المنصة الرئيسيّة أثناء المناقشات
تحت شعار “إزرع أنت بستان بلادك، ونحن منأمّن الطريق لحصادك”، انعقد مؤتمر التأمين الزراعي الثاني في الخرطوم بمشاركة كبار المسؤولين ومنظمات إقليمية ودولية معنية بهذا المؤتمر، فضلاً عن هيئات دبلوماسية معتمدة في السودان وعدد من الخبراء السودانيين في الإقتصاد والزراعة.

والمؤتمر كان أكثر من ضروري، بالنظر إلى أهميّة الزراعة ودورها في تحريك عجلة الاقتصاد في السودان. ويكفي أن نستمع إلى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لتتبيّن لنا هذه الأهميّة. ففي هذا الصّدد قال: “إن القطاع الزراعي في السودان يَسْتخدم تقنيات بدائية لا بدّ من أن تتطّور وتُستبدل بتقنيات حديثة، وفقاً للخطط الموضوعة، ومن هنا ضرورة البحث عن التمويل الزراعي الذي يشكّل واحداً من التحديات الأساسية التي تواجه تطّور القطاع، وتالياً وضع إستراتيجية شاملة تهتم بمحور التمويل الزراعي ومشروعات الأُسر المنتجة، وهذا ما يتطلب بناء أرضية جاذبة للإستثمار لزيادة الإنتاج وتحسين هذا القطاع”. وأمِل الرئيس حمدوك أن ينجح المؤتمر في تمويل القطاع الزراعي الذي يُعَدّ أحد أهم أعمدة النهضة الإقتصادية في البلاد. إذ من المعروف أن السودان يصدِّر الكثير من المحاصيل الزراعية الخام، أهمها الصَمْغ العربي والقطن، إلى جانب تصديره الثروة الحيوانية الحية. وفي سبيل تحقيق هدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية للإستثمار في مجالات الزراعة والتعدين والنفط ، أُجريت، خلال الفترة الماضية، تعديلات جوهرية على قوانين الإستثمار في البلاد.

من هنا يأتي مؤتمر التأمين الزراعي الذي إنعقد على مدى يومين في فندق السلام بالخرطوم، في إطار تعزيز هذا الهدف لحاجة السودان إلى اقتصاد متين يُسهم في التخفيف من ديونه الخارجيّة البالغة 60 مليار دولار، ولا شكّ في أنّ القطاع الزراعي سيلعب دورًا إيجابيًا في هذا المجال. من هنا سارع الجهاز القومي للرقابة على التأمين، إلى تنظيم هذا المؤتمر بعد التشاور مع المسؤولين السودانيّين.
الأمين العام لهذا التنظيم السيد محمد ساقي اعتبر في كلمته أنّ هذا “المؤتمر يُعد من ضمن خطة الجهاز لتوعية المزارعين وتأمين المواسم الزراعية عبر تغطية تأمينية تضمن نسبة نجاح عالية لركيزة أساسية في إقتصاد السودان، سيما أن قطاع التأمين السوداني وضع خطة للتأمين الزراعي من ضمن أولويات المرحلة المقبلة، تماشياً مع توجّه الدولة نحو النهضة الزراعية وتحقيق تنمية إقتصادية مستدامة عبرها، ما يتطلب تضافر الجهود من الجهات الرقابية وشركات التأمين والشركات التعاقدية العاملة في هذا المجال، لحثّ المزارعين وتشجيعهم على عملية الزراعة بشقَيْها المروي والمطري”.
ولأنّ التجربة السودانيّة في هذا المجال تُعتبر متقدّمة عربيّا وافريقيًا وآسيويًا، إذ مضى عليها ربع قرن من التطبيق، فقد تناولها المؤتمرون بإسهاب، وقدّم البعض منهم دراسات لتجارب أقدمت عليها دول أفريقية وآسيوية مماثلة. وقد شارك في تناول هذه التجربة ضيوف من خارج البلاد عبر تقنية Video Conference.

