علاء الزهيري متحدثًا في إحدى الندوات الخمس
مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّرات المناخية (COP 27) الذي عُقد في شرم الشيخ، لا يزال في صدارة الإهتمامات لحاجة الدول (البعيدة النظر) اليه والى ما سيصدر عنه من قرارات وتوصيات تتضمن مواعيد محددة للتنفيذ، وكذلك للوصول الى حلول بشأن تمويل الخسائر والأضرار التي تسبّبت بها الدول المتقدمة نتيجة مسؤولياتها عن زيادة الإنبعاثات، ومع ذلك حاولت من خلال هذا المؤتمر تقاسم الخسائر والأضرار مع الدول النامية عن طريق صندوق يتمّ انشاؤه، ما أدّى الى تحفّظها والى بروز خلافات استدعت تمديد المؤتمر يوماً أو يومَيْن بعدما كانت فترة انعقاده هي بين 6 و 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي. وفي مطلق الأحوال، فإن مصر التي استعدّت لهذا المؤتمر ووفّرت له كل سُبل النجاح، أثبتت مرة أخرى أنها دولة لا تقلّ شأناً عن الدول الكبرى، تنظيماً ووعياً بيئياً ومناخياً واستعداداً لمجاراة أي حركة اصطلاحية وتطويرية في أي مجال من المجالات، بدليل المشروعات التي أعدتها للتنفيذ والتي تناولها بالتفصيل الإتحاد المصري للتأمين في نشرته الأسبوعية ذات الرقم 264، مع الإشارة إلى أن هذا الأخير، وبتعاون أركانه لا سيما رئيسه علاء الزهيري، قد شكّل دعماً قوياً لمصر في هذا المؤتمر، كما للمؤتمر نفسه. فماذا في تفاصيل هذه النشرة.
تستعيد النشرة ما قامت به الحكومة المصرية في الشهور الماضية، استعداداً لإستضافة هذا المؤتمر بكامل طاقتها، وبالتنسيق بين جميع الهيئات المعنية بالعمل الدؤوب لإنجاحه. وتعود أهمية هذا المؤتمر، ودائماً حسب النشرة، إلى أنه يساعد في تقدّم المحادثات العالمية بشأن المناخ وتعبئة العمل وإتاحة فرصة مهمة للنظر في آثار تغيّر المناخ في أفريقيا، وهو ما سيؤثر بدوره على التقدّم نحو التخفيف من حدة الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي لهذه الدول.
الى ذلك، توقّفت النشرة عند ما قامت به الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية من مشروعات لمواجهة ظاهرة تغيّر المناخ وتحقيق التعافي الأخضر. وقد جاءت هذه المشروعات ضِمن الخطة الاستثمارية للدولة في مجالات النقل والتَنقُل النظيف والتي تتضمّن:
- مشروعات وزارة النقل للتوسّعات فى خطوط مترو الأنفاق.
- مشروع القطار الـكهربائى السريع.
- مشروعات الطاقة الجديدة والمتجدّدة وكفاءة الطاقة (إقامة محطات كهرباء بطاقة الرياح بخليج السويس ومحطات توليد كهرباء بالخلايا الفوتوفولتية، مثل مشروعات بنبان، والزعفرانة، والغردقة).
- مشروعات حماية السواحل الشمالية.
- مشروعات مُواجهة الأمطار والسيول.
- مشروع تأهيل وزراعة 1.5 مليون فدان لتحقيق الأمن الغذائي وتعويض تدهوّر وتآكل الأراضى في الدلتا.
- مشروعات الإدارة المستدامة للموارد المائية لتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية (إنشاء محطات تحلية مياه البحر وشبكات الصرف الصحي، والمعالجة الثلاثية، وإعادة تأهيل وتجديد الشبكة القومية للترع وقنوات المياه).
وفي إطار التحوّل نحو الاقتصاد الأخضر وإتاحة التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تمّ إطلاق سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار، للمرّة الأولى فى أفريقيا والشرق الأوسط، استباقاً لما سيقوم به القطاع الخاص من إطلاق سندات خضراء بقيمة تتراوح بين 120-200 مليون دولار، إلى جانب جهود “صندوق مصر السيادى للاستثمار والتنمية” في مجال تغيّر المناخ من خلال الاستثمار في عددٍ من المشروعات الخضراء، مثل مشروع إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، بالشراكة مع عددٍ من الشركات العالمية المتخصّصة، ومشروع إنتاج عربات القطارات لدعم جهود النقل المستدام، وكذلك مشروعات تحلية المياه.
