الكابتن شلهوب يحمل باخرة .. شعار الشركة
مادلين طوق
الكابتن ريشارد شلهوب، أحد أبرز خبراء التأمين البحري، مثالٌ يُقتدى به في تحقيق الذات. غادر لبنان وهو في السادسة عشرة من عمره. كافح في شبابه وجمع بين العمل والدراسة إلى ان تخرَّج بعد سنوات قبطاناً جديراً بقيادة السفن الكبيرة فاستحقَّ لقب “كابتن”، وأصبح مرجعاً تأمينياً مهمًّا، تحديداً في القطاع البحري.
ولأنه اعتاد على الأهوال والصعاب ولم يُبالِ بها يوماً، زار العالم بحراً 17 مرّة من اوستراليا الى آلاسكا، وأمضى أحياناً 70 يوماً متواصلاً وسْط الأمواج والعواصف، قبل أن يصِل الى الشاطئ الآمن. وبعد 22 عاماً من ركوب المخاطر، عرضت عليه “ميونخ ري” العمل معها في مجال إعادة التأمين لحاجتها الى قبطان يفهم في شؤون والبحر وشجونه ويعرف خفاياه وأسراره وأنواع السّفن التي تمخر عبابه، وكذلك البضائع التي تنقلها وأين مكامن الأخطار. ومع أن هذه المهنة كانت جديدة عليه، إلاّ أنه تعلَّمها بسرعة قياسية وعُيِّن مسؤولاً في “ميونخ ري”، ووكيلاً لها في المنطقة العربية، ليضع بعد ذلك خبرته بين أيدي الشباب المُمارس مهنة التأمين، بدءاً من موظَّفي شركة “زاريس” التي رأسها قبل أن يتبنّى هوية تجاريّة جديدة لها اعتبارًا من العام 2017 ليُصبح اسمها Bocktech لوساطة وإعادة التأمين، متعاونًا مع فريق إدارة من أبرز أعضائه السيد رونالد شدياق.
وغنيٌّ عن القول أن هذه السيرة، بحدِّ ذاتها، تجعلنا نُدرِك سبب الدعوات المتلاحقة التي توجَّه إليه لإقامة ندوة هنا، وإلقاء محاضرة هناك، وإدارة ورشة عمل هنالك، ودائماً في القطاع البحري على وجه الخصوص.
ولأنّ حادث سفينة Ever Given يستحقّ المتابعة والتعليق عليه خصوصًا إذا جاء هذا التعليق من خبراء أصحاب خبرة في التأمين البحري، فقد اتّصلنا بالكابتن ريشارد شلهوب الذي ردّ على أسئلتنا باللغة الانكليزيّة، فنشرنا أجوبته كما وردت مع ترجمة لها بالعربيّة.
س: استنادًا إلى معلوماتك وقراءاتك في برنامج التأمين البحري، هل عرِف العالم حوادث مماثلة وهل لنا بمعرفة البعض منها خصوصًا وأنّ التأمين البحري كان أوّل برنامج تأميني عرفه القطاع؟
ج: بالفعل، تمّ إغلاق قناة السويس عدة مرات في تاريخها، أعتقد 5 مرات، ولأسباب سياسية باستثناء إغلاق واحد في العام 2006 بسبب عاصفة، إذا لم تخنّي الذاكرة، ولكن تمّ إعادة تعويم السفينة في غضون ساعات. أمّا بالنّسبة لــ “EVER GIVEN”، فهذه هي المرة الأولى التي يقع فيها مثل هذا الحادث ويتمّ إغلاق القناة مدّة 7 أيام تقريبًا، ما تسبّب في خسائر فادحة ليس لناحية العائدات الماليّة لسلطات ميناء قناة السويس فقط، وإنّما أيضًا لناحية توقّف سلسلة التوريد التي أدّت إلى العديد من الخسائر في ما يتعلّق بالاقتصاد الدولي.
- As far as the Suez Canal is concerned, the canal was blocked already a few times in its history, I believe 5 times, but it was merely due to political reasons except one, if I remember correctly, a cargo ship accident that had blocked the Suez Canal in 2006 due to a storm, but the vessel was re-floated within hours. As Far as the EVER GIVEN is concerned, it’s the first time that such an accident has occurred blocking the Canal for almost 7 days and creating huge losses not only to the Suez Canal Port Authorities income wise, but also interrupting the supply chain with the consequence of many losses as regards to the international economy.

س: حادث قناة السويس.. هل يُعتبر قضاءً وقدرًا وبالتالي على شركات الإعادة أن تغطّي الخسائر من دون إجراء التحقيقات اللازمة، علمًا أنّ البعض ربط بين انفجار مرفأ بيروت وبين هذا الحادث ملوّحين إلى أنّ اسرائيل تسعى لفتح ممرّ موازٍ أقلّ بُعدًا ويمكن أن يكون البديل من هذه القناة؟
ج: تُعتبر EVER GIVEN واحدة من أكبر ناقلات الحاويات في العالم بسعة تزيد عن 20 ألف حاوية (Twenty Foot Equivalent Unit). مالك هذه الناقلة شركة يابانية Shoei Kisen Kaisha وتديرها شركة Evergreen التايوانية. يبلغ طول السفينة 400 متر وعرضها 59 مترًا مع جزء تحت الماء يبلغ طوله 15.7 مترًا. بالتأكيد، ونظرًا لحجمها الضخم، يتطلّب هذا النوع من السفن مهارات ملاحية ذات خبرة عالية. لذلك، من السابق لأوانه التأكّد من السبب الدقيق لانحراف EVER GIVEN فقد ذكرت وسائل الإعلام أنه في وقت وقوع الحادث، كان الطقس سيئًا ويشهد عاصفة رمليّة ورياحًا تصل سرعتها إلى 40 عقدة (حوالي 75 كم / ساعة). ونظرًا للكميات الكبيرة من الحاويات المخزّنة على سطح السفينة على طول EVER GIVEN بالكامل، والتي تعمل مثل الشراع، فإن الرياح أودت بالسفينة إلى الانحراف عن مسارها الأصلي، علمًا أنّه يمكن أن يكون تراكم العديد من العوامل ساعد على وقوع هذا الحادث المؤسف. لذلك، ومن أجل تجنّب أي افتراضات في هذا الصدد، يجب علينا انتظار تصريحات القبطان والضباط والطاقم، وكذلك تصريحات الطيارَيْن اللذين كانا على متن السفينة أثناء المرور وهما مستشاران للقبطان، لكن، في النتيجة، المسؤولية الكاملة تبقى على القبطان. بالإضافة إلى ذلك، يجب فحص VDR (Voyage Data Recorder) الذي يشبه الصندوق الأسود الموجود في الطائرة، بدقة من قبل الخبراء. مع الأخذ في الاعتبار إلى كلّ ما سبق، أن للسفينة تغطية للهيكل والآلات، ما يعني أنه يتمّ تغطية الأضرار التي لحقت بالسفينة وكذلك الأضرار المادية للطرف الثالث. ولكن لم يتّضح بعد ما إذا كانت السفينة قد تعرّضت لأية أضرار حتى يتمّ إجراء عمليات غوص تفصيلية وتتمّ الموافقة على النتيجة من قبل جمعية التصنيف، والتغطية عادةً تتمّ بموجب تأمين H&M. القبطان والملاك يُعتبران المسؤولَيْن عن الإنقاذ. حتى الآن، لم يُصرّح عن تضرّر أي سفن أخرى. من ناحية أخرى ، فإن لـ EVER GIVEN أيضًا تغطية P&I (الحماية والتعويض) وهي تغطية مسؤولية لأصحاب السفن تجاه السفن والبضائع والطاقم والتلوث، ومن حسن الحظ أنه لم يحدث أي تلوث.
بالنسبة للحاويات الموجودة على متن الناقلة والبضائع الموجودة بداخلها، فإن الأضرار مغطاة بموجب عقود الحماية والتعويض. ليس من المفترض أن تكون الشحنات قد تُلفت بسبب توضيبها على الأرضيّة ما لم تكن نوعًا من البضائع القابلة للتلف. ومن الممكن أيضًا أن تكون بعض الشحنات التي لم يتمّ تسليمها في الوقت المحدّد عرضة لعقوبة، ولكن هذه ليست مشكلة في قضية “القوة القاهرة”، ومع ذلك، لا يزال هذا الحادث بحاجة إلى دراسة.
– أريد الامتناع عن التعليق على موضوع تفجير مرفأ بيروت ومشروع افتتاح قناة أقصر. هاتان مسألتان مختلفتان.
- The “EVER GIVEN” is one of the biggest container carriers in the world with a capacity of more than 20,000 TEU (Twenty Foot Equivalent Unit). The owner is a Japanese Company ‘Shoei Kisen Kaisha’ and operated by the Taiwanese ‘Evergreen Co.’ The vessel is 400 meters long and 59 meters wide, with a draft (part under the waterline) of 15,7 meters. Certainly, this type of vessel, due to its size, requires experienced navigation skills. Therefore, it’s too early to ascertain the exact cause of the grounding of the “EVER GIVEN”. The Media has mentioned that at the time of the accident, the weather was bad, sand storm and winds up to 40 knots (approx. 75 km/h) speed. Due to the high amounts of containers stowed on deck the whole length of the “EVER GIVEN,” which acts like a sail, the ship re-acts to the winds by deviating from its original course; however, it could also be an accumulation of many factors that led to this unfortunate accident to occur. Therefore, in order to avoid any assumptions in this respect, we have to wait for the statements of the Captain, Officers and Crew, but as well as the statements of the 2 pilots who were on board the vessel during the passage. Pilots are considered as advisors to the Captain, but the full responsibility remains with the Captain. In addition, the VDR (Voyage Data Recorder) which is similar to a Black Box on planes, must be thoroughly examined by the experts. Taking the above into consideration, the vessel has a Hull and Machinery Insurance in place, which means that damages to the vessel as well as physical damages to third party are covered. It’s not yet clear whether the vessel has suffered any damages until detailed diving operations are carried out and the outcome is to be approved by the Classification Society. The salvage operation is normally covered under the H&M insurance. The Captain, respectively owners are responsible for the salvage. So far, it’s known that no other ships sustained any damages. On the other hand, the “EVER GIVEN also has a P&I (Protection & Indemnity) cover which is a liability cover to Ship owners towards ship, cargo, crew and pollution. It’s fortunate that no pollution as such has occurred.
- As regards to the containers on board and the cargo inside, any damages are covered under the P&I policy. The cargo is as such not damaged due to the grounding unless it’s a kind of perishable cargo. It also could be possible that some of the cargo not delivered on time would be subject to a penalty, but this may be not the issue in a “Force Majeure” case; however, this remains to be studied.
- I would like to abstain commenting on the explosion of the port of Beirut and the grounding of the container carrier “EVER GIVEN” in relation to the previewed project opening a shorter Canal. These are two different issues and not as such related to each other.
س: بحسب قراءاتكَ، من هي شركات الإعادة التي تُغطّي هذه الباخرة وحمولتها؟ وهل لنا أن نعرف حجم الخسائر التي سُجّلت ضمن هذا الإطار؟
ج: يبدو أن H&M مؤمّن عليها في اليابان، ولم يُعرف بعد من هم معيدو التأمين الذين يقفون وراءها. ومع ذلك، نظرًا للقيمة التأمينيّة العالية لهذه السفينة والتي تُقدّر بـ150 مليون دولار أميركي (لم يتمّ الجزم بعد)، فمن المؤكّد أن شركات عدّة تتقاسم المخاطر.
بالنسبة للبضائع الموجودة داخل الحاويات، يمكن التأمين عليها في عدّة أمكنة اعتمادًا على شروط التجارة الدولية وكيفية شراء البضائع. في الواقع، يمكن أن تكون عشر حاويات مملوكة لمالك واحد أو أن الشحنة الموجودة في حاوية واحدة تعود إلى 10 مالكين. على أي حال، نحن نتحدث عن مجموعة من عقود تأمين للحاويات الموجودة على متن السفينة EVER GIVEN.
في ما يتعلّق بحجم الخسائر، فلا توجد تقديرات قائمة حتى الآن في هذا الصّدد، لكنها ستكون مكلفة للغاية لشركات التأمين وشركات إعادة التأمين.
- It seems that H&M is insured in Japan. It’s not yet known who are the reinsurers behind it. However, due to the high value of such a vessel which is estimated being insured for approx. US $ 150 million (not yet confirmed), certainly the insurance is spread over the market. The P&I is insured with the UK P&I Club. As far as the cargo inside the containers is concerned, it could be insured everywhere depending on the Incoterms (International Commercial Terms) and how the cargo was purchased. In fact, 10 containers could belong to one owner or the cargo in one container belongs to 10 owners. Anyhow, we are talking about a huge amount of cargo policies here for the containers on board the “EVER GIVEN”.
- There is no estimation yet in place about the quantum of the losses, but it will be very expensive for both insurers and reinsurers.
س: ما هي أهميّة قناة السويس في الملاحة البحريّة؟
ج: تمرّ حوالي 50 سفينة في اليوم عبر هذه القناة التي تُعتبر إحدى طرق الشحن الرئيسة بين الشرق الأقصى وأوروبا. وبسبب إغلاقها، تكون سلطات ميناء القناة قد تعرّضت لخسائر فادحة في الدخل. وبات من المعروف أنّه فيما كان يتمّ تعويم EVER GIVEN وفتح القناة، كانت 400 سفينة قد علقت في المدخل الشمالي (البحر الأبيض المتوسط) وكذلك في المدخل الجنوبي (البحر الأحمر). لهذا التوقّف عواقب وخيمة حيث أن سلسلة التوريد قد تعطلت في جميع أنحاء العالم تقريبًا، أي أن التجار الذين ينتظرون شحنتهم قد يكون لديهم مستحقّات ولا نعرف هنا ما إذا كان يمكن تحميل EVER GIVEN المسؤولية كاملة.
- Around 50 ships per day take the passage through the Suez Canal which is considered as one of the main shipping routes between Far East and Europe. Due to the blocking of the Suez Canal, the Suez Canal Port Authorities may suffer big loss of income. At the time the “EVER Given” was refloated approx. 400 ships were stuck in the Northern entrance (Mediterranean) as well as in the Southern entrance (Red Sea). This blocking has serious consequences as the supply chain, almost worldwide has been disrupted, i.e. traders waiting for their cargo might have consequences out of it. Whether the “EVER GIVEN” could be held liable is questionable.