المشاركون في الندوة
ندوة افتراضيّة جديدة عقدها الاتحاد العام العربي للتأمين في 7 يوليو (تموز) الماضي، هي السابعة بعد ستّ ندوات أقامها الاتّحاد افتراضيًّا، كانت الأولى عن “أسواق التأمين في شمال افريقيا”، والثانية عن “تداعيات انفجار بيروت”، والثالثة عن “شركات إعادة التأمين قبل تجديدات 2021″، والرابعة عن “دور الوسطاء في تطوير أسواق التأمين”، والخامسة عن “إنشاء شركة إعادة عربيّة وإغناء الدول بمعاهد تأمين”، أمّا السادسة فعُقدت في مارس (آذار) الماضي، وكان عنوانها “الكوارث الطبيعية وكوارث من صنع الإنسان: كيف يمكن تجاوز التحديات والاستفادة من الفرص المستقبليّة”.
موضوع الندوة السابعة الأخيرة كان مثيرًا للاهتمام مثل الندوات السابقة، إذ عالج التأمين التكافلي: مستجداته وآفاق تطوّره وكيفيّة دعمه من قبل شركات إعادة التأمين الاقليميّة.
شارك في هذه الندوة سبعة من كبار الخبراء في إعادة التأمين، كما في الموضوع التكافلي، وهي أقيمت بعد تجربة عمرها 42 سنة لشركات التكافل التي تلتزم، وهي تتعاطى التأمين، أحكام الشريعة الاسلاميّة، أي الأحكام الخالية من مفاهيم الغَرَر والمَيْسر والربا، مع مراعاة حقوق جميع الأطراف بشكلٍ عادل ومتكامل. وتُعتبر هذه التجربة قصيرة نسبيًا وغير كافية لتعميمها على النّاس بشكلٍ أوسع وأدقّ، وربّما بسبب هذه المدّة القصيرة، لم ترتقِ شركات التكافل إلى المستوى الذي كان متوخًى منها، مع العلم أنّ بإمكان هذا النوع من الشركات أن تسهّل ولوج شرائح كبيرة إلى قطاع التأمين من باب التكافل. من هنا كان انعقادها ضرورة عربيًا ودوليًا لتعميم فكرة التكافل والمبادئ التي قام عليها بعد تقييم تجربة أربعة عقود عرِف التكافل خلالها نجاحات وأحيانًا مطبّات ساهمت في إعاقة نموّ هذه التجربة، وكذلك في تراجع بعض شركات إعادة التكافل الإقليميّة في العقدَيْن الماضيَيْن. وقد كان هذا الموضوع على بساط البحث لإلقاء الضوء على هذه العوائق وسُبُل تجاوز التحديات حتّى تتمكّن هذه الصناعة من استئناف انطلاقتها، وكذلك لتعريف شريحة كبيرة من الناس إلى التكافل في وقت يعتقد قسم كبير منهم أنّ التكافل هو صناعة تأمينيّة إسلاميّة فقط، في حين أنّ هذا الاعتقاد غير صحيح إطلاقًا وهذا ما استفاض في شرحه الرئيس التنفيذي لشركة أبو ظبي الوطنيّة للتكافل السيد أسامة عابدين. ولإنجاح هذه الندوة، حَشَدَتْ لها الأمانة العامة للإتّحاد، بشخص السيد شكيب أبو زيد، مجموعة من الخبراء المشاركين، هم السادة: يوسف الفاسي الفهري، الرئيس التنفيذي لشركة إعادة التأمين المركزيّة (SCR)، محمد يعقوب، الرئيس التنفيذي السابق لـــ Hanover Re البحرين وعضو مجلس إدارة شركة دار التكافل، مارسيل عمر باب، رئيس إعادة التأمين الماليزي (التقليدي وإعادة التكافل) Suiss Re، محمد الصّغير، الرئيس التنفيذي لـــ “أكسا الهلال الأخضر للتأمين”، محمد بن عربية، مدير عام “سلامة للتأمين” في الجزائر، فضلاً عن الأمين العام نفسه. أمّا النقاش فقد أداره كلّ من: بو بكر أجدير، شريك IFAAS وريس رافس، الرئيس التنفيذي في CFPA.
افتتح الندوة أمين عام الاتّحاد السيد شكيب أبو زيد الذي قدّم عرضًا غنيًّا بالمعلومات والأرقام عن التكافل، وهو الذي خاض غمار هذا المعترك وتابعه في سنوات سابقة لا سيما من خلال تولّيه الإدارة التنفيذيّة لشركة “تكافل ري”. ومن المعلومات التي أشار، بدوره، إلى أنّ أجمالي اقساط التأمين التكافلي في الوطن العربي خلال عام 2019 بلغ ما قيمته 12,874.63 مليون دولار أميركي، بينما يمثل تغلغل التأمين التكافلي في الوطن العربي ما نسبته 37.77% فقط، وهي نسبه تُعتبر صغيرة إذا ما قيست بإجمالي الأقساط. وقد وافقه الرأي السيد يوسف الفاسي الفهري، الرئيس التنفيذي للشركة المركزية لإعادة التأمين المغربية المركزية الذي أشار إلى أن إجمالي أقساط التأمين التكافلي العالمي تُعدّ صغيرة فيما بلغ تعداد المسلمين حوالي 1,8 مليار، ولكن توقّعاته هي أن ينمو سوق التأمين التكافلي في السنوات العشر المقبلة. وإلى ذلك تطرّق في كلمته إلى الاطار التشريعي للتأمين التكافلي في المغرب والذي تمّ إقراره في آب (أغسطس) 2019 ويُنتظر نشره في الجريدة الرسمية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وفي إطار المقارنة بين نتائج شركات التكافل وبين نتائج الـ Bancassurance التكافلي، أكد السيد بوبكر أجدير، شريك IFAAS، أن نمو قطاع التكافل البنكي أسرع من نمو التأمين التكافلي كشركات، ما دفع السيد أسامة عابدين إلى إجراء مداخلة شدّد فيها على “ضرورة تسويق التكافل لتوسيع قاعدة التأمين التكافلي والمساعدة على أنتشاره وجذب رؤوس الأموال”، مضيفًا أنّه “لإنجاح هذا القطاع لا بدّ من الاكتتاب الفني وتنويع مخاطر المحفظة”، مثمّنًا دور البنوك كأحد أهمّ القنوات لتنشيط التكافل.
وماذا عن السوق الماليزي؟
الرئيس التنفيذي لشركة سويس ري (تكافل) ماليزيا السيد مارسيل عمر باب ردّ على السؤال بالقول: “أن قوة سوق التأمين التكافلي في ماليزيا ترجع إلى عدة عوامل، منها الإطار التنظيمي الذي يحدّ من المنافسة الشرسة بين الشركات، ومنها أن الحكومة منفتحة على التأمين الإسلامي، ويُضاف إلى ما تقدّم أن البنوك الإسلامية قوية ومع وجود شركات متعددة الجنسيات في السوق زادت من قوته”.
إلى ذلك، تطرقت الندوة إلى إعادة التكافل والصعوبات التي تواجهها الشركات. وفي هذا الصّدد، أشار الرئيس التنفيذي لهانوفر ري، البحرين سابقا ، وعضو مجلس إدارة شركة دار التكافل السيد محمد يعقوب أنّ “غياب إطار تنظيمي سليم واختلاف النماذج في البلدان العربية من أهم الصعوبات التي واجهت ولا تزال صناعة إعادة التأمين التكافلي”، وهو ما أكّده أيضًا السيد شكيب أبوزيد مضيفًا: “إنّ الخسائر الفنية هي نتيجة عدم تنوّع محافظ بعض شركات التكافل واعتمادها على الاكتتاب في السيارات والطبي الأمر الذي يضخم حجم المخاطر والخسائر المتكبدة لإعادة التكافل”.
وفي الختام، أوصى المحاضرون بضرورة إنشاء نوافذ إعادة تكافل إقليمية على غرار تجربة شركة الإعادة التونسية، وتنظيم مجمع إقليمي عربي لإعادة التكافل يكون بدعم من الإعادات الاقليمية العربية.
تجدر الإشارة أخيرًا إلى أنّ الندوة أقيمت برعاية الشركة المركزية لإعادة التأمين (SCR) وشركة الإعادة التونسية (Tunis Re)، فضلاً عن مشاركة مؤسّسة فرنسا IFASS، والمجموعة التربوية المغربيّة (Edukatem).
يُذكر أنّ الاتّحاد العام العربي حدّد شهر أوكتوبر (تشرين الأوّل) من هذا العام موعدًا لانعقاد المؤتمر العام للـ GAIF في دورته الـ 33 في وهران بالجزائر، بعدما أُجّل هذا المؤتمر بسبب جائحة كورونا. وبالتزامن، أعلن الاتّحاد أيضًا إطلاق الموقع الالكتروني www.gaif.org في ثوبٍ جديد، في إطار عملية التطوير والتحديث والتي كان من أبرزها النشرة الالكترونية Gaif E Newsletter التي ترعاها حصريًا شركة Arab Re، وقد صدر منها 105 نشرات، مع الإشارة هنا إلى أنّ الاتّحاد أصدر قبل فترة وجيزة دليلاً لشركات التأمين وإعادة التأمين والوسطاء العرب.