الأب أبي صالح متحدثًا
مادلين طوق
مدرسة الحكمة-مار يوسف في الأشرفية، شهدت في الأيام القليلة الماضية حدثَيْن منفصلَيْن ولكنّهما مرتبطان في الجوهر. ويتجسّد هذا الجوهر في قيامة هذه المدرسة العريقة من الضربة القاسية التي تلقّتها من انفجار مرفأ بيروت المروّع، وتمكّنت من النهوض والتعافي واستعادة وهجها، لتنطلق مجدّدًا في إتمام رسالتها التعليميّة والثقافيّة والدينيّة. وهذا ما شهدت عليه ممثّلة المنظمة الفرنكوفونية AEFE السيدة فاطمة مزيان، وهي مغربية الجنسية، التي زارت المدرسة في إطار جولة لها على المدارس الفرنكوفونيّة في لبنان، في يومَيْن متتاليَيْن، اجتمعت خلالهما بأعضاء الهيئة التعليميّة، وعلى رأسهم مدير المدرسة الأب بيار أبي صالح.
هذا هو الحدث الأوّل الذي شهدته مدرسة الحكمة والذي جعل السيدة فاطمة مزيان تخرج من الاجتماعات واللقاءات، بانطباع مميّز، لا تجاه عملية النهوض السريعة التي عرفتها المدرسة بعد كارثة بيروت الكبرى فحسب، وإنّما تجاه الأداء التعليمي الراقي الذي عايشته، سواء مع أفراد الهيئة التعليميّة أو مع الطلاب أنفسهم الذين أظهروا أمامها مقدرة في التحاور وفي النقاش وفي التحدّث باللغة الفرنسية بطلاقة.
وما هي إلاّ أيام قليلة حتّى عاشت مدرسة الحكمة حدثًا ثانيًا يشهد على “قيامة” المدرسة من بين الركام، إذ أصرّ الأب أبي صالح على الالتقاء بالعائلة الحكماوية في حفل بسيط بمناسبة عيد المعلّم الذي صادف اليوم الثلاثاء في 9 شباط الجاري، على رغم الأوضاع اللبنانية المأساويّة المعروفة. لقد شاء مدير الحكمة أنّ يُعمّم الأمل والفرح والتعاضد وأن يجعل أفراد الهيئة التعليميّة والإداريّين والطلاّب يتطلّعون إلى المستقبل بعزيمة وإصرار، ولو أدّى الأمر إلى تحمّل المزيد من الأعباء، لأنّ الهدف بالنتيجة هو رؤية التور من النفق المظلم.
وبهذه المناسبة، ألقى الأب أبي صالح كلمة مقتضبة ولكنّها معبّرة، شكر فيها أعضاء الهيئة التعليميّة والإداريّين على جهودهم ومثابرتهم وتحمّلهم المشقّات وما أكثرها، على أمل أن يطلّ عيد المعلّم في العام المقبل وقد بدأ التعافي يلوح في أفق لبنان.
تبقى إشارة أخيرة تنمّ ، هي الأخرى، عن هذا التفاؤل الذي ينشده مدير الحكمة، وهي إقامة المدرسة في السادس عشر من الجاري وعشية عيد شفيعها القديس يوسف، قداسًا احتفاليًا في كنيسة رعية مار يوسف الأشرفية، يترأسه سيادة مطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر ويشارك فيه قدامى المدرسة، إضافة إلى الأساتذة والطلاب وذويهم.