في لبنان.. الاعتماد فقط على الكمامة
مع بدء العام الدراسي الجديد حضوريًا للمرحلتَيْن المتوسطة والثانوية من التعليم الأساسي والجامعي في عدد كبير من الدول العربية والأجنبية بعد سنة ونصف من التعليم عن بُعد بسبب جائحة كورونا، تبنّت دول عدة خططًا احترازية، كما حصل في المملكة العربية السعودية، للمحافظة على سلامة الطَلَبَة والهيئات التعليمية والإدارية، خاصة لناحية تحسين جودة الهواء الداخلي في القاعات الدراسية.
معلوم أن العديد من الدراسات، العلمية حذّرت “الإنحباس” مع مجموعات في بيئات داخلية، سواء في المنازل أو في أماكن العمل أو المدارس أو المطاعم وغيرها، حرصًا على ضمان جودة الهواء داخلها، وخلوّها من الملوّثات والمواد المثيرة للحساسيات وغيرها من الأعراض الصحية، بعدما بيّنت دراسات عدة أن 90 بالمئة من الناس يقضون وقتهم كمجموعات في بيئات مقفلة. من هنا جاءت فكرة قياس جودة الهواء الداخلي وضبط هذه الجودة والتأكّد من كفاءة أنظمة التهوئة والتكييف والتبريد، ودرجات الحرارة ونسب الرطوبة داخل القاعات الدراسية. والمقصود بجودة الهواء الداخلي للقاعات والمباني، ومنها المنشآت التعليمية، نوعية الهواء داخلها التي تؤثّر على صحة الأفراد وراحتهم ورفاهيتهم. ومن المعروف أن جودة الهواء الداخلي تتأثّر بالغازات (بما في ذلك أول أكسيد الكربون، الرادون، المركبات العضوية المتطايرة)، والجسيمات والملوثات الميكروبية (العفن والبكتيريا)، أو أيّ عوامل أخرى ذات آثار سلبية على الصحة والراحة والإنتاجية، مثل الروائح الكريهة والدخان والعفن وعث الغبار وما شابهها.
ومع عودة الدراسة حضورياً، وقضاء الطلاب ساعات عديدة داخلها، تزداد أهمية حرص المنشآت التعليمية على رفع جودة الهواء داخل الفصول الدراسية والمختبرات والمكتبات والقاعات وغيرها من أماكن تجمّع الطلاب، خاصة مع استمرار ظروف الجائحة. وهذا لا يعني تركيب أجهزة تكييف جديدة، بل المقصود هنا التأكّد من كفاءة نظام التهوئة عبر كامل المنشأة، ومعدّلات تجديد الهواء لضمان عدم تدوير الملوّثات، وضبط درجات الحرارة ونسب الرطوبة لمنح الطلاب الراحة ورفع قدراتهم الأكاديمية من ناحية، والحدّ من نمو الفيروسات والبكتيريا ومسبّبات الأمراض الأخرى من انتشار معًا، من ناحية أخرى.
ويُعدّ معدّل تجديد الهواء، أيّ دخول الجديد منه وخروج الملوَّث بعد تدويره داخل المبنى، من العوامل المهمة في الحدّ من تركيز الملوثات وزيادة معدّلات الجودة. ومن العوامل المؤثرة في تجديد الهواء ما يتعلّق بالتصميم الهندسي والإنشاء واستخدام المبنى، بحيث يتمّ تجديد الهواء عبر فتحات وشقوق في الجدران والأرضيات والأسقف وحول النوافذ والأبواب، أو من خلال التهوئة الطبيعية عبر النوافذ والأبواب المفتوحة، أو التهوئة الميكانيكية من خلال أنظمة التهوئة والتكييف والتبريد، ومنها المراوح والمكيّفات. ذلك أن تجديد الهواء كلّ ساعة داخل المدارس يحول دون تأثّره بالتغييرات الفيزيائية والكيميائية التي تعمل على تناقص كمية الأوكسجين وزيادة كمية غاز ثاني أكسيد الكربون، علاوة على الروائح والحرارة والرطوبة التي تنتج عن أنشطة الأجسام. وبديهي أن تزداد هذه النسب بزيادة عدد الطلاب وحركتهم ونشاطهم، من هنا يجب على المنشأة التعليمية الحرص على قيام نظام التهوية فيها بتجديد الهواء داخل الفصول والقاعات بمعدل 5 إلى 6 مرات كل ساعة، حفاظاً على صحة التلامذة، وهذا ما سعت إليه المملكة العربية السعودية وشرّعت في تنفيذه.
شركة آل سالم جونسون كنترولز (يورك)، وحرصًا منها على دعم رؤية المملكة 2030 لتعزيز التصنيع المحلي، وسعياً منها إلى أن تكون من كبار المساهمين في المساعدة في مواجهة آثار جائحة كوفيد-19، واكبت تطوير المنتجات في مصنع يورك، الذي أنتج وحدة تنقية هواء سعودية الصنع متنقّلة وسهلة الاستخدام وتساعد مختلف المنشآت على رفع جودة الهواء داخلها، بفضل أحدث التقنيات. هذه الوحدة تلائم مختلف التطبيقات، مثل المنشآت التعليمية الصغيرة والكبيرة، والمنشآت الصحية والتجارية والسكنية والمكاتب والفنادق وغيرها، بحيث تعمل على تنقية هواء الغرفة بنسبة تصل إلى 99.97% عبر نظام ترشيح (فلترة) يتمّ على عدة مراحل، في المرحلة الأولى يزيل الجسيمات الكبيرة والرطوبة من الهواء، وفي المرحلة الثانية “يُفلتر” الهواء باستخدام صوف محمّل بالكربون المنشِّط، لاحتباس المواد الغازية، مثل الروائح أو الدخان. بعد ذلك تُفَلْتر الجسيمات الدقيقة التي تتسرَّب من المرحلتَيْن السابقتَيْن، وذلك باستخدام جهاز “هيبا فلتر” العالي الجودة والمقاوم للرطوبة، لضمان أقصى حماية من المركبات العضوية والبكتيريا والفيروسات التي تنتقل عبر الهواء. كما تتضمّن وحدة التنقية على جهاز استشعار جودة الهواء، تساعد المستخدم على تحديد معدّل هذه الجودة داخل الغرفة، ومن ثم ضبط الوحدة، من حيث السرعة وقوة التنقية اللازمة.
ان ما أقدمت عليه المملكة (وربما دول خليجية أخرى)، لن يجد له صدى في لبنان الذي بدأت تشهد مدارسه منذ الأول من أيلول سبتمبر (الحالي) عودة التلامذة إلى الصفوف، من دون أن تؤمّن وزارة التربية الإجراءات الكفيلة بالحماية من كوفيد، اللهمّ سوى إطلاق الوعود بالتحضير لحملات مكثّفة لتلقيح من هم دون العشرين من أعمارهم، أيّ بعد أن يكون الفيروس قد انتشر بما فيه الكفاية.
والسؤال: هل تسارع وزارتا التربية والصحّة إلى اتباع خُطى المملكة لناحية استقدام جهاز تنقية الهواء؟
هذا ما نأمله.