جود جابر، آدم سلامة، كمال كريدية وطوني هدايا
أربعة متخرجين من جامعة القديس يوسف USJ هم: جود جابر، كمال كريدية، آدم سلامة وطوني هدايا قرروا “التمرّد” على الوضع السائد في لبنان، وهو الإسراع في السفر بعد التخرّج والعمل في بلاد الدنيا الواسعة، بحثاً عن العملة الصعبة والعيش الرغيد وربما تخزين بضعة “قروش في الأيام البيض لصرفها في الأيام السود”، كما في المثل العامي الرائج.
والتحدّي جاء على “أهل قدر العزم الذي يأتي بالعزائم” كما قال المتنبّي، وتمثّل هذا العزم بمحاولات لإيجاد فرص عمل لم تلقَ مع الأسف النجاح الذي كان يسعى اليه هؤلاء الخريجون الأربعة الذين يُشكلّون وحدة وطنية من بلد تتعدّد فيه الطوائف. ولكن هذا “اللانجاح” كي لا نقول “الفشل”، لم يوقف جهودهم وإصرارهم على متابعة المسيرة تشبثاً بالأرض وبلبنان. وبالفعل، “تخمّرت” الفكرة في رأس طوني هدايا عند استقباله آدم سلامة الآتي حديثاً من أبيدجيان في ساحل العاج حيث يقيم أهله. وخلال جلسة جمعت الأربعة لتناول القهوة، توقّف آدم عن متابعة احتساء فنجانه ليقول: “كم أنا مشتاق الى الـ Pain Brochette التي كنت ألتهمها في أبيدجيان. تُرى هل يُمكن إيجاد مثل هذا السندويتش هنا في بيروت؟” واختصر الثلاثة الآخرون الجواب بكلمة واحدة: “أكيد لأ”، ولكنهم استفسروا عن هذا السندويتش وكيف يُصنع وما هي مكوّناته التي شدّت آدم وزوار أبيدجيان اليه؟ وبعدما شرح الرفيق الرابع ما عنده من معطيات ومعلومات، تساءل طوني هدايا قائلاً: “ولمَ لا نكون السباقين الى نقل هذا السندويتش الموجود فقط في بعض دول القارة الإفريقية، الى لبنان؟” توقّف الجميع عن شرب القهوة وقال الثلاثة لآدم: “هيا بنا الى العمل واطلب من أهلك أن يُسرعوا في موافاتنا بالمحتويات الأساسية لهذا السندويتش والتي لا وجود لها هنا، مع أن محتويات أساسية يُمكن شراؤها بسهولة، كاللحم والبصل والمايونيز، لكن الصعوبة تكمن في الحصول على مكونَيْن: “التتبيلة” المصنوعة من بهارات أفريقية والحر الإفريقي والـ “صلصة” التي لا وجود لها الاّ في تلك القارة. وبالفعل أسرع آدم الى الإتصال بذويه، وفي غضون اسبوع كانت هذه المكونات “الثمينة” في بيروت تزامناً مع استئجار مقرّ لبيع الـ Pain Brochette ، هو عبارة عن Kiosk في منطقة الرملة البيضاء تحديداً في Foodie Land ، على أن يُطلق بيع هذا السندويتش المجهول في لبنان مع بداية رمضان المبارك، كي يكون إفطاراً للصائمين أو طعاماً لهم خلال الفترة التي تسبق السحور. وعلى نحو الخطى السريعة (غير المتسرّعة)، استقدم الأربعة الى الـ Kiosk الأدوات المطلوبة لا سيما المنقل من منازلهم. وتكريساً للتعاون والتعاضد، تمّ تقاسم العمل، بحيث يتولّى آدم الشوي على الفحم، طوني وجود بتحضير السندويتشات، أما المحاسبة والتسويق والإعلانات فعُهدت الى كمال. وفي غضون أيام قليلة بل ساعات، وما ان انتشر الخبر في العاصمة وفي غير العاصمة عن “صرعة” الـ Pain Brochette حتى بدأ محبّو هذا السندويش بالتوافد الى الـ Kiosk لتذوّق “التتبيلة” المميّزة والمعمولة على الأصول، بشهادة من تذوّقها سابقاً، اشباعاً لنَهَمٍ لا يُمكن ان يُنتسى وبقيت مذاقه في الفم منذ تناوله أثناء مرورهم في بلدة أفريقية أو خلال اقامتهم فيها أو للدراسة والعمل أو للسياحة.
وماذا بعد؟ سألنا الخريجين الشباب الأربعة عمّا يطمحون اليه في الآتي من الأيام، أي بعد انتهاء الصوم والإحتفال بعيد الفطر السعيد، فكان هناك جواب واحد هو: “أن كلّ ما نسعى اليه يبقى مرتبطاً بنجاح هذه التجربة. فإذا ظفرنا، فنحن مستمرون في هذا المكان أو من مقرّ جديد آخر أوسع مساحة وأكثر راحة، وكلّ ذلك كي نبقى متشبّثين بالبقاء في لبنان والعمل فيه وعدم المغادرة الى الخارج، كما فعل ويفعل المئات من خريجي الجامعات وغير الخريجين”.
سألنا الأربعة اذا واجهتهم صعوبات في تأسيس هذا المشروع، فكان الجواب: “ان عنصر المفاجأة قائم دائماً في لبنان، ولكننا لن نيأس ولن نترك الفشل يقهر عزيمتنا، بل سنمضي قدماً لتحقيق الأماني. لقد علّمونا في المدرسة: “أن من يطلب العلا لا بدّ أن يسهر في الليالي”. نحن حالياً نصل الليل بالنهار من دون أن نتذوّق طعم الراحة والنوم في سبيل أن يتذوّق محبّو “التتبيلة الإفريقية” سندويتش الـ Pain Brochette.
“الا يحّق لنا أن نُدرك العلا الذي تحدّث عنه الشاعر، بعد سهَرنا اليومي وجهدنا الكبير”؟، ختم الشركاء الأربعة حديثهم الينا.