النقيب جوزف القصيفي مع أعضاء من مجلس النقابة
سنتيا تبشراني
للسنة الثانية على التوالي يحظى المنتسبون إلى نقابة محرّري الصحف في لبنان بتغطية صحيّة منذ تأسيسها في العام 1942 قبل خمسين عامًا، رغم وعود كثيرة اُغدقت على أبناء المهنة ولكنّها بقيت وعودًا. هذا لا يعني أنّ النقيبَيْن السابقَيْن المرحوم ملحم كرم الذي أمضى على رأس النقابة 44 عامًا والياس عون الذي خلفه، لم يحاولا تحقيق هذا الهدف، خصوصًا الأخير الذي أرسى قواعد هذه التغطية، إنّما عدم نجاح الاثنين كان له ما يبرّره. فالنقيب كرم ألزم المطبوعات إدخال المحرّرين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بديلاً من التغطيات الخاصة، حتى أنّه كان يرفض انتساب أيّ محرّر يتمتّع بالشروط التي تسمح له بهذا الانتساب، ما لم يُبرز بطاقة الضمان. ومن كان يتخلّف عن تحقيق هذا الشرط، فما ذلك إلاّ لأنّ صاحب المطبوعة (جريدة أو مجلة) لم يكن يلتزم بالقوانين، وهذا الموضوع أخذ الكثير من الجدل لأنّ التقيب كرم نفسه كان مالكًا عدّة مطبوعات ولكن ليس بإسمه، ومعظم محرّريها كانوا محرومين من هذه “النعمة”، كما كان الوصف، آنذاك. أمّا النقيب الثاني الياس عون، فحاول منذ تسلّمه النقابة إنشاء صندوق تعاضد خاص بالمحرّرين بل كان يطمح إلى جعله صندوقًا للاعلاميّين، أي إدخال العاملين في الوسائل المرئيّة والمسموعة وفي المواقع الالكترونيّة، إليه أيضًا لأنّ العدد كلما ازداد كلّما كانت لهذا الصندوق قوّة معنويّة وماليّة. لكن عدم الحماسة إلى المساهمة في إنشائه أسقط الفكرة، وكان لا بدّ من انتظار النقيب الحالي جوزف القصيفي الذي انكبّ على هذا الملف واستطاع بمساعدة رئيس اتحاد صناديق التعاضد الصحي في لبنان السيد غسان ضو، إدخال المحرّرين كمجموعة Groupe إلى الصندوق التعاضدي الديمقراطي الاجتماعي الذي يتولّى الإشراف عليه رئيس الاتّحاد نفسه السيد ضو، ليدير الملف الاستشفائي للمحرّرين. ونظرًا إلى النجاح المقبول الذي تحقّق في العام الماضي، وكتجربة أولى من نوعها، جُدّد الاتّفاق هذا العام بين النقابة والصندوق كي لا يتشرّد المحرّرون خصوصًا، لأنّ وضع صندوق الضمان الاجتماعي المالي والإداري لا يحمل الكثير من البشائر، وهذا لم يعد خافيًا على أحد.
لكن ما حظي به المحرّرون، خسره اصحاب المطبوعات الذين اعتادوا على تغطية صحيّة توفّرها لهم شركة “كمبرلند”. فبسبب توقّف وزارة الإعلام عن مساعدة النقابتَيْن بالنظر إلى الأوضاع المالية في لبنان، وهو ما انسحب على مساعدات مالية كانت تؤمّنها دول عربيّة عدّة، في طليعتها السعوديّة والكويت، لأسباب سياسية معروفة، فقد توقّف التعاون بين نقابة الصحافة وبين” كمبرلند” وأصبح أصحاب المطبوعات بلا تغطية استشفائيّة، لكن من شاء الاستفادة من الاستمرارية التي تفرضها لجنة الرقابة على شركات الضمان، فيُمكن مَن يشاء من الصحافيّين تجديد بوالصهم بصفة شخصيّة. وما علمناه في هذا الصدد أنّ صندوق نقابة الصحافة بات شبه فارغ وأنّ هذه النقابة التي كانت دائمًا من أغنى النقابات وأكثرها سطوة ويخافها الجميع، أصبحت على شفير الإفلاس!
