لقاح سبوتنيك ف .. سهل التخزين وبلا آثار جانبية
يزداد الخوف عند كثيرين، ولا سيّما عند شريحة واسعة من اللبنانيّين، من تلقّي اللقاحات ولا سيّما لقاح Pfizer الأكثر انتشارًا في الوقت الراهن في العالم، بسبب مخاوف يعدّدها الراغبون في عدم تلقّي هذا العلاج. واللافت على هذا الصعيد، أنّ الذين أدلوا بآرائهم للحصول على هذا اللقاح، وفي مستشفى الحريري الجامعي، لم تتجاوز نسبتهم، حتى اليوم، الـ 39 بالمئة من أصل 736 شخصًا من العاملين في مجال الرعاية الصحيّة، وهو رقم يشي بأنّ الرّغبة بالتلقيح ضعيفة جدًّا. وقد زاد من هذا التردّد، بعض التصريحات التي يُدلي بها أطبّاء أو بعض من لهم علاقة بالأمور الطبيّة، حول المخاوف من الإقدام على هذه الخطوة، “التجاريّة” ليس أكثر، كما يردّد هؤلاء، مطلقين توقّعات مثيرة للمخاوف كالقَوْل مثلاً، أنّ كبار السنّ إذا تلقّوا اللقاح، فإنّهم بعد سنة أو سنتَيْن سيتوفّون، من دون الاستناد إلى أيّ مسوّغ علمي أو طبّي. ومن الأدلّة التي يتمسّك بها هؤلاء المتردّدون أنّ Albert Bourla، المدير التنفيذي لشركة Pfizer، لم يتلقَّ لقاح الشركة حتّى الآن. وعندما استُصرِح بمقابلة تلفزيونيّة أُذيعت من على معظم شاشات التلفزة في أنحاء العالم حول عدم تلقّيه هذا اللقاح، قال: “أنا اليوم في التاسعة والخمسين من العمر وصحّتي جيّدة ولا أعمل في الخطوط الأماميّة، أي أنّه لا يحتكّ بمرضى مصابين بـ Covid-19 أو غير مصابين بهذا الفيروس، كما هو حال رجال الإسعاف والممرّضين، فضلاً عن أنّ نوعي لا يحتاج إلى تلقّي هذا الطعم، لذا لا أرى داعيًا إلى الإقدام على هذه الخطوة.”
هذا التصريح، بحدّ ذاته، أثار شكوكًا عديدة مع تزايد الآثار الجانبيّة التي يمكن أن يتركها في جسم المتلقّي للقاح، خصوصًا لناحية تغيير المادة الكيميائية للإنسان. وثمّة من ذهب إلى حدّ القول أنّ هذا اللقاح قد يكون مقدّمة لزرع شريحة الكترونيّة تحت الجلد في مرحلة مقبلة نتيجة دواعٍ كثيرة. وطبعًا فإنّ لكلّ هذه المخاوف توضيحات علميّة وطبيّة تناقض هذه الأقوال.
