“نيكول” برنامج وقائي صحّي تحفيزي جديد يقف وراءه خبيران متعرّكان، كلّ في اختصاصه: وليد حلاسو، المدير العام السابق لـ“غلوب مد” – ليبانون، الذي أمضى فيها سنوات منكبًّا على كيفيّة تحسين الشروط الصحيّة وتخفيض الكلفة الاستشفائيّة من دون المسّ بالجوهر، وبول جزّار، صاحب “لويا” التي انطلقت في نشاطها منذ العام 2010 كشركة متخصّصة في تقديم الحوافز، وفي قطاعات عدّة، أهمّها القطاع المصرفي.
وهذا المولود الجديد الذي أبصر النّور في العام 2018، ليس مشروعًا شبيهًا بإدارة الملفات الاستشفائيّة TPA، ولا هو شركة تأمين تكتتب بوالص استشفائيّة. “نيكول” هي، تحديدًا، مؤسّسة مكمّلة لهذين القطاعَيْن معًا: قطاع إدارة الملفات الاستشفائيّة وقطاع شركات الضمان، حتّى ليُمكن القول أنّها أشبه بواسطة العقد، أي بالجوهرة الكبيرة المتدلّية وسط قلاّدة العنق!
فماذا عن شركة “نيكول”؟ لماذا أنشئت؟ ما دورها في القطاع الاستشفائي، وبماذا تتميّز؟ ثمّ ماذا عن هذه الحوافز التي نسمع بها للمرّة الأولى في برنامج تأميني صحّي، وما هي؟للاستفسار عن كلّ هذه التساؤلات، قصدنا وليد حلاسو وبول جزّار في مكاتب الأخير الذي يدير شركة “لويا” في جلّ الديب، وكان هذان الحواران معهما.
سألنا بداية وليد حلاسو:
لماذا أقدمت على هذه الخطوة، وقد كان لك موقع في “غلوب مد” تُحسد عليه، وما هو الجديد الذي يمكن أن تقدّمه لشركات الـ TPA وشركات التأمين معًا.
أجاب:- هذا المشروع هو تكملة لمسار عشرين عامًا أمضيتها متعرّكًا في مجال التأمين الصحّي، تحديدًا في قطاع إدارة الملفات الاستشفائيّة TPA الذي يتضمّن، في ما يتضمّنه، توعية المضمونين لناحية دفعهم لاعتماد الوقاية وتخفيض الكلفة عليهم وعلى شركات التأمين نتيجة تلك الوقاية، علمًا أنّ هذا التخفيض كان سابقًا يتمّ بطرق تقليديّة تتمثّل بالتفاوض مع المستشفى على الاسعار، ومناقشة الأطبّاء في موضوع أجورهم وكيفيّة خَفْضها. ومع ارتفاع كلفة الطبابة وانخفاض القدرة على التفاوض مع المستشفيات والأطباء، وصلنا اليوم إلى مكان لم تعد هذه الطريقة تفي بالغرض. لذلك، ومن موقعي السابق في “غلوب مد”، وحرصًا منّي على مساعدة شركات التأمين على تخفيض التكلفة، اطّلعت على ما يجري في العالم على هذا الصعيد، وخصوصًا في أوروبا وأميركا وجنوب افريقيا لجهة تخفيض تكلفة الطبابة من خلال مبادرات الوقاية والتوعية وإدارة الأمراض، أي مساعدة الناس وإرشادهم على كيفيّة تجنّب المرض، إذا كان وضعهم الصحّي جيّدًا، وفي المقابل مساعدة المرضى على أخذ الحيطة والحذر لوقف تطوّر المرض والأعراض المشكو منها باعتمادهم نصائح وطرق غذائيّة تساعد في تحسّن الأحوال. ومن المعروف أنّ تطوّر الطبّ والعمليات الجراحيّة بواسطة الانسان الآلي Robot، فضلاً عن طرح أدوية جديدة لأمراض مستعصية غالية الثمن.. كلّ هذا رفع من تكلفة الطبابة وفَرَض على شركات التأمين رفع اقساطها، وبذلك تضرّر الضامن والمضمون