صورة الغلاف
عن “منتدى المعارف”، بيروت، صَدَر كتاب جديد لخبيرَيْ التأمين السيّدَيْن تيسير التريكي ومصباح كمال بعنوان “ذاكرة التأمين العربي – حوارات”، هو الثالث لهما ضمن هذه السلسلة التي قد يضعان خاتمة لها بعد إضاءتهما على المرحلة التأسيسيّة لقطاع التأمين الوطني في البلدان العربيّة.
يحاور التريكي وكمال في هذا الجزء كلاً من: أحمد الحريري (سوريا – قطر)، تنويهًا “بموقع التأمين للعرب” الذي أنشأه ويعكف على تطويره بجهد مقدّر. ومن المغرب يحاوران أحمد زينون، الرئيس التنفيذي السابق للشركة “المركزيّة لإعادة التأمين”. ومن الكويت يحاوران أمير المهنّا وخليل الشّامي، فالأوّل شغل منصب المدير العام “للشركة الكويتيّة لإعادة التأمين”، بينما كان الثّاني أوّل رئيس مجلس إدارة “للمجموعة العربيّة للتأمين” (أريج). ومن السّودان، يحاوران حسن السيّد الذي يُعتبر أكثر العارفين بقطاع التأمين السوداني وبمخاض تطوّره. أمّا من البحرين، فيحاوران سمير الوزّان، عميد صناعة التأمين في بلده. ومن العراق يحاوران عبد الباقي رضا الذي يُعتبر أحد ألمع الشّخصيّات التأمينيّة التي عرفها العراق. وإضافة إلى رضا، يحاور معدّا الكتاب منعم الخفاجي تقديرًا لمعرفته بالتطوّرات التاريخيّة في سوق التأمين العراقي، وكذلك اعترافًا بقيمته الفنيّة خاصة لجهة تخصّصه العميق في تأمين خسارة الأرباح النّاجمة عن الحريق. ويكتمل عقد الحوارات بحوارَيْن اثنَيْن، الأوّل مع مرتضى الجملاني (عُمان) والثّاني مع عبد اللطيف القباطي (اليمن).
لا يحبّذ التريكي وكمال نسبة عملهما الذي أطلاّ عبره على معظم أسواق التأمين العربيّة، خدمة لتعميم المعرفة التأمينيّة ولا سيما منها التاريخيّة. فربّما يعتقدان أنّ الذاكرة والذكريات لا يصنعان تاريخًا بمفردهما، وبمعزل عن التّحليل. فالحوادث تقدِّم معلومات وحقائق ثمينة ولكنّها لا تستبطن الحقائق بما ييسّر فهم الدوافع أو الإجابة عن سؤال (لماذا؟). هذه الإجابة هي من اختصاص عمل المؤرّخ.
في الحديث مع التريكي وكمال تلمّس جرعة زائدة من الحذر عن حسيّة المبالغة في تقويم ما أنجزاه. فهما لا يملاّن تكرار القول بتواضع: “إنّ قيمة ما أنجزناه ربما تكمن في لفت النّظر إلى ضرورة الاهتمام بتأريخ صناعة التأمين، في الأقطار العربيّة. وهذه مهمّة شاقة تتطلّب جهدًا كبيرًا وإحصائيّات مالية تتيح التفرّغ للبحث. وفي “الحال العربيّة”، لا يمكن تصوّر إمكانيّة التصدّي للمهمّة إلاّ في نطاق نشاط الجامعات الكبرى أو بدعم سخيّ من مؤسّسات التأمين كالتّي تتوافر فيها إمكانيّات وموارد ماليّة كبيرة.
قام المحاوران (بكسر الراء) في هذا الجزء الثّالث، على جاري عادتهما في الجزءَيْن الأوّل والثّاني، بإهدائه إلى نفر من الشخصيّات التي قدّمت خدمات جليلة لقطاع التأمين في بلدانها. ولدى سؤالنا للتريكي عن أهميّة هذه السيرة الحميدة أجاب: “إنّه اعتراف بالجميل. إنّه القول للنّاس بأنّنا قطاع يحترم من خدموه ويعترف بفضلهم. إنّه القول أنّ في تاريخ صناعة التأمين العربيّة، رجالاً ونساءً نرفع رؤوسنا بهم”.
أمّا عن سؤالنا عن النشاط المستقبلي، يردّ التريكي وكمال قائلَيْن: “هو بيد الله، ولكنّ البوصلة تشير إلى دور المرأة في قطاع التأمين: هذا، إذا جاد القدر علينا بفسحة الزمن اللازمة والمقدرة على الإنجاز”.