الوزير يترأس الإجتماع
مع أنّ اللقاء بين وفد جمعيّة تجار بيروت برئاسة السيد نقولا شمّاس وبين وزير الاقتصاد والتجارة الجديد أمين سلام هو مبدئيًّا للتعارف وتبادل الآراء في ما خصّ المرحلة المقبلة المليئة بالمطبّات وعلى مختلف الأصعدة، إلاّ أنّ هذا اللقاء الأوّل من نوعه، كان بمثابة إرساء مداميك قويّة لبناء صرح التعاون والتنسيق بين الجانبَيْن وخصوصًا أنّ الوزير، كما جمعيّة تجّار بيروت، يرغبان معًا في تمتين هذه العلاقة وصولاً إلى تحقيق الأهداف المشتركة والتي يمكن تلخيصها بكلمات: إعادة الرّوح إلى الاقتصاد اللبناني وطبعًا إلى القطاع التجاري الذي هو أساس الاقتصاد، كما قال السيد شمّاس مخاطبًا الوزير سلام.
لم يُخفِ رئيس جمعيّة تجّار بيروت حزنه جرّاء ما تعرّض له هذا القطاع، سواء خلال الحرب الأهليّة ابتداءً من العام 1975، وصولاً إلى انفجار المرفأ، مرورًا بمحطّات عديدة كان القطاع التجاري فيها يتلقّى الضربات ثمّ يحاول النهوض، وينهض، إلى أن بلغ السّيْل الزُّبى، كما يُقال، وبات التاجر يعدّ أيّام البقاء وقت أقفل العديد من زملائه محلاّتهم ومتاجرهم ليلزموا بيوتهم أو يقرّروا تصفية ما يملكون من بضائع لوقف هذه المقصلة المستمرّة في إعدام هذا القطاع.
ما أثلجَ صدر وفد جمعيّة تجّار بيروت قَوْل الوزير أمامهم أنّه أتى لتسلّم هذا المركز من القطاع الخاص وأنّه سيكون المدافع الأوّل عنه، وهو ما يستلزم تعاونًا مستمرًّا بينه وبين الجمعيّة لتقديم الأفضل والأحسن، وكلّ ذلك خدمةً للاقتصاد الوطني.
وما أثلج القلوب أيضًا تأكيد الوزير للوفد أنّه عمِلَ سابقًا في غرفة التجارة في الولايات المتّحدة وأنّه بنى علاقات متينة جدًّا مع صندوق النقد الدولي، ومع دول أوروبيّة وعربيّة. أكثر من ذلك، أخبرهم أنّه خلال الفترة السابقة بنى بينه وبين من تعرّف إليهم وعمل معهم، وهم من أبرز المسؤولين، يثقون به وبطروحاته وأفكاره، وهذا هو نصف الطريق نحو التّغيير المنشود، بمعنى أنّ إعادة إحياء الاتّصالات بينه وبين المجتمع الدولي سيكون سهلاً وستكون نتائجه إيجابيّة.
بدوره وضعَ رئيس الجمعيّة مضيفه في أجواء التعاون المرتقب ودائمًا لغاية أساسيّة هي رَفْع الظلم عن قطاع التجارة وإعادة إحياء الاقتصاد الذي عانى ويعاني والذي من دونه لن تكون للبنان قيامة. لقد أبلغ شمّاس الوزير سلام أنّ لا وصيًّا على الجمعيّة ولاعلى التجار، بل تعاونٌ من الندّ إلى الندّ، وأنّ ما واجهه هذا القطاع من صعوبات تكفيه وبالتالي فالجمعيّة لا تريد عداءً مع الوزير. وهنا لفت نظره إلى ما يُحكى عن سلسلة الرتب والرواتب والتي تسبّبت في الماضي بالأزمة الماليّة التي يعانيها لبنان حاليًا، أمّا البديل فيكمن في تحسين القدرة الشرائيّة، وفي إطلاق البطاقة التموينيّة قبل الكلام على الأجور. أمّا بالنّسبة للوكالات الحصريّة وما يُشاع عن إلغائها، فكان للسيّد شمّاس رأيٌ في ذلك اختصره بكلمتَيْن: تشجيع المنافسة وعدم الكلام عن توحيد الأسعار. ثمّ كانت له جولة أفق تناول فيها موضوع التسعير بالدولار وضرورة ضبط الحدود والتهريب وتعزيز التنسيق والتعاون وقال له بفخرٍ واعتزاز: “أنت سفيرنا يا معالي الوزير في الحكومة وفي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”. وأنهى كلامه بالقول أنّ الإسراع في إيجاد الحلول يبقى العامل الجوهري لكم يا معالي الوزير ولنا كتجّار، كما للبنانيّين جميعًا.
تبقى إشارة إلى أنّ رئيس الجمعيّة اصطحب معه إلى هذا الاجتماع كلّ من السادة: هاني بحصلي، جورج تابت، د. باسم بواب، نبيل حاتم، كميل بولس وفادي شحرور. أمّا الوزير فقد اصطحب معه إلى الاجتماع مستشاره السياسي والاقتصادي السيد محمد حلبي.
نشير في الختام إلى أنّ اللقاء كان ناجحًا ومُثمرًا وقد لَمَسَ الوفد إصرار الوزير سلام على إنجاز المطالب في أسرع وقتٍ ممكن خوفًا من الوقت المداهم وتشبّهًا بما أنجزه في القطاع الخاص قبل أن يتسلّم هذه المهمّات. واللقاء سيتكرّر طبعًا بطلب من الوزير ومن ضيوفه ليتعزّز التشاور والتنسيق والتعاون، وهذا ما يسعى إليه الطرفان.