الحَجْر الصحّي في لبنان … غير مدفوع
إعداد ندى معوّض أبو جمره
سؤالان لزاوية “فتاوى تأمينيّة” وصلا إلى بريدنا الالكتروني في بحر الشهر الفائت. الأوّل من قارئ مقيم في الأشرفية يسأل فيه عن موضوع يؤرِّق كثيرين حول التعويضات التي قبضها البعض من شركات التأمين جرّاء انفجار مرفأ بيروت وما إذا كانت ستُسترجع إذا تبيّن أنّ الإنفجار حصل نتيجة عمل إرهابي، والثّاني من قارئ صيداوي يسأل فيه عن الحَجْر الصحّي وما إذا كانت له تغطية تأمينيّة.
خبيرة التأمين السيدة ندى معوّض أبو جمره، محرّرة هذه الزاوية، أجابت عن السؤالَيْن معًا في الأسطر التالية.
– السؤال الأول من القارئ س.ف (الأشرفية) وفيه يقول: تضرّر منزلي الكائن في منطقة الأشرفية، جرّاء زلزال إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي إذ تحطّم الزجاج والشبابيك والأبواب المواجهة لموقع الانفجار. ولحسن حظّي أنّني كنت قد أّمّنت على منزلي بعقد تأمين ضدّ جميع المخاطر لدى شركة كانت من الأوائل التي عوّضت على المتضررين من دون أن تنتظر نتائج التحقيق الرسميّة. صحيح أنها لم تسدّد لي كامل مبلغ الأضرار التي تكبدتها، لكنني تسلّمتُ شيكًّا مصرفيًا أصبح بحوزتي، بينما لا يزال آخرون ينتظرون قرار الشركات.
لكن الآن، وبعد مرور نصف عام تقريباً على الحادثة، هناك معلومات متداولة بالإعلام عن إرتباط أسباب الزلزال بأمور سياسيّة. ومن هنا سؤال يطرح نفسه: في حال تبيّن أن الانفجار لم يكن قضاءً وقدراً، أو كان ناجمًا عن عمل إرهابي أو حربي، ماذا يفعل من كان مثلي، أي من قبض من شركات التأمين ولا وجود لبند في عقدهم التأميني يؤكّد أنّ الإرهاب والأعمال التخريبية والشغب والحرب مغطّاة جميعها؟
هل علينا في هذه الحالة، أن نعيد المبالغ التي قبضناها إلى شركات التأمين؟
ج: هذا الموضوع مرتبط بحيثيات التعويض التي إعتمدتها شركات التأمين. فهناك شركات دفعت للمضمونين لديها بناءً على عقود تأمين بحوزتهم، وهناك شركات أخرى عوّضت على المتضرّرين ولو لم تكن البوليصة تشمل الكارثة التي حصلت، مُقدِمة على هذه الخطوة من باب الدعاية والترويج لها في السوق المحلي.
وللتأكّد ما إذا كان عليك إعادة الأموال في حال طالبتك بها شركة التأمين، فإنّ عليك أن تقرأ المستند الذي كنت قد وقَعت عليه عند تسلّم المبلغ أو الشيك من الشركة المسمّى “إسقاط الحقّ”. فإذا كان يضمّ بندًا يُلزمك إعادة الأموال إذا تبيّن من التحقيقات الرسميّة أن الحادثة غير مشمولة بعقد الضمان الذي بحوزتك فعليك الانصياع للأمر. كما عليك إعادة المبلغ في حال عوّضت عليك أي جهة أخرى.
– السؤال الثاني (من خالد . م): عطفاً على موضوع تغطية شركات التأمين إلزاميًا لمرضى الكورونا خلال إقامتهم في المستشفى الذي تطرقتم إليه في العدد السابق، سؤالي الأول هو: هل هذه التغطية تشمل فترة الحَجْر؟ ففي بعض الأحيان يضطر المصاب بالكورونا عند خروجه من المستشفى إلى أن يستأجر منزلاً أو ينزل في فندق خاص، لكي يحجر نفسه لمدّة معيّنة بعيداً من منزله لتفادي نقل العدوى إلى عائلته، وبالأخص إذا لم يكن بالإمكان تأمين غرفة مستقلة له في المنزل. أمّا سؤالي الثاني فيتناول التّالي: هل بالإمكان إضافة تغطية على عقد التأمين تعوّض بدلاً يومياً من جرَاء التعطيل عن العمل بسبب الكورونا؟
ج: بالنسبة لسؤالك الأوّل: إن عقد التأمين الوحيد الذي يغطي كلفة الحَجْر هو عقد تغطية مخاطر السفر، مع العلم أيضاً أن هذه التغطية ليست موجودة في كل عقود تأمين السفر وإنها تغَطي المضمون في حال أصيب بالكورونا عند وجوده في الخارج، وذلك بالتعويض عليه ببدل يومي عن كل ليلة يمضيها في الفندق لمدة أربعة عشر يوماً. لكن عقود الإستشفاء اللبنانية لا تشمل هذه التغطية.
وجواباً عن سؤالك الثاني: صحيح أن صناعة التأمين مبنيّة على العرض والطلب، وقد صادفنا على مرّ السنين تطوّر التغطيات وتنوّعها وتشعّبها، لكنني لا أعتقد في الوقت الحالي، أن شركات التأمين قد تكون مهتمة لإضافة منتج جديد أو بند على عقد تأمين إستشفائي يغطّي بدل التعطيل عن العمل جرَاء كورونا ، فالتأمين مبنيّ على دراسات علمية إحصائية تأخذ بعين الإعتبار نسبة إحتمال حدوث الخطر المراد تأمينه، وكلما كانت نسبة حدوثه مرتفعة كلما تمنّعت عن تغطيته، أو زادت أسعارها، ذلك أنّ شركة التأمين لا تستطيع تغطية خطر يكون حصوله شبه مؤكد، وبالأخص في حالات الوباء التي تطاول شريحة كبيرة من العالم.
علينا أن نتذكر أن شركات التأمين، هي شركات خاصة تبغي الربح، وأن التعويض عن الكوارث الطبيعية والأوبئة هو من واجب الدولة وليس من واجب الشركات الخاصة.