ج: بداية أستهل جوابي لك وللقراء الكرام، بالقول أن الطرق المتبعة في أثناء المطالعة أو التكلّم عبر الهاتف، أو مشاهدة ما يُنقل على شاشة الخلوي والتلفزيون، أو العمل أمام الكمبيوتر، كثيرًا ما تكون خاطئة، بحيث يؤدي تكرار الخطأ إلى تصلّب العنق. فهل من وسائل للتخلّص من هذه العادات اليومية السيئة؟
الجواب نعم، إذْ أن أمور الحياة، بمعظمها، لا بدّ من أن تسير على ما يرام، إذا أحسنّا طريقة التعامل معها، في حين أنها ستجلب لنا الكثير من المشاكل، إذا أسيء استخدامها. ويتصدّر العنق الأولويات، باعتباره العضو القوي الصامد السليم النشأة والقادر على حسن معايشة الإنسان طوال حياته، ولكن بشروط!
وحريّ بكلّ إنسان أن يعلم أنّه إذا لازمته التشنّجات العنقية وأقعدته حالات تصلّب العنق، فإن هذه المشاكل كثيرًا ما تكون ثمرات كامنة لحركات والتواءات صغيرة قديمة العهد ظلّتْ تتراكم يومًا بعد يوم، حتى بلغ الأمر منتهاه، ولم يعد العنق قادرًا على تحمّل المزيد، خصوصًا في أيامنا الحالية التي طغى فيها استعمال التكنولوجيا الحديثة التي تستهلك بشكل خاص من حيوية العنق وليونته.
ولعلّ المشكلة الرئيسة الأولى في آلام العنق هي مشكلة “التوازن” (equilibrium). فعنقك “يحب” أن يبقى مستقيم الانتصاب، طيّب الانسجام مع خط صلبك. فهذا الوضع الصحيح يوفّر على عضلاته الجهد الأكبر اللازم للمحافظة على توازن الرأس، ذلك العضو الثقيل نسبيًا. وما أسرع أن يميل الإنسان رأسه إلى أحد الجانبَيْن، حتى تأخذ الجاذبية الأرضية في العمل ضد طبيعته، وعندها تضطر عضلات العنق إلى بذل جهد إضافي في سبيل “تعديل” الوضع وإعادة التوازن، وذلك للمحافظة على وضع الرأس في مكانه. فهل تريد التخلّص من آلام عنقك؟ إذن تخلّص من عاداتك السيئة في التعامل معه، باتباعك الارشادات المرفقة.
إجعل جوالك واللوح الالكتروني (Ipad) وشاشة الكومبيوتر، فضلاً عن كتابك أو مجلتك (إذا كنت
لا تزال تداوم على القراءة!) على مستوى عينيك. حافظ على استقامة رأسك عند القراءة، وانظرْ مباشرة إلى الأمام. هل تشعر بالراحة الطبيعية في هذا الوضع؟ وجوابك حتمًا: نعم، هذا صحيح. الآن، أمِل عنقك قليلاً إلى الأمام وانظر إلى الأسفل في اتجاه الأرض، وهي الوِضعة التي يتّخذها أكثر القرّاء. إن إبقاء الرأس طويلاً في هذه الحالة يتطلّب قدرًا كبيرًا من الجهد، بل ان الإنسان عاجز عن ذلك، لأنه سرعان ما تتهاوى عضلات العنق، ويأخذ في الايلام.
ب- خذ الوضع الصحيح أمام شاشة التلفزيون. إن وضع أربعة أخماس الجسم في هذا الوضع المنبسط ووضع الخمس الباقي منحرفًا إلى أعلى بزاوية 90 درجة لمشاهدة التلفزيون، يلقي على عنق المتفرّج عبئًا جسيمًا. إذا أردت أن تتّخذ مثل هذا الوضع، فليكن انحناؤك من عند الوركَيْن، لا العنق. ويجب عليك اتخاذ الوضع الذي يُبقي أعلى ظهرك وعنقك ورأسك على استقامة واحدة.
ج- أَرِحْ عنقك من تشنجات المخابرات الهاتفية. لا تتبع عادة كثيرين يطيب لهم استخدام أعناقهم وأكتافهم كأيدٍ ثالثة للأمساك بسماعة الهاتف الأرضي أو الخلوي ومواصلة “الرغي” في أثناء أدائهم عملاً آخر كقضم الساندويش أو تصنيف الأوراق أو الضرب على جهاز الكومبيوتر، مع أن هذه المشكلة حُلَّتْ تكنولوجيًا أيضًا ولكنها غير معتمدة لدى البعض الذي يمارس هذه العادة الضارة، أي إمالة رأسه واتخاذ وضع صعب يؤدي إلى شد عضلات العنق والكتفَيْن وتقصيرها.