نعود إلى موضوعنا الأساسي وهو انضمام محرّري الصحافة اللبنانيّة إلى الصندوق التعاضدي الديمقراطي الاجتماعي للسنة الثانية على التوالي لنشير إلى أن نقابة المحرّرين وبمساع من مجلس النقابة وعلى رأسه النقيب القصيفي، استطاعت بعد اتصالات مكثّفة ومساع حثيثة، إصدار قانون يسمح للصحافيين والاعلاميين المسجّلين على جدول النقابة، ومن غير المرتبطين بعقود عمل، من الإنتساب إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي- فرع المرض والامومة. والنقابة، كما قال لنا النقيب قصيفي، في صدد متابعة إصدار المراسيم التنظيمية الخاصة بهذا القانون.
وبالنسبة للتغطية الخاصة، أبلغنا النقيب، أنّ “النقابة أبرمت مذكرة تفاهم مع الصندوق التعاضدي الديموقراطي الإجتماعي ممثلاً بالسيد غسان ضو، “يجعل الإنتساب إلى هذا الصندوق إختياريا للأعضاء الذين لحظت لهم المذكرة بعض الحوافز. ونتيجة ذلك، فقد انتسب إلى الصندوق العشرات من الزميلات والزملاء وعائلاتهم. والنقابة تركت أمر الإنتساب اختياريا ، لأن هناك مؤسسات ضمّت العاملين فيها إلى شركات تأمين أو قامت بتنسيبهم إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بفرعيه”. أضاف: “وبالتالي فإن أمام الزملاء مروحة من الخيارات، خصوصاً بعد صدور المراسيم التنظيميّة لتنسيب غير المرتبطين منهم بعقود عمل إلى الضمان الاجتماعي- فرع المرض والامومة، علمًا أنّ مذكرة التفاهم مع الصندوق التعاضدي سمحت للزميلات والزملاء بالحصول على بوالص تأمين صحية بتعرفة جيدة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن النقابة حاولت منذ العام ٢٠٠٠ تكوين مجموعة تكون النواة لضمان صحي جماعي للمحررين، لكنها لم توفق في ذلك لأسباب عدة منها: إن إعداد المنتسبين إلى النقابة في ذلك الوقت، كانت منخفضة قياساً بأعداد المنتسبين إلى نقابات المهن الحرة الأخرى، استحالة إلزام المنتسبين إلى النقابة، بالضمان الجماعي إذا كانت المؤسسات التي يعملون فيها ضامنة لهم، سواء في الصندوق الوطني أو في شركات تأمين خاصة، ارتفاع نسبة ذوي الأعمار الكبيرة في الجدول النقابي حتى العام ٢٠١٨، ما يجعل قيمة البوليصة عالية، في حين أن لا قدرة لنقابة المحررين ذات المدخول المحدودة على تغطية الفجوة التي قد تحصل. لكن مروحة الخيارات التي باتت متوافرة حالياً، وإن كانت لا تقدّم حلاً جذريًا، فإنها على الأقل تقدِّم بديلاً مقبولاً”.
س: اذا كان المحررFree Lancer فكيف تتم تغطيته الصحية؟
ج: إن المحرر السياسي FREE LANCER، إذا كان منتسباً إلى النقابة، يستفيد من تطبيق القانون الذي يجيز انتساب الصحافيين المسجّلين على جدولها من غير المرتبطين بعقود عمل، إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي- فرع المرض والامومة.
