ابراهيم ابو حيدر: بثوانٍ من الإستهتار تتحوّل الإبتسامة إلى دمعة
لا يمكن الفصل بين تطبيق قانون السير الجديد بحذافيره، وبين “جمعية الثواني للسلامة المروريّة” التي أُنشئت قبل فترة وانطلقت لتحقيق أهدافها المرجوّة بعناية وجهود مجموعة خبراء سير تولوا مراكز قياديّة في مهنتهم وأبوا إلاّ أن يساهموا في وقف هذا النزف المميت الذي ما كان ليحصل لو طبّق القانون كما يجب، واتّخذت التدابير الرادعة بحقّ الذين لا يقيمون أي اعتبار للسلامة المروريّة وللانتظام العام.
خبير السير السيد ابراهيم أبو حيدر الذي خاض معارك في سبيل الحدّ من هذا الموت المجاني بسبب رعونة سائقين، وتهوّر شباب، وقَفْز الآلاف فوق سقف القانون، وكان دائمًا كتفًا إلى كتف مع نقيب خبراء السير الأسبق نجيب شوفاني الذي شكّل وإيّاه ثنائيًا خاضا معارك إعلاميّة وإصلاحيّة لوضع حدّ لهذا التفلّت القاتل، روى لنا في هذا الحوار كيفيّة ولادة الجمعية التي يتولّى أمانة سرّها والأهداف التي رَمَت إليها ورؤيتها المستقبليّة لوقف مسلسل ضحايا السير الذين تفوقوا في أعدادهم السنوية على ضحايا وباء كورونا!
في ما يلي نصّ الحديث:
س: أنت والنقيب نجيب شوفاني شكّلتما ولا تزالان ثنائيًّا أعطى كثيرًا على صعيد وَقْف نَزْف الحوادث المروريّة، وآخر الانجازات كانت إنشاءكم مع زملاء، “جمعيّة الثواني” التي شقّت طريقها بنجاح وبدأت تحقّق غاياتها المرجوّة. فماذا عن الجمعية وما كانت أهدافها؟
ج: بحكم عملنا كخبيرَي سير معًا أي مع النقيب شوفاني ومعي، وكذلك مع زملاء لنا تقاسمنا وإيّاهم مشاكل يعانيها خبراء السير في لبنان، كان لا بدّ من القيام بعمل جادّ عن طريق السعي لحلّ هذه المشاكل وإيجاد الحلول لها، بدلاً من التباكي والنواح. ولهذا باشرت والنقيب شوفاني، بداية، بعقد لقاءات مع أكبر عدد ممكن من الخبراء من اطياف المجتمع كافة، وبدأنا نزور المناطق اللبنانية ونعاين المشاكل ونستمع إلى المقترحات حتى بتنا كتلة ناخبة ضاغطة أوصلت ثلاثة نقباء ونواب رئيس وامناء سرّ واعضاء في المجلس التنفيذي إلى نقابة خبراء السير.
ولكن ما حققناه لم يكن على قدر الآمال بسبب الظروف التي كانت تعصف بالبلاد، إضافة إلى عدم إيلاء المسؤولين أهميّة للرعاية اللازمة لقضايا الحوادث المروريّة، لاعتبارات ربما كان منها، أن تلك الحوادث التي يجهلونها أو يتجاهلونها، ثانوية وغير ذات أهتمام. مع ذلك عقدنا العزم على المضي قدمًا في تحقيق ما ذهبنا إليه، وأوّل ما قمنا به، رَفْع بدل تقرير الخبير من أربعين ألف ليرة إلى خمسة وأربعين الفًا، أي ما يوازي ثلاثين دولارًا وفق سعر الصرف، آنذاك. وإلى ذلك، استحصلنا على بطاقة تعريف وتسهيل وقوف من مدير قوى الأمن الداخلي تمنع شرطي السير من تحرير ضبط بحق الخبير في أثناء تأديته واجبته. إضافة إلى سعينا ونجحنا في وقف التعيينات التي كانت تحصل بلا قاعدة، ما تسبّب بتضخّم اعداد الخبراء. كذلك حاربنا لتكون لدينا مدرسة مروريّة تخرّج خيرة شبابنا ممن نالوا الشهادة الثانوية بعد سنتين في تحصيل العلم اللازم ليصبحوا خبراء سير، ونجحنا في هذا المسعى. فضلاً عن أنّني أشرفتُ شخصيًا مع نخبة من الأساتذة على وضع المناهج التي اعتمدت لاحقًا. ثمّ قدّمنا مشروع طابع الخبير وتابعناه مع جميع الكتل النيابيّة من دون استثناء ليكون ريع هذا الطابع من الخبير الى الخبير، علّه يقيه شرّ العَوَز سيّما وأننا جُبهنا برفض انتسابنا الى صندوق الضمان الاجتماعي إسوة، على الأقل، بنقابتَي صيّادي الأسماك وسائقي سيارت الاجرة، علمًا أن هذا الطابع يتحمّله الخبير فقط، أي بصريح العبارة، لا تتحمّل الدولة او شركات التأمين أو المضمونون فلسًا من اعبائه. كما خفّضنا ساعات التأهيل التي كانت مقترحة حسب قانون السير الجديد من مئتَي ساعة تقريبًا إلى حوالى السبعين ساعة، وأكّدنا رفضنا شطب أي خبير في حال رسوبه، لا سيما إذا كان بعمر متقدّم، لأنّ رسوب هؤلاء لا يعني بالضرورة افتقارهم للمعرفة والخبرة بل قد يتعلّق بكتابة التقرير والأخطاء اللغويّة.