معًا! وبإزاء هذا الوضع، جاء تحرّكي لوقف هذا التمدّد في الأسعار والكلفة، مستندًا إلى ما بدأته في “غلوب مد” بإطلاقي استراتيجيّة جديدة تقوم على الوقاية. لكن ما أعاق خطّتي أنّ مؤسّسة كبيرة مثل “غلوب مد” لها تواجد في 12 بلدًا، لديها أصلاً خططٌ مرسومة للمجموعة بكاملها، فضلاً عن مشاريع موضوعة على سكّة التنفيذ، إن في ما يتعلّق بالتكنولوجيا أو في علم الاكتواريا. بهذا وجدت أن الاستراتيجية التي كنت أودّ إطلااقها من موقعي في “غلوب مد” ستتأخّر لأنّها لن تُعطى الوقت اللازم، وكذلك الاهتمام. وكي لا “يسبقنا القطار”، كما نقول في المثل الشعبي، أي أن نتأخّر ويسبقنا آخرون بوضع هذه الأفكار موضع التنفيذ، قرّرت الخروج من هذه المجموعة الكبيرة وإنشاء شركة صغيرة Startup مع بعض الأصدقاء، وبذلك، أتمكّن من التحرّك بسرعة، وبناء التكنولوجيا التي أريدها بسرعة أيضًا، وصولاً إلى ما أسعى إليه.
إنّ الوقاية أو التنبّه للصحّة لا وجود لهما في قاموس الناس بشكل عام، ليس في لبنان فحسب وإنما في البلدان العربية وحتى الأوروبيّة، بدليل الصعوبة التي وجدها من سعى إلى ما أسعى إليه لتوعية الناس على الاهتمام بصحّتهم، وتشجيعهم على زيارة الأطبّاء للكشف عن صحّتهم وعدم إهمال ما يعانونه. ولإنجاح خطّتهم، قدّموا للمضمونين (المرضى خصوصًا) مكافآت بينها تخفيض سعر البوليصة.
س: أفهم من ذلك أنّك وشريكك اقتبستما فكرة الحوافز. فهل هي نفسها أم مختلفة عمّا اعتمدته الشركات في الغرب؟
ج: الحوافز لتشجيع الناس على الاهتمام بصحّتهم ليست من اختصاصي، ولا أعرف كيف التعامل مع هذا الموضوع. إنّه اختصاص شريكي بول جزّار، الخبير في هذا الميدان، بل هو عمله الأساسي من خلال برامج معلوماتيّة تُقدّم للمصارف والمؤسسات الكبيرة وغيرها. ومن منطلق معرفتي بالصحّة ومعرفة بول بالحوافز وكيفيّة تحضيرها، أطلقنا هذا المشروع تحت اسم “نيكول” بهدف مساعدة شركات التأمين لناحية تخفيض الكلفة الصحّية، بإدخالها برامج توعية ووقاية ضمن برامجها، تدفع المضمونين إلى التقيّد بالإرشادات الصحيّة والوقائيّة التي تعود بالخير على صحّتهم من جهة، وتخفّف من الأعباء الماديّة على الشركات، وهو ما يوطّد العلاقة بينهما. وبدلاً من الاتصّال بالمضمون مرّة في السنة لتذكيره بتجديد البوليصة، يتمّ التواصل معه عبر الرسائل الالكترونية لإرشاده إلى الأمور الصحيّة تباعًا، فضلاً عن الاتصال به هاتفيًا لتذكيره بالفحوص التي يجب عليه القيام بها. س: إذا لم أكن مخطئًا، فأنت أوّل من أطلق استراتيجيّة الوقاية في “غلوب مد” كشركة TPA. وها أنت اليوم تُنشئ شركة تكرّس هذه الاستراتيجيّة. ألا ترى أنّ هناك ازدواجيّة في العمل؟
