نقولا شماس… المطلوب إنشاء صندوق سيادي
خطة التعافي المالي المقترحة من قبل لجنة التفاوض مع صندوق النقد التي يرأسها نائب رئيس الحكومة د. سعادة الشامي، لا تزال، برأي أصحاب الإختصاص، تعكس ارباك الحكومة في اقرارها. وبسبب هذا الضياع الذي زاد عن حدّه، خصوصاً في الظروف التي تمرّ بلبنان، كثُرت التأويلات والإستتناجات والإجتهادات، وهذا طبيعي. ومن الذين طاولتهم هذه التأويلات، نذكر رئيس جمعية تجار بيروت السيد نقولا شماس الذي اضطر إلى التوضيح لتصويب الأمور. ففي بيان صادر عن مكتبه، ورد هذا التصويب الذي حمّل مسؤولية الإنهيار المالي، للدولة والمصرف المركزي والمصارف، لكن الخطة المعروضة من قبل لجنة التفاوض، كما ورد في التوضيح، “تقلب هذه التراتبية رأساً على عقب اذ تحمّل الدولة والمصرف المركزي ما لا يزيد عن خمسة مليار دولار لكل منهما، بينما تكبّد المودعين والمصارف فاتورة قدرها حوالي 60 مليار دولار، محوّلة بذلك، وبشطبة قلم، مطلوبات الدولة وديْنها إلى خسائر فادحة يتكبدّها المجتمع والإقتصاد اللبنانيان”.
وفي رأي شماس أن ما عرضته لجنة التفاوض، كان هو ذاته “العطب الأساسي في خطة الرئيس حسّان دياب التي كان موقفنا رافضاً لها أساساً، مع التأكيد أن الظروف المالية والإقتصادية والإجتماعية السائدة في حينه، كانت أقلّ خطورة بكثير ممّا هي عليه اليوم. بل إن قمّة الظلم تتجلى عندما يُدرك المرء أن المبالغ المذكورة قد بُدّدت، على التوالي، على تثبيت سعر الصرف، وفرق الفوائد، ومشتريات الدولة، ودعم السلع الإستهلاكية. فكيف يجوز تحميل المواطن أوزار الأخطاء الثابتة التي إرتكبتها الدولة؟”
وعن موقفه الذي يُمثّل موقف جمعية تجار بيروت، قال شماس: “جلّ ما نطالب به هو ضرورة أن تعترف الدولة، كشخصية معنوية، بمسؤوليتها الأساسية والأكيدة في تكوين الفجوة المالية الكبيرة، وإلتزامها في تقديم المساهمة المالية الأكبر في ردمها، وذلك من خلال إنشاء صندوق سيادي يُستثمر لهذه الغاية. فهذا هو السبيل الوحيد لإستعادة الثقة بلبنان، ولتفادي توجيه ضربة قاضية للمودعين والنظام المصرفي والإقتصاد الوطني على حد سواء”.
وفي بيان لمكتب رئيس الجمعية، أن ” ما يقوله شماس جاء من باب التوضيح والتنبيه والتحذير والغيرة على مصلحة البلاد، كما حصل سابقاً في محطات مفصلية مثل : سلسلة الرتب والرواتب غير المُتْقنة والمفتقرة للتمويل المطلوب، التخلّف عن تسديد اليوروبوند من دون التفاوض مع المقرضين، التمادي في الدعم المتفلّت للسلع بدلاً من الدعم الهادف للأُسر، وغير ذلك الكثير. وكان يكفي الإستماع إلى هذه التنبيهات الصادرة عن جمعية تجار بيروت والهيئات الإقتصادية في حينه، لتفادي البلاد الوقوع في الهاوية المالية السحيقة التي هي فيها اليوم”.
وفي الختام ذكّر البيان أن الأقطاب الإقتصاديين، ومن بينهم شمّاس، لا إمكانية ولا إرادة لهم أصلاً، في إسقاط خطة من هنا، أو إحياء خطة من هناك. بل إن “هذه القرارات والخيارات منوطة بالمؤسسات الدستورية دون سواها. وتبقى مناشدة هي أن تختار الدولة دوماً الدروب التي تؤدي إلى إنقاذ الإقتصاد وقيامته، وليس إلى تصفيته وإفلاسه!”