أمّا لماذا لم يكن أحد منّا في عداد الجسم التعليمي في المدرسة المروريّة، وقد عُرِض عليّ المنصب، فمردّ ذلك إلى رفضي كأمين سرّ في حينه، على رغم الالحاح من إدارة المعهد، كي لا يُقال أنّني استفدت من موقعي في النقابة لأمور شخصيّة، وكلّ ذلك حرصًا على مبدأ الشفافية.
بعد تزايد وارتفاع أرقام حوادث السير في لبنان، على رغم المحاولات الخجولة التي قامت بها مراجع مختصة رسميّة بالتعاون مع قطاع التأمين والجمعيات الأهليّة التي وُلدت بالصدفة أو نتيجة اصابة أو فقدان احد افراد عائلتها بحادث مروري، كان لا بدّ لمن يراكمون الخبرة والمعرفة، وعلى تماس يومي مع الحدث المؤلم، أن يقفوا وقفة العالم المتمكِّن وأن يقولوا كفى.
لقد أطلقنا جمعيّة الثواني للسلامة المروريّة بعد بحث ونقاش بين مجموعة من خبراء السير الذين مضى على تمرّسهم في خبرة السير
ما لا يقلّ عن ثلاثين عامُا تبوّأوا خلالها أعلى المراكز في نقابة خبراء السير في لبنان. ونتيجة لذلك، أنشأنا نواة من ثلاثة نقباء ونائب رئيس وامينَي سرّ وأعضاء مكتب تنفٌذي، حددوا الهدف ودرسوا مكامن الخلل وتناقشوا في الحلول ووضعوا الرؤية مستندين الى العلم والمعرفة والخبرة التي يتميّزون بها عن غيرهم، فكانت “جمعية الثواني للسلامة المروريّة”.
أما لماذا سمّيت بالثواني، فالجواب بسيط لأنه بالعلم والانضباط والمعرفة تكون الثواني كفيلة بتحاشي الكوارث المرورية، وبثوان من الاستهتار بالقوانين والجهل في قواعد السلامة المروريّة، تتحوّل الابتسامة الى دمعة، فإن لم تكن في الأرواح او الإصابات الجسديّة فبالخسائر المادية.
س: ذكرتم في مقابلات صحفيّة أنّكم تسعون إلى إنشاء أكاديميّة، فماذا عنها؟
ج: نسعى مع بعض الخيّرين إلى إنشاء أكاديميّة تحاكي أعرق الأكاديميّات المروريّة، وعلى أن تكون مجانيّة مئة بالمئة. والهدف منها أن يتلقّى الطالب معلومات ومواد ضروريّة تؤهّله لأن يكون مثلاً ومثالاً في فنّ القيادة وتطبيق مبادئ ومفاهيم السلامة المروريّة، على أن ينتقل لمتابعة تخصّصه، ومن ثمّ التقدّم إلى المرحلة العلميّة من خلال برنامج يحاكي حركة المرور وتواجد السيارات على الطرقات Simulator. بعد ذلك، نعرّفه إلى مساوئ القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدّرات أو الأدوية المؤثّرة من خلال نظارات ما أن تضعها على العينيْن، حتّى يتبيّن السائق إذا كان مخمورًا فاقد التركيز أم لا، وقد أتينا بتلك النظارات من الولايات المتحدة الأميركيّة. وعند نهاية الدورة يتوجّه الطالب إلى مدارس تعليم القيادة لمتابعة تخصّصه، ومن ثمّ التقدّم إلى الامتحان الذي لا بدّ من أن يجتازه بنجاح، وبكلّ تأكيد.