ج: لا، أبدًا لا توجد أي ازدواجيّة في العملولا حتّى أيّ تنافس. ما تقوم به شركات الـ TPA يختلف تمامًا عمّا نقوم به نحن. عندما تضع شركة TPA برنامجًا للوقاية من الأمراض، فهي لا تضع حوافز لهذا البرنامج، فضلاً عن أنّ الطريقة التي نعتمدها أكثر تطوّرًا إذ تقوم على مبدأ متابعة برنامج الوقاية طوال مدّة سريان مفعول البوليصة، وبالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، إن بتذكير المضمون بمواعيده الصحيّة كحثّه على زيارة الطبيب وإجراء الفحوص المخبريّة، إلى ما هناك، مع إعلامه بالحوافز التي تنتظره إذا أبلى البلاء الحسن.. ويمكن المضمون أن يتابع ويراقب كلّ ما سبق ذكره على شاشة جوّاله من خلال تطبيق تكنولوجي يقدّم إليه.س: ما هي الحوافز، ومتى يستحقّها المضمون؟ج: لدينا عدّة طرق لتقديم الحوافز، أوّلها عند تجاوب المضمون معنا في تنفيذ ما نشيره عليه، كإجرائه الفحوص السنويّة المطلوبة، بما فيها اختبارات الدم. وفي هذه الحالة، يحصل على حافز أو عدّة حوافز مثل الحصول على بطاقة دخول إلى صالة سينما أو مسرح، أو دعوة مجانيّة إلى مقهى أو مطعم، وغير ذلك من التقديمات التي لا قيمة مادية لها في الواقع، ولكنّها تشعر المضمون بأنّ هناك من يهتمّ به.س: لماذا لا تقدّمون لهم مثلاً بدل معاينة الطبيب؟ج: هذا البدل مغطّى أساسًا ضمن البرنامج الذي نقدّمه لهم، فالمضمون، في برنامج الوقاية، لا يتكلّف شيئًا أبدًا. س: ما الفرق بين برنامجكم وبين التأمين على الطبابة في المستشفى وخارجه؟
ج: صحيح أن بوليصة التأمين تغطّي فحوص المختبرات وصوَر الأشعة وما إلى ذلك إذا كانت البوليصة تجمع بين الـ In والـ Out، ولكن لسوء الحظّ، هناك كثيرون ممّن لديهم هذه التغطية الشاملة ولا يستفدون منها بسبب الإهمال. لنأخذ مثلاً سيدة بلغت الأربعين من عمرها ويجب عليها القيام بفحص سنوي للتنبّه من سرطان الثدي، علمًا أنّها مضمونة In وOutولا يتوجّب عليها دفع أي مبلغ من المال. انّ شركة التأمين التي اكتتبت هذه البوليصة ينتهي عملها معها عند تسليمها هذا السند ولا يعود يهمّها إذا أجرت الفحوص المطلوبة أم لا. بينما نحن، فإنّ هدفنا من خلال هذا البرنامج تذكير الناس بواجباتهم تجاه صحتّهم. ولتشجيعهم، نقدّم لهم حوافز عند قيامهم بالفحوص اللازمة. ومن الأمور التي نعمل عليها أيضًا، مساعدة المضمونين على إجراء فحوص سنويّة للمحافظة على صحّتهم، ولاستدراك أي طارئ قد ينتج مع التقدّم في العمر، وذلك دون أية تكلفة إضافيّة.إذًا، هدفنا يتألّف من شقّين: الأول، تركيز شركة التأمين بشكل أكثر فعاليّة على الوقاية الصحية، والثّاني توعية المريض على الاهتمام بجسده ليربح صحّة جيّدة وبوليصة تأمين بسعر مخفّض لأنّ الكلفة الاستشفائيّة ستنخفض. ولكي نتمكّن من الوصول إلى هدفنا، علينا تقديم أشياء ملموسة مثل البرنامج الموضوع لكلّ مضمون لمدّة 12 شهرًا والقابل للتغيير حسب حاجة المريض أو شركة التأمين، على أن يكون التطبيق على الهاتف هو صلة الوصل بيننا وبين المضمون لمتابعة شؤونه الصحيّة والتواريخ المحدّدة للمراجعات الطبيّة والتذكير بتلك المواعيد. وإذا جاء التجاوب على نحو ما هو مطلوب، ينال المضمون حافزًا من الحوافز المرصودة.