وزير الزراعة الطاهر إسماعيل حربي الذي كان في مقدّم الحضور، أعرب عن سروره لإنعقاد هذا المؤتمر بالنظر لأهميته في دعم الإقتصاد الوطني، إذ أن السودان يضع الإقتصاد في المرتبة الأولى في أولوياته، والزراعة في مرتبة ثانية، مشيداً بخطوة التأمين على الزراعة التي تشكّل حافزاً مهماً للإنتاج الزراعي وزيادة في الإنتاجية.
وفي مداخلة للأمين العام للجهاز القومي للرقابة على التامين محمد ساقي، فأن “أهمية التغطية الزراعيّة تنبع من أهمية الزراعة نفسها في دعم الإقتصاد الوطني، علماً أن للسودان تجربة تأمينية في هذا المجال غير موجودة في المحيطَيْن العربي والإفريقي”. ومع ذلك أردف قائلاً: “ثمة إشكاليات تواجه القطاع، وفي مقدمتها موضوع التأخّر في سداد الإشتراكات بالنسبة للجهات الحكومية والذي يتسبّب بأعباءً كبيرة على شركات التأمين ، ومن هنا ضرورة معالجة هذا الموضوع”.
في المقابل قال مدير شركة التأمين الإسلامية (الراعية لهذا المؤتمر) عبدالله أحمد عبدالله أن القطاع الزراعي هو ركيزة الإقتصاد القومي وأن التأمين هو عنصر من عناصر العملية الإنتاجية، باعتباره يحافظ على الزراعة من الآفات والكوارث الطبيعية. وتبدو الحاجة ملحّة لإعداد إحصائيات دقيقة لضمان نجاح القطاع.
من المشاركين في هذا المؤتمر الأمين العام للإتحاد العربي للتأمين شكيب أبو زيد، ورئيس الإتحاد الأفروآسيوي عادل منير، إضافة إلى أمين عام إتحاد شركات التأمين وإعادة التأمين في السودان حسن إبراهيم الأمين ومدير عام التأمين الإسلامية عبدالله أحمد عبدالله، وقد كانت لهم جميعًا كلمات ألقيت في المؤتمر.
فأمين عام الاتحاد العربي للتأمين شكيب أبو زيد قال في كلمته أنّ “السودان غنيّ بالموارد الزراعيّة، إلاّ أنّ مؤشّر الأمن الغذائي ضعيف بنسبة 36 بالمئة”، مشيرًا إلى عدم وجود إحصائيّة لأرقام التأمين الزراعي العربي. لذا دعا إلى ضرورة التأكيدعلى أهميّة التأمين الزراعي وضرورة الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص. أمّا عادل منير الأمين العام للاتّحاد الآفرو أسيوي للتأمين فتناول تأثيرات كورونا على سوق التأمين والضرر الذي ألحقه بالقطاع الزراعي داعيًا إلى إحياء الزراعة وحماية المنتجين.
بدوره أشاد أمين عام اتّحاد شركات التأمين السودانيّة حسن ابراهيم بالرواد الأوائل في التأمين الزراعي مطالبًا دعم الدولة للشركات لأنّه من دون ضمانات، لن تكون هناك إنتاجيّة، واصفًا التأمين بالضمان الأساسي لزيادة الانتاج ودعا لإنشاء صناديق لتطوير التأمين الزراعي.
من جانبه قال عبدالله أحمد عبدالله مدير شركة التأمين الاسلاميّة أنّ الشركة بادرت لرعاية المؤتمر الثّاني لأهميّة التأمين الزراعي في تطوير الاقتصاد من خلال النهوض بالزراعة، داعيًا إلى الاهتمام بالمنتجين في الريف وحمايتهم من أخطار الجفاف ومشاكل الزراعة والخروج بتوصيات فعّالة.
الجدير بالذكر أنّ المؤتمر الذي استمرّت فعاليّته على مدار يَومَيْ 25 و26 ايار 2021، تناول مناقشة العديد من الموضوعات منها: التجربة العلميّة للتأمين الزراعي في السودان، تجارب الشركاء في التأمين الزراعي، تجارب الدول المماثلة في مجال التأمين الزراعي، وكذلك دور الدولة ومؤسّساتها في دعم التأمين الزراعي.
هذا وقد خرج المؤتمر بالعديد من التوصيات، منها:
– ضرورة اهتمام الدولة في قطاعها الزراعي بالتأمين الزراعي على مستوى القوانين والسياسات الاقتصاديّة الكليّة.
– تكوين جمعيّات وتنظيمات لصغار المزارعين لتمثيلهم وتمويلهم، وتمويل التعاقدات الزراعيّة والمشاريع التطويريّة.
– الاسفادة من المننتجات التكنولوجيّة مثل (الاستشعار عن بعد والأرصاد الجويّة والطائرات من دون طيّار).
– توحيد الأسس والمعايير في تقديرات الخسائر الزراعيّة بإعداد منهج متخصّص لتعليم وتدريب الخرّيجين الزراعيّين والكوادر المقدّمة لخدمة التأمين الزراعي.
– إعفاء التأمين الزراعي من الرسوم الحكوميّة والدمغات.
– تخفيض قيمة أقساط التأمين للحدّ الأدنى.
– تطوير صندوق درء المخاطر الزراعيّة حتى يكون الضمان الحقيقي للمزارع.
بعد ذلك، وُزّعت دروع التقدير على المزارعين المشاركين وعلى المساه