س: وهل من أهداف أخرى؟
ج: نعم هناك جملة من الأهداف وهذه أبرزها:
– نشر قانون السير وتعميمه والعمل على تطبيق مواده من خلال تدريسه واقراره في المناهج التعلٌميّة والتربويّة.
– نشر الوعي على السلامة المروريّة من خلال تغيير النهج والفكر والانتقال من مفهوم الزبائنيّة الى مفهوم المواطنيّة بالتوجه الى شرائح المجتمع كافة، لأنّ حضارة البلدان تقاس بتقيّد المواطن بقوانين سير البلد.
– ومن الأهداف أيضًا: العمل باستمرار للحدّ من عدد الوفيّات والاصابات البالغة، وبذل عناية مركّزة لتأمين سلامة المنتفعين من الطرق المعرّضين للخطر.
س: وما هي الخطوات العملانيّة والخطط اللازمة؟
ج: هي كثيرة منها:
– تنفيذ مقرّرات اللجنة الوطنيّة للسلامة المروريّة والتنسيق معها لتعميم ونشر مقرراتها ومشاريعها.
– السعي إلى إنشاء هيئات ولجان تابعة للجنة الوطنيّة للسلامة المروريّة في المحافظات والبلديّات تعمل على تأمين السلامة المروريّة ضمن نطاقها الجغرافي من خلال تنفيذ تعليمات اللجنة ورَفْع المقترحات والمعلومات والتقارير المروريّة الدقيقة لها.
– إيجاد شراكة وتعاون مع هيئات أهليّة معنيّة بموضوع سلامة السير على الطرقات بدل العمل الافرادي والعشوائي والتنافس في الظهور.
– تعزيز كفاءة الأشخاص العاملين في مجال السلامة المروريّة من خلال إرسالهم للمشاركة في دورات ومؤتمرات وندوات مهمّة محليّة كانت او دوليّة.
– زيادة التمويل العام المخصّص لتأمين السلامة المروريّة (اقتطاع نسبة من رسوم المخالفات المروريّة، رسوم الميكانيك، الجمارك على السيّارات المستوردة بفئتيْها الجديدة والمستعملة، حثّ المؤسسات الخاصة لا سيّما العاملة في قطاع التأمين الى المساهمة في تمويل العمل الساعي الى تأمين السلامة المرورية).
– تعزيز واشراك المدارس والأهل في مفهوم السلامة المروريّة .
– دورات تأهيليّة للأساتذة لتحسين معرفتهم بموضوع السلامة المروريّة، ليكونوا المرآة العاكسة ليُغذّوا مفهوم السلامة المروريّة ويزرعوها في عقول تلامذتهم.
– اصدار المراسيم التطبيقيّة لقانون السير الذي مضى على إقراره ما يزيد عن الثماني سنوات لغاية تاريخه.
– اعادة النظر بكامل النظام المعتمد في تدريب السائقين ومنحهم رخص القيادة، تحسين وتعليم وتدريب معلمي القيادة والفاحصين، تحسين المراقبة على المدارس الخاصة بتعليم القيادة.
– تلبية الدعوات في جميع المناطق والتنسيق مع الفعاليّات الأهليّة والنوادي الثقافيّة والرياضيّة لإقامة محاضرات ولقاءات لنشر التوعية على السلامة المروريّة ولشرح مواد قوانين السير التي لا يعرف رمزيّتها ومدلولاتها واهميّتها معظم اللبنانيّين، وتزويدهم ببعض المعلومات العامة التي من المفترض معرفتها مثل كيفيّة شراء الإطار (الدولاب) المناسب وقواعد القيادة الدفاعيّة وكيفيّة التصرّف بالأوقات الماطرة او المثلجة، والأهم كيفيّة التصرف عند حصول حادث، خاصة اذا اصيب احدهم من جراء حادث اصطدام او كيف نساعد شخصًا يحترق بانتظار وصول الإسعاف الطبيّ.
