بوالص الإستشفاء تنتظر المجهول
مشكلة جديدة بدأت تواجه وسطاء التأمين هذه المرّة وليس الشركات، وهذا ما شكا منه في اتّصال معنا صاحب شركة StarGate السيد صلاح جمعة. وتكمن هذه المشكلة في قرار اتّخذ من قبل شركات تأمين لبنانيّة عدّة أعطت مهلة 24 ساعة لتسديد ثمن البوالص غير المدفوعة، والتي بيعت على أساس 3900 ل.ل. للدولار الواحد، وإلاّ فعلى شركة الوساطة أن تسدّد السعر لاحقًا على أساس سعر الصّرف الجديد الذي حدّده التعميم 151: ثمانية آلاف ليرة لبنانيّة للدولار الواحد، ولو أنّ الاتّفاق بين الوسيط والعميل قد تمّ على اساس السعر السابق. وكما فهمنا من السيد جمعة، فإنّ بضع شركات تأمين يتعامل معها أيضًا أعطت مهلاً أطول للتسديد، وقد سمّى لنا البعض منها، حفاظّا على مصالح الشركة الماليّة. وثمة من الشركات من ارتضى الإبقاء على سعر الـ 3900 ل.ل. للدولار الواحد شرط أن يكون تسديد تعويضات الحادث المروري، أو تكلفة الاستشفاء أو أي برنامج تأميني آخر، وفقًا لصيغة الدفع والقيمة الماديّة المُسدّدة.
ومع قناعته بأنّ ما تطالب به الشركات محقّ نظرًا للارتفاع غير المسبوق لأسعار قطع السيارات، كما لأسعار اللوازم الطبيّة إذا كانت البوالص استشفائيّة، وينسحب هذا الواقع على سائر البرامج، إلاّ أنّ ما يطرحه السيد صلاح جمعة هو أن يُحْتَسب سعر البوليصة وفقدولار محدّد (12، 15، 18)، لا أن تُترك شركة الوساطة (أو شركة التأمين) في حال من الانتظار والترقّب لمعرفة السعر الذي وصل إليه الدولار لتحديد ثمن البوليصة عند إصدارها، لكنّ المشكلة تكمن في أنّ بعض العملاء يقسّطون السعر فيما هو يتقاضى راتبًا بالليرة اللبنانيّة. ولهذا سيبقى في حالة من التوجّس والخوف والقلق كلّما حان وقت تسديد القسط.
ومع أنّ طرح صاحب شركة StarGate يحاكي المنطق السليم، غير أنّ تنفيذ الفكرة دونها عقبات، لأنّ قرارًا من هذا النوع يحتاج إلى تعميم يصدر عن وزارة الاقتصاد والتجارة القيّمة على شركات التأمين، والأرجح أنّه متعذّر لغير سبب، فضلاً عن حاجة التعميم إلى مراقب لتنفيذه، وهو ليس في يد جمعيّة شركات الضمان في لبنان ACAL التي لا تملك صلاحيّة فرضه كونها مجرّد جمعيّة لا نقابة تتسلّح بقدرات مُعطاة لها. يُضاف إلى ذلك أنّ الحلّ الذي يقترحه السيد جمعة غير قابل للتبنّي ما دام المصرف المركزي نفسه غير قادر على توحيد سعر الصّرف وترك الأمور على غاربها.
هنا تجدر الإشارة إلى أنّ رئيس ACAL، وفي تصريح أخير له،أكّد أنّ شركات تأمين، وعددها لا بأس به، حَسَمَتْ أمرها منذ فترة وبدأت تتقاضى أقساط البوالص بالدولار النقدي وأن البديل قد يكون بطرح منتجات جديدة للزبائن غير المقتدرين، تؤمّن خدمات محدودة لهم وبسعر أرخص مع مرونة بطريقة الدفع، مشيرًا من ناحية أخرى إلى أنّ قطاع التأمين في لبنان واجه ولا يزال تحدّيات كبيرة منذ العامَيْن المنصرمَيْن، ومع ذلك استطاع أن يصمد ولا يزال، بفضل حلول ابتكرتها الشركات تمكّن المواطنين من الحصول على بوالص تأمين مدروسة تضمن لهم التغطية الاستشفائيّة، وقد عُقدت من أجل ذلك مفاوضات مع عدد من المستشفيات لخفض الفاتورة انسجامًا مع التخفيض الذي أقدمت عليه الشركات.
وعندما سُئِل عمّا إذا كانت هناك شركات تأمين في وارد الاقفال، نفى ذلك متحدّثًا عن شركات بدأت تتوسّع في الخارج للتعويض عن الخسائر وعن تراجع سعر بوالص التأمين، ولفت إلى أنّ قلّة قليلة من الزبائن تخلّوا عن بوالص لبرامج تأمينيّة معيّنة وليس بينها البرنامج الاستشفائيّ على الأقلّ حتى الساعة، ولكن لا نعرف ما هو الاتّجاه في العام 2022 عند البدء بتجديد هذه البوالص.
يُشار إلى أنّ الأقساط التي توفّرها شركات التأمين في المجال الصحّي تشكّل 40 بالمئة، فيما يُعتبر التأمين على السيارات الرافد الثاني الأكثر إيرادات للشركات إذ يشكّل 20 بالمئة تقريبًا من مجموع الأقساط المكتتبة في لبنان. ومع اعتماد الشركات طريقة الدفع بالدولار النقدي في بداية 2022، ومن دون حلول عمليّة إنقاذيّة، فإنّ أعدادًا كبيرة من اللبنانيّين سيتّكلون، استشفائيًا، على وزارة الصحة. وهذه نقلة يصحّ فيها المثل القائل: “من الدلف إلى تحت المزراب“!