د سميرة الشاعر… هدفي تبسيط الحياة وإخراجها من ايدي مدّعي العلم
“السيرة النبوية بثوب إدراي” هو مضمون الكتاب الجديد الذي أصدره البروفسور د. سمير الشاعر، في إطار المقارنة بين الشريعة وعلوم الإدارة، وبخلاف مؤلفاته الأخرى بين كتب ودراسات تفوق الخمسين مؤلفاً. فما المقصود من هذا الجمع، وبخاصة أن هذا الكتاب الجديد ليس الأول من نوعه بل الرابع؟
وبهدوئه المعتاد والمشهور به، أجاب د. الشاعر عن السؤال الذي كان ينتظره، كما بدا، بالقول: “قد يكون الرد الواضح بالعودة الى الكتب السابقة عليه وهي: الأول، “قراءة إدارية بين يدي كتاب الله”، وهو يصنّف في علم التفسير، وجاء على الشكل التالي: الآيات يلحقها تفسيرها وتتبعهما القراءة الإدارية. الثاني، “رياض الإداريين من رياض الصالحين”، وهو من كتب الحديث، أي ذكر الحديث مشفوعاً بقراءة إدارية موجزة يترك للقارئ أن يستنبط آفاقها، علماً أنه أُعدّ بعده الكتاب الثالث “الأربعون الإدارية من الأربعين النووية”، والكتابان للإمام النووي، وقد اخترتهما لانتشارهما الواسع في الأمة. ويبقى الرابع الذي بين أيدينا المختص بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم”.
تابع: “أما لماذا هذه الخلطة، كما سألتَ، لأن مرجع المسلمين في العبادة والاستدلال هو كتاب الله، وسنّة نبيه، والإجماع. أما العلوم الإسلامية الأخرى فكثيرة منها التاريخ (السيرة)، وأتمنى أن يكون لي حظ في ولوج غالبيتها بهذا المزيج الذي يقرّب الواقع والحياة المعاشة بمفهوم زماني وليس دينياً وعظياً فقط، فقليل أمور الحياة وجليلها يحتاجان للفكر والنفس الإداري من التفاصيل داخل الأسرة إلى سائر المجتمع، علماً أن رد كلّ شيء للغيبيات هو غير دقيق، فالمرء لا بدّ أن يقدّم الأسباب، ولا يتواكل”.
س: وإلى مَ تهدف مما تكتب؟
ج: كل ذلك بهدف تبسيط الحياة، وإخراجها من أيدي مدعيّ العلم الذين يصوّرون التديّن خارج الحياة ويستدرجون بعضهم الى ما هو ضد الدين والمجتمع والإنسانية. هذا على الصعيد العام. أما على الصعيد الشخصي والخاص فهو عون لكل راغب في تحسين حياته الأسرية وإنجاح أعماله، ولهم في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القدوة الحسنة.
ان الكتاب موضوع هذا المقال، ركّز على حياة النبي الإنسانية والبشرية، وكيف أنه يتعلم من الحياة ويُحسّن ويطوّر ويجتهد ويشاور، وهو فوق ذلك مؤيد من الله. فمن داخل محطات السيرة، أوردنا الكثير من المواقف التي اتخذ فيها النبي القرارات وراعى المخاطر وواجه التحديات وحلّ المشكلات، وأيضاً وضّحنا أن حياته على الصعيدين الشخصي والمجتمعي، لم تكن وردية، كما تتصوّر الغالبية، وركّزتُ في الكتاب على أمرين بشكل أساس: (1) “حديث الإفك” نال قلب بيت النبوة، و(2) “النفاق والمنافقون” اللذان استهدفا المجتمع الوليد في المدينة. ومع كلّ موقف من مواقف دعوته قبل البعثة وفي الفترة المكية وبعدها المدنية، عرضتُ لصِيَغٍ من قراراته من الزاوية الإدارية ليكون لنا نهج نستعين به في حيواتنا.
س: إذاً الهدف تعليمي؟
ج: لا أقولها بهذه الصيغة، فالكتاب إذا تناوله الشرعي وجد مبتغاه بشكل ميسّر عما تستعرضه أمهات الكتب. فالتفاصيل غير مطلوبة في كلّ حين، وعموم الناس من غير المختصين بالشريعة يجدون لغة ليست بعيدة من معرفتهم وبل تعينهم على الاطلاع الشرعي. أما الراغب في المزيد، فأمامه الأمهّات وما بعدها.
س: هل سبقك في هذا المزج أحد؟
ج: بالصيغة التي أورت فيها مؤلفاتي المقارنة فلا، ولكن نثرات الفكرة مبثوثة في جلّ كتب الأقدمين والمعاصرين، وإن بغير الألفاظ الإدارية ومن سنوات قليلة وعبر وسائل التواصل، تحدث معي شخص يشكر لي بعض كتاباتي “الأكاديمية” المقارنة، وقال أنها “نفس جديد وشيء جميل”، فأخبرته عن مؤلفاتي الثلاثة السابقة على كتاب خبرات النبي (صلى الله عليه وسلم) الإدارية، فقال (وهو كادر في دولة خليجية كبرى): أنه كان يفكّر ببعض هذا ولكنه معجب بما تمّ، وقال، على روايته، أنه لم يسبق أن شهد شبيهاً لما أعددت فضلًا عن كادر آخر طلب أن يتواصل معي بخصوص كتاب “دليلك إلى سور القراءان” وهو الشق الإحصائي المأخوذ من كتاب “قراءة إدارية بين يدي كتاب الله” والذي ميزّه الاستعراض الإداري، وغيرهما.
وتسمح لي أن أضيف: منذ يومين نُشر بحث عن أوقاف الفضاء وكنت كتبت لمؤتمر في الإمارات قبل عشرين سنة عن الموضوع. يومها ذُهل الحاضرون من الفكرة وطلبوا تفاصيل في حينها. ولا أذكر ذلك تفاخراً بل هو دعوة لإعمال العقل بمصالحنا الأنية والمستقبلية، اذ ليس كلّ جديد بدعة، فالأقدمون أدلوا بدلوهم، وآن لنا أن نسير على دربهم.