هذه بعض الأفكار والخطوات التي عاهدنا أنفسنا ومجتمعنا للعمل على تحقيقها، آملين أن نلقى المباركة والمشاركة والرعاية من المهتمّين بالقطاع من أهل القلوب الخٌيّرة والعقول النٌيّرة الذين يسعون لبلسمة الجراح ودرء الكوارث وزرع البسمة في مجتمعهم وبين أهلهم وناسهم.
خبير السير السيد ابراهيم أبو حيدر الذي خاض معارك في سبيل الحدّ من هذا الموت المجاني بسبب رعونة سائقين، وتهوّر شباب، وقَفْز الآلاف فوق سقف القانون، وكان دائمًا كتفًا إلى كتف مع نقيب خبراء السير الأسبق نجيب شوفاني الذي شكّل وإيّاه ثنائيًا خاضا معارك إعلاميّة وإصلاحيّة لوضع حدّ لهذا التفلّت القاتل، روى لنا في هذا الحوار كيفيّة ولادة الجمعية التي يتولّى أمانة سرّها والأهداف التي رَمَت إليها ورؤيتها المستقبليّة لوقف مسلسل ضحايا السير الذين تفوقوا في أعدادهم السنوية على ضحايا وباء كورونا!
في ما يلي نصّ الحديث:
س: أنت والنقيب نجيب شوفاني شكّلتما ولا تزالان ثنائيًّا أعطى كثيرًا على صعيد وَقْف نَزْف الحوادث المروريّة، وآخر الانجازات كانت إنشاءكم مع زملاء، “جمعيّة الثواني” التي شقّت طريقها بنجاح وبدأت تحقّق غاياتها المرجوّة. فماذا عن الجمعية وما كانت أهدافها؟
ج: بحكم عملنا كخبيرَي سير معًا أي مع النقيب شوفاني ومعي، وكذلك مع زملاء لنا تقاسمنا وإيّاهم مشاكل يعانيها خبراء السير في لبنان، كان لا بدّ من القيام بعمل جادّ عن طريق السعي لحلّ هذه المشاكل وإيجاد الحلول لها، بدلاً من التباكي والنواح. ولهذا باشرت والنقيب شوفاني، بداية، بعقد لقاءات مع أكبر عدد ممكن من الخبراء من اطياف المجتمع كافة، وبدأنا نزور المناطق اللبنانية ونعاين المشاكل ونستمع إلى المقترحات حتى بتنا كتلة ناخبة ضاغطة أوصلت ثلاثة نقباء ونواب رئيس وامناء سرّ واعضاء في المجلس التنفيذي إلى نقابة خبراء السير.
ولكن ما حققناه لم يكن على قدر الآمال بسبب الظروف التي كانت تعصف بالبلاد، إضافة إلى عدم إيلاء المسؤولين أهميّة للرعاية اللازمة لقضايا الحوادث المروريّة، لاعتبارات ربما كان منها، أن تلك الحوادث التي يجهلونها أو يتجاهلونها، ثانوية وغير ذات أهتمام. مع ذلك عقدنا العزم على المضي قدمًا في تحقيق ما ذهبنا إليه، وأوّل ما قمنا به، رَفْع بدل تقرير الخبير من أربعين ألف ليرة إلى خمسة وأربعين الفًا، أي ما يوازي ثلاثين دولارًا وفق سعر الصرف، آنذاك. وإلى ذلك، استحصلنا على بطاقة تعريف وتسهيل وقوف من مدير قوى الأمن الداخلي تمنع شرطي السير من تحرير ضبط بحق الخبير في أثناء تأديته واجبته. إضافة إلى سعينا ونجحنا في وقف التعيينات التي كانت تحصل بلا قاعدة، ما تسبّب بتضخّم اعداد الخبراء. كذلك حاربنا لتكون لدينا مدرسة مروريّة تخرّج خيرة شبابنا ممن نالوا الشهادة الثانوية بعد سنتين في تحصيل العلم اللازم ليصبحوا خبراء سير، ونجحنا في هذا المسعى. فضلاً عن أنّني أشرفتُ شخصيًا مع نخبة من الأساتذة على وضع المناهج التي اعتمدت لاحقًا. ثمّ قدّمنا مشروع طابع الخبير وتابعناه مع جميع الكتل النيابيّة من دون استثناء ليكون ريع هذا الطابع من الخبير الى الخبير، علّه يقيه شرّ العَوَز سيّما وأننا جُبهنا برفض انتسابنا الى صندوق الضمان الاجتماعي إسوة، على الأقل، بنقابتَي صيّادي الأسماك وسائقي سيارت الاجرة، علمًا أن هذا الطابع يتحمّله الخبير فقط، أي بصريح العبارة، لا تتحمّل الدولة او شركات التأمين أو المضمونون فلسًا من اعبائه. كما خفّضنا ساعات التأهيل التي كانت مقترحة حسب قانون السير الجديد من مئتَي ساعة تقريبًا إلى حوالى السبعين ساعة، وأكّدنا رفضنا شطب أي خبير في حال رسوبه، لا سيما إذا كان بعمر متقدّم، لأنّ رسوب هؤلاء لا يعني بالضرورة افتقارهم للمعرفة والخبرة بل قد يتعلّق بكتابة التقرير والأخطاء اللغويّة.
