الشامي وزمكحل يتوسّطان أركان الاتّحاد
في كثير من الأحيان يكون الوزير المعنيّ بشأن عام ملحّ، مستمعًا أكثر منه متحدّثًا، وهذا طبيعي لسبَبَيْن، الأوّل لعدم وجود معلومات جديدة يمكن أن يعلنها منعًا لتكرار نفسه، وإذا وُجدت تلك المعلومات، فالسريّة المهنيّة أمرٌ مقدّس بالنّسبة إليه وللموقع الذي يمثّل، وهذا حقّ وواجب. أمّا السبب الثاني للبقاء في موقع المُستمع فهو الاكتفاء بجمع الآراء المختلفة وجوجلتها وغربلتها للاستفادة منها كــ “ذخيرة” إضافيّة في “معركة” المطالبة بحقّ أو تسجيل موقف أو مواجهة الحجّة بحجّة أقوى.
هذا تمامًا ما حصل مع الزيارة التي قام بها أعضاء الاتّحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيّين MIDEL برئاسة د. فؤاد زمكحل إلى نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي كان في معظم الأحيان مستمعًا في ما خصّ المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي IMF وقانون الـ Capital Control والتصريح الأخير الذي أدلى به وصوّبه في ما بعد لأنّه كان مجتزءًا، عنينا به كلامه عن إفلاس الدولة والبنك المركزي.
وطبيعي أن يكون نائب رئيس الحكومة مستمعًا بحضور رجال وسيدات أعمال معنيّين مباشرة بالأزمة الحاصلة، وبخاصة أنّ من يتحدّث بإسمهم، هو د. زمكحل، الشخصيّة الاقتصاديّة المتعرّكة في هذا الشأن والتي لها جولات وصَوْلات، فضلاً عن تولّيه عمدة كليّة إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ.
فما هي وجهة نظر أركان MIDEL، كما نقلها رئيس هذا الاتّحاد إلى الوزير سعادة الشامي؟
بداية، قال د. زمكحل: “إننا مقتنعون أن أي خطة للتعافي وإعادة هيكلة الإقتصاد والنهوض، يجب أن تبدأ بإتفاق مع صندوق النقد الدولي، كون ما نراه مفيدًا هو إجراء مفاوضات شفّافة للإتفاق على صيغة إعادة الهيكلية، وعلى مشروع متضامن ومتكامل وتآزر الجهود نحو الهدف المشترك”. تابع: “لكننا نشدّد على انه يجب ألاّ يكون أي مشروع مفروضاً بالقوة على القطاع الخاص، بل أن يكون مبنياً مع شركاء الإنتاج الذين هم سينهضون ويُعيدون الدورة الإقتصادية. أما بالنسبة إلى مشروع الـ Capital Control الذي تأخّر أكثر من سنتين، فهو أيضاً ركن أساسي ونقطة إنطلاق لأي مشروع بغية إعادة الهيكلية. لكنّنا نشدّد على أنه لا يجوز لهذا المشروع أن يُبعدنا عن إنفتاحنا الدولي والليبرالية الإقتصادية التي نمتاز بها. لذا نشدّد على أنه لا يجوز لهذا المشروع أن يتدخّل في تحويلات “الكاش” والعملات الصعبة، لأنه سيُحوّلنا، لا سمح الله، إلى إقتصاد موجّه”.
إلى ذلك، شدّد د. زمكحل على ضرورة اعتماد خطة الصندوق التي تُطالب، كأولوية، بتدقيق كل مداخيل الدولة، كي يستطيع هذا الصندوق تحديد سقوف القروض الدولية. ولذا “نناشد السلطة التنفيذية، البدء في هذا المشروع اليوم قبل الغد. صحيح أن المبالغ التي سيضخُّها الصندوق في حال الإتفاق على صيغة، (3 مليارات دولار وعلى أربع سنوات كما تردّد)، لن تكون كافية لإنعاش الإقتصاد، لكنه سيضعنا على السكة الصحيحة وعلى الإصلاحات التي نحلم بها منذ سنوات. والسؤال الأساسي ليس عن الخطة فقط، لكن عمّن سيتولّى تنفيذها ومن سيلحق بها، وهنا تكمن المشكلة الأساسية في لبنان”.
وختم د. زمكحل كلامه قائلاً: “لا نستطيع أن نتحدث عن إفلاس الدولة اللبنانية، لأنه لا تزال لديها أصول ضخمة إذ تمتلك نصف العقارات في البلد، وكل مؤسّسات الدولة من الكهرباء والإتصالات والمياه والمرافىء البرية والبحرية. أما الإفلاس الحقيقي فهو إفلاس السياسة، وإفلاس الإدارة، وإفلاس الفساد والفاسدين وإفلاس الأوهام والأكاذيب!”