إن حلّ هذه المشكلة يتجلّى في ابتكار طريقة تحفظ لليدَيْن كامل حريتهما بدون الاضطرار إلى إسناد سماعة الهاتف إلى العنق المنحني: سماعات تسمح لهم بالسير في الغرفة مع الابقاء على الرأس منتصبًا واليدَيْن قادرتَيْن على العمل الحر، وهذا بات متوافرًا وقد يبعد خطر الهاتف الجوال عن المتحدث به…
د- حدِّدْ مجال رؤيتك أمام الكومبيوتر وفق حاجتك. إن أول إجراء على الشخص العامل أمام الكومبيوتر اتخاذه، هو خَفْض الشاشة إلى مستوى مجال رؤيته إن كان عاليًا، أو رفعه قليلاً إن كان منخفضًا، وذلك كيلا يضطرّ إلى إمالة رأسه، وبخاصة إذا كان يضع نظارة ثنائية التبئير (Bifocal).
هـ- اسند طوْق عنقك أثناء نومك. الإنسان العادي يبدِّل أوضاعه أثناء نومه، كلّ احدى عشرة دقيقة، وسطيًا. أي إن مجموعها يبلغ أربعين وضعًا مختلفًا كلّ ليلة. فإذا كان الإنسان يبدأ صباحه كلّ يوم بآلام في عنقه، فإن كثرة تبديل أوضاعه أثناء نومه، ربما كان سبب تلك الآلام. وسبب المشكلة هو أن العنق، نظرًا لتبدّل أوضاعه، يعاني سوءًا في تدفّق الدم في أحد جانبيه وأيضًا بسبب كثرة التقلّب في الفراش. ونقص الدم يُسهم في إحداث الألم والتشنّج. ويكمن الحلّ في إبقاء العنق والعمود الفقري في وضع حيادي طويل.
و- اضبط أجزاء دراجتك. يجب الانتباه إلى ضرورة قيام تناسق بين ارتفاع مقعد الدراجة وطول مقودها، فهذان الأمران يؤثران على سهولة وصول يديك إلى مقود الدراجة. فإذا كانت المسافة أطول مما ينبغي، فإن راكب الدراجة يظلّ مضطرًّا إلى مدّ جسمه على الدوام، ما يرغمه على كثرة الالتفات برأسه إلى الخلف لمجرّد مشاهدة الطريق! لذلك فلن يطول عليه الوقت قبل أن يحسّ بألم في عنقه.
وحلّ المشكلة سهل بسيط، يكمن في إجراء التعديلات اللازمة التي تؤدي إلى راحة الراكب، أو تبديل أجزاء الدراجة بجيث تصبح مناسبة للراكب صاحب العلاقة.
ز- تعلَّمْ طريقة جديدة لحمل حقيبتك. قد تستغرب إذا علمت أن “الصرعة” الجديدة في طريقة حمل السيدة لمحفظتها، هي بوضعها على ظهرها كالخرج، بدلاً من تدليتها على كتفها. وقد أوجدت هذه “الصرعة” على أساس الملاحظة بأن الجندي يحمل على ظهره “جربندية” قد يصل وزنها إلى ثلاثين كيلوغرامًا أو أكثر، ومع ذلك لا يصاب بألم في عنقه، نظير الألم الذي تصاب به سيدة تتدلّى من كتفها محفظة لا يصل وزنها إلى أكثر من كسر ضئيل من وزن “جربندية” الجندي!
سبب ذلك أن حقائب الرجال والنساء تضطرهم على الدوام إلى رفع أحد الكتفَيْن بشكل آلي لإبقاء وزن محتويات ما يحملون في مكانه من الكتف. وهذا الوضع يمكن أن يسبِّب تشنج العضلات بين الكتف وأحد جانبَيْ العنق.
وتفاديًا لهذه الشكوى، فإن خبراء آلام العنق في كثير من الأقطار الغربية يحبذون اتباع هذه الصرعة الجديدة بدفع الرجل والسيدة إلى حمل الحقيبة على الظهر بدلاً من حملها باليد أو جعلها تتدلّى من الكتف، ورأيهم في ذلك هو أن هذه الطريقة المستحدثة تركِّز الثقل على الصلب وتوزّعه بالتساوي على الكتفَيْن كليهما!