س: ما هو دور السيد غسان ضو في نجاح هذه الخطوة المنتظرة من عقود؟
ج: إن السيد غسان ضو يتصرف بانفتاح وإيجابية ومحبة مع الزملاء المنتسبين إلى الصندوق التعاضدي الذي يشرف عليه. وإلى ذلك، فهو يسعى دائماً لحل الإشكالات التي تحصل أحيانا بين إدارات المستشفيات والزميلات والزملاء. وهو يكن احتراما كبيراً للجسم الإعلامي، خصوصا أنه يمت بصلة نسب إلى عائلة إعلامية معروفة جداً في لبنان والعالم العربي، اطلعت أعلاما طبعوا المهنة بحضورهم وتأثيرهم، عنيت بها عائلة الصحافي الكبير لويس الحاج، والد أنسي الشاعر المبدع المجدّد، وعدلي المهني المميّز، عدا الأنجال والأحفاد. وهو شقيق زميل صحافي موهوب عرف بنشاطه المهني منذ أواخر الخمسينيات حتى مطالع التسعينيات هو المرحوم جورج ضو، الذي كان عضواً ناشطاً في نقابة المحررين. لذلك نحن نعتبر الأستاذ غسان في صلب الأسرة الاعلامية.
س: ما هو جديد نقابة المحررين في المجال الدوائي والصحي؟
ج: إننا نسعى مع نقابة الأطباء للحصول على تخفيضات على المعاينات الطبية لأعضاء النقابة. ونحن ماضون في مشروع صيدلية النقابة بغرض توفير أدوية للزميلات والزملاء.
س: بماذا تنصح الصحافيين في ظل الاوضاع الراهنة الصحية؟
ج: أنصحهم بتغليب حسّ التضامن الانساني والدفاع عن حقوق المواطنين وفضح المتلاعبين بلقمة عيشهم، والإضاءة على الاحتكار، والإلتفاف حول النقابة في سعيها الحديث لتحصين دورها وحضورها. (انتهى حديث النقيب).
ولمعرفة وجهة نظر الطرف الآخر من هذه الاتفاقيّة، اتّصلنا بالسيد غسان ضو الذي أجاب عن أسئلة تتناول هذه الاتّفاقيّة، وماذا إذا حصل إشكال بين الصحافيين والمستشفيات، وعندها ما هي الخطوات التي تقومون بها باعتباركم مشرفًا على الصندوق؟
ج: أن الظروف الصعبة التي تمرّ بنا، وخاصة في مجال التغطية الصحية مع المستشفيات، أصبحت تشكّل هاجساً مقلقاً عند معظم اللبنانيين وحتى عند المضمونين لدى الضمان الإجتماعي وسائر الجهات الضامنة، بسبب إنهيار العملة الوطنية وإرتفاع أسعار الدولار ومطالبة المستشفيات والمختبرات تسديد الفواتير بالعملة الصعبة، وهو ما يتخطى قدرة المواطن الذي دخله من الليرة اللبنانية، وبالتالي يصعب عليه تحمُّل الفروق المرتفعة.
ونقيب المحررين الصديق الأستاذ جوزيف القصيفي الذي يعيش هموم المحررين وأحوالهم سبق أن عرضنا سوية في دار نقابة المحررين في إجتماع عام موضوع إنشاء صندوق تعاضد صحي يحمي المنتسبين ويكوُن قاعدة إجتماعية تجمع قدرات المحررين على مواجهة موضوع عبء الإستشفاء وإرتفاع كلفة الفواتير، ما يتخطى قدرة المحرر لأن قدرة الجماعة المتعاضدة أكبر من القدرة الفردية، ومن هنا فإن الرابط الإجتماعي التعاضدي وبعد الدراسات المالية والإكتوارية حدّدتْ الإشتراك السنوي اللازم لتأمين التغطية الصحية المناسبة للمحرر ولعائلته وبمجرد حصوله على البطاقة الممغنطة تصبح التغطية الصحية مؤمنة حسب برنامج التقديمات المعلن، علمًا أنّ لدينا شركة طبية خاصة TPA مهمتها تسهيل الدخول إلى المستشفى أو المختبر لتأمين الخدمة الصحية اللازمة. ومن الواضح أن الظروف الصعبة التي نمرّ بها تجعل الحصول على التغطية الإستشفائية ضروريّة، مع الأمل أن نصل إلى يوم قريب بيتمّ فيه تأسيس صندوق تعاضد صحي خاص بالمحررين وعائلاتهم عند توافر الظروف العدديّة والمالية اللازمة أو إلى يوم تؤمّن الدولة للمواطن البطاقة الصحية اللازمة التي تحترم حقوق المواطنين، كما في سائر البلدان المتحضرة.