س: هل لهذا البرنامج رابط علاجي على مثال “بلسم” التي كانت تهتمّ ولا تزال بالمرضى الميؤوس منهم وتتابع علاجهم في بيوتهم؟ج: لقد أطلقنا البرنامج الذي سيكون أساسًا لجميع البرامج التي سنطلقها تباعًا وهو برنامج الوقاية الصحيّة. ومن هذا المنطلق، نتابع أمور المرضى ونُدخلهم في برنامج، كلّ بحسب مرضه. فمثلاً إذا اكتشفنا أنّ هناك مضمونًا يشكو من السكّري، نعرض عليه الانضمام إلى برنامج آخر مخصّص لإدارة مرضه، أيّ نعلّمه كيف يهتم بنظافة قدمَيْه، كيف يقصّ أظفاره لكي لا يجرح نفسه، نذكّره بموعد إجراء فحص مخزون السكّر ونبلغه بالنتائج. كذلك نقترح عليه طبيب غدد لزيارته، ونرشده إلى طريقة تنظيم طعامه، نعلمه بكلّ الأمور المتعلّقة بمرضه. وما نقوله عن مريض السكري ينطبق على مرضى الضغط وسائر الأمراض.
س: منذ متى أطلقتم هذا البرنامج، وهل سُرّت به شركات التأمين وبدأت تشارك به؟
ج: هذه هي السنة الثالثة على انطلاق المشروع. لدينا الآن مجموعة لا بأس بها من الشركات التي وافقت على الانضمام إلى برنامج الوقاية الصحيّة الذي أثبت تأثيره الإيجابي على صحّة المؤمّنين المنضمّين إليه، وعلى التكلفة التي تنخفض من سنة إلى أخرى والتي تصبّ بمصلحة شركة التأمين، شركة الـ TPA والمضمون طبعًا.
لدينا اليوم، وبعد هذه الفترة على انطلاقتنا، حوالى 500 شخص نتابعهم، وهم مضمونون في أربع شركات تأمين في الفرع الاستشفائي. لذلك، ونسبة للعدد الضئيل، لا يمكن أن نجزم نجاحنا في تخفيض الكلفة الطبيّة كما يجب، ولكن ما يمكن أن نؤكّده هو أنّ الكلفة الطبيّة في الشركات المتعاقدة معنا جيّدة، إذ أن هناك العديد من الأشخاص الذين كانوا يعانون داء السكر أو الضغط وغير مدركين ذلك، باتوا يسيرون على السكّة الصحيحة، ومن ذلك أنّهم توقّفوا عن التدخين، وتابعوا حمية غذائيّة لتخفيض أوزانهم، وباتوا يتناولون الطعام الصحّي ويمارسون الرياضات المفيدة. ما يمكنني قوله أنّ ردود الفعل التي نتلقّاها من مدراء الشركات إيجابيّة وتبشّر بالخير. لذلك، بدأنا نلقى اهتمامًا من خارج لبنان، وأوّل الغيث تنفيذ مشروع في المملكة العربية السعودية مع شركة تأمين دولية، فضلاً عن ذلك، نتفاوض حاليًا مع عدّة شركات في لبنان وفرنسا لإدخال هذا البرنامج ضمن بوالصهم التأمينيّة الصحيّة.أنّنا نجحنا وخفّضنا نسبة التكلفة الطبية إلى أكثر من 20 بالمئة، ولكن ما يثمكن أن نؤكّده، أن نجاحنانحن اليوم نؤلّف مع شركات الـ TPA وشركات التأمين سلسلة من 3 حلقات هدفها: تقديم الخدمات الصحيّة، توعية المضمونين وإرشادهم ليسلكوا طريقَا يقودهم إلى السلامة العامّة، وأخيرًا وليس آخرًا، تخفيض الكلفة على الجميع: الشركات بما فيها الـ TPA، المستشفيات والمضمونين.
س: ما هي كلفة برنامج “نيكول” على المؤمّن؟
ج: هناك شركات تضيف تكلفة هذه الخدمة إذ أنّها تدرك أن هذا البرنامج سيخفّف عنها الكلفة على المدى الطويل وسيجعل علاقتها بالزبائن أفضل، وبالمقابل هناك شركات تعمد إلى زيادة سعر البوليصة.
أوّل خطوة بدأناها مع زبائن المصار فبتحفيزهم على استخدام بطاقات الائتمان