أسواق بيروت… فارغة
لأنّ المبادرة الفرديّة في لبنان تبقى وحدها المعوَّل عليها في ظلّ غياب الدولة وتَرْكِها الأمور على الغارب.. وبعدما حصلت جمعيّة الصناعيّين على قرار من مجلس الوزراء يجيز لها استيراد مادّة المازوت، وقد اتّفقت من أجل ذلك مع شركتَيْن لهذا الاستيراد ومن دون دعم.. كشفتْ جمعيّة تجّار بيروت بلسان رئيسها السيد نقولا شمّاس، عن اتّفاق مع شركة “مدكو” لتأمين مادّة “الديزل أويل” غير المدعوم للتّجار، وفقًا لآليّة خاصّة لناحية تحديد الكميّات المطلوبة، وجدولة التسليم وكيفيّة السداد. أمّا الدافع إلى هذه الخطوة، فهو حرص الجمعيّة على تأمين كافة الوسائل التي من شأنها تسهيل استمراريّة العمل التجاري على كافة الأراضي اللبنانيّة وإمكانيّة متابعة النشاط (لا سيما لجهة التخزين والتبريد والنقل والتوزيع)، في أفضل الظروف الممكنة وسط الأزمة الراهنة، وذلك استنادًا إلى القرار الرقم 169 الصادر عن وزارة الطاقة والمياه – المديريّة العامّة للنقل.
ووفق البيان الموزّع من قبل الجمعيّة، فإنّ الأخيرة عمّمت هذا البرنامج على كافة الجمعيّات والنقابات في الأسواق التجاريّة في لبنان. وبهذا الصدد قال شمّاس: “لم ولن نتأخّر يومًا، وعلى الدوام، في البحث عن مختلف الوسائل التي تساهم في الحفاظ على ديمومة الجسم التجاري بكلّ أعضائه – الشرفاء، والسّهر على تَيْسير قيام أعضاء هذا الجسم بدوره الريادي في الاقتصاد الوطني على أكمل وجه”.
وكان رئيس الجمعيّة، وفي بيان سابق له، قد صرّح بأنّ “التفاقم المتسارع للتدهور الذي تشهده البلاد والتراجع الموازي في قيمة الليرة اللبنانية، وتردّي القدرة الشرائيّة لدى اللبنانيّين، ناهيك عن انفجار مرفأ بيروت وعواقبه الدراماتيكيّة، وعن الاقفالات المتتالية بسبب الكورونا، دون أيّ تعويض بالطّبع للتجّار، ضربَتْ هذه الأحداث مجتمعةً الجسم التجاري في الصّميم، وأدّت إلى ما أدّت إليه من إقفال أعداد هائلة من المؤسّسات والمحال التجاريّة وتوقيف النشاط، في حين أن من بقيت قائمة منها، باتت تناضل وتصارع للحفاظ على استمراريّتها وديمومة لقمة عَيْش موظّفيها”. أضاف: “كان لا بدّ في هكذا ظروف كابوسيّة، أن تنهمك حكومة تصريف الأعمال على مكافحة التهريب بحزم واجتراح برامج إنقاذيّة، وعلى رأسها البطاقة التمويليّة للأُسر اللبنانيّة، والتي طرحتها الجمعيّة منذ أكثر من سنة، وأن تبادر الطبقة السياسيّة إلى تشكيل حكومة إنقاذيّة تمضي فورًا بالاصلاحات. إنّما وللأسف، رأينا الصّراعات تحتدم والحلول تبقى في عالم الغَيْب، في حين أنّ أوضاع المواطنين المعيشيّة باتت تشكّل مآساة موصوفة، فيما الأسعار تتطاير والذلّ والحرمان باتا يشكّلان قوت اللبنانيّين اليومي”. تابع: “أمّا آخر ما ابتدعته السلطة في خضم فشلها المتمادي وعجزها عن تأمين النقل المشترك، وزيادة بدلات النقل لموظّفي الدولة في كافة القطاعات (في غياب التمويل المطلوب طبعًا)، وهي في نظرنا زيادة مشروعة من الناحية النظريّة، بسبب استفحال أسعار المحروقات، غير أنّها ستؤدّي إلى انتفاخ حتمي في الكتلة النقدية وغيرها من العواقب الوخيمة، على رأسها التضخّم المتفلّت في مستوى الأسعار ونتائجه المأساويّة”.
ختم تصريحه قائلاً: “من الطّبيعي أن ينال موظّفو القطاع الخاص حصّتهم في زيادة النقل هذه إقسوة بموظّفي القطاع العام، علمًا أنّ المؤسّسات القادرة في القطاع الخاص سَبَق لها أن منحت ما تيسّر من تقديمات لموظّفيها كسِلَف ماليّة من تلقاء نفسها ودون انتظار أيّ إشارة من أيّ جهة كانت. لكن أيّ زيادة إلزاميّة أُقرّت بمرسوم سوف تفاقم الضغوط على قدرة القطاع الخاص باستيعاب هذه التكاليف الإضافيّة، وسوف تؤدّي، لا مُحال، إلى تفشّي البطالة في القطاع التجاري، فضلاً عن المزيد من الإقفالات وتوقّف مزاولة نشاط أعداد كبيرة من المؤسّسات والمحال المتبقّية”.