وترى النشرة، وهذا صحيح، أن التأمين يُعدّ أداة مهمة لمواجهة الأخطار الكارثية، اذ يلعب دوراً في توفير الدعم المالي المطلوب لتعافي الأفراد والشركات والمجتمعات المتضرّرة من الكوارث الطبيعية التي أدّت الى خسائر في السنوات الأخيرة، ما دفع شركات التأمين الى إعادة النظر فى النَهِج الذى تتبعه فى تغطية مخاطر هذه الكوارث في بعض المناطق، تمهيداً لإعداد نماذج تأمينية جديدة لهذه الأخطار وإنشاء أشكال من التغطية تدعم الحكومة في إدارة التكاليف التي تواجهها بسبب المخاطر الكارثية نفسها.
ومن منطلق وعي الاتحاد المصرى للتأمين بأهمية القضايا البيئية والإجتماعية والقضايا المتعلقة بالتنمية المستدامة وانعكاس ما يطرأ عليها من مستجدات على الصعيد العالمي والمحلي، وإيماناً منه بأهمية الدور الذي يلعبه التأمين فى مواجهة هذه القضايا وما يمكن أن يقدّمه من حلول تجاه مخاطر تغيّر المناخ وتحقيق الشمول التأميني فى المجتمع المصري، فقد حرص على المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لقضايا المناخ COP27، علماً أنه استبق المؤتمر بسلسلة خطوات فعاّلة تجاه موضوع أخطار التغيّرات المناخية، هي: إنشاء لجنة متخصّصة للتأمين المستدام، وأخرى متخصّصة للتأمين الزراعى، توقيع بروتوكول تعاون مع مركز الإستدامة التابع للهيئة العامة للرقابة المالية، عقد العديد من ورش العمل والمؤتمرات والندوات لمناقشة هذا الموضوع، العمل عن كثب مع كبار وسطاء وشركات إعادة التأمين لتحديد الحلّ الأمثل لمواجهة أخطار المناخ والتي سيكون منها على سبيل المثال لا الحصر، إنشاء مجمّع للأخطار الطبيعية.
واستناداً الى ما تقدّم، دُعي الإتحاد للمشاركة في المؤتمر لتقديم تصوّر عن الحلول التأمينية فيما يتعلق بالإقتصاد الأخضر من وجهة نظر القطاع. وبالفعل قام الاتحاد بإعداد ورشة تحضيرية فى القاهرة قبل موعد مؤتمر المناخ، ليعقد في ما بعد 5 ورش عمل فى المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء في مؤتمر COP27 بشرم الشيخ، الأولى تحت عنوان “التكيّف مع المناخ المتغيّر في إدارة المخاطر الكارثية في مصر ودلتا النيل”، بالتعاون مع مؤسستَيْ Guy Carpenter ومؤسسة Marsh McLennan. ومن المعروف عن مصر أنها من المناطق المتوقّع أن تتأثر بتغيّر المناخ بسبب اعتمادها الأساسي على نهر النيل الذي يخدم احتياجات مياه الشرب والزراعة والصناعة وتربية الأسماك وتوليد الطاقة، واذا حصل هذا التغيّر سيعرّضها حتماً الى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار لأحواض النيل العليا، وكذلك الحدّ من هطول الأمطار على المنطقة الساحلية شرق البحر المتوسط.
في هذه الورشة، تمّت مناقشة التهديد المتطوّر الذي تشكله الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر والجفاف في جميع أنحاء مصر وعلى طول نهر النيل والذي يرجع بشكل جزئى إلى تغيّر المناخ . لذا تمّ تسليط الضوء على الحاجة إلى تطوير أساليب جمع البيانات لتقييم حالات التعرض الحالية والمستقبلية بشكل مناسب، وكذلك تحديد مناطق تراكم الأخطار ومجالات الأخطار المستقبلية، ما يساعد فى وضع الحلول المناسبة لمواجهة تلك الأخطار وتحديد الآلية المثلى للتعامل معها.
بالنسبة للورشة الثانية والتي تمّت بالتعاون مع الإتحادَيْن الفرنسي والمغربي للتأمين، تحت عنوان: “كيف يُمكن شركات التأمين المساعدة في بناء القدرة على الصمود في مواجهة موجات الجفاف المتزايدة”، أدارها دفّتها السيد علاء الزهيري رئيس الإتحاد وتحدث فيها عدة شخصيات. وقد اختتمت بالتوصيات التالية:
-يتعين على كافة الأطراف المعنية الإسراع نحو مواجهة مشكلة الجفاف من خلال عقد الشراكات بين أجهزة الدولة المعنية وصناعة التأمين .