أمّا لماذا لم يكن أحد منّا في عداد الجسم التعليمي في المدرسة المروريّة، وقد عُرِض عليّ المنصب، فمردّ ذلك إلى رفضي كأمين سرّ في حينه، على رغم الالحاح من إدارة المعهد، كي لا يُقال أنّني استفدت من موقعي في النقابة لأمور شخصيّة، وكلّ ذلك حرصًا على مبدأ الشفافية.
بعد تزايد وارتفاع أرقام حوادث السير في لبنان، على رغم المحاولات الخجولة التي قامت بها مراجع مختصة رسميّة بالتعاون مع قطاع التأمين والجمعيات الأهليّة التي وُلدت بالصدفة أو نتيجة اصابة أو فقدان احد افراد عائلتها بحادث مروري، كان لا بدّ لمن يراكمون الخبرة والمعرفة، وعلى تماس يومي مع الحدث المؤلم، أن يقفوا وقفة العالم المتمكِّن وأن يقولوا كفى.
لقد أطلقنا جمعيّة الثواني للسلامة المروريّة بعد بحث ونقاش بين مجموعة من خبراء السير الذين مضى على تمرّسهم في خبرة السير
ما لا يقلّ عن ثلاثين عامُا تبوّأوا خلالها أعلى المراكز في نقابة خبراء السير في لبنان. ونتيجة لذلك، أنشأنا نواة من ثلاثة نقباء ونائب رئيس وامينَي سرّ وأعضاء مكتب تنفٌذي، حددوا الهدف ودرسوا مكامن الخلل وتناقشوا في الحلول ووضعوا الرؤية مستندين الى العلم والمعرفة والخبرة التي يتميّزون بها عن غيرهم، فكانت “جمعية الثواني للسلامة المروريّة”.
أما لماذا سمّيت بالثواني، فالجواب بسيط لأنه بالعلم والانضباط والمعرفة تكون الثواني كفيلة بتحاشي الكوارث المرورية، وبثوان من الاستهتار بالقوانين والجهل في قواعد السلامة المروريّة، تتحوّل الابتسامة الى دمعة، فإن لم تكن في الأرواح او الإصابات الجسديّة فبالخسائر المادية.
س: ذكرتم في مقابلات صحفيّة أنّكم تسعون إلى إنشاء أكاديميّة، فماذا عنها؟
ج: نسعى مع بعض الخيّرين إلى إنشاء أكاديميّة تحاكي أعرق الأكاديميّات المروريّة، وعلى أن تكون مجانيّة مئة بالمئة. والهدف منها أن يتلقّى الطالب معلومات ومواد ضروريّة تؤهّله لأن يكون مثلاً ومثالاً في فنّ القيادة وتطبيق مبادئ ومفاهيم السلامة المروريّة، على أن ينتقل لمتابعة تخصّصه، ومن ثمّ التقدّم إلى المرحلة العلميّة من خلال برنامج يحاكي حركة المرور وتواجد السيارات على الطرقات Simulator. بعد ذلك، نعرّفه إلى مساوئ القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدّرات أو الأدوية المؤثّرة من خلال نظارات ما أن تضعها على العينيْن، حتّى يتبيّن السائق إذا كان مخمورًا فاقد التركيز أم لا، وقد أتينا بتلك النظارات من الولايات المتحدة الأميركيّة. وعند نهاية الدورة يتوجّه الطالب إلى مدارس تعليم القيادة لمتابعة تخصّصه، ومن ثمّ التقدّم إلى الامتحان الذي لا بدّ من أن يجتازه بنجاح، وبكلّ تأكيد.
