيحة البنزين إلى مليون ونصف المليون ليرة لبنانية!”
هذه المقدّمة ليست هي لبّ الموضوع. لبّ لموضوع الذي دفع بنا إلى زيارة فادي الشرقاوي واستيضاح أبعاد القرار الأخير، يتعلّق بقفزة نوعيّة تحقّقتقبل فترة، كان أخبرنا عنها في مقابلة سابقة قبل سنة وكانت تقضي بالتحضير لفكرة توسّع “بلاتينوم” خارج لبنان بمسعى من رئيس المجموعة موريس سليمان وبدفعٍ قويّ منه شخصيًا، خدمة لـــهذه الشركة وتوسيع آفاق أعمالها، عربيًا وأوروبيًا وعالميًا أيضًا، وطبعًا لبنانيًا. وكانت البداية تأسيس شركة إعادة وساطة في قبرص بهدف الانفتاح على أوروبا، وشركة أخرى في دبي، تحديدَا في المركز المالي العالمي DIFC لتغطية سوق الإمارات وأسواق الدول الخليجيّة. ولأنّ لرئيس المجموعة السيد موريس سليمان شركة تأمين مباشر في دبي اسمها “حماية” وتعمل في السوق الإماراتي، إضافة إلى شركة تأمين مباشر في السعودية تحمل اسم “دراية”، فقد جرى التوافق على تسمية هذه المجموعة ككلّ ARC، وهي تعني القَوْس الذي يمتدّ من لبنان عبر قبرص وصولاً إلى دبي والخليج العربي. ويُعدّ هذا التوسّع، بنظر فادي الشرقاوي وغيره من خبراء التأمين والمعنيّين بهذا الشأن، “ضربة معلّم” كما يُقال، بل قفزة إلى الأمام سيكون لها وقعٌ كبير في قبرص والإمارات وغيرها من الدول الأوروبيّة والعربيّة، وبدعم مباشر من المقرّ الرئيسي لبلاتينوم في بيروت حيث تنطلق منه كلّ التوجيهات والإرشادات والمعلومات والأفكار بفضل فريق من الخبراء المنضمّين إلى هذه الشركة والمشهود لهم بالكفاءة والالتزام المهني والتطلّعات المستقبليّة المُستندة إلى أرضية راسخة تؤمّن للمجموعة ما تصبو إليه.
وغنيّ عن القول أنّ “بلاتينوم”، خلال السنوات الستّ الماضية، تحت إشراف فادي الشرقاوي، أوجدت لنفسها مركزًا متميّزًا بشكلٍ خاص في القارة الافريقيّة التي نَسَجَت في أسواقها النامية، علاقات قويّة تجسّدت بالنتائج والعائدات المالية المُكتسبة، تمامّا كما فعلت في مناطق أخرى في الخليج، وبطبيعة الحال في لبنان، معتمدةً دائمًا على شعارَيْن اثنَيْن: “الصّدق في التعامل والالتزام في التسديد”. وقد تجسّد فعليًا هذان الشعاران بعد انفجار مرفأ بيروت في العام 2020 عندما بادرت الشركة، كوسيط إعادة، إلى إقناع الشركات العالمية التي تتعامل معها، بدفع المطالبات، وهذا ما حصل بالفعل، وبذلك كانت بلاتينوم من الشركات الأوائل التي وَفَت بالتزاماتها، ما أدّى إلى نموّ أقساطها، وبالتالي الأرباح. وعندما سألنا فادي شرقاوي عن النتائج المالية للعام 2022 الصّعب لبنانيًا، أجابنا: “لم يكن العام الفائت وحده الصّعب، بل نحن نعيش هذا الواقع المرير منذ جائحة كورونا عام 2019، ومن ثمّ الأزمة المالية والاقتصاديّة العالمية، فالحرب الروسيّة – الأوكرانية، فانفجار مرفأ بيروت، فالوضع الاقتصادي المزري في لبنان الذي يزداد اهتراءً مع الأيّام والأشهر، ولولا المبادرات الفرديّة وصمود الشركات إلى أيّ قطاع من القطاعات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، لما استطاع لبنان أن يظلّ واقفًا على قدمَيْه، يقاوم كلّ هذه المشاكل بعناد وإصرار وبأس”. تابع: “على رغم كلّ هذه الظروف، فإنّ “بلاتينوم” استطاعت أن تحقّق نموًا في أقساطها وأرباحها تتخطّى الـ 16 بالمئة، وهذا رقم جدير بالتقدير إذا ما قيس بالظروف التي مرّت بلبنان”.
ولم تخلُ المقابلة التي أجريناها في مكاتب “بلاتينوم” في الطابق العاشر في إحدى بنايات الأشرفية الضخمة، من محطّات اضطرّت فيها آلة التسجيل للتوّقف بسبب رنين الهواتف، ولا نقول الهاتف، والتي كانت تتلاحق، وكان الشرقاوي يجيب عنها جميعًا، في وقت كان يمكن لسواه من مسؤولي المكتب أن يردّوا عليها. أمّا السبب فهو: تعزيز علاقاته العامّة وتوظيفها في خدمة “بلاتينوم”. ومن هنا كان سؤالنا له: كيف تتدبّر أمورك العمليّة في خضمّ هذه “العجقة” بالعمل؟ فجاءنا الجواب: “الفضل للدراجة الناريّة التي تُربحني الوقت الكافي لإنجاز كلّ ما هو مطلوب منّي”.
معروف عن فادي الشرقاوي أنّه رياضي من الطراز الأوّل. وعندما تدخل مكتبه، تستوقفك نماذج سيارات “السبور” الموضوعة خلفه وأمامه، كما تستوقفك الجوائز التي نالها والمعلّقة على جدران المكتب. ومع أنّه يمارس هوايات عدّة تصل إلى حدّ الاحتراف، إلاّ أنّ الدرّاجة النارية تبقى هي الأقرب إليه، إلى طبيعته المغامِرة وقدرته على السيطرة عليها، وتاليًا على صعوبات الحياة. ومن هنا اعتمدها رفيقة له في الزيارات وفي تلبية المواعيد واللقاءات، لأنّ هذه الرياضة تقوّي أعصابه، تشدّ عضلاته وتُنعشه بالاوكسجين الذي يتنشّقه وهو منطلقٌ بها. تُرى، أليس لهذه الدراجة النارية فضل عليه في المساهمة بتحقيق النجاحات طوال السنوات الستّ الماضية، وربما قبل ذلك بكثير، وما سيعقب هذه السنوات من التوهّج بالانتصارات التي سيكون أبرزها هذا القَوْس المتين ARC الذي يُشبه، بفرح تمدّده وتوسّعه، ألوان قوس القزح؟