على وقع انهيار اقتصادي متسارع فاقمته تدابير الإقفال العام مع التفشي المتزايد لفيروس كورونا المستجد، ومن ثم انفجار المرفأ الضخم، تخطى عدد الفقراء في لبنان خلال العام الحالي عتبة الخمسين في المائة، وفق تقرير الأمم المتحدة الذي صدر قبل أيام، بعدما كانت 28 في المائة عام 2019. وإلى ذلك، ارتفعت نسبة الذين يعانون الفقر المدقع ثلاثة أضعاف: من 8 إلى 23 في المائة في الفترة ذاتها.
وكانت الاسكوا في أيار الماضي قد توقّعت، بناءً على معطيات، أنّ عدد من هم تحت خطّ الفقر قد يصل إلى 45 في المئة جرّاء الانهيار المستمرّ تصاعديًا ، مع الأسف.
ورد كلّ ذلك في تقرير الاسكوا المعَنْوَن “الفقر في لبنان: التضامن ضرورة حتميّة للحد من آثار الصدمات المتعددة والمتداخلة”، وممّا ورد فيه أن “انفجار المرفأ والتزايد المتسارع في أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، يشلاّن لبنان الذي يعاني أصلاً آثار صدمات متداخلة، أنهكتْ اقتصاده وتسبّبت بقفزة غير مسبوقة في معدلات الفقر”.
من الأرقام الواردة في التقرير المذكور أن عدد الذين يعيشون بأقل من 14 دولاراً في اليوم بات يفوق 2،7 مليون شخص، ما يعني عملياً “تآكل الطبقة الوسطى بشكل كبير، وانخفاض نسبة ذوي الدخل المتوسط إلى أقل من 40 في المائة من السكان”، ودائمًا حسب تقرير الاسكوا.
وإلى ذلك، تقلّصت نسبة الميسورين بدورها إلى ثلث حجمها منذ العام 2019، لتصبح 5 في المائة خلال العام الحالي، بينما يسجّل لبنان أعلى مستويات التفاوت في توزيع الثروة في المنطقة العربية والعالم.
الأمينة التنفيذية لـ “إسكوا”، السيدة رولا دشتي، دعت للخروج من هذا الواقع، إلى “إنشاء صندوق وطني للتضامن المجتمعي”، معتبرة أنه “ضرورة ملحة لمعالجة الأزمة الإنسانية وتقليص فجوة الفقر”.
من ناحية ثانية، قدّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، وجود أكثر من نصف مليون شخص لا يعملون، ما ينعكس سلبًا على حياة آلاف الأُسر.
وكان لبنان شهد أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، نتيجة خسارة عشرات الآلاف اللبنانيّين وظائفهم أو جزءاً من مداخيلهم، وذلك بالتزامن مع أزمة سيولة وفقدان العملة اللبنانيّة نحو 80 في المائة من قيمتها في السوق السوداء، مع الإشارة إلى أن المصارف توقّفت منذ أشهر عن تزويد زبائنها بالدولار حتى من ودائعهم، ما ساهم في انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بسبب ارتفاع الأسعار مع ارتفاع سعر صرف الدولار.