مايكل حداد في الجامعة الأميركية يتحدّث عن ما يعتزم القيام به
في حفل خاص، استضافته الجامعة الأميركية في بيروت خطا سفير النيات الحسنة الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مايكل حداد، الخطوة الأولى في مسيرته القطبية من أجل تعزيز القدرة على مواجهة التغيّر المناخي والأمن الغذائي، والمقرر أن يشرع بها في 7 حزيران (يونيو) 2022 باتجاه قبو Svalbard الذي تُخزّن فيه البذور تخزينًا آمنًا طويل الأجل، في النرويج، بما يسهم في حماية تنوّع المحاصيل عالميا – ليُسلم “رسالة أمل” تشمل عبوات بذور من اثنتَيْ عشرة دولة عربية لحفظها في القبو، إلى جانب إصدار محدود من كتاب للبابا فرانسيس، بمثابة بذرة رمزية للأمل، يتمّ حفظها للأجيال القادمة.
عن هذه الخطوة قال مايكل حداد: “أزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق وحالة الطوارئ المناخية العميقة التي تهدّد حياتنا على هذا الكوكب، قد تدفعان الكثيرين منا إلى الاحساس بالعجز. ولكننا إذ نقف معًا متضامنين في مواجهة الأزمات، علينا أن نتمسك بأملنا في المستقبل”. أضاف: “أنا أنتمي إلى المنطقة العربية التي تعتمد في معظم غذائها على واردات من الخارج، والتي ترتفع درجات الحرارة فيها بشكل أسرع من المتوسط العالمي، لذلك سوف أسير في Svalbard داعيا الجميع للعمل معاً، بتصميم وطموح وإلحاح لدرء أزمة المناخ ولضمان أمننا الغذائي الجماعي، وكلاهما حجر الزاوية للأمن البشري”.
إلى ذلك، تزوّد مايكل حداد من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، بالتنسيق مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بعبوات خاصة من البذور تمّ إعدادها كجزء من مخزون البذور التي تعتزم كل من الأردن وتونس والجزائر وسوريا والعراق وعمان ودولة فلسطين ولبنان وليبيا والمغرب ومصر واليمن، إيداعه رسمياً في قبو Svalbard. وتشمل العبوات المعدّة خصيصًا فصائل برية من القمح والشعير والعدس والحمص وأنواع البقوليات العلفية الأخرى.
ميلاني هاونستين، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، أكّدت في هذا المجال، “التزام العالم بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة من خلال الهدف الثاني للتنمية المستدامة”. أضافت: “يتطلّب الوفاء بهذا الوعد تضافر الجهود للتخفيف من حدة الآثار السلبية لتغيّر المناخ، وللحدّ من الفقر وخاصة في الريف، وتمكين صغار المزارعين، وخاصة النساء منهم واللائي يتحمّلن أعباء كبيرة في الإنتاج الزراعي. إنّ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان يعطي الأولوية لتعزيز تلك الجهود”.
وإلى جانب البذور الحقيقية، سيحمل حداد كذلك بذرة أمل رمزية، تتمثّل في طبعة مصغّرة من كتاب البابا فرانسيس المعنون “لماذا أنت خائف، أليس لديك إيمان؟” الذي يوثّق لحظة الصلاة الاستثنائية التي ترأسها في آذار (مارس) 2020، في ذروة انتشار جائحة COVID-19. وكان تمّ إصدار هذا الكتاب بعدّة لغات وجرى توزيعه في جميع أنحاء العالم، ولكن النسخة المصغّرة التي سيحملها حداد هي جزء من طبعة محدودة خاصة، باركها البابا فرانسيس بنفسه، في مناسبة خاصة نظّمها لحداد معهد الحوار العالمي وثقافة اللقاء. وفي بداية مسيرته، سيهدي حداد نسخة من الكتاب إلى متحف Svalbard لعرضها على نطاق أوسع في القسم المخصّص للقبو العالمي للبذور بعد التوسّع المخطّط له في العام 2024.
سفير مملكة النرويج في لبنان مارتن يتيرفيك علّق بدوره: “يمثّل قبو Svalbard العالمي للبذور مساهمة مهمة للنرويج في الجهود العالمية للحفاظ على التنوّع البيولوجي الزراعي وحماية مستقبل الإمدادات الغذائية في العالم”. أضاف: “يعدّ القبو موردًا أساسيًا في حالة وقوع كارثة عالمية، فضلاً عن كونه يمثّل دعامة احتياطية بديلة لكافة مجموعات البذور المحفوظة بواسطة بنوك الجينات في جميع أنحاء العالم”.
وسيقوم حداد الذي أصيب بالشلل من صدره لأسفل قدميْه في سن السادسة، وقيل له إنه لن يتمكن من المشي أبداً، بأداء مسيرته الرمزيّة التي تتحدّى الصعاب بمساعدة هيكل خارجي مصمّم خصيصًا لإبقائه في وضع مستقيم إذ يستخدم عكازين للمشي بالآلية الفريدة التي ابتكرها والتي تعرف باسم “الخطو إلى المشي”. ويتابع فريق علمي متميّز من الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية المسيرات التي يؤديها مايكل حداد عن كثب، ويدعم بوسائل شتى.