س: وهل من أهداف أخرى؟
ج: نعم هناك جملة من الأهداف وهذه أبرزها:
– نشر قانون السير وتعميمه والعمل على تطبيق مواده من خلال تدريسه واقراره في المناهج التعلٌميّة والتربويّة.
– نشر الوعي على السلامة المروريّة من خلال تغيير النهج والفكر والانتقال من مفهوم الزبائنيّة الى مفهوم المواطنيّة بالتوجه الى شرائح المجتمع كافة، لأنّ حضارة البلدان تقاس بتقيّد المواطن بقوانين سير البلد.
– ومن الأهداف أيضًا: العمل باستمرار للحدّ من عدد الوفيّات والاصابات البالغة، وبذل عناية مركّزة لتأمين سلامة المنتفعين من الطرق المعرّضين للخطر.
س: وما هي الخطوات العملانيّة والخطط اللازمة؟
ج: هي كثيرة منها:
– تنفيذ مقرّرات اللجنة الوطنيّة للسلامة المروريّة والتنسيق معها لتعميم ونشر مقرراتها ومشاريعها.
– السعي إلى إنشاء هيئات ولجان تابعة للجنة الوطنيّة للسلامة المروريّة في المحافظات والبلديّات تعمل على تأمين السلامة المروريّة ضمن نطاقها الجغرافي من خلال تنفيذ تعليمات اللجنة ورَفْع المقترحات والمعلومات والتقارير المروريّة الدقيقة لها.
– إيجاد شراكة وتعاون مع هيئات أهليّة معنيّة بموضوع سلامة السير على الطرقات بدل العمل الافرادي والعشوائي والتنافس في الظهور.
– تعزيز كفاءة الأشخاص العاملين في مجال السلامة المروريّة من خلال إرسالهم للمشاركة في دورات ومؤتمرات وندوات مهمّة محليّة كانت او دوليّة.
– زيادة التمويل العام المخصّص لتأمين السلامة المروريّة (اقتطاع نسبة من رسوم المخالفات المروريّة، رسوم الميكانيك، الجمارك على السيّارات المستوردة بفئتيْها الجديدة والمستعملة، حثّ المؤسسات الخاصة لا سيّما العاملة في قطاع التأمين الى المساهمة في تمويل العمل الساعي الى تأمين السلامة المرورية).
– تعزيز واشراك المدارس والأهل في مفهوم السلامة المروريّة .
– دورات تأهيليّة للأساتذة لتحسين معرفتهم بموضوع السلامة المروريّة، ليكونوا المرآة العاكسة ليُغذّوا مفهوم السلامة المروريّة ويزرعوها في عقول تلامذتهم.
– اصدار المراسيم التطبيقيّة لقانون السير الذي مضى على إقراره ما يزيد عن الثماني سنوات لغاية تاريخه.
– اعادة النظر بكامل النظام المعتمد في تدريب السائقين ومنحهم رخص القيادة، تحسين وتعليم وتدريب معلمي القيادة والفاحصين، تحسين المراقبة على المدارس الخاصة بتعليم القيادة.
– تلبية الدعوات في جميع المناطق والتنسيق مع الفعاليّات الأهليّة والنوادي الثقافيّة والرياضيّة لإقامة محاضرات ولقاءات لنشر التوعية على السلامة المروريّة ولشرح مواد قوانين السير التي لا يعرف رمزيّتها ومدلولاتها واهميّتها معظم اللبنانيّين، وتزويدهم ببعض المعلومات العامة التي من المفترض معرفتها مثل كيفيّة شراء الإطار (الدولاب) المناسب وقواعد القيادة الدفاعيّة وكيفيّة التصرّف بالأوقات الماطرة او المثلجة، والأهم كيفيّة التصرف عند حصول حادث، خاصة اذا اصيب احدهم من جراء حادث اصطدام او كيف نساعد شخصًا يحترق بانتظار وصول الإسعاف الطبيّ.
هذه بعض الأفكار والخطوات التي عاهدنا أنفسنا ومجتمعنا للعمل على تحقيقها، آملين أن نلقى المباركة والمشاركة والرعاية من المهتمّين بالقطاع من أهل القلوب الخٌيّرة والعقول النٌيّرة الذين يسعون لبلسمة الجراح ودرء الكوارث وزرع البسمة في مجتمعهم وبين أهلهم وناسهم.