صورة من المؤتمر السادس ويبدو على اليمين المستشار رضى عبد المعطي، د. محمد عمران، علاء الزهيري وشكيب أبو زيد
في 30 و31 كانون الثاني (يناير) 2022، ينعقد في القاهرة الملتقى الإقليمي للتأمين وإعادة التأمين الطبّي السّابع لمعالجة خمسة مواضيع أساسيّة تتعلّق بالرعاية الصحيّة. وقد جرى التأكيد على هذا الموعد وعلى المواضيع التي ستُثار خلاله، في اجتماعٍ للجنة العليا لهذا الملتقى عُقد قبل أيّام بحضور رئيس الاتّحاد المصري للتأمين السيد علاء الزهيري وأمين عام الاتحاد العام العربي للتأمين“GAIF“ السيد شكيب أبو زيد ورئيس مجلس إدارة الجمعيّة المصريّة لإدارة الرعاية الصحيّة EHMS الدكتور إيهاب أبو المجد.
وإذا كان الملتقى السادس الذي أقيم بين 11 و12 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2020 قد خيّمت عليه جائحة كوفيد 19، إذ كانت يومها في عزّ انتشارها، فإنّ العناوين الأساسيّة للملتقى السابع، قد خلَت على ما يبدو، من من أيّة إشارة إلى هذه الجائحة الآخذة في الانحسار، خصوصًا في مصر التي عالجت أسبابها وانتشارها بسرعة وبحكمة وبالاعتماد على عمليّات التلقيح التي طاولت شريحة كبيرة من المجتمع المصري، مع العلم أنّ شركة Sputnik V بات لها مركز كبير في القاهرة لتصنيع اللقاح وتوزيعه، لا في مصر فحسب وإنّما خارج حدودها، ما يؤكّد أنّ الوعي الصحّي في أرض الكنانة بلغ مرحلة متقدّمة بالتزامن مع النمو الاقتصادي الذي سجّل نِسَبًا مرتفعة أيضًا، مقارنة بالسنوات السابقة، وقد بدأ هذا النمو بالتصاعد حتّى في عزّ أزمة كوفيد التي شلّت الاقتصاد في دولٍ عدّة متقدّمة مثل فرنسا وإيطاليا وانكلترا واسبانيا وغيرها.
من هنا لم يكن مستغربًا تجاهل الجائحة كموضوع رئيسي في هذا الملتقى الصحّي السابع، وإن كان التطرّق إليها لا بدّ أن يحصل، خصوصًا في الموضوع الأساسي لهذا الملتقى الذي يحمل عنوانًا عريضًا هو: “الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص”، باعتبار أنّ هذه الشراكة الناجحة، إذا جاز التعبير، هي التي أطبقت على فيروس كورونا ولم تتركه يتمدّد ويتفاعل على رغم العدد البشري الهائل في هذه الدولة والذي بات يفوق المئة مليون شخص.
ولن يقتصر النقاش في هذا الملتقى، عن الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص وإنّما تندرج تحت هذا العنوان العريض، عناوين فرعيّة على جانب كبير من الأهميّة، هي أربعة: الدور المستجدّ للرقمنة في الرعاية الصحيّة، وهو دور بات أساسيًا لتعزيز هذه الرعاية وتخفيض كلفتها ونقلها من المرحلة التقليديّة إلى مرحلة ثانية هي مواكبة التطوّر وكلّ جديد يطرأ في عالم التكنولوجيا. لكنّ هذه الرقمنة تظلّ في حاجة إلى رقابة كي لا تفلت زمام الأمور، ومن هنا كان العنوان الثاني المطروح للمعالجة وهو كيف يمكن تطوير العمل الرقابي على الجهات الضامنة وبالتحديد على برنامجَيْ الاستشفاء والرعاية الصحيّة. وتكفي معالجة الرقمنة والعمل الرقابي المُلتزم معايير دقيقة مُعترف بها دوليًا، حتّى يتمّ الانتقال إلى موضوع تكلفة الاستشفاء التي ازدادتكثيرًا في المدّة الأخيرة بسبب ارتفاع العملات الصعبة إزاء النقد المحلّي ولا سيما منها الدولار. صحيح أنّ في مصر معامل لتصنيع الدواء والمعدّات الطبيّة والأجهزة التي تحتاجها المستشفيات، إلاّ أنّ الاستعانة بما يُصنّع في الغرب تبقى من الأولويّات، ومن هنا يجب إجراء توازن دقيق بين التكلفة وبين قدرة الدولة على تأمين طبابة ميسّرة للناس بشقّيْها المجّاني والمُسدّد ماليًا. ولتحقيق هذا الهدف، لابدّ أن تكون بين أيدي المؤتمرين والمشاركين دراسات مُفعمة بالمعلومات والأرقام خلال المناقشة، عدا ذلك يكون الملتقى فارغًا من مضمونه.
يبقى أخيرًا عنوان للمناقشة لا يقلّ أهميّة عمّا سبقت الإشارة إليه، عنينا بذلك دور شركات الرعاية الصحيّة في منظومة التأمين الصحّي الشامل، ومن المعلوم أنّ الثقل في إتمام هذه الرعاية يكون على عاتق شركات إدارة الملفّات الاستشفائية TPA، وهي عديدة ولكن أبرزها شركتان: غلوب مد وNEXtCARE التي تديرها شركة أليانز.
إلى ذلك، ففي الخبر الذي تولّى الاتحاد المصري توزيعه على الإعلاميّين، وَرَد أن هذا الملتقى سيشهد ورشتَيْ عمل عن القضايا المعاصرة في مجال التأمين الطبّي يتولّى تقديمهما خبراء دوليّون، ما يعني أنّ هذا الملتقى لن تقتصر نتائجه على الوسط المصري وإنّما ستصل المنفعة منه، إلى دولٍ إقليميّة وغربيّة أيضًا، وهذا بديهي، ليس لأنّ لمصر حضورًا وازنًا في قطاع التأمين العالمي، وإنّما لكونها منطقة استراتيجيّة وملتقى للقارّات الافريقيّة والآسيويّة والأروبيّة. ومن هنا أهميّة هذا الملتقى الذي قد يصل يومًا، إذا لم يكن في 2022، ففي سنوات قليلة مقبلة، إلى تحقيق حلم كلّ إنسان: توفير التأمين الصحّي الشامل لكلّ فرد، مجانًا أو بأسعارٍ مدروسة جدًّا، وهذا لن يحصل إلاّ إذا تضافرت جهود القطاعَيْن العام والخاص في هذا المجال ومن خلال مؤتمرات تأمينيّة كالملتقى الإقليمي للتأمين الطبيّة والرعاية الصحيّة الذي رسّخ قدمَيْه وانطلق بهمّة القيّمين على قطاع التأمين العربي وعلى رأسه الاتحاد المصري للتأمين والـ GAIF.