أمّا الممثلّة المساعدة للبرنامج صولانج متى سعادة، فعلّقت قائلة: “إنّ تغيّر المناخ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتنوّع البيولوجي ما يشكّل علاقة عكسية، إذ كلما زاد أحدهما، انخفض الآخر. لقد فقدنا بالفعل الكثير من تنوّع محاصيلنا الغذائية، ولكن الأوان لم يفت بعد لإنقاذ ما تبقى لدينا”. أضافت: “مسيرة مايكل حداد من أجل تعزيز القدرة على مواجهة تغيّر المناخ والأمن الغذائي التي هي بمثابة تذكِرة تأتي في الوقت المناسب بالمخاطر التي يمثلها تغيّر المناخ على تنوع المحاصيل والأمن الغذائي”.
من جهته، قال الدكتور حسن مشلب، المدير القطري في لبنان والأردن وفلسطين: “لأكثر من أربعة عقود وتحت مظلة المجموعة الاستشارية الدولية للبحوث الزراعية (CGIAR)، وهي أكبر شبكة عالمية للابتكار الزراعي في العالم، عملت إيكاردا مع شركائها على توفير سبل للعيش لأُسَر المزارعين قادرة على مواجهة ظروف الزراعة في الأراضي الجافة في المنطقة”. أضاف: “نتوجه بالشكر لمايكل حداد لتسليطه الضوء على أهمية حماية التنوّع البيولوجي الزراعي الثمين والمهدّد، والذي يمثل الركيزة الأساسية لعملنا. إن التزام مايكل هو مصدر إلهام لنا جميعًا”.
عمار العلبي، عميد كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، أضاء إلى دور الجامعة الأميركيّة في بيروت قائلاً: “تعمل فرقنا العلمية في الجامعة عن كثب مع مايكل لنتفهم قدرته الفريدة على المشي ومساعدته على تحسينها، على أمل أن يستفيد منها أي شخص يعاني إصابة مماثلة في النخاع الشوكي”. أضاف “نتعاون أيضًا مع مايكل للتواصل مع المزارعين، لتقديم تطبيق AgSAT المجاني الذي قمنا بتطويره لمساعدتهم على إدارة المياه لأغراض الري، من خلال توفير الوصول إلى بيانات الأقمار الصناعية. إنّ هذا التطبيق يوفّر التكاليف والموارد ويعزّز سبل العيش المستدامة”.
وقال سعد الزين، مساعد الرئيس للمشاريع الخاصة في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، “بالنسبة للإنسانية، يعد مايكل بمثابة معمل حي للمشي. ونحن ملتزمون مواصلة دعمه لتحقيق أهدافه والتعلم من تجربته الفريدة”. “ونحن نتعامل مع مايكل بنهج إستراتيجي ومتعدد التخصصات من خلال العديد من كلياتنا وأقسامنا العلمية، بما في ذلك الهندسة والطب والابتكار، لتغطية كافة الجوانب العلمية والتكنولوجية والابتكارية والإنسانية المتعلقة بتجربته الفريدة”.
ولم تَغِبْ تعليقات دائرة الاتّصالات لدى الكرسي الرّسولي المونسنيور لوسيو رويز، إذ علّق الأمين العام لهذه الدائرة بالقول: “إنّ كتاب البابا فرانسيس الذي سيبقى الآن في القطب الشمالي كبذرة للأمل لأجيال قادمة يوثّق القداس التاريخي الذي ترأسه البابا يوم 27 آذار (مارس) 2020”. أضاف: “تلك اللحظة ستبقى محفورة في ذاكرة جميع الرجال والنساء الذين تابعوا من خلال شاشاتهم، بينما كانوا محبوسين بسبب عاصفة جائحة COVI-19، إنّ البابا فرانسيس في ساحة القديس بطرس يدعونا جميعا أن نستيقظ لنخلق دروباً جديدة للأمل العميق من أجل الجميع”.
يبقى أن نشير إلى أنّ مديرة معهد الحوار العالمي وثقافة اللقاء غابرييلا ساكو قالت: “يوحّدنا يقيننا بأننا جميعًا في نفس القارب وأن رعاية بيتنا المشترك تعتمد على شجاعتنا في أن نحلم بمستقبلنا معًا – فلا يمكن أن يتمّ إنقاذ أحدنا وحده، بمعزل عن الآخرين”. أضافت: “من منطلق عملتا الذي يركز على كفالة الحق في المياه، ومن خلال السياسات العامة وسبل لنقل المعرفة، يسعدنا أن نحتضن مساعي مايكل حداد وأن نسير معه في أخوة، مقتنعين التمسّك بالأمل في عالم أفضل”.
يُشار إلى أنّ Svalbard هي أرخبيل نرويجي في المحيط المتجمّد الشمالي يقع شمال قارة أوروبا ويديره حاكم تعيّنه الحكومة النرويجيّة. وتعتبر Svalbard منطقة تزاوج العديد من الطيور البحريّة، ومن حيواناتها الدببة القطبيّة والرنّة والثعالب وبعض الثديّات البحريّة. أنشئ القبو عام 2008 ليستضيف البذور في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة (-18 درجة مئوية إلى -0،4 درجة فهرنهايت) بغية ضمان التوافر المستقبلي، لاسيما في حالة وقوع كوارث طبيعيّة أو من صنع الإنسان. وبكلام آخر، هو بمثابة بوليصة تأمين نهائيّة للإمدادات الغذائيّة على المستوى العالمي. وفي أيلول (سبتمبر) 2021، تمّ تخزين ما يقرب من 101 مليون عيّنة بذور تمثّل أكثر من 6 آلاف نوع من النباتات.