إعداد باسكال هبر
تتابع السيدة باسكال هبر بجاني الردّ على أسئلة القرّاء ضمن زاوية “ثقافة تأمينيّة” المخصّصة لتوعية القرّاء وإرشادهم، صحيًّا وطبيًّا، قبل أن يتفشّى المرض ولا يعود العلاج عندها نافعًا بالقدر المطلوب. في هذه الحلقة، إجابة عن كيفيّة التعامل مع الدواء منذ لحظة الدخول إلى عيادة الطبيب، إلى حين شراء الدواء من الصيدليّة، وصولاً إلى البدء في تناول العلاج.
– من سمير – ن (العراق)، وفي رسالته يقول: أعطاني الصيدلاني دواء لا يمتّ إلى ما يجب أن أتناوله بصلة نتيجة الوصفة الطبيّة التي كتبت بخطّ غير واضح على عادة الأطبّاء. وضمن الإطار نفسه، سمعت أخبارًا عدّة عن أخطاء يرتكبها الأطبّاء والمرضى والممرضات أيضًا في المستشفيات. في مثل هذه الحالات، كيف علينا كمرضى أن نتصرّف؟
ج: أخطاء جسيمة في تناول الأدوية قد تقع أحيانًا، وقد تجرّ إلى عواقب وخيمة إذا أخطأ المريض في أخذ عقار آخر شبيهًا للدواء المطلوب في شكله أو اسمه أو علبته. وعلى سبيل المثال، فقد يلجأ شخص مُصاب بمرض قلبيّ، إلى عقار مبذول في الصيدلية من مضادات الحساسيّة (الهيستامين) لمعالجة احتقان أنفي. وقد يختار عن غير قصد واحدًا يسبّب آثارًا جانبيّة خطيرة تضاعف من حدّة مرضه القلبي كتسارع في خفقان القلب. وبعد لحظات من تعاطيه هذا المضاد، يُصاب بصداع وارتفاع بضغط الدمّ.
قد يُخطئ الصّيدلاني هو أيضًا في قراءة اسم دواء مدوّن في الوصفة الطبيّة فيعطي المريض دواء آخر مشابه له في الاسم إلى حدّ بعيد، كأنّ يناوله عقار Navane الذي يُستخدم لتهدئة الاضطرابات النفسيّة بدلاً من Norvasc لمعالجة ارتفاع ضغط الدمّ!
إنّ عشرات من هذه القصص تحدث كلّ يوم وتؤدّي إلى نقل الكثيرين في سيارة الاسعاف إلى قسم الطوارئ بالمستشفى. ولا يسلم من ذلك حتّى الذين يتعاطون أدويتهم في منازلهم أو على أسرّتهم في غرف المستشفيات.
ولكن ما علّة تفشّي هذه الأخطاء الدوائيّة؟
هنالك أسباب عدّة لذلك، أحدها أنّ كثيرًا من قدامى الأطبّاء ليسوا على علم كامل بسرعة جسم المريض في امتصاص الدواء، أو بحقيقة التفاعل بين عقار وآخر، إذ أنّ العديد من العقاقير الجديدة تُطرح يوميًا في الصيدليّات لم يكن الأطبّاء في الماضي يعرفون عنها شيئًا.
هذه الأسباب لا تعني أنّ المرضى غير معنيّين بتحمّل قسطمن المسؤوليّة! على العكس من ذلك، فلقد تبيّن من خلال التجارب أنّ حوالي 40 بالمئة منهم، خصوصًا المُصابين بارتفاع ضغط الدم على سبيل المثال، لا يمتثلون لأوامر أطبّائهم. بل أنّ بعض أولئك لا يكلّف نفسه حتّى عناء شراء الدواء. وبعضهم يكتفي باستهلاك علبة واحدة أو يتناول جرعاته جزافًا وكيفما اتفق. لذلك، فإنّك عندما تجلس أمام الطبيب في عيادته، أحِطْهُ علمًا بكلّ أنواع الأدوية التي تستخدمها، بما في ذلك العقاقير المبذولة بدون وصفة طبيّة. ثمّ أنّ كثيرًا من الأشخاص لا يدركون بأنّ الأدوية التي توصف لهم يمكن أن تتفاعل مع الأطعمة التي يأكلونها، أو مع الفيتامينات أو الأدوية الأخرى. ولنأخذ مثالاً يوضح ذلك: إذا أُخذ عقار Prozac مع عقاقير أخرى معيّنة لمكافحة الاكتئاب، قد تنجم عنه الأعراض المسمّاة “متلازمة سيروتونين“ التي تسبِّب ارتفاعًا في الحرارة وتصلّبًا عضليًا وهياجًا بل وغيبوبة أحيانًا. وإلى ذلك، فإنّ مضادات الحموضة يمكن أن تُضعف مفعول بعض المضادات الحيويّة، لذلك يجب أن يُباعَد ما بين النوعَيْن بمقدار ساعات.
لذا لا تغادر العيادة قبل أن تتأكّد من اسم الدواء الذي وصفهلك الطبيب، ومقدار الجرعة وعدد مرّات تناول الدواء في اليوم. ومن الأسئلة الأخرى الواجب طرحها:
ولمزيد من الاطمئنان، حاول أن تبتاع كلّ أدويتك من صيدليّة واحدة، مع اختيار صيدليّة تعتمد حاسوب في تدوين أسماء الزبائن والأدوية التي يتعاطونها. فإذا اخترت لنفسك صيدليّة واحدة، فإنّ الصيدلاني قد يصبح أكثر احتمالاً بأن يلاحظ وجود الأدوية التي تعارض بعضها بعضًا، وقد يحول دون الإسراف في تعاطي الجرعات.
ثمة نصيحة إضافيّة يجب ذكرها وهي أن يقرأ المريض الورقة المُرفقة بعلبة الدواء قبل المباشرة في تناول الجرعات. ومن المفيد هنا قراءة قصّة الأمّ التي اتّصلت بالطبيب هاتفيًا لكي تخبره بمدى القلق الذي تشعر به لأنّ حالة طفلتها المُصابة بالتهاب أذني، لم تتحسّن، بل لا يزال الألم على حاله من الشدّة، على رغم انقضاء اسبوع على تعاطيها المضاد الحيوي الذي وُصف لها.
ولكن بعد مزيد من المساءلة، تبيّن أن الأمّ كانت تصبّ المضاد الحيوي في أذن طفلتها بدلاً من إعطائها إيّاه فمويًا. لقد كانت إيضاحات الطبيب صحيحة، فقد طالب بإعطاء الدواء شرابًا، وكذلك أوضحت الوصفة لكنّ الأمّ تسرّعت واستعملت الدواء كما توهّمته.
وهناك احتياط مهمّ آخر متعلّق بسلامة الأدوية. اكتب على بطاقة منفصلة وبخطّ واضح مقروء أسماء الأدوية التي وصفها لك الطبيب، وما هي أسباب تعاطيك أيّ نوع منها، وأوقات تعاطيها ومقدار جرعتها. هذا السجلّ البسيط يساعدك على التقيّد بمواعيد تناولك الدواء.
كما أنّ حسن تخزين علب الدواء في صيدليّة المنزل، لا يؤدّي فقط إلى حماية الأطفال المتطفّلين، بل يساعد على منع الاختلاط الضارّ بين دواء وآخر. إذا كانت حاويات الدواء مختلطة بمواد أخرى تجميليّة وغير تجميليّة كمعجون الأسنان، فإنّ المرء في لحظات طارئة، قد يمدّ يده ويسحب زجاجة أو حنجورًا بطريقة الخطأ، ويأخذ مادة يمكن أن تسبّب له أخطر الأعراض!
والانتباه يجب أن ينسحب على المستشفى أيضًا، بمعنى أنّ على المريض أن يظلّ على الدوام في حالة من التنبُّه والحذر حتّى ولو كان متمدّدًا على سريره في المستشفى، إذ أنّ كلّ إنسان قد يصبح ميّالاً إلى التراخي في حذره عندما يجد نفسه محوطًا بهذا العدد الكبير من الأشخاص الذين يضطربون من حوله ويعملون على تحقيق شفائه.
إذا كانت حالتك الصحيّة تستدعي تناولك أدوية مركّنة أو مهدّئة مسبّبة للنعاس، فأنِب عنك صديقًا أو قريبًا، في طرح الأسئلة اللازمة. من الاحتياطات اللازمة التي تستوجب الاهتمام بها: