تعلن إنطلاق الحلقة 32
نادية صالح اسم لا بدّ أن يتصدّر لائحة من تركوا بصمات عدّة في مهنة التأمين منذ ثلاثين عامًا ولا يزالون، وبخاصة في مجال الإعادة، وهو الأصعب، في شركات لها تاريخ مضيء في هذا القطاع، نذكر منها مجموعة “أورينت” في الإمارات ومصر للتأمين التي بدأت فيها عام 2019 رئيسة تنفيذيّة لفرعها في المركز المالي العالمي في دبي DIFC.
لكن بصمات نادية صالح لم تقتصر فقط على الأداء المهني والاحترافي في إعادة التأمين، سواء في شركة إعادة أو في شركة تأمين مباشر، وإنّما كان لها مبادرة هي الأولى من نوعها، على الأقلّ عربيًا، تجسّدت بإطلاقها برنامج “غورو” على اليوتيوب www.tameenguru.com الهادف إلى تطوير الأداء الخاص للعاملين في قطاع التأمين وتضييق الفجوة بين النظري والتطبيقي في المهنة وذلك بتقديمها معلومات ومفاهيم تأمينيّة عبر فيديوهات مبسّطة لقيت انتشارًا واسعًا ومتابعة بالآلاف.
مع نادية صالح التي كان حنينها يتّجه في الأساس إلى مهنة الإعلام قبل أن تخوض معترك التأمين، بدليل نيلها أوّلاً شهادة من كلية الإعلام في جامعة القاهرة، كان هذا اللقاء الصريح والهادئ والهادف معها.
فإلى الحوار في الأسطر التالية…
س: تتولين، حاليًا، مسؤولية ادارة فرع مصر للتأمين في مركز دبي المالي العالمي (DIFC). فالبنظر الى أهمية هذا الموقع، وتاليًا أهمية الشركة التي تمثلين، هل جاءت الحصيلة منذ توليتِ هذه المسؤولية، على نحو مرضٍ؟ وماذا حقّق الفرع خلال هذه الفترة القصيرة نسبيًا من زيادة في المحفظة وطبعا في الأرباح؟
ج: فرع مصر للتأمين في المركز المالي العالمي مشروع مشرّف لنا جميعًا. ورغم حداثة هذا الفرع الذي تحوّل من مكتب تمثيل لشركة مصر للتأمين، الى فرع متكامل لإعادة التأمين في نهاية 2017 يخضع لقوانين DIFC على الشركات. لقد قبلتُ مسؤولية الفرع منذ عاَمْين (نهاية 2019) بناءً على الخطّة الطموحة لمصر للتأمين في التوسّع لدعم عملائها، ليس في السوق المحلي فقط وإنّما إقليميًا وعالميًا أيضًا، بإعتبار فرع مصر للتأمين يعمل بصفة معيد تأميني في المركز المالي العالمي. وفور انضمامي إليه، ضاعفت الشركة مساحة المكتب وعيّنتُ عددًا من الزملاء الأكفّاء في الإكتتاب والحسابات والتعويضات والموارد البشرية (ومن 5 جنسيات مختلفة)، وبذلك أصبح الفرع متكاملاً في كلّ الأنشطة الرئيسيّة والتي تهمّ عملاء الفرع، مع وجود بعض الخدمات التي تقدّمها الشركة الأم.
————–
لقطاع التأمين دور أساسي
في حماية الاقتصاد والتماسك الاجتماعي
—————
وبجهود فريق العمل، استطعنا تحقيق أقساط قدرها 18,2 مليون دولار في العام 2021 مقابل 13,2 مليون دولار عام 2020، أي بزيادة قدرها 38%، مع اتّباعنا سياسة حذرة في الإكتتاب وتحقيق توازن بين النمو في الأقساط وتسجيل أرباح. والحمد لله، بلغ معدّل الخسائر لعامَيْ الإكتتاب 2020 و2021، وعلى التوالي حتّى الآن: 15% و35%. هذا فضلا عن التطوّر الإيجابي في الحصول على الأرصدة المستحقّة عن كلّ السنوات السابقة ووضع أُسُس واستراتيجياّت لضمان استمرار نجاح الفرع.
س: حضرتكِ معروفة جيّدًا كشخصية تأمينية وكنجمة على “اليوتيوب” من خلال اعطاء دروس في التأمين، وهو عمل جدير بالاحترام لأنك تبنين للمستقبل. الى أيّ مدى ساعدتك هذه الشهرة، وماذا عن حلقات “اليوتيوب” التي ابتكرتها وماذا كانت الحصيلة؟
ج: أشكر لحضرتك على هذا التعليق الجميل. لكن دعني أوضح: إنّ ما يساعدنى على تحقيق إنجازات تعاوني مع فريق عمل كفؤ، يُضاف إلى ذلك، علاقتي الطيّبة مع شركات التأمين عمومًا ووسطاء شركات إعادة التأمين على وجه الخصوص، على مدار 30 عامًا من العمل في صناعة التأمين. وقد تطوّرت هذه العلاقة خلال عملي في مجموعة “اورينت” لأكثر من 9 سنوات ورئاستي إعادة التأمين لــــ 6 شركات في هذه المجموعة.
أما بالنسبه لبرامج تأمين “غورو” على “اليوتيوب” فليس لها تأثير في هذا الموضوع، علمًا أنّني سعيدة جدًّا بهذه المبادرة التي هي الأولى من نوعها في قطاع التأمين والتي تهدف الى تطوير الاداء الخاص للعاملين في القطاع وتطبيق الـــ Best Practice وتضييق الفجوة بين النظرية والتطبيق وتقديم المعلومات والمفاهيم التأمينية عن طريق فيديوهات مبسّطة، فيها العديد من الـــ Infographicلايصال المحتوى بطريقة سهلة وشيقّة للمشاهدين والتي قمت بتعلّمها بنفسي. أخيرًا أضفْت ترجمة باللغة الإنكليزيّة الى الفيديوهات لزيادة انتشارها ووصولها لاسواق مختلفة وكلّ ذلك بمجهود فردي.
لقد نشأت الفكرة عندي، قبل إلتحاقي بمصر للتأمين وبعدما وجدتُ شكوى عامة من عدم وجود برامج تدريب كافية، فشعرت أنّ من واجبي ان يكون لي دور في خدمة كلّ من هو مهتمّ بهذه المهنة، والحمد لله لقيّتْ الفكرة قبولاً واسعًا وانتشرتْ بحيث وصلت الى 18 دولة حتى الأن منها 3 دول غير عربية، ولا يزال الطريق طويلاً حتى تصبح تأمين غورو المركز الرئيسي لتعليم التأمين وإعاده التأمين على الــــ Youtubeوكافة منصّات التواصل الاجتماعي، كما اتمنّى.
س: كيف تصفين قطاع التأمين العربي في الوقت الراهن، وهل ا”لرقمنة” بدأت تأخذ طريقها إلى الشركات عامّة؟
ج: قطاع التأمين العربي حيوي ويتطوّر ويتغيّر بإستمرار مع تطوّر كلّ ظروف الحياة، وهذا ما يميّزه عن غيره من القطاعات كونه قطاعًا متجدّدًا، وقد اثبت فاعليته وصموده الكبير في حماية الإقتصاد والتماسك الإجتماعي عن طريق دفع تعويضات هائلة للكوارث الطبيعيّة او البشريّة، فضلاً عن مواجهته آثار وباء كورونا في العالم كلّه. وبالنسبة لشركات التأمين في الوطن العربي، فإنّها تنكبّ على تقديم المزيد من المنتجات التأمينيّة، ليس لتحقيق حصّة سوقيّة فقط وإنّما لتوفير سبل حماية أكثر فاعلية للعملاء، وهذا لا يتمّ إلا بوجود شركات إعادة تأمين تقدّم الحماية والأمن للشركات التي لا تستطيع اداء هذا الدور بمفردها.
ولا شكّ ان هناك تطوّرات سريعة ومتلاحقة في الشركات، منها الإتجاه الى الإندماجات لإنشاء كيانات كبيرة، ومنها تعديلات مستمرّة من جانب هيئات الإشراف والرقابة لضمان حقوق حَمَلَة الوثائق من جانب، وضمان تحديث التشريعات لتتوافق مع كل التغيّرات، من جانب آخر. كما أنّ هنالك اتّجاهًا للشركات يقضي بمواجهة تحديات الهجمات السيبرانية وعمليات القرصنه نتيجه تطبيق تكنولوجيا المعلومات ونظام الرقمنة الذي يعتمد على توافر المعلومات. ويُعتبر هذان التطبيق والنظام، من أهمّ المصادر لشركات التأمين واعادة التأمين التي يتمّ على اساسها عمليات التحليل الفني والدراسات والتسعير وغيرها من الأمور. وغنيّ عن القول أنّ نظام الرقمنة في الوقت الحالي، وخصوصًا بعد الإنعزال الذي تسبّب به الوباء والحاجة للوصول الى الجمهور المستهدف اينما كان، ازداد أهميّة مع تسهيل العمل عن بُعد. يُضاف إلى ما تقدّم، أنّ الإتجاه نحو الرقمنة لم تُقدم عليه الشركات فقط، وإنّما الدول كافة، بما فيها مصر التي تسعى لتطبيق نظام رقمنة متكامل. وأن ننسَ أخيرًا فلن ننسى تطبيق المعيار الدولي الموحّد للتقاريرIFRS 17 الذي يتطّلب نظامًا الكترونيًا متكاملاً وبمعايير دولية.
بالنسبة لشركة مصر للتأمين، فقد قامت بالفعل بتطبيق نظام الرقمنة على قطاع السيارات بإعتبارها شركة تأمين مباشر عبر الاصدار الالي للوثائق وترتيب اتفاقيات شراكة لتسهيل الدفع الالكتروني لاقساط الوثائق للعملاء. كما تمكّنت الشركة من مكننة بياناتها، ما أسهم في تدشين قاعدة بيانات كبيرة تُسهم في توفير الاحتياجات التأمينية للعملاء. وستُستكمل باقي النظم في المدى القريب، لتطوير انظمة التأمين وتحديثها، لمواجهة التحديات الموجودة والمستقبلية.
س: نادية صالح فرضت وجودها في مهنة التأمين لا سيما في قطاع الإعادة. هل لنا أن نتعرّف إلى سيرتك وما هي مشاريعك المستقبليّة؟
ج: بدأتُ عملي معيدة تأمين في الشركة المصرية لإعادة التأمين في العام 1990، وكنت، قد تخرّجت من كلية الإعلام في جامعة القاهرة. وبما ان مجال دراستي كان بعيدًا من التأمين، فقد قرّرتُ أن أطوّر نفسي واتعلمّ كلّ ما يمكّنني في هذا المجال حتى استطيع ان أُحْدث فارقًا مهمًّا فيه، لذلك إلتحقت بمعهد التأمين القانوني بلندن، فيما كنت أتابع دراسات عليا في إعادة التأمين في جامعة القاهرة. وبفضل الله ومساعدة اسرتي، تمكّنتُ من الحصول على درجة “رفيق” ثم “زميل” من معهد Chartered Insurance Institute في لندن. وبعد مرور 18 سنة، التحقتُ بالمجموعة العربية للتأمين (اميج وهي الأن GIG) بعد إندماج شركتي مع شركات التأمين المباشر المملوكة للدولة، وكنت أتولّى رئاسة إعادة التأمين لمدة عام ونصف، لأقبل عرض شركة “أورينت” في الإمارات وأشغل منصب رئيس إعادة التأمين للشركة التي اصبحت، في ما بعد، “مجموعة أورينت”، وكنت رئيس المجموعة لإعادة التأمين لأكثر من 9 سنوات، قرّرت بعدها ترك المجموعة لإطلق مشروعًا خاصًا بي كإستشاري تأمين، وحصلت على موافقة هيئة الإمارات للتأمين، خصوصًا انني أيضًا خبير استشاري بالهيئة العامة للرقابة المالية بمصر. وإلى ذلك، عملت مستشارا للرئيس التنفيذي لشركة عُمان للتأمين، وبعده قبلت منصب الرئيس التنفيذي لشركة مصر للتأمين، فرع المركز المالي العالمي في دبي.
بالنسبة لمشاريعي المستقبلية، أتمنى ان يوفّقني الله وتساعدني الظروف للاستمرار في تقديم فيديوهات تأمين “غورو” حتى تصبح منصّة أساسيّة لتعليم التأمين واعادة التأمين.