الطبيب زكي سليمان باللباس الطبّي المعقّم وخلفه شعار LAU (مستشفى رزق)
لم ينسَ قرّاء موقع “تأمين ومصارف” بعد ذلك التحقيق المصوّر الذي أجريناه مع السيدة إلسا ضعون، المسؤولة الإدارية في مدرسة زهرة الإحسان والمتعاونة تحريريًّا مع هذا الموقع. ففي ذلك التحقيق، أطلقت إلسا توجّهًا جديدًا لكيفية تخطّي انقطاع البنزين وتجاوز وقفة الذلّ أمام المحطات. وقضى ذلك التوجّه بِنَفْضَها الغبار عن دراجتها الهوائية لاستخدامها في رحلتها اليومية من منزلها في ضواحي الأشرفية إلى مدرستها القائمة في قلب المنطقة التي زارها الشاعر الفرنسي ألفونس لامارتين في العام 1832 وأقام في بيت من بيوت مار مارون الذي كان يقع على بعد عشر دقائق عن المرفأ. وتحتاج إلسا لتصل إلى مقرّ عملها ما يقرب من ثلاثة أرباع الساعة ركوبًا على الدراجة، وربع ساعة بالسيارة إذا كان المرور طبيعيًّا ولا إزدحام في الطرقات.
وكاد لا يُنشر ذاك التحقيق المصوّر حتى توالت التعليقات مُثنيةً على هذه الفكرة التي ابتدعتها وسارعت إلى اعتمادها، تماشيًا مع الواقع اللبناني الجديد الذي بنى جدارًا سميكًا، أين هو من جدار برلين، بين لبنان الحضارة والتطوّر وبين لبنان الذي عاد القهقرى إلى الوراء خمسين سنة بأقل تقدير!
وكادت لا تمرّ ساعات على ظهور المقال المصوّر على موقع المجلّة وعلى صفحتَيْها في الفايسبوك وLinkdin حتى جاءها اتصال من مندوب في محطة M.T.V. يطلب منها الاستعداد لمقابلة مصوّرة عن هذا الحدث الذي تصدّر واجهة الاهتمامات، بعدما انتقل من خبر عادي (بارد إذا صحّ التعبير) إلى خبر ساخن، يجسّد الواقع المؤلم للمعلّمين (وللطلبة أيضًا) لعدم القدرة المادية على شراء صفيحة البنزين للوصول إلى المدرسة.
وما إن بُثّ التحقيق المصوّر على شاشة M.T.V. حتى انهالت الاتصالات الهاتفية على إلسا، و”انهمرت” التعليقات على صفحتها على مواقع التواصل الإجتماعي، مهنئةً داعمةً مثنيةً على هذه المبادرة الفردية التي تؤكّد أن لبنان قام ولا يزال يقوم على هذا النوع من المبادرات بسبب تقاعس الدولة عن تأدية الأدوار المطلوبة منها وعن استقالتها من الواجبات المهمّات العائدة لها.
لكن ما أقدمت عليه إلسا ضعون تحوّل إلى Trends. وتمثّلت القنبلة الكبيرة التي دوّت في لبنان وخارجه، باستعانة الطبيب النسائي زكي سليمان (من مستشفى رزق) بدراجته الهوائية للوصول إلى غرفة العمليات على جناح السرعة وإتمام عملية ولادة طفل. ويعود سبب الاستعانة بدراجته، عدم توافر مادة البنزين في سيارته نتيجة الوضع المزري الناتج عن فقدان الوقود. وبعد نجاح العملية وخروج الطفل إلى النور، ارتدى الطبيب ملابس قيادة الدراجات والتقط صورة معه “لأنه في يوم من الأيام سيعلَم من والدَيْه أن الطبيب جاء على متن دراجة لولادته في زمن شحّت فيه الوقود والأدوية والطعام وسادت العتمة في أرجاء كثيرة من المنازل”، كما كتب على صفحته في الـفايسبوك.