دكتور زمكحل .. التدقيق الجنائي بمواكبة دوليّة
في لقاءٍ عن بُعد بين أعضاء مجلس إدارة تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيّين في العالم برئاسة د. فؤاد زمكحل، وبين النائبة في البرلمان الفرنسي Nadia Essayan التي تشغل منصب نائبة الرّئيس في لجنة الصداقة النيابيّة الفرنسيّة اللبنانيّة، دار حوارٌ معمّق بينهما في إطار البحث عن نافذة خلاص للبنان من جهة، وفتح آفاق جديدة بين البلدَيْن من جهة ثانية، لمزيدٍ من تمتين العلاقة بين باريس وبيروت خصوصًا بعد تراجع أطراف سياسيّة لبنانيّة عن التزامهم في المضي قدمًا بالمبادرة الفرنسيّة لإنقاذ لبنان والتي دفع باتّجاهها الرّئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال زيارتَيْن له إلى بيروت، عِقبَ انفجار المرفأ في 4 آب الماضي.
ومن المعروف عن النائبة Essayan، ممثّلة حزب الحركة الديمقراطيّة في فرنسا، ارتباطها الوثيق بلبنان ونَسْجِها صداقات قديمة جدًّا مع أطرافٍ لبنانيّين عدّة، ومن مختلف الاتّجاهات والمراكز، ما يسمح لها بأن تُفعّل وتُعزّز، من جديد، المبادرة الفرنسيّة، أو على الأقلّ تشارك في إعادة إحيائها باعتبارها خشبة الخلاص الوحيدة للبنان، حتّى الآن، بعد التطوّرات المتسارعة التي تمخّض عنها انفجار 4 آب الذي أدّى إلى خراب لبنان أو كاد. لهذا استهلّت Essayan هذا اللقاء بتأكيدها “أنّ اللبنانيّين في حاجة دائمة إلى إحياء العلاقة مع فرنسا التي تكنّ لهم كلّ المحبّة والتقدير وتُثمّن شجاعتهم وتدفع بهم إلى تجاوز كلّ الصّعاب والاستمرار في المحافظة على اقتصاد بلدهم والعمل، بإصرار وعزم، كي يبقى لبنان كما عرفه الفرنسيّون، رسالة تعايش وسويسرا الشّرق”.
ولأنّ Essayan في هذا الحوار كانت مُستمعة أكثر منها طارحةً حلولاً، فقد تناول د. زمكحل الكلام باسم المجتمعين لشرح الواقع الحالي الذي يمرّ بلبنان، أمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مشيرًا إلى “الدّور الأوروبي، وخصوصًا الفرنسي، الدّور الفاعل والمطلوب لوقف الانحدار مع زيادة الضغوط على سياسيّي لبنان وفرض العقوبات الصّارمة على الطبقة الحاكمة المسؤولة عن الانهيار وعزل البلاد”.
لقد وضع زمكحل النائبة الفرنسيّة في الأجواء الحقيقيّة للبنان واللبنانيّين، وفي هذا الصّدد أبلغها أنّ “الشّعب بات رهينة، بل هو في سجنٍ كبير، وتحت رحمة مافيات السلطة المخيفة! وإلى ذلك، فهو محتلّ داخليًا وإقليميًا وبات من المستحيل عليه وبمفرده أن يتحرّر من قيود هذا الأسر”.
ولكن كيف؟
باعتماد وسائل معيّنة، كما يقول الدكتور زمكحل، ودائمًا باسم أعضاء مجلس الإدارة والمجلس الاستشاري، والتّي عدّدها كما يلي:
– تطبيق عقوبات جديّة على أفراد الطبقة الحاكمة المسؤولة مباشرةً عن الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي والاجتماعي وعن أكبر عمليّة نهب في تاريخ لبنان.
– المطالبة بألاّ تتخلّى فرنسا ومعها الاتّحاد الأوروبي عن لبنان ومساعدة شعبه لعدم الاستسلام والبقاء على قيد الحياة.
– وبالصّفة التي نحمل، فإنّنا نُدرك تمامًا فداحة الأخطار التي تُحدِق بلبنان، ولهذا نجدّد المطالبة بتدقيق جنائي شفّاف وبنّاء، ومن ضمن خطّة اصلاحيّة متكاملة على المدى القصير، المتوسّط والبعيد، مع اعتقادنا الرّاسخ بأنّ تنفيذ التدقيق الجنائي الشفّاف يبقى بلا إيجابيّة إذا لم تواكبه مراقبة دوليّة بالتنفيذ والملاحقة ومن خلال استراتيجيّة متكاملة.
– لماذا المراقبة الدوليّة؟ لأنّ التدقيق الجنائي، ولمجرّد التدقيق، لن يُعيد أموال المودعين ولن يوقف النزف في الاقتصاد ولن يحلّ الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة الكارثيّة ولن يوقف سعر الصّرف ولن يردّ القدرة الشرائيّة، فضلاً عن مخاوف عدّة، من أهمّها تحوّل هذا التدقيق أداةً سياسيّة جديدة تُستعمل لتصفية الحسابات الداخليّة. لذا، فالمطلوب من هذا التدقيق إعادة الأموال إلى اصحابها، تأمين أدوية للمرضى، فَتح أبواب المستشفيات المجانيّة للعجزة، دَفع اقساط المدارس والجامعات، التمكّن من شراء حليب للأطفال، وأخيرًا وليس آخرًا، إعادة العمل إلى أرباب العائلات.
وفي نهاية هذا اللقاء، ختم د. زمكحل كلمته، ودائمًا باسم المجتمعين، قائلاً: “إنّ اللبنانيّين يخسرون يومًا بعد يوم ثقتهم بكلّ هذه السلطة، وبمشاريعها وقراراتها ونيّاتها وقدرتها على متابعة إدارة مصير البلاد، أو بالأحرى إدارة الأزمة الكارثيّة. وعبر هذا المنبر، نذكّر وبصوتٍ عالٍ: “أنّنا لم ولن نستسلم ولن نقع مجدّدًا في أفخاخ ووحول السياسة المتحرّكة، وسنبقى نحافظ على صداقاتنا الدوليّة ولا سيّما مع فرنسا، البلد الصديق للبنان الذي لم يوفّر جهدًا لإنقاذه وإنقاذ شعبه واقتصاده، هو ودول الاتحاد الأوروبي التي احتضنت جميعها الآلاف من الرياديّين والأدمغة من اللبنانيّين، ما يؤكّد الصداقة التي تربط لبنان وشعبه بهذه الدول. من هنا، سنبقى على التزامنا مبادئ الأخوّة والصداقة ما دامت الحياة مستمرّة!”.