في هذا الوقت، بدأ الحديث يتزايد عن إمكانيّة اعتماد اللقاح الروسي Sputnik V في لبنان لتسريع عمليّة تحقيق ما يُعرف بــ “مناعة القطيع”، باعتبار أن كميّة لقاحات Pfizer محدودة ولا تكفي اللبنانيّين والمقيمين على أرضه. ولكن حتّى هذا اللقاح بدأ يثير مخاوف الكثيرين مع العلم أنّ البيانات المنشورة في مجلة The Lancet الطبيّة تؤكّد فعاليّة هذا اللقاح وتنصح به بعدما أظهر كفاءة عالية وفعاليّة مناعيّة بلغ مستواها حدّ 91،6 بالمئة
نشير في هذا الصّدد، إلى أنّ عدد الذين خضعوا للتجارب السريريّة لمعرفة فعاليّة اللقاح الروسي، وصل عددهم إلى ما يقارب الــ 20 ألف متطوّع تلقّى نصفهم الحقنتَيْن الأولى والثانية من اللقاح، فيما أعطيَ النصف الآخر جرعة دواء وهمي Placebo لمعرفة فاعليّة هذا الدواء. وتراوحت أعمار المتطوّعين بين 18 و60 عامًا، أمّا النتائج فكانت مبشّرة جدًّا، إذ أنّ الاستجابة المناعيّة الخلويّة سجّلت مئة في المئة وبنسبة من الأعراض بسيطة جدًّا تمثّلت ببعض التفاعلات الموضوعيّة في موقع الحقنة، إضافة إلى الصداع والوهن. يُضاف إلى ذلك، أنّ لجنة المتابعة والرّصد لهذا اللقاح سجّلت عدم حدوث أيّ ظواهر غير مرغوب فيها أو ذات شأن في ما يتعلّق بالتطعيمات، علاوة على أنّه لم تحدث أيّ حساسيّة قويّة أو أيّ ردّ فعل تحسّسي. يُستخلص من كلّ ذلك أن Sputnik V أصبح واحدًا من ثلاثة أو أربعة لقاحات في العالم تتجاوز فعاليّتها التسعين في المئة. والأهمّ من كلّ ذلك أنّه سهل التوزيع على المستوى العالمي لأنّ درجة حرارة التخزين المطلوبة تتراوح ما بين 8 و9 درجات مئويّة فوق الصفر، إضافة إلى أنّه يُستخدم قاعدة ناقلات الآدينوفيروس البشريّة التي تمّ تأكيد أمنها من خلال ممارسات استخدام لعدّة عقود. ويضاف إلى ما تقدّم، أنّ كلفة هذا اللقاح ميسورة للجميع، إذ يبلغ ثمن الحقنة الواحدة ما يقارب العشرة دولارات أميركيّة.
واستنادًا إلى هذه النتائج الإيجابيّة، فإنّ التطعيم بلقاح Sputnik V سيتمّ هذا الشهر في 12 دولة هي: بوليفيا، كزاخستان، تركمانستان، فلسطين، دولة الإمارات، باراغواي، هنغاريا، ارمينيا، جمهورية صربيا، فنزويللا وايران، علمًا أنّه تمّ تسجيل هذا اللقاح في 16 بلدًا وهذه أبرزها: روسيا، بلاّ روسيا، الارجنتين، الجزائر، جمهورية غينيا وتونس، إضافة إلى بعض الدول التي ستباشر عمليّات التلقيح والتي ذكرنا أسماءها آنفًا.
وبحسب الدكتور هيلديغوند ايرتيل، الاستاذ في مركز اللقاحات وعلاج تقوية المناعة في معهد Westar في الولايات المتّحدة الأميركيّة، فإنّ للقاح Sputnik V فاعليّة تصل إلى مئة في المئة في الوقاية من هذا المرض الخطير إلى درجة أنّ أوّل حقنة تقي من الفيروس بنسبة 87،6 بالمئة وبالتالي فإنّه الأكثر فعاليّة بالمقارنة مع لقاحَيْ Estrazeneca أو Johnson & Johnson.
يبقى السؤال الأكثر أهميّة وهو: هل تدفع المواصفات العديدة للقاح Spuntrik V وزارة الصحة اللبنانية إلى التفاوض مع الشركة المُنتجة للحصول عليه وتطعيم من يجده أكثر أمانة من لقاح Pfizer، أم أنّ سياسة المحاور قد تدخل على الخطّ بحيث تغضّ وزارة الصحّة النظر عن Sputnik V كي لا يُقال أن هناك ارتباطًا بين هذا اللقاح وبين النهج السياسي لوزير الصحّة؟ أم أنّ الوزارة، وبتوجيه من الوزير، ستُقدم على هذه الخطوة بعدما رفعت عنها “التّهمة” بالبدء في شراء اللقاح الأميركي؟
السؤال متروك للأيّام المقبلة…