ح- وللسيدة أقول: اختاري صديريات للثديين ذات شيّالات عريضة. ذلك أنّها عندما تلبس صديريتها فإن ما تتوقعه منها أن تهيئ لها وسيلة لدعم ثدييها ورفعهما إلى أعلى. ولكن نادرًا ما تفطن إلى المكان الذي يحدث فيه الدعم والرفع. وهذا المكان طبعًا هو سيْر كتفية الصديرية. وكلّما اقترب السير من العنق، اشتد تأثيره على العضلة شبه المنحرفة (trapezius) الممتدة بين الكتف والعنق. وكلّ ثقل يوضع فوق هذه العضلة، يسبّب توترها وانزعاجها.
ومن حقائق الحياة إن المرأة الضخمة الثديين هي أكثر من سواها من النساء عرضة للإصابة بآلام العنق الناشئة عن سيْر الصديرية الذي يتضاعف دوره في حمل ثقل الثديين، وبالتالي يزداد ضغطه على العضلة شبه المنحرفة.
فما هو الحل؟ في ارتداء صديرية حديثة الصنع تلصق على الثديين بلا شيالات أو أن تكون شيالاتها كافية في طولها لتلتف حول الجذع.
يبقى أن نعرف أن ثمّة وسائل علاجيّة أبرزها:
1- التبريد. إن الثلج أو الحرارة كليهما كفيل بتخفيف آلام العنق. ولكن الفرق بينهما يكمن في توقيت الطريقة. فخلال الثماني والأربعين ساعة الأولى من وثي العضلة أو تشنُّجها، فإنّ استعمال علاج التبريد لتقليل تدفق الدم وبالتالي لمنع الورم. بعد ذلك، استعمل طريقة التدفئة لزيادة تدفق الدم على المنطقة المصابة، والتخلّص من فضلاتها.
٢- العقاقير المبذولة للتسكين. بعض الأشخاص يفضلون تحمّل الألم قليلاً قبل أن يلجؤوا إلى تعاطي الدواء لتخفيفه. ولكن هذا الأسلوب في العلاج غير مناسب في ما يتعلّق بالألم، إذْ أن المسكنات العادية المبذولة بدون وصفة طبية، مثل الأسبرين وأمثاله أنفع من شفاء الأوجاع الخفيفة، من استعمال الأدوية الثقيلة المفعول لاطفاء نيران الآلام الشديدة.
٣- التدليك والتمسيد. بعض الأشخاص، يكون التدليك هو الطريقة المثلى لفك العقد المتشنجة ووقف الألم. إذْ أن التدليك يؤدّي إلى تسريع عملية التخلّص من النفايات من الأنسجة.
ينقذك من متلازمة الأيض!
أُخضع 119 شخصًا توزّعوا على مجموعتين من الذكور والإناث الكوريين (تتراوح أعمارهم بين 30 و 55 سنة) مصابين بمتلازمة الأيض. تناول أفراد المجموعة الأولى يوميًا وكوجبات خفيفة، 45 غرامًا من الجوز، بينما تلقى أفراد المجموعة الثانية خبزًا أبيض ذا سعرات حرارية وذلك لمدة 16 إسبوعاً.
كشفت هذه الدراسة أن معدل تحسّن العوامل التشخيصية الخمسة لمتلازمة الأيض وهي ضغط الدم، سكر الدم، مستويات الكولسترول، دهون البطن والدهون الثلاثية تتراوح بين 28.6% و 52.8% عند الذين تناولوا الجوز يوميًا. علاوة على ذلك، عاد 51.2% من الأفراد المشاركين الذين يعانون متلازمة الأيض أساساً إلى الوضع الطبيعي.
فيما يتعلق بنتيجة الدراسة، قالت د. هيون جين بارك: “إن متلازمة الأيض هي مشكلة صحية رئيسية في جميع أنحاء العالم، ولكن مع ميل ثقافة الطعام الكورية إلى تناول كعك الأرز والخبز والمعكرونة سريعة التجهيز كوجبات خفيفة مع كون الأرز هو الغذاء الأساسي، فإن معدل تشخيص متلازمة الأيض أعلى من مثيله في الأجسام الطبيعية”. أضافت: “لقد أظهرت هذه التجربة السريرية أن لتناول الجوز تأثيرًا إيجابيًا على تحسين متلازمة الأيض، ولذلك فقد يكون تناوله كوجبات خفيفة بديلاً من الوجبات عالية الكربوهيدرات، خياراً جيداً للوقاية من هذه المتلازمة”.