-البحث عن وسائل مبتكرة لمواجهة التحديات المتعلقة بمخاطر الجفاف ووضع المخططات التأمينية المناسبة لذلك.
-تضافر الجهود على كافة الأصعدة لرفع الوعي بمخاطر المناخ وخاصة الجفاف.
وبالنسبة لورشة العمل الثالثة، التي عُقدت بالتعاون مع مؤسسة مارش، تمّت تحت عنوان: “المخاطر المادية وقدرة البنية التحتية الحيوية على الصمود: قناة السويس كنموذج للدراسة”، وقد أدارها السيد هيثم طاهر، نائب رئيس مجلس الادارة لشركة متلايف، وتحدث فيها شخصيات من “مارش” العالمية وخرجت هذه الورشة بتوصية هي: ضرورة تحديد الخطر الذي يمكن أن تتعرّض له أحدى وحدات البنية التحتية وذلك حتى يتسنى تحديد أفضل السبل لمواجهة هذا الخطر.
ننتقل الى الورشة الرابعة التي أدارها د. السيد تركي (المستشار الأول بإتحاد الصناعات المصرية). وخلال المناقشات، تمّ إستعراض نقاط عدة أبرزها: تحوّل قطاع النقل نحو إستخدام الكهرباء وكذلك المساهمة في إتساع نطاق سوق تصنيع وتوزيع وبيع السيارات الكهربائية في مصر، وهو ما يعد بمثابة خطوة مهمة حيث أن تصنيع وبيع السيارات الكهربائية فى مصر لا يزال في مرحلته الأولى. بالإضافة إلى ذلك، تعكس هذه الخطوة مدى أهمية خدمات التأمين وإعادة التأمين المستدامة في المساهمة فى دعم تقليل مخاطر الانتقال إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات في مصر، من خلال تأمين مشروعات البنية التحتية للكهرباء والمركبات الكهربائية وكذلك تأمين محطات الشحن الكهربائي.
وخلال هذه الورشة، ألقى السيد علاء الزهيرى الضوء على التطوّر الذي يشهده قطاع التأمين (حياة وممتلكات) في الوقت الحالى في مصر اذ وصل حجم الأقساط الى حوالي 2.8 مليار دولار.
وبالنسبة لورشة العمل الخامسة تحت عنوان: “التخفيف من مخاطر المناخ من أجل تحقيق النقل المستدام: تماشياً مع استراتيجية مصر لتغيّر المناخ 2050″، فقد أدار دفتها د. طارق سيف (أمين عام الاتحاد) وتحدّث فيها كلّ من السادة: شكيب أبو زيد (أمين عام الاتحاد العام العربى للتأمين)، د. حسام علام (المدير الإقليمى للنمو المستدام CEDARE)، أحمد سمير(رئيس وحدة السيارات الكهربائية بـ UNFCCC)، وجمال صقر (المدير الإقليمى لشمال شرق أفريقيا والشرق الوسط بالشركة الأفريقية لإعادة التأمين). في هذه الورشة، تمّت مناقشة نقاط أبرزها كيفية ايجاد تمويل لتشجيع المواطنين على شراء السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة والتحوّل للطاقة النظيفة بما يساهم فى توطين صناعة المركبات الكهربائية وتسويقها محلياً.
وقد إختتمت الورشة الخامسة بتوصيات أهمها العمل على زيادة الوعي لدى الأفراد بضرورة التحوّل نحو إستخدام المركبات الكهربائية بدلاً من تلك التي تعمل بالوقود بما في ذلك ايجابيات على البيئة وعلى صحة الانسان.
وعلى هامش فعاليات هذا المؤتمر التي ألقي الضوء على عدد من المبادرات، من أهمها: قيام الأمم المتحدة بإعتماد مدينة شرم الشيخ مركزاً عالمياً وإقليمياً للمرونة والقدرة على الصمود في مواجهة الكوارث Resilient Hub ضمن برنامج «جعل المدن قادرة على الصمود MCR 2030»، لتكون شرم الشيخ بذلك أول مركز للمرونة في القارة الأفريقية، وثاني مركز بمنطقة الشرق الأوسط. وتسجيل نجاح مصر فى تصميم أول زجاجة مياة صديقة للبيئة، اذ صنعت من خشب وألياف صديقة للبيئة وكذلك يمكن زراعة الغطاء الخاص بها بعد شرب الماء الموجود بداخلها نظراً لأنه مصنّع من مادة حيوية مشتقة من قصب السكر.