التسلّم والتسليم بين الوزير السّلف والوزير الخلف..
في أوّل نشاط رسمي له بعد تسلّمه وزارة الاقتصاد والتجارة، عقد الوزير الجديد أمين سلام، بحضور مدير عام الوزارة محمد أبو حيدر، اجتماعًا مع وفد من دور النشر والكتبات قوامه السادة: رئيس نقابة أصحاب المكتبات في لبنان جورج تابت، رئيس مجموعة “صادر” جوزف صادر، صاحب شركة “حبيب ناشرون” جوزف حبيب فيصل، وصاحب “دار الفكر اللبناني” و”دار النديم” جاد عاصي.
ومع أنّ بيانًا رسميًا عن هذا الاجتماع وما دار فيه لم يصدر عن مكتب الوزير سلام، إلاّ أنّ ما فُهم من مصادر وفد دور النشر، هو أنّ هذا اللقاء كان ضروريًا وملحًّا، ومن هنا الإسراع في تحديد موعده، لتزامنه مع العودة إلى الدراسة في وقت بدأت ترتفع أصوات الأهالي نتيجة ارتفاع سعر الكتاب المدرسي وسائر المستلزمات الورقيّة، وهذا الارتفاع مرتبط، كما هو معلوم، بأسعار الطباعة الباهظة، وهذا طبيعي ما دام شراء الورق والحبر وكلّ ما له علاقة بهذه الصناعة يتمّ بالدولار الأميركي “الفريش”.
ولأنّ بحث هذا الموضوع يحتاج إلى أكثر من لقاء، كما أنّ اقتراحات عدّة توضع على طاولة الاجتماعات لاختيار المناسب منها والتي يمكن أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ، فقد تمّ الاتّفاق على عقد اجتماعات أخرى، الثاني منها سيكون في بحر الأسبوع المقبل. وفي نهاية هذا الاجتماع، أبدى الوزير سلام أمام المجتمعين رغبته في الالتزام بالمسؤوليّة القصوى تجاه المواطنين معبّرًا عن حرصه على اعتماد الأسعار المخفّضة الأكثر تناسبًا مع الواقع الذي يواجهه المواطن اللبناني بشكل عام.
وكان الوزير سلام ومنذ لحظة تبلّغه نبأ اختياره لهذه المهمّة الجديدة، قد أكبّ على تحضير برنامج لاستراتيجية العمل مبنيّة على ثلاث ركائز، الأولى إنجاز البطاقة التمويليّة، حماية المستهلك من كلّ صنوف الاحتيال والتلاعب بجودة السلع، والثالث إقرار قانون للمنافسة العادلة كجزء من الاصلاحات الماليّة والاقتصاديّة التي تشكّل ضمانة لتحقيق التوازن في السوق.
ولوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ، اجتمع في اليوم الأوّل لتسلّمه الوزارة مع الموظّفين، فاستمع إليهم ووضعهم في صورة عمّا ينوي الإقدام عليه خلال تولّيه هذه المسؤوليّة. أمّا الأفكار العامّة التي عرضها أمامهم، فقد كان تقدّم بها إلى اللجنة الوزاريّة المكلّفة صَوْغ مسودّة البيان الوزاري التي اطّلع عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورحّب بها مُبديًا إعجابه بمضمونها. وتتضمّن هذه الورقة اثنتَيْ عشرة نقطة بينها تحفيز الانتاج المحلّي، إقرار سياسة عمل لخلق 200 ألف وظيفة في غضون 5 سنوات، تصغير العجز الحالي، إقرار نظام ضرائبي جديد يرتكز على الضريبة التصاعديّة على الدّخل، تطوير أنظمة الحماية الاجتماعيّة والرعايا الصحيّة كون وزارة الاقتصاد هي الوصي على شركات الضمان في لبنان عبر لجنة الرقابة على هذه الشركات. ومن المعروف أنّ موضوع الرعاية الصحيّة قد يسبق البحث بشأنها نقاطًا أخرى وردَت في ورقته الاصلاحيّة بسبب رفع المستشفيات أسعارها ومطالبتها شركات التأمين بتسديد الفواتير الاستشفائيّة بالدولار الفريش (30 أو 40 بالمئة) وما تبقّىباللولار (الدولار المحبوس في المصارف وبنسبة 60 إلى 70 بالمئة)، مع العلم أنّ معظم الشركات كانت حتّى الأمس القريب تستوفي ثمن البوالص على أساس الدولار الرسمي (1515 ل.ل.). وقد انتهت مهلة الإنذار التي وجّهتها نقابة المستشفيات منتصف الشهر الحالي من دون توصّل الجهتَيْن إلى قواسم مشتركة بانتظار تشكيل الحكومة وتسلّم وزير جديد وزارة الاقتصاد.
وباختصار، يمكن القول أن تحدّيات كبيرة تواجه الوزير سلام المتخصّص في الإدارة وبرامج القيادة وفي القانون الدولي المقارن والمستشار الدولي في الاقتصاد والتطوير الاجتماعي والإدارة والقيادة الاستراتيجيّة والشؤون العامة والاتّصالات، فضلاً عن تولّيه مركز نائب رئيس الغرفة الوطنيّة الأميركيّة العربيّة للتجارة.
أخيرًا، لا يسعنا إلاّ التمنّي له بالتوفيق وتجاوز التحديّات والعقبات.