سابين في المستشفى تخضع للعلاج
سابين كاسيا، المؤسِّسة لـ T-Square لصناعة الكاتو في قوالب مبتكرة، تعرّضت، قبل أيام، إلى حادثٍ فيما كانت تمارس السباحة في جونيه، فأصيبتْ بكسورٍ عدّة في صدرها ويديها وقدمَيْها، ما اضطرّها إلى المكوث في المستشفى عدّة أيام وخضوعها لعمليّات جراحيّة على يد الطبيب كلود أبي صافي، الاختصاصي في ترميم العظام، وكذلك إلى إشراف من قبل طبيب الرئتَيْن د. كارلوس نجيم، فضلاً عن الدكتور جوليان دحداح، الاختصاصي في القفص الصدري والرئتَيْن معًا. ولأنّ وضعها الصحّي كان دقيقًا جدًّا وتمكّن الأطبّاء الثلاثة من إنقاذها من خطر الموت نظرًا إلى حجم الإصابة الكبير، إذ أنّ قاربًا للنقل البحري اصطدم بها وهي تمارس السباحة، فلم تجد بعد تعافيها، سوى وسيلة وحيدة لتكريم هؤلاء الأطبّاء وأعضاء فريق الممرضين الذين اعتنوا بها، هي ابتكار عدّة قوالب من الحلوى خارجة عن الصناعة التقليديّة في الكاتو تمثّل الحالة التي مرّت بها. وهذا الخروج اشتهرت به منذ سنوات وعرضت ابتكاراتها في معارض عدّة كان آخرها المعرض الخامس عشر لـ Weeding Folies، كما يتبيّن للقارئ عند مشاهدته هذه القوالب التي تستحقّ فعلاً أن تدخل كتاب “غينيس” للأرقام القياسيّة. وكان أكثر الناس إعجابًا بهذه الابتكارات في صناعة الكاتو، الدكتور كارلوس نجيم الذي عبّر لها عن إعجابه الشديد بما ابتكرت مخيّلتها وصنعت أيادي العاملين في مطبخها في منطقة السوديكو.
سابين كاسيا تمضي حاليًا فترة نقاهة في منزلها لأنها لا تزال تحتاج إلى تمارين فيزيائيّة لتستعيد حركتها العادية، هي المولعة برياضة المشي والهرولة والسباحة وتسلّق الجبال وكلّ الهوايات المُنعشة للقلب وللرئتَيْن معًا. ولقد دأبت على المجيء إلى محلّها في السوديكو من منزلها مشيًا على القدمَيْن، قاطعة مسافة لا يُستهان بها، وهذا الانقطاع عن المشي أشعرها بحزنٍ مُضاعف، ولكن ليس باليد حيلة!
إشارة إلى أنّ سابين كاسيا متخصّصة بالهندسة ولكنّها لم تستلطف هذا الاختصاص، مع ذلك، عملت في مجال الاستشارات في شركة فرنسية كبيرة، ولكنّها كانت تشعر دائمًا أنّها ليست في الموقع المناسب، ولهذا كانت تَجْنَح دائمًا نحو أمرٍ آخر يلبّي طموحها ويُشبه نهمها، خصوصًا في مجال الحلويات الأجنبيّة. ولم تتأخّر كثيرًا في خَوْض “هذه المغامرة” في مهنة غريبة عنها، وكان ذلك في العام 1992. كانت، يومذاك، وكما الكثيرات من الشابات، تتسلّى بصنع أنواع من الكاتو في المنزل، لم تُعجب أحدًا ممّن تذوّقها. ولكن ذلك لم يُثْنِها عن متابعة هذا المشوار، بل شاءت أن تنخرط أكثر فأكثر في هذه الصناعة، بداية في معمل للشوكولا، ومن ثمّ في معامل لصناعة البيتزا وسواها. وللهروب من العمل الروتيني، بدأت تصنع قوالب من الكاتو وتوزّعها على الأهل والأصدقاء. وبدلاً من أن تسمع إطراءً، كان يقول لها المتذوّقون: ما أنجَزَتْ يداك ليس طيّبًا وعليك أن تضعي حدًّا لهذا العمل. لكنّ التعليقات زادتها عزيمة إلى المتابعة وقرّرت التحدّي.
ذات يوم وكانت برفقة والدتها في باريس، دخلت وإيّاها أحد محلاّت بيع الكاتو. وفي الداخل سمعت أن ثمة من يبحث عن بائعة. وأمام تشجيع والدتها، قالت لطارح السؤال: “أودّ أن أعمل بائعة حلوى عندك”. ومن يومها بدأت مسيرتها في صناعة الكاتو بعد فترة من التدريب. وصمّمت أن تعود إلى بيروت وتزاول هذه المهنة، فعثرت على مكانٍ في منطقة السوديكو وانطلقت في صناعة قوالب تقليديّة أوّلاً ثمّ أخذت تقلّد أشكال القوالب الصعبة مستعينة بكتاب يحمل اسم Nobel-T Cakes، وبمساعدة “شيف” في هذه الصناعة لا يزال يتولّى هذه المهمة حتى الآن وبإشرافها. ولتفاصيل أوفى عن مسيرة سابين كاسيا، يمكن القارئ أن يعود إلى العدد 218-219 من مجلة “تأمين ومصارف”.
تبقى إشارة إلى أنّ سابين، وفي نهاية حديثها إلينا، تقدّمت بالشكر الجزيل إلى مركز كسروان الطبّي kmc الذي أجرت فيه العمليّة وطالبت بأن نصلّي لهؤلاء الأطبّاء كي لا يغادروا لبنان، بعدما أبلغوها أنّهم في هذا الوارد، لأنّ مثل هؤلاء يشكّلون دعامة، لا للجسم الطبّي اللبناني وإنّما للبنان